رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 22-23 كانون أول 2017

الأحد | 24/12/2017 - 02:54 مساءاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 22-23 كانون أول 2017

 

128 دولة: لا لقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
تكتب صحيفة "هآرتس" ان الجمعية العامة للأمم المتحدة صادقت، يوم الخميس، على قرار يعارض اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، وصوتت 128 دولة لصالح قرار يؤكد على ان وضع القدس لن يتحدد الا في المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وان على الدول الاعضاء الامتناع عن نقل البعثات الدبلوماسية الى المدينة. وعارضت تسع دول فقط القرار، وامتنعت 35 دولة. ويشار الى ان هذا التصويت يعتبر رمزيا الى حد كبير ويهدف الى تعزيز قرارات الامم المتحدة السابقة التي تنص على ان الدول الاعضاء تؤيد حل الدولتين على اساس حدود عام 1967.
ومن بين الدول التي صوتت ضد الموقف الأمريكي والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، كانت روسيا والصين والهند، وهي دول أكثروا في القدس، مؤخرا، من الحديث عن تحسن العلاقات معها. مع ذلك سجل رئيس الوزراء ووزير الخارجية بنيامين نتنياهو إنجازا معينا مع هنغاريا وجمهورية التشيك ولاتفيا وكرواتيا ورومانيا وبولندا والتي امتنعت عن التصويت، وانحرفت بالتالي عن موقف الاتحاد الأوروبي.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، في خطابها امام الجمعية العامة: "لطالما تساءلت عن سبب اختيار اسرائيل البقاء في هذه المؤسسة العدائية، وفهمت انها يجب ان تصر على ذلك". ثم هددت هيلي بخفض الميزانية الأمريكية للأمم المتحدة، وقالت "ان الولايات المتحدة تحول أعلى المبالغ الى الامم المتحدة، من بين جميع الدول الاعضاء"، مضيفة "عندما نفعل ذلك، فإننا نطالب في المقابل بالاحترام". واوضحت هيلي ان الاموال التي تمنحها الولايات المتحدة للأمم المتحدة تمنحها الحق في "المطالبة بالمزيد من الاستثمارات ... وستتذكر الولايات المتحدة هذا اليوم عندما ستتوجه إلينا دول اخرى لكي نقوم باستخدام نفوذنا".
وهاجم سفير اسرائيل لدى الامم المتحدة، داني دانون، الدول التي تؤيد القرار وقال: "انكم تتصرفون مثل دمى يقوم بتفعيلها الفلسطينيون، مثل دمى ترقص على أنغام فرح الفلسطينيين". وشجب دانون اطلاق الصواريخ من غزة في الأيام الأخيرة، وقال: "يحظر أن يكون الارهاب والعنف هما الحل. اذا ارادت الامم المتحدة تحقيق سلام حقيقي فعليها ان تدين العنف الفلسطيني". واضاف "ليس لدي اي شك في ان هذا القرار سيتم طرحه في سلة مهملات التاريخ".
وأشار المندوب الفلسطيني رياض المالكي إلى حق النقض الذي فرضته الولايات المتحدة على قرار مجلس الأمن، هذا الأسبوع ضد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقال: "لن يوقفنا حق النقض. لن يهددوننا". واضاف: "نريد ان نتأكد من ان القرار الاميركي لن يؤثر على وضع المدينة المقدسة، ولكنه سيؤثر على وضع الولايات المتحدة التي لم تستمع الى تحذيراتنا. ما الذي يخدمه هذا التصريح؟ حكومة اسرائيل واستعمارها. الولايات المتحدة معزولة في هذا القرار، حتى أقرب حلفاءها لا يمكنهم غض الطرف".
ودعا سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، الذي بادرت بلاده الى التصويت مع تركيا، دول العالم إلى عدم تغيير وضع القدس وعدم نقل مكاتب تمثيلية إليها. وقال السفير السوري إن خطاب ترامب يكشف الدعم الأمريكي "للكيان الصهيوني، الاستعماري والعنصري،" وأن الولايات المتحدة لن تستطيع أبدا التوسط في عملية السلام.
واوضح ممثل التشيك بعد التصويت: "نحن لا نعارض موقف الاتحاد الاوروبي من قضية القدس - الحفاظ على خطوط عام 1967 - لكننا اخترنا الامتناع لأننا لا نعتقد ان هذا التصويت سيدفع السلام". وكان نتانياهو قد تحدث قبل التصويت مع رئيس الوزراء التشيكي. كما امتنعت عن التصويت رواندا، التي توصلت مؤخرا الى اتفاق مع اسرائيل لطرد ملتمسي اللجوء اليها، واستراليا التي زارها نتانياهو في بداية العام.
وكان الرئيس الأمريكي وسفيرته لدى الأمم المتحدة، قد هددا، قبل التصويت، بوقف تقديم المساعدات الامريكية للدول التي ستدعم القرار. ورد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، على هذا التهديد قائلا: "يا سيد ترامب انت لا تستطيع شراء الارادة الديموقراطية التركية بدولاراتك. آمل واتوقع ان لا تحصل الولايات المتحدة على النتائج التي تتوقعها من هناك (الامم المتحدة)، وان يلقنها العالم درسا جيدا".
وقال رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، قبل التصويت، ان "دولة اسرائيل ترفض هذا التصويت نهائيا. القدس عاصمتنا وسنواصل البناء فيها، وستنتقل السفارات، وعلى رأسها الأمريكية، اليها. سجلوا ما قلته، هذا سيحدث". وأضاف نتنياهو ان "القدس هي عاصمة اسرائيل، سواء اعترفت الأمم المتحدة بذلك أم لا. لقد انقضت 70 سنة حتى اعترفت الولايات المتحدة بذلك رسميا، وسيحتاج الأمر الى سنوات حتى تعترف الأمم المتحدة بذلك، ايضا. التعامل مع اسرائيل من جانب دول كثيرة في العالم ومن مختلف القارات يتغير خارج جدران الأمم المتحدة، ونهاية ذلك ان يتغلغل الى داخل جدران ذلك البيت، بيت الأكاذيب".
وفي اعقاب التصويت، مساء الخميس، شجب نتنياهو القرار وشكر الرئيس الأمريكي. وقال: اسرائيل ترفض قرار الامم المتحدة وتعرب في الوقت نفسه عن ارتياحها للعدد الكبير من الدول التي لم تصوت لصالح هذا القرار" - وهي الدول التي زارها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في اوروبا وافريقيا وامريكا اللاتينية. واضاف: "اسرائيل تشكر الرئيس ترامب على موقفه الذي لا لبس فيه لصالح القدس وتشكر الدول التي صوتت مع اسرائيل جنبا الى جنب مع الحقيقة".
من جانب آخر اشاد الجانب الفلسطيني بتصويت الامم المتحدة. وقال الأمين العام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات: "هذا يوم تاريخي للمجتمع الدولي الذي قرر ان يكون الى جانب القانون الدولي والعدالة الدولية". وقال "هذا قرار مهم جدا"، يظهر المجتمع الدولي من خلاله أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاغ وباطل. وقال نبيل ابو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان "التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة يثبت مرة اخرى ان القضية الفلسطينية تحظى بدعم دولي وشرعية دولية، وان القرارات التي تخرج من هذه الجهة او تلك، لا تغير حقيقة ان القدس هي اراض محتلة بموجب القانون الدولي"، ولذلك ستواصل القيادة الفلسطينية جهودها مع جميع العناصر الدولية لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وأثار القرار ردود فعل على الحلبة السياسية الاسرائيلية. وقال وزير الامن افيغدور ليبرمان انه "لا جديد في الأمم المتحدة. جيد ان الولايات المتحدة هي المنارة الأخلاقية التي تضيء لنا وسط الظلام". وقال وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان: "الفلسطينيون يهددون، الأمم تصوت ونحن نبني ونعزز".
وحسب أقواله، فإن "الارتباط التاريخي بين شعب اسرائيل والقدس، أقوى من كل قرارات الأمم الخائفة وغير المستعدة للاعتراف بالحقيقة – القدس هي عاصمة اسرائيل والشعب اليهودي". وحسب اقواله فان "ردنا على حملة ابو مازن وانصاره في الأمم المتحدة ضد اسرائيل والولايات المتحدة، سيكون بتعزيز السيادة والأمن في كل انحاء القدس والبناء فيها". وقالت وزيرة الثقافة ميري ريغف: "عندما نصر على حقوقنا، ستحترم شعوب العالم ذلك في نهاية الأمر". وغرد رئيس الكنيست يولي ادلشتين على حسابه في تويتر: "العار للأمم المتحدة".
كما شجب رئيس المعسكر الصهيوني، ابي غباي القرار، وقال: "القدس هي عاصمتنا قبل القرار وبعده. انصح الأمم المتحدة بأن تنشغل في الأمور التي تستطيع تغييرها للأفضل". وقال رئيس القائمة المشتركة النائب ايمن عودة، "إن تصويت معظم الدول في العالم ضد إعلان ترامب، على الرغم من حملة الضغوط والتهديدات، هو صفعة لسياسات ترامب ونتنياهو، ونداء واضح من المجتمع الدولي من أجل السلام وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية".
وقالت رئيسة حركة "ميرتس"، زهافا غلؤون، ان "تصويت الامم المتحدة لا يزيد او يقلص"، وان "من مسؤوليتنا التوصل الى حل الدولتين وتغيير الواقع". وقالت غلؤون ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "يتمسك بأظافره بقشة، كالغريق، بكل تصريح للأمريكيين او الامم المتحدة من اجل حرف الانتباه عن أمرين: الاول، انه لم يفعل طوال عقد من الزمان أي شيء لدفع حل الدولتين، والثاني، يبحث عن طرق لحرف النقاش عن التحقيقات معه، التي افقدته شرعيته بالحكم".
نتنياهو يطالب انصاره بمقاطعة تظاهرة اليمين ضد الفساد
تكتب صحيفة "هآرتس" ان ديوان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ناشد في الأيام الأخيرة، اعضاء الكنيست من الائتلاف والناشطين اليمينيين عدم المشاركة في مظاهرة لمكافحة الفساد التي ستجري مساء السبت في القدس. وتخشى مصادر مقربة من نتانياهو من مشاركة الاف الاشخاص في المظاهرة وان يؤدي الضغط من اليمين واليسار الى اهتزاز حكومته. وبعد الضغط، ألغى أعضاء الكنيست أورن حزان ويهودا غليك (الليكود) مشاركتهما، بينما لا يزال النائبين روعي فولكمان، وراحيل عزاريا، من حزب "كلنا" يخططان للمشاركة.
وتخشى مصادر قريبة من نتانياهو من مشاركة حاخامات بارزين في المظاهرة. فقد أعلن الحاخام يوفال شيرلو، رئيس المدرسة الدينية "أوروت شاؤول"، وغيره من الحاخامات انهم سيشاركون في المظاهرة. وكان شيرلو قد القى خطابا، الاسبوع الماضي، في مظاهرة تل ابيب وقال "ان الفساد يشكل تهديدا استراتيجيا للمجتمع الاسرائيلي".
وقال مئير تورجمان، وهو ناشط من الليكود ونائب رئيس بلدية القدس، انه يدرس خطواته وما اذا سيشارك في المظاهرة. ووفقا لأقواله: "تلقيت معلومات ان هذه ليست مجرد مظاهرة لصالح سيادة القانون بل ضد الحكومة وسيتحدثون هناك ضد الحكومة". وطلبت مصادر قريبة من رئيس الوزراء من مؤيديه، مثل أعضاء الكنيست أمير أوحانا وعنات باركو، إجراء مقابلات معهم ضد المظاهرة. ومن بين منظميها المستشار السابق لرئيس الوزراء نتنياهو، المحلل والصحفي يوعاز هندل.
وتأتي هذه المظاهرة الأولى لليمين ضد الفساد، مقابل المظاهرات التي تجري في تل ابيب، منذ ثلاثة اسابيع، والتي يشارك فيها عشرات الآلاف مساء كل سبت، حيث يرفعون لافتات ويرددون هتافات تطالب باستقالة نتنياهو.
وكان نتنياهو قد ادعى خلال مؤتمر لنشطاء الليكود، يوم الثلاثاء الماضي، انه يجري تنظيم المظاهرات ضده في تل ابيب بتمويل من الصندوق الجديد لإسرائيل، وانها مظاهرات تهدف الى اسقاط سلطة الليكود. ووصف المتظاهرين بأنهم "يدوسون سلطة القانون".
وتكتب "يسرائيل هيوم" ان وزير الأمن السابق موشيه يعلون دعا مؤيديه للمشاركة في المظاهرة التي ستجري في ميدان صهيون بالقدس بمشاركة عناصر يمينية. وأعلن يعلون أنه سيحضر بنفسه للتحدث في المظاهرة. وقد بادر الى تنظيم المظاهرة، المستشار السابق لرئيس الحكومة نتنياهو، يوعاز هندل، الذي تفيد عدة تقارير ان يعلون عرض عليه الانضمام الى حزبه، ليكون الرجل الثاني في قائمة يعلون المرتقبة للكنيست.
ونشرت "الجمعية من أجل قيادة أخرى" التي يترأسها يعلون، دعوة للمشاركة في المظاهرة والوقوف" الى جانب القيم والرسمية وسلطة القانون". وجاء في بيان الجمعية ان "المسألة ليست مسألة يمين او يسار – فالحرب على الفساد لا تتوقف على جانب دون غيره، بل هي تحدي اخلاقي واجتماعي لنا جميعا، وهي واجب قومي. علينا النظر في عيون اولادنا والقول لهم اننا فعلنا كل شيء من اجل الحفاظ على دولة اسرائيل – هذه ساعة الاختبار".
وقد بادر الى المظاهرة يوعاز هندل، الأمر الذي يمكن ان يحولها الى تظاهرة ذات طابع سياسي بمبادرة من المعارضين لنتنياهو وليس بالذات مظاهرة ضد الفساد. وقال هندل معقبا: "انا اقدر جدا يعلون، ولو كنت اريد خوض غمار العمل السياسي لكنت قد فعلت ذلك في الدورتين الاخيرتين للانتخابات. لو كنت اريد دخول السياسة لما كنت بحاجة الى مظاهرة من اجل ذلك".
وقال مكتب يعلون إن "جمعية القيادة الأخرى برئاسة موشيه  يعلون تدعو ناشطيها ومؤيديها إلى التظاهر من اجل القيم التي تعمل من أجلها". ويرى يعلون أن كل جهد جماهيري لحماية سيادة القانون هو عمل مرحب به من قبل المواطنين الإسرائيليين بغض النظر عن مواقفهم السياسية."
درعي تلقى رشوة قيمتها 200 الف شيكل
تكتب "هآرتس" ان وزير الداخلية ارييه درعي تلقى عبر حسابه الشخصي، مبلغ 200 الف شيكل تقريبا، من دون أن يبلغ عن ذلك، من رجل الاعمال ايلان شرعبي. وقام درعي بعد ذلك بالاهتمام بموضوع يخص شرعبي، مستغلا منصبه. ويتبين ان درعي تلقى هذا المبلغ في عام 2012، بعد الاعلان عن رغبته بالعودة الى الحياة السياسية، وقبل اعادة انتخابه لرئاسة حركة شاس وللكنيست.
وفي مطلع 2016 تسلم درعي منصب وزير الداخلية، وبعد فترة وجيزة، في 23 شباط، اجتمع مع شرعبي في مكتبه في القدس. ويعتبر شرعبي من المقربين منه منذ سنوات. وطلب من الوزير درعي التدخل في الصراع بين بلدية رمات هشارون و"كفار هيروك" حيث تقوم شركته الخاصة. واستجاب درعي لطلبه وتوجه في هذا الشأن الى رجال مكتبه للاهتمام بالأمر.
ويدعي شرعبي ان المبلغ الذي حوله الى درعي هو قرض تم اعادته كاملا، بينما ادعى درعي خلال التحقيق معه انه نسي بتاتا بأنه أخذ اموالا من شرعبي. وقبل عدة أشهر التقى مع الحاخام حاييم كانيابسكي، من قادة الجمهور اللتواني، وقال له انه يريد اعادة المبلغ وطلب نصيحته. ودعم الحاخام موقفه، ونصحه بإعادة المبلغ، لكن الشرطة اوضحت له ان هذه الخطوة قد تضر بالتحقيق. وعلمت "هآرتس"، انه على الرغم من موقف الشرطة قرر درعي اعادة المبلغ، وذلك بعد خمس سنوات من ايداعه في حسابه. مع ذلك، يجب الاشارة الى ان شرعبي اعطى قروض مالية اخرى لدرعي وتم اعادتها.
براك: "قادة الجيش والشاباك سيضطرون الى رفض الأوامر بسبب سياسة نتنياهو"
تكتب "يسرائيل هيوم"، انه في اعقاب تصريح رئيس الحكومة ووزير الأمن الأسبق، ايهود براك، بأن قادة الجيش والشاباك سيضطرون الى رفض الأوامر بسبب سياسة نتنياهو، قال الوزير اوفير اوكونيس، انه "من المؤسف ان براك انحرف بكل بساطة، عن الطريق. بين تغريدة واخرى يصبح اكثر متطرفا، من أجل لفت الانتباه اليه، وللأسف فانه ينجح. من المفضل برئيس الحكومة، الأكثر فشلا، والذي تخلى عن كل شيء، بما في ذلك البلدة القديمة في القدس، والذي جلب الانتفاضة بدلا من السلام، ان يقلل من تصريحاته العلنية التي تسبب الخجل له وحده".
كما انتقد وزير الأمن السابق، عمير بيرتس، هذه التصريحات بشدة قائلا: "إن تصريح براك يقوض أسس الديمقراطية ولا يقل خطورة عن جميع القوانين المناهضة للديمقراطية التي يروج لها اليمين في الكنيست. لكنه يمكن الغاء القوانين، بينما يمكن لهذه التصريحات أن تزرع الفوضى داخل الجيش الإسرائيلي. ماذا سنقول عندما سيرفض الجنود المتدينين تنفيذ اوامر الحكومة بإخلاء المستوطنين؟ وعندما سيفضل الجنود آية من التوراة على أمر الجيش الإسرائيلي؟ براك يعظ على الفوضى - ويجب إدانة ذلك بكل قوة".
وقال براك، الذي تحدث في حفل افتتاح مهرجان الموز في بيت جبرائيل في غور الأردن، إن "محاولة تحقيق جدول أعمال الدولة الواحدة ستؤدي بالضرورة إلى قيام المحكمة العليا بإلقائه بعيدا والقول انه "غير دستوري". وعندما سيتلقى رجال الجيش والشاباك اوامر غير قانونية، بشكل واضح، فانهم لن يتمكنوا من رفضها، وفقا للقانون الإسرائيلي – ولكن يجب عليهم رفضها. لذلك يمكن لهؤلاء الناس، وبعضهم من رجال الجيش ورجال الشاباك، عدم تنفيذ الأوامر التي يتلقونها".
وأضاف براك أنه كان قد توقع قبل عامين ونصف العام، الأحداث التي تقع الآن. واضاف "لقد قلت انه لن يكون لدى هذه الحكومة اليمينية أي خيار، وسيكون عليها اقتحام المحكمة العليا، والهجوم على المجتمع المدني ومنظماته، والهجوم لإغلاق افواه وسائل الاعلام الحرة والهجوم لتقويض مدونة اخلاق الجيش الاسرائيلي".
مواجهة بين وزيرة القضاء ورئيسة المحكمة العليا حول العلاقة بين الكنيست والمحكمة
تكتب "يديعوت احرونوت" انه وقعت، مساء امس (الخميس) اول مواجهة بين وزيرة القضاء اييلت شكيد ورئيسة المحكمة العليا الجديدة استر حيوت. فخلال مشاركتها في مؤتمر "جمعية القضاء العام" الذي عقد في زخرون يعقوب، هاجمت شكيد (البيت اليهودي) قضاة المحكمة العليا الذين يعارضون مشروع قانون اساس: التشريع، الذي عرضته هي وزميلها نفتالي بيت، بهدف تقييد قدرة المحكمة العليا على الغاء قوانين تسنها الكنيست، ويسمح للكنيست بإعادة سن القانون الذي تلغيه المحكمة بغالبية 61 نائبا.
وادعت شكيد ان قرارات قضاة المحكمة العليا "مقطوعة عن احتياجات الشعب"، والمحت الى قرار القضاة بشأن المتسللين وقالت: "المحكمة العليا ترى القدس في الأعلى ولا ترى جنوب تل ابيب في الأسفل".
لكن الادعاء الأساسي الذي طرحته وزيرة القضاء هو ان قضاة المحكمة العليا يلغون قوانين الكنيست بدون صلاحية قانونية، وقالت: "القضاة ليسوا أبناء النور، والمشرعين ليسوا أبناء الظلام. قانون اساس التشريع هو اصرار على المبدأ القانوني المعروف الذي ينص على ان عمل الجهاز السلطوي يجب ان يتم وفقا للقانون. ولا يوجد ولا يجب ان يكون لهذا المبدأ أي استثناء، ولا حتى عندما تكون هذه السلطة هي السلطة القضائية التي تطلب الغاء قوانين الكنيست بدون أي صلاحية قانونية."
واتهمت شكيد قضاة المحكمة العليا بأنهم "يهربون الديموقراطية من الشعب، وقالت ان ذلك يعتمد على تفضيل المعيار القانوني الصافي على الواقع العملي. واقع سيكون دائما اصعب واكثر تعقيدا من أي تلاعب قضائي. واقع يفرض علينا، نحن الذين ارسلنا الشعب الى الكنيست والحكومة، "صناعة السياسة" بمفهومها الجيد: العثور على تسويات قابلة للتحقيق في واقع حياتنا".
وكمثال على انقطاع القضاة عن الشعب وعملهم من دون صلاحية، اوردت شكيد قرار المحكمة العليا الذي يمنع الحكومة من احتجاز جثث الإرهابيين بدون صلاحية قانونية. وقالت "كيف لم تنزعج المحكمة ابدا من غياب الصلاحية المفصلة حين تتدخل لإلغاء قوانين؟ هل تظهر هذه الصلاحية في كتاب القوانين الذي تمسك به المحكمة؟ إن ممارسة الغاء القوانين التي شهدنا منها هذا العام ما يكفي لعدة سنوات، ويبدو ان هناك من يتصورون أننا اعتدنا عليها، لا يمكن أن تقوم على "الجبال المعلقة بشعرة"."
وردت حيوت على الهجوم المتواصل على الجهاز القضائي، وقالت: "اذا كان هناك من يعتقد ان احترام السلطة التشريعية او التنفيذية يعني غض الانظار عن خرق سلطة القانون او المس غير المتسق بحقوق الانسان – فإنه مخطئ. ويخطئ، أيضا، من يعتقد ان السلطة تعني ممارسة القوة من دون توازن وكوابح. السلطة تعني قدرة الحكومة على العمل ضمن صلاحياتها، وليس خرق القانون بأي شكل من الأشكال".
وانتقدت حيوت الوزراء والسياسيين الذين يطلقون تصريحات "مخجلة" ضد السلطة القضائية، ويطالبونها بعدم احترام القانون ويتنزعون شرعيتها. وقالت ان هناك الكثير من الأمثلة على ذلك في الآونة الأخيرة، واضافت: "احترام السلطة القضائية وقضاتها يعني الانصياع لقراراتها حتى حين يثير القرار انتقادا. كل توجه اخر يمكن ان يقودنا الى وضع لا يتم فيه تنفيذ قرارات المحكمة، ولا حاجة الى الاكثار من الحديث عن الخطر الكامن في ذلك".
واوضحت حيوت ان المحكمة العليا لا تعمل من منطلق لعبة تصارع القوى مع السلطة التشريعية، وهي تقوم بإلغاء القوانين فقط حين لا يكون امامها أي حل آخر. "هذا هو الدور الملقى علينا كقضاة، وهو الحفاظ على سلطة القانون وعلى القيم الأساسية القانونية وعلى حقوق الإنسان".
كما هاجمت حيوت الوزيرة شكيد فيما يتعلق بتعيين القضاة ورغبة وزيرة القضاة في اختيار قضاة محافظين. وقالت: "هناك من يعتقدون ان الطريق لضمان تطابق كافة القرارات القضائية مع وجهات نظرهم السياسية، يمر عبر لجنة تعيين القضاة. ونتيجة لذلك فانهم يسعون الى تعيين الذين يعتقدون انهم يستجيبون للصورة السياسية المطلوبة. هذا التوجه خطير ومدمر لأنه يقوض استقلال السلطة القضائية".
وانضم المستشار القانوني للحكومة، ابيحاي مندلبليت الى المعارضين لقانون اساس التشريع، وقال انه سيمس بالديموقراطية الاسرائيلية بشكل كبير. كما اعرب عن رفضه لقانون التغلب الذي يحدد انه يمكن سن قوانين تلتف على المحكمة العليا بغالبية 61 نائبا، وقال ان هذا التوجه خاطئ جدا وسيجعل من الصعب على المحكمة العليا اجراء مراقبة قانونية فاعلة وسيمس بقدرتها على حماية حقوق الفرد والاقليات".
وقال: "هناك عناصر تعتقد ان اي قرار تتخذه الغالبية في الكنيست يعد مشروعا بالضرورة. وهم يتمسكون بهذا الرأي عادة حين يكونون في صفوف الغالبية. هذا الاعتقاد يتجاهل انه يمكن للغالبية احيانا ان تتخذ قرارات تضر بالأقلية، وفي هذه الحالات فان الهيئة الوحيدة التي يمكن أن تحمي الأقلية من طغيان الأغلبية هي المحكمة".
ضغوط على السعودية لكي تسمح بدخول رياضيين اسرائيليين
تكتب "يديعوت احرونوت" ان اسرائيل حولت الى منظمي بطولة الشطرنج الدولية، التي ستفتتح في منتصف الاسبوع المقبل في السعودية، مقاييس ملابس لاعبتي الشطرنج الاسرائيليتين لكي يتم تجهيز "عباءات" لهما - المعاطف الداكنة التي ترتديها النساء السعوديات. لكن السعوديين لم يصدروا حتى الآن تأشيرات دخول للوفد الإسرائيلي.
ومن المقرر ان يصل سبعة لاعبي شطرنج اسرائيليين - امرأتان وخمسة رجال - واربعة مرافقين من اتحاد الشطرنج الى الرياض. وخلال اليومين الماضيين، زاد الضغط على السلطات السعودية لإصدار تأشيرات الدخول و"صنع التاريخ". ويعمل رئيس اتحاد الشطرنج الدولي في هذه المسألة، وفي المقابل، كما علمت "يديعوت احرونوت"، اجرى نائب رئيس اتحاد الشطرنج الاسرائيلي محادثة مباشرة مع رئيس اتحاد الشطرنج السعودي، الذي قال: "أنا لا اكره الاسرائيليين. أريد التوضيح أنه ليس لدي أي شيء ضدكم، لكنه يبدو أن الوقت لم يحن بعد لإدخال الإسرائيليين إلى السعودية".
وقال رئيس اتحاد الشطرنج الاسرائيلي، الدكتور تسفي باركاي: "نحن لا ننوي التخلي عن ذلك". واضاف "ان السعودية حصلت على الحق في استضافة بطولة الشطرنج في السنوات الثلاث المقبلة. اذا قاطعونا فان ردنا سيكون شديدا وسنهتم بفرض عقوبات على السعودية. وفي هذه الأثناء نحن نجلس على الحقائب في الانتظار".
وجاء الدعم المفاجئ لمنح التأشيرات للوفد الإسرائيلي من وليد الفرج، الذي يقدم برنامجا شعبيا على التلفزيون السعودي حيث قال في بث مباشر: "لا يجب التمييز بين ضيوف المملكة واختيارهم مثل حبوب الأرز. يحظر اتخاذ قرارات تحدد بأن هذا صديق وهذا عدو ومنع دخول الاجانب الى المملكة لأسباب سياسية".
مقالات
فرح الممتنعين
تكتب نوعا لنداو، في "هآرتس"، انه كلما مضت الساعات قبل الهزيمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، هكذا تغيرت النغمة في القدس، فيما يتعلق بالأمل في التأثير عليها. في البداية، حاولت إسرائيل إقناع أكبر عدد ممكن من البلدان بالتصويت ضد القرار، ولكن حين فشلت التهديدات الأمريكية الصريحة بتقليص ميزانيات المساعدات، بتغيير الوضع بشكل كبير، تم تركيز الجهد الرئيسي على محاولة إقناع القادة على الأقل بالامتناع عن التصويت أو الخروج الى عطلة عيد الميلاد بشكل مبكر وعدم التواجد في قاعة الهيئة العامة. وإذا لم ينجح ذلك، فعلى الأقل أن لا يلقون خطابات بصوت عال جدا خلال النقاش. وفي نهاية التصويت، كان رد رئيس الوزراء ووزير الخارجية بنيامين نتانياهو متسقا: "اسرائيل ترفض قرار الامم المتحدة وتعرب عن ارتياحها للعدد الكبير من الدول التي لم تصوت لصالح القرار". فرح الممتنعين، ابتهاج المتغيبين.
لقد كانت خيبة الأمل الرئيسية في إسرائيل من البلدان التي تحسنت العلاقات معها في السنوات الأخيرة. خصوصا تلك التي تتقاسم وجهة نظر محافظة بشكل خاص مع حكومة نتنياهو. على سبيل المثال، الهند، التي زار رئيس وزرائها نيرندرا مودي إسرائيل في يوليو الماضي وبقيت الزيارة خالدة بشكل رئيسي بسبب الصور الخلابة التي تم التقاطها لمودي ونتنياهو وهما متعانقان ويغسلان ارجلهما بماء البحر، صوتت لصالح القرار ضد إسرائيل والولايات المتحدة. في حينه نعت نتنياهو مودي  بأنه "توأم روحه"، ولكن قبل لحظة من الزيارة المتبادلة في منتصف الشهر القادم، لم توافق الهند حتى اللحظة الاخيرة على الامتناع عن التصويت.
وتم تسجيل خيبة أمل كبيرة أخرى من اليونان وقبرص. فقد تم مؤخرا فقط توقيع اتفاق الغاز معهما. كما صوتت روسيا والصين لصالح الموقف الفلسطيني، رغم ان نتنياهو يشيد بهما بشدة. واشار دبلوماسي اسرائيلي الى ان الدرس الاساسي من هذه القضية قد يكون "درسا في التواضع". يبدو أن تصريحات نتنياهو الكثيرة خلال العامين الماضيين حول التغيير الدراماتيكي، ظاهرا، في موقف العالم تجاه إسرائيل، تبدو مختلفة الآن، على أقل تقدير، أمام لوحة نتائج التصويت في نيويورك، التي ظهر عليها 128 مربعا أخضر متوهجا، وما رافق ذلك من تصفيق مدوي تردد في ارجاء القاعة بعد ظهور  النتائج.
ولكن كانت هناك أيضا هدايا صغيرة. لقد حطمت ستة بلدان توافق الآراء في الاتحاد الأوروبي، واستجابت للضغوط الإسرائيلية وامتنعت عن التصويت. هنغاريا التي يقودها فيكتور أوربان، الذي قاد التمرد، الجمهورية التشيكية التي تحدث رئيس الوزراء نتنياهو مع رئيس حكومتها قبل التصويت، بولندا التي تتضعضع مكانتها في الاتحاد الأوروبي، وكذلك كرواتيا ولاتفيا ورومانيا. اما النمسا وليتوانيا، اللتين تعتبران وديتين بالذات، فقد صوتتا لصالح القرار. لكن الامتناع عن التصويت، كما أوضح الممثل التشيكي من على منصة الهيئة العامة، كان ضعيفا: "نحن لا نعارض موقف الاتحاد الأوروبي بشأن قضية القدس (الحفاظ على خطوط 1967)، لكننا اخترنا الامتناع لأننا لا نعتقد أيضا أن هذا التصويت سيعزز السلام". مرة اخرى تحدد وزارة الخارجية الآن، تتواجد المشكلة الكبيرة في "اوروبا الكلاسيكية". ألمانيا، على سبيل المثال. حتى البلدان الافريقية التي استثمرت فيها إسرائيل جهودا كبيرة، امتنعت (مثل رواندا وجنوب السودان) أو تغيبت (مثل كينيا)، بل صوتت ضد (مثل توغو). وكان من المثير للاهتمام أيضا أن نرى امتناع الأرجنتين، التي زارها نتنياهو أيضا هذا العام. ومع ذلك، فإن النتيجة النهائية، إذا فحصنا بعناية جميع رحلاته هذا العام، وكانت كثيرة - 59 يوما في المجمل العام خارج البلاد، لا تنطوي على تناسق إيجابي مع نتائج التصويت.
من ناحية أخرى إذا قارنا النتائج مع عمليات التصويت الكبيرة السابقة، على سبيل المثال في عام 2012، على رفع مستوى التمثيل الفلسطيني إلى درجة مراقب في الأمم المتحدة، يبدو أن هناك بعض التحسن بالنسبة للحكومة: في حينه دعمت القرار 138 دولة، والآن 128 "فقط". ومع ذلك، يجدر بنا أن نتذكر أن المطروح على الكفة الآن هو ليس الثقة بإسرائيل فقط، وانما الولايات المتحدة، بشكل خاص. بما أن الرئيس ترامب ومبعوثته إلى الأمم المتحدة هيلي، لم يدخرا أي تهديدات صريحة في الأيام الأخيرة "بتسجيل الأسماء" والانتقام بواسطة الميزانيات، فان المربعات الخضراء الصغيرة التي ومضت على اللوح، أشارت، ليس فقط الى الدعم الصريح لمعظم البلدان لحل الدولتين على أساس خطوط 67 دولة – بل أيضا، انعدام الثقة المتزايد بإدارة ترامب كوسيط نزيه في الصراع وقائد قوة عظمى عالمية .
حرب على الحدود
يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس"، انه في الجانب السوري من الحدود، في الجزء الشمالي الغربي من هضبة الجولان، عاد الجيش السوري مؤخرا الى التكتيك المتبع لديه. ارسال وحدات من الجيش لمحاصرة قرى سنية صغيرة وطرح انذار نهائي امامها: الاستسلام واعلان الولاء للنظام أو حرب ابادة. خطوة بعد اخرى، يعود الرئيس بشار الاسد الى السيطرة على مناطق اخرى تم أخذها منه خلال سنوات الحرب الاهلية. الجيش السوري والمليشيات التي تعمل بالتنسيق معه يسيطرون الآن على قرابة 70% من مساحة الدولة ومعظم سكانها يخضعون الآن لسيطرتهم. في صيف 2015، قبل بدء التدخل الروسي العسكري، سيطر الاسد على حوالي ربع مساحة سورية فقط.
لقد ادى اطلاق سربين من الطائرات الحربية الروسية في خريف تلك السنة، الى تحريك سلسلة من العمليات التي انتهت بما يبدو اليوم كانتصار للنظام. في البداية، في كانون الاول 2016، استسلم المتمردون في حلب، تحت الضغط الكبير للقصف الروسي الجوي. وفي هذه السنة، في تشرين الثاني، انهارت خلافة داعش في شرق سوريا، بعد هجوم عنيف للتحالف برئاسة الولايات المتحدة. وتم استغلال استسلام داعش من قبل النظام السوري وايران والمليشيات الشيعية، للسيطرة على مناطق واسعة من المناطق التي اخلاها التنظيم المتطرف، في الوقت الذي تم فيه طرد تنظيمات المتمردين من مناطق اخرى.
المرحلة القادمة، كما نشر في "هآرتس"، امس الأول، يمكن أن تحدث في جنوب الدولة، بالقرب من الحدود مع اسرائيل. النظام يريد السيطرة مجددا على منطقة الحدود مع لبنان، على الأطراف الشمالية لجبل الشيخ.  وبعد ذلك، حسب التقديرات، تنوي وحدات الجيش السوري، بدعم من حزب الله والمليشيات، محاولة طرد المتمردين السنة من وسط وجنوب الهضبة ايضا، وهي المناطق التي سيطروا عليها قبل نحو خمس سنوات. يمكن للمواجهة أن تكون اكثر صعبة، لأن نجاح النظام في مناطق اخرى جعل مئات المتمردين يهربون الى الجولان. ويضم فرع داعش، فقط، الذي يسيطر على جيب في جنوب الهضبة قرب مثلث الحدود مع اسرائيل والاردن، حوالي ألف مقاتل.
هذه التغيرات تضع اسرائيل أمام معضلة جديدة، لها جانب اخلاقي، ايضا. في السنتين الاخيرتين، وبواسطة خطة "الجيرة الطيبة" التي توفر العلاج والادوية والغذاء والملابس لسكان القرى القريبة من الحدود، تمكنت اسرائيل من تحسين علاقتها مع هذه القرى (وسائل الاعلام العربية تذكر أن المساعدة الانسانية تشمل، ايضا، شحنات ذخيرة، ان لم يكن أسلحة). ان التخوف من الشيطان الصهيوني الفظيع، الذي غسل جهاز التعليم السوري أدمغة مواطنيه بالتحريض ضده على مدى عشرات السنين، استبدل باحترام الجهود الاسرائيلية. ولكن ماذا ستفعل اسرائيل الآن، اذا كان النظام يركز جهوده، بأساليبه المعروفة، على اعادة السيطرة على هذه القرى؟.
على المستوى السياسي وجهاز الامن، هناك من ينظرون الى التطورات الجديدة، بمنظار تحليلي بارد: عودة نظام الاسد قريبا من الحدود يمكن أن يضمن استقرارا اكبر فيها، ويوقف سيل الجهاديين السنة الذين يتدفقون الى المنطقة. بل تسمع، أيضا، تقديرات بأن تشابه مصالح الاسد وشركائه الايرانيين سيتضرر كلما تعزز النظام، وان الرئيس السوري لن يسمح لهم بالاقتراب من الحدود في اعقاب جيشه.
في المقابل، يسود في الجيش الاسرائيلي، بشكل خاص، قلق من أن اسرائيل تنظر من الجانب، بدون أن تقدم على أي عمل، الى مجرم الحرب، الذي يجني ثمار انتصاره. كل اطراف الحرب في سورية ارتكبت جرائم حرب فظيعة، لكن جرائم معسكر الاسد كانت هي الاصعب والاكثر منهجية منها جميعا. وكما اشار ضابط كبير، قبل عدة سنوات، فإنه في اختبار التاريخ ستجد اسرائيل صعوبة في تبرير حقيقة أنها سلمت بشكل مطلق، ولم تحرك ساكنا، من اجل وقف ذبح الشعب الذي يحدث على بعد بضعة كيلومترات من حدودها.
مسافة الكبح
هناك مقياس غير مستحيل من السخرية في حقيقة أن افيغدور ليبرمان، وبالذات هو من بين الجميع، يضطر الآن الى تفسير سياسة الرد الاسرائيلي المنضبطة على الاستفزاز من جهة قطاع غزة. لقد وقفت حكومة نتنياهو أمام معضلة جديدة في ضوء اطلاق نحو 30 صاروخا من قطاع غزة، من قبل التنظيمات السلفية، منذ تصريح ترامب حول الاعتراف بالقدس - يبدو أنه تم كبح هذا التوجه في الايام الاخيرة على خلفية خطوات الكبح المتشددة التي قامت بها حماس. يمكن لنشاطات العقاب الحازمة ضد حماس، كما وعظ آفي غباي ويئير لبيد، هذا الأسبوع، ان تورط اسرائيل في حرب لا فائدة لها. وفي المقابل، يمكن لضبط النفس النسبي ازاء الرذاذ المتواصل للصواريخ التي تسقط على مستوطنات غلاف غزة، ان يجبي ثمنا سياسيا داخليا، ومن شأنها أن تقنع حماس، التي تملك مجال مناورة واسع، ان تسمح بالمزيد من اطلاق النيران.
وزير الأمن، المؤشر اليميني في المجلس الوزاري المصغر، الذي كان وزيرا للخارجية في فترة "الجرف الصامد"، والشخص الذي هاجم الحكومة بسبب ضعفها وعجزها، حتى عودته المفاجئة اليها في ايار الماضي، ومن هدد اسماعيل هنية بالموت خلال 48 ساعة – يرى الصورة مختلفة قليلا، الآن. الأمور التي يرونها من هناك لا يرونها من هنا. في الوقت الذي يطالب فيه اليسار والوسط بشن عملية، يفسر ليبرمان بهدوء لماذا يعتبر ما يقوم به الجيش الاسرائيلي الآن كافيا. تحليله الذي يعتمد على تقديرات الاستخبارات العسكرية، يدعي أن "مسافة الكبح" تحتاج لبضعة ايام حتى يتم تهدئة الرياح في القطاع. حماس تسعى الى حرف المواجهة مع اسرائيل الى القنوات المريحة لها، ارهاب في الضفة الغربية ومظاهرات قرب السياج في القطاع، لكنها تخشى من استمرار اطلاق الصواريخ الذي لن تسيطر عليه.
يوم الثلاثاء الماضي، زار ليبرمان مستوطنات غلاف غزة، وتم اجراء نقاش هادئ مع رؤساء المجالس في المنطقة، الذين لم يطلبوا من الجيش الاسرائيلي القيام بعملية فورية لإخضاع حماس. وتم تكريس جزء كبير من اللقاء للاحتياجات العملية للمستوطنات. مواصلة مخططات البناء، التي حظيت بالزخم على خلفية الهدوء الذي اعقب الجرف الصامد، كميات من المياه للمزارعين، واجراءات التعويض من ضريبة الاملاك. في الكنيست في القدس، على بعد عشرين دقيقة طيران بالمروحية، واجه وزير الأمن أجواء مختلفة تماما، على شفا الذعر الامني.
لحسن الحظ، وهذا صحيح حتى كتابة هذه السطور، هدأ تساقط الصواريخ – وعاد الجهاز السياسي للانشغال في تداعيات التحقيقات مع رئيس الحكومة. ولكن اقوال زعيم حماس، يحيى سنوار، عن خطر انهيار المصالحة الفلسطينية يمكن أن تشير إلى خطر آخر في الأفق: تجدد الازمة الداخلية يمكن أن ينعكس على اسرائيل.
كما أن ازمة ترامب لم تنته بعد. السلطة الفلسطينية لا تزال تحاول احياء المظاهرات في القدس والضفة، والتي يتوقع أن تتجدد اليوم (الجمعة)، رغم تأجيل زيارة نائب الرئيس الامريكي مايك بينس الى المنطقة. في وسائل الاعلام الفلسطينية هناك جهود لتصنيف الاحتجاج كـ"انتفاضة العاصمة". (فقد سبق وكانت هناك انتفاضة الأقصى).
لقد بات وضاحا ان قيادة السلطة يئست تماما من المسيرة السياسية، ولا تعلق آمال على مبادرة السلام العتيدة التي سيطرحها ترامب. النضال، من ناحيتها، انتقل الى الساحة الدولية، بواسطة الانضمام الى منظمات جديدة وتمرير قرارات تدين اسرائيل. الرئيس محمود عباس الذي تدل صحته المتدهورة على اقترابه من نهاية طريقه في السلطة، لا يريد أن يذكره التاريخ الفلسطيني كمن خضع لإسرائيل في المسألة الاكثر أهمية في المسائل الجوهرية، القدس ومستقبل الاماكن المقدسة.
الفشل في الامم المتحدة هو هدية لطهران
يكتب تسفي برئيل، في "هآرتس"، ان مهرجان القدس الذي جرى أمس (الخميس) في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أبقى اسرائيل مرة اخرى بدون عاصمة معترف بها. تهديدات دونالد ترامب وسفيرته لدى الامم المتحدة، نيكي هيلي، ليس فقط لم تنفع، بل ابقت الادارة الامريكية عالقة في حفرة ضيقة يوجد فيها مكان لمقاتلين فقط: اسرائيل والولايات المتحدة. لقد كان ذلك بمثابة نزع ثقة عالمي بالرئيس الامريكي، ستعاني اسرائيل من شظاياه في المرة القادمة التي سترغب فيها بتجنيد المجتمع الدولي لأي جهد مشترك ضد ايران أو أي عدو آخر. اذا كان هناك من ادعى، في السابق، بان اسرائيل ليست ذخرا بل عبئا استراتيجيا على الولايات المتحدة، فقد وضع التصويت، أمس، الدولتان على نفس المستوى. لقد اصبحتا عبئا على بعضهن البعض.
لكن هناك مسألة واحدة، على الاقل، نجحت في جعلنا ننسى قليلا الصراع ضد قمة الجبل في الامم المتحدة. الموعد المحدد، 12 كانون الاول، الذي كان يفترض ان يقوم الكونغرس الامريكي خلاله بطرح مشروع قرار يقضي بفرض عقوبات جديدة على ايران، مر وكأنه لم يكن. وعلينا الآن الانتظار حتى 15 كانون الثاني، الموعد القادم الذي يجب فيه على الرئيس أن يقرر ما اذا سيقوم بتجديد العقوبات على ايران (التي تم رفعها في اطار الاتفاق النووي) ويخرق الاتفاق، أو أن يجدد الاعفاء المطلوب من اجل مواصلة تطبيقه.
يبدو أنه الجمعية العمومية لم تكن هي وحدها التي سخرت من ترامب، بل ان الكونغرس الامريكي، أيضا، غير متسرع للامساك بحبة البطاطا الساخنة التي القاها الرئيس على عتبته، في شهر تشرين الاول، عندما رفض المصادقة على التزام ايران بتنفيذ الاتفاق النووي. لو كان الكونغرس يريد دعم اسرائيل في الموضوع الهام جدا لأمنها، كما يحاول نتنياهو الاقناع، لكان لديه ما يكفي من الوقت لسن قانون مناسب في هذه الاشهر. لكنه يبدو أن سحر ترامب، لا بل سحر نتنياهو، ايضا، تبدد في تلة الكابيتول. بدل فرض عقوبات على ايران، تلقت القدس صفعة اخرى.
العداء الذي تطور بين روسيا والصين ودول الاتحاد الاوروبي، وبين الولايات المتحدة بخصوص العقوبات، صب في التصويت على مكانة القدس، وأحدث زخما سلبيا، يمكن ان يجعل كل اقتراح امريكي جديد بشأن ايران أن يواجه بمعارضة دولية. وهذا ليس لأنه غير مناسب وغير مجد، بل فقط لأن ترامب هو الذي اقترحه. وهنا يكمن ايضا الخطر على اسرائيل.
بالنسبة لإيران (والدول العربية) لم يكن بالإمكان اجراء تصويت اكثر مفرحا، رغم أنه تصويت تصريحي وغير ملزم. لقد اعتمدت سياسة ايران الخارجية، خلال عقود، على استقطاب مواقف اوروبا وروسيا مع الولايات المتحدة، الى حين وحد مجلس الامن بينها، عندما قرر فرض سلسلة من العقوبات الشديدة على ايران في الاعوام 2006 – 2012. خلال تلك السنوات جرت مفاوضات متواصلة وعقيمة بين ايران والوكالة الدولية للطاقة النووية، وهي فترة تبنت ايران خلالها سياسة "اقتصاد المقاومة" لتجاوز الازمة الاقتصادية الصعبة التي سببتها العقوبات التي حظيت بإجماع دولي واسع. وفقط بعد انتخاب حسن روحاني رئيسا لإيران، منح الزعيم الروحي، علي خامنئي، الضوء الاخضر لإجراء المفاوضات مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة الى المانيا، من اجل التوصل الى اتفاق ينقذ ايران من الازمة. لقد جرت مفاوضات سرية قبل ذلك، بوساطة سلطان عُمان، ولكن لأن خامنئي سعى الى حرمان الرئيس السابق محمود احمدي نجاد من الثمار السياسية للاتفاق، فقد انتظر حتى الانتخابات.
جبهة داخلية، اقتصادية وعسكرية
رغم تأطير الاتفاق كانتصار للنظام وانجاز تاريخي للثورة الاسلامية، ورغم تأييد خامنئي الكامل للاتفاق وللرئيس، فان الانتقادات في ايران للاتفاق تتواصل حتى اليوم. "احتيال غربي"، "عدم ثقة بالولايات المتحدة المخادعة"، "ضعف القيادة الايرانية"، "تذكرة دخول الى الثقافة الغربية المعادية"، هذه فقط بعض الاوصاف التي استقبل بها الاتفاق في اوساط المحافظين والراديكاليين. كما خاب أمل الاصلاحيين من الاتفاق الذي لم يحدث، حسب رأيهم، حتى الآن، أي تغيير حقيقي في اقتصاد الدولة أو في أوضاع حقوق الانسان.
ولكن على المستوى الكلي، تشير معطيات البنك الدولي الى تحسن كبير في  الاقتصاد الايراني. وتشمل هذه التحسينات هبوط التضخم الى أقل من 9% (مقابل 35% في 2013)، نمو بنسبة 9% (حسب معطيات النصف الاول من 2017)، ازدياد الناتج القومي، اصلاحات اقتصادية وفرت مليارات الدولارات التي كانت تدفع للدعم، وتجارة دولية رفعت مداخيل الدولة وساعدت على استقرار ميزانها التجاري بفائض يزيد على 30 مليار دولار. هذا الازدهار اعتمد على تعاون اقتصادي مع دول كثيرة مثل كوريا الجنوبية التي وقعت في شهر آب على مذكرة تفاهم للاستثمار بمبلغ 8 مليارات يورو، وشركة القطارات الايطالية الحكومية، التي تقدم المشورة لوزارة المواصلات الايرانية، وتنوي استثمار 1.2 مليار يورو، والصين التي وقعت على مذكرات تفاهم لإنشاء بنية تحتية بمبلغ أكثر من 25 مليار دولار، كما أن التجارة مع الاتحاد الاوروبي تضاعفت في السنة الاخيرة ووصلت الى أكثر من 10 مليارات دولار.
هذا كله يقيم سور دفاع أمام فرض عقوبات جديدة على ايران، على الاقل من جانب دول هي ليست في صف الولايات المتحدة. لقد كانت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، فدريكا موغريني، أول من اوضحت لترامب بأنه "لا يمكن لأي دولة لوحدها الغاء الاتفاق النووي"، أي أنه لو ارادت الولايات المتحدة الانسحاب أو تخريب الاتفاق من خلال فرض العقوبات، فان اوروبا لن تنضم اليها. ولا حاجة للإضافة بأن روسيا والصين لا تنويان الخضوع لسياسة ترامب.
وتنضم الى النمو الاقتصادي الدراماتيكي، انجازات ايران في السياسة الخارجية. فانتعاش النظام في سورية ومشاركة ايران في كل العمليات السياسية التي تواكب مقترحات الحل للحرب، وتأثيرها الاقتصادي والسياسي في العراق، وفشل السعودية في حسم الحرب في اليمن، والتحطم السياسي السعودي في لبنان، كل ذلك حول ايران الى دولة عظمى اقليمية، تكمن اهميتها في قدرتها على تحديد خطوات استراتيجية ايضا في الدول التي لا تشارك عسكريا في القتال. انها تنسب لنفسها طرد داعش من العراق بفضل 44 مليشيا مؤيدة لإيران تعمل في العراق. هذا في الوقت الذي حولت فيه الولايات المتحدة الى العراق مساعدة بلغت 5.3 مليار دولار. هذه المليشيات تملك صحف وقنوات تلفاز خاصة بها، وتم ضم جزء منها إلى الجيش العراقي، ويتلقى النشطاء فيها رواتب من الدولة. مقاتلو المليشيات الافغانية في سورية يحصلون على راتب يبلغ 700 دولار شهريا. وتنتظرهم جنسية ايرانية مضمونة.
توجد لإيران، أيضا، علاقة قوية مع تركيا وقطر، وحتى مع الامارات المتحدة، الشريكة للسعودية في الجهود لكبح نفوذ ايران في المنطقة. وفي الآونة الأخيرة، استضافت ايران رئيس اركان جيش الباكستان، الذي أعلن أن بلاده تنوي توسيع التعاون مع ايران. وهي تسعى لإنشاء محور اقتصادي ايراني – باكستاني – صيني، يمكن أن تنضم اليه، ايضا، الهند، التي تربط رئيس حكومتها نيرندرا مودي علاقات صداقة قريبة بنتنياهو. هذه العلاقات مع دول وسط آسيا تشكل الجبهة الداخلية الاقتصادية والعسكرية لإيران، في حال نجاح الرئيس ترامب بفرض عقوبات عليها، وفي حال اقتناع دول الاتحاد الاوروبي (وهي مسألة غير واقعية الآن)، بالانضمام الى ترامب والغاء الاتفاق النووي.
توقعات متشائمة
ومقابل هذه النجاحات تجد الحكومة صعوبة في اقناع الجمهور بأنه ينتظره مستقبل اقتصادي افضل في اعقاب الاتفاق. نسبة البطالة، 12%، والتي ترفض التقلص، والتباطؤ في إنشاء مصانع جديدة، توفر اماكن عمل كثيرة، وغلاء المعيشة وتقليص الدعم، كلها تنفخ على الجمر المتقد الذي يهدد نظام روحاني. كما ان رفع رسوم الخروج من البلاد، من 20 الى 60 دولار اصبح يثير الخلاف والغضب العام، في ضوء حقيقة أن أكثر من تسعة ملايين ايراني يسافرون الى الخارج كل سنة. ويشير  بحث نشره مؤخرا معهد "كارنجي" الامريكي الى الفشل في ادارة اجهزة الرفاه والتأمين الوطني واستغلال قوة العمل المؤهلة في ايران.
اكثر من 150 ألف مواطن ايراني يهاجرون كل سنة، معظمهم مثقفون اكاديميون. سياسة تقليص الانجاب التي اعلن عنها في نهاية الثمانينيات نجحت في خفض متوسط الولادة في العائلة من خمسة اولاد الى ولدين. تغيير السياسة في هذا المجال، قبل حوالي سبع سنوات، والتي شملت وقف التوزيع المجاني لوسائل منع الحمل، واغلاق مراكز الارشاد للنساء وخفض سن الزواج للنساء، لم يغير حتى الآن من نسبة التكاثر الطبيعي التي انخفضت من 4% الى 1%. ونتيجة لذلك من المتوقع أن تشهد ايران بعد حوالي عقدين ثورة من حيث جيل سكانها، بحيث سيكون واحد من كل خمسة مواطنين في سن التقاعد. حتى الآن، لم تبدأ وزارة المالية الايرانية بالاستعداد للتغيير المتوقع. والحكومة هي التي تغطي في هذه الاثناء اكثر من ثلثي دفعات التقاعد. اما الثلث المتبقي فتدفعه شركات التأمين الاجتماعي.
هذه التوقعات المتشائمة تجبر ايران على زيادة مداخيلها بصورة كبيرة، واجبار العمال على تخصيص جزء اكبر للتأمين الاجتماعي. ومن شأن هذه الاجراءات الديمغرافية أن تشكل ضمانة لتمسك ايران بالاتفاق، وهكذا، اذا انتهى سريان الجزء العملي للاتفاق النووي، بعد اقل من عقد، وتواصلت الرقابة على المشروع النووي حتى عام 2030 على الاقل، فمن المشكوك فيه أن ايران سترغب في التخلي عن الاتفاق الذي يمكنها الآن من تخطيط اقتصادي بعيد المدى. يمكن للعقوبات ان تشكل تهديدا بشكل دائم، لكن من المشكوك فيه انها ستكون مطلوبة في ضوء التطورات الداخلية في ايران.
حاجز الأنفاق
يكتب يوآب ليمور، في "يسرائيل هيوم"، ان زيارة رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الى قطاع غزة، يوم الاربعاء، تشير الى ان الأمر الذي يحتل مقدمة جدول اولويات الاسرائيليين الان، هو ازالة تهديد الأنفاق. ويشمل الرد عنصرين: مادي - الجدار الذي يقام الآن على حدود قطاع غزة، وتكنولوجي – الذي قاد مع الاستخبارات الى كشف وتدمير نفقين هجوميين في الشهر الأخير، الأول لحركة حماس والثاني لحركة الجهاد الإسلامي. ومع الحذر اللازم، من الممكن الحديث عن اختراق في هذا المجال: بعد 11 عاما ونصف من اختطاف جلعاد شليط عبر نفق، يبدو أن إسرائيل وجدت الرد.
هذه عملية تستغرق وقتا طويلا. فوقا للتخطيط، سينتهي العمل في انشاء الجدار في اواخر  2018؛ والتكنولوجيا لن توفر حلا كاملا قبل ذلك. ومن مصلحة إسرائيل العليا، خلال هذا الوقت، عدم وقوع حرب في الجنوب، لكي لا يتم استخدام الأنفاق القائمة. هذا سباق نتائجه معروفة مسبقا: في كل يوم يمضي، تتقدم إسرائيل نحو الحل، وتقترب حماس من فقدان أصولها الاستراتيجية.
طريقة "هذا وذاك"
ولذلك، هذا هو سبب اختيار إسرائيل لعدم تحطيم الآليات خلال أحداث الأسبوعين الماضيين. حتى عندما استيقظ سكان الجنوب كل ليلة على دوي التنبيه "لون أحمر"، ردت إسرائيل بضبط النفس. صحيح انه تمت مهاجمة العشرات من أهداف حماس، ومن بينها أهداف ذات جودة عالية (لا سيما في كل ما يتعلق بصنع الأسلحة وتخزينها)، لكنه تم التركيز في التوجيهات على عدم فقدان الاتصال المباشر مع الهدف الأسمى المتمثل في تجنب التصعيد، من أجل كسب الوقت للتعامل مع الأنفاق.
هذه الاستراتيجية الإسرائيلية شفافة بالنسبة لحماس. في غزة، تمزقوا بين رغبات متضاربة: الأولى - أن يتم الرد بعنف على إعلان ترامب، وبالتأكيد عندما يتقاطع ذلك مع الذكرى الثلاثين لتأسيس الحركة. والثاني هو الامتناع عن العنف خوفا من أن تؤدي الحرب إلى مزيد من الدمار والخراب لقطاع غزة وإحباط جهود المصالحة الفلسطينية الداخلية.
في الأيام الأولى، جربت حماس أسلوب "هذا وذاك". الدعوة إلى الانتفاضة وتشجيع المتظاهرين على الوصول إلى السياج، وكذلك منع إطلاق النار على إسرائيل خوفا من خروج الأمور عن نطاق السيطرة. وبعد ازدياد إطلاق النار، وما تبع ذلك من هجمات اسرائيلية، لم يكن أمام الحركة أي خيار: وفي بداية الأسبوع بدأت عملية اعتقال واسعة النطاق للناشطين السلفيين، بما في ذلك التحقيق العنيف معهم بهدف نقل رسالة واضحة: يوجد صاحب بيت واحد في قطاع غزة.
ومع ذلك، بقيت المعضلة قائمة. حماس تتواجد في أدنى مستوى لها منذ إنشائها: الوضع في غزة مروع؛ والخبراء يحذرون من انهيار كامل للبنية التحتية المدنية. كما ان التخلي عن دعم قطر الاقتصادي واستبدالها بمصر، لا يسفر عن أي ثمار في الوقت الحالي؛ فمعبر رفح لا يزال مغلقا، والسلطة الفلسطينية لم تحول شيكل واحد للرواتب أو للخدمات المدنية.
وفي هذه الأثناء، تختار حماس الهدوء. ليس من الواضح ما إذا كان المقصود خيارا استراتيجيا - عدم الرغبة في محاربة إسرائيل، أو خيارا تكتيكيا - عدم الرغبة في محاربة إسرائيل في الوقت الراهن. هذه مسألة تحتاج إلى الفحص كل يوم، لأنها تتأثر بعوامل قليلة – بدء من المصالحة ووصولا إلى مستوى البطالة في قطاع غزة، وبالطبع تتأثر بالأضرار التي يمكن أن يسببها الصاروخ الذي سيصيب المكان الخطأ في الوقت غير الصحيح.
وفي هذا الصدد، كان هناك دور حاسم لضبط النفس المثير للإعجاب الذي أظهره سكان الجنوب هذا الأسبوع. لقد انطلقت معظم صفارات الإنذار في البلدات المحيطة بالقطاع، لكن السكان كانوا واضحين في رسالتهم: نحن مستعدون لعدم النوم ليلا حتى نتمكن من إيجاد حل للأنفاق. هذه الأمور، التي قيلت لوزير الأمن وكبار ضباط الجيش الإسرائيلي، قللت إلى حد كبير من الضغط على صناع القرار. وكان الانتقاد الوحيد الذي تم سماعه هو من جهة الصارخين المعتادين في اليمين وفي المعارضة، الذين لم يكن السحر الكاذب الذي عرضوه قابلا للتطبيق او منطقي.
ولكن، يحظر الاكتفاء بالنجاح الإسرائيلي في التعامل مع الأحداث الأخيرة. أولا، لأن أي شيء في غزة لا ينتهي أبدا: قد يكون هناك المزيد من إطلاق النار في الأيام المقبلة، وبالتأكيد عندما يتم تأجيل زيارة نائب الرئيس الأمريكي. ثانيا، لا تزال المحنة الاستراتيجية لحماس على حالها، ومن المتوقع أن تزداد سوءا إذا بقيت المصالحة عالقة. وثالثا، لأنه في الوقت الذي تعمل فيه على تهدئة الاوضاع في غزة، تحاول حماس بكل ما في وسعها دهورة  الوضع في يهودا والسامرة، وإذا تم، لا سمح الله، تنفيذ هجوم إرهابي واسع النطاق، بتوجيه من الحركة، من المشكوك فيه أن إسرائيل ستكون قادرة على كبح جماحها.
في عمل شرطي حي
يكتب الجنرال (احتياط) غرشون هكوهين، في "يسرائيل هيوم"، انه تم خلال مواجهة روتينية في النبي صالح، تصوير ضابط في الجيش الإسرائيلي وهي يتلقى صفعة من فتاة فلسطينية. وتم القبض على الفتاة في منزلها ليلا، وكان يمكن لهذا الحدث ان ينتهي عندها. ليست الفتاة ولا الكاميرا من حولا الحدث إلى بؤرة نقاش إعلامي، وإنما نحن بما يساورنا من قلق، بعدم قدرتنا على استيعاب هذا الحدث كأمر آخر من الشيء نفسه المعروف لنا، مثل شجرة أخرى سقطت في غابة في سيبيريا. من المناسب ويجب الحكم على الحدث كأمر مهين. ولكن بمجرد نشر الصورة، كما نشرت، كان يمكن جني الفائدة منها. إذا تطلب الأمر رد فعل مختلف أكثر نجاعة من قبل الجنود، يمكن ترك الأمر للجيش الإسرائيلي وقادته، ذلك ان المقصود ليس حدثا معقدا ومن المؤكد أنهم سوف يستخلصون العبر. إن ما يثير الاهتمام والجدير بالملاحظة هو نمط رد فعلنا، في الانشغال الإعلامي المنهك والممل، الذي ضخم الحدث بشكل يتجاوز أبعاده المرغوبة.
في أيدي أولئك الذين يسيطرون على فضاء الوعي، هناك قوة لتشكيل الفضاء المادي، وهنا تبدأ قصتنا – بينا وبين أنفسنا. على جانبي الحاجز بين اليمين واليسار، يريدون اشعال النار هنا. فمن ناحية، يسعون إلى تضخيم "الوهن" الكامن في رد الجنود باعتباره "فقدان الردع"، ومن ناحية أخرى، يسعون إلى تضخيم عدم جدوى استمرار الاحتلال، بوصفه عبئا يفرض على جنودنا التآكل المتواصل في مهام الشرطة التي كان يفضل التخلص منها.
في دوائر النقاش هذه ننتقل ذهابا وإيابا. لقد انقضى ثلاثون عاما على اندلاع الانتفاضة الأولى. ومن الجدير بالعلم أننا لسنا وحدنا في هذا التحدي. لقد تغير شيء أساسي وعالمي في ظاهرة الحرب: أصبح نمط الاشتباكات بين المدنيين وقوات الأمن والجنود ورجال الشرطة في المناطق المدنية، مع تغطية كاملة للكاميرات، ملكا للجميع. بصفتي قائد كلية الأمن القومي، حللت ضيفا مع ضباط إسرائيليين آخرين على شرطة ريو دي جانيرو. الكفاح من أجل فرض القانون والنظام في الأحياء الفقيرة يبدو مألوفا تماما لنا في جميع أبعاده العاطفية والبصرية.
هذا التحدي الذي يجري في أحياء المهاجرين، تواجه مثله الآن ستوكهولم وباريس، وكذلك الشوارع العنيفة في الولايات المتحدة. كل التنظيمات العسكرية تواجه مهام الشرطة في العهد الحديث: رجال سلاح المظليين الفرنسي والبلجيكي يتولون الآن مهام أمنية في باريس وبروكسل. وخلال لقاء لحلف شمال الأطلسي، اشتكى الأوروبيون في لحن مألوف، يتوق إلى أيام الحرب الباردة، إلى الأيام التي "كان فيها الجندي جنديا، وليس شرطيا، وليس دبلوماسيا".
الاحتلال ليس عبئا
لدينا، ايضا، ومنذ ايام الانتفاضة الاولى، ادعى المعلقون العسكريون وكبار المسؤولين في الجهاز الأمني، ان قيام الجيش بمهام الشرطة، يحرف القوة الهجومية عن هدفها الرئيسي في قيادة الهجوم الى النصر في الحرب. يقول ألون بن ايفيد (معاريف، 20 تشرين الثاني 2015): "كما هو الحال في المواجهات السابقة، سيكون الجيش النظامي هو الذي سيتم ارساله لحسم المعركة في المستقبل"، إلا أن الجيش النظامي يتآكل الآن في مهام الشرطة في المناطق وحراسة الحدود بدلا من التدريب والتحول الى قوة تعرف المناورة بسرعة والانتصار".
وتعرض دراسة مقارنة للجيش البريطاني، زاوية مختلفة تماما لهذه المسألة. لقد أعطت تجربتهم الغنية منذ أيام الإمبراطورية البريطانية، للجنود نهجا شاملا وهجينا لمفهوم القوة العسكرية. خلال جميع سنوات مكافحة الإرهاب في بلفاست، استوعب البريطانيون الخبرة العملية، حتى في الاحتكاك مع مهام الشرطة، كفرصة لتعزيز القدرات القتالية وقيم القيادة والسيطرة على المستويات المنخفضة للقوات البرية. صحيح أنه في الانتقال إلى ساحة معركة مختلفة، هناك حاجة إلى الملاءمة، ولكن المظليين البريطانيين في معركتهم في جزر فوكلاند لم يكن لديهم أي مشكلة. بل على العكس تماما.
صحيح أن الجنود أقل مهارة من رجال الشرطة في التعامل مع مهام الشرطة التي تنطوي على الاحتكاك مع المدنيين. ومع ذلك، فإن قوة الشرطة صغيرة الحجم وتحتاج إلى تعزيز في الوحدات العسكرية، كما تفعل الدول الغربية المتقدمة. إن التقسيم المفاهيمي الذي يعد للجيش مهام الدفاع ضد عدو خارجي يصل من وراء الحدود، وللشرطة مهام الأمن الداخلي، ينتمي إلى نظام عالمي متغير. لقد أدى التهديد الذي برز في السنوات الأخيرة إلى تحويل معادلة التهديدات إلى الساحة الداخلية، التي يتعين فيها على السيادة استغلال جميع الموارد المتاحة لها، في المزيج المناسب بين رجال الشرطة والجنود.
من هذا المنظور، من الناحية المهنية، ليس بالضرورة ان يعتبر الاحتلال نفسه عبئا. ويوصى بإعادة تقييم العبء التشغيلي المفروض على الجيش الإسرائيلي في الروتين الذي يتطلب اكثر من حيث ترتيب القوات والموارد واهتمام القادة الاستراتيجي: في يهودا والسامرة، حيث يتواصل "الاحتلال" والاحتكاك اليومي مع المدنيين، أو في قطاع غزة، حيث وقفنا – على طول حدود معرفة – في مواجهة حماس كقوة عسكرية منظمة؟
نموذج تنظيم الحرس
والواقع أنه حتى في الجانب الأمني المهني، وأيضا في تصوري لمناطق يهودا والسامرة كوطن، أنا اريد استمرار الاحتلال، لا سيما في المنطقة C، التي بقيت في أيدينا بعد اتفاقات أوسلو. ولهذا السبب بالتحديد، من المناسب الحفاظ على جرعة مناسبة من تفعيل القوة، بطريقة لا تؤدي إلى تصعيد غير منضبط. ذات مرة، قال العقيد يعقوب حسيداي: "ليس الاحتلال هو الذي يفسد، بل نحن الذين نفسد الاحتلال". يوصى أن نتعلم في هذا المجال من المبادئ الأساسية لمنظمة "هاشومير" (الحرس). منذ سنواتها الأولى، قبل أكثر من قرن، تم تحديد توجيهات ملزمة وكابحة لاستخدام القوة من قبل أعضاء الحرس. لقد حددت القاعدة الرئيسية انه: "يجب أن تعرف كيف تدافع عن نفسك وتضرب، ولكن لا تقتل". وقد اعتاد أبراهام شابيرا، الحارس الأسطوري من بيتاح تكفا، القول: "أنا لم أقتل أبدا، ولم اتعرض للقتل." وينص دستور الحرس على ما يلي: "في كل الأحوال، يفضل استخدام الأسلحة الباردة على استخدام الأسلحة النارية، إلا في حالات استثنائية. ويحظر استخدام الأسلحة النارية خلال النهار، ويسمح استخدامه في الليل، ولكن يجب بذل كل جهد لجعل الأسلحة رادعة" (عوزيل ليف، "بار جيورا والحرس").
لقد روى يغئال ألون كيف أخذه والده في سن الـ 12، إلى منزل في كفار تافور بمناسبة عيد ميلاده. عندما حل الظلام كمنا على حافة الحقل مع بندقية ونبوت. وفي منتصف الليل، وصل عربيان وشرعا بملء المحصول في أكياس. فترك والده البندقية في يده وحذره: "لا تجرؤ على اطلاق النار"، وهاجمهما بالنبوت. وقال ألون: "لقد ارتعدت خوفا، كان لوحده، وكانا اثنين، ويمنع استخدام البندقية". وترك العرب الأكياس وهربوا.
وسأل يغال الصغير والده: "لماذا قلت لي أن لا اطلق النار؟" فأجاب الأب: "لقد تعرضا للضرب، وسيخبران أهل القرية، ولن يعودا إلى هنا، لكننا لو اطلقنا النار وقتلناهما فإن الانتقام لن ينتهي". وواصل يغئال متسائلا: "إذا كنا لا نستطيع اطلاق النار، فلماذا أخذنا البندقية؟" فأجاب والده: "لقد اعطتني البندقية الشجاعة لمهاجمتهم فقط مع النبوت". هذه هي نظرية التناسب في استخدام القوة كما تعلمها في السنوات الأولى في مستوطنات الجليل. وهنا يكمن الجواب لأولئك الذين يتوقعون استخدام القوة المفرطة. الجيش الإسرائيلي وقادته وجنوده مخلصون لهذا النهج، ويعملون في معظم الأحيان على تنفيذه بنجاح يستحق التقدير.
فرح الفقراء
يكتب شمعون شيفر، في "يديعوت احرونوت"، انه ليس لدينا أي شك في أن القدس عاصمتنا، ولا نحتاج إلى تصاريح من أحد. ولكن ما وراء حواسنا الخاصة، هناك أيضا سياسة خارجية - ويجب أن تقوم هذه السياسة الخارجية على مفهوم منطقي مدعوم بفهم عميق للبيئة الاستراتيجية التي نعيش فيها.
بعد أن نحتفل بحقيقة أن 35 دولة امتنعت عن التصويت يوم أمس (الخميس)، سوف نبقى مع نتيجة مدوية: 128 دولة أعربت عن استيائها من النمط السلوكي الذي يقوده ترامب، ومن قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. لقد توحدت الدول العربية، المعتدلة والمتطرفة، وصوتت ضد الاعتراف الأمريكي بالقدس. وفي الواقع، أعلنت أن مصير القدس يعتمد على استعداد إسرائيل لتقاسم المسؤولية عن الأماكن المقدسة للأديان الثلاثة في إطار اتفاق إطار دولي أو أي ترتيب آخر متفق عليه.
وبالتالي فإن النتائج تعني أن وضع القدس في المستقبل ستحدده المفاوضات بين الطرفين، وليس بالتهديدات التي يطلقها رئيس أمريكي ضد البلدان التي تجرؤ على التصويت ضد اعلانه. وهكذا، فإن هذا التصويت، من الناحية العملية، يضعف وضع القدس فقط، ويزيد من ارتفاع الأسوار المحيطة بالمدينة. وفي الوقت الحالي، سيتعين على ترامب الاكتفاء بقرار رئيس بلدية كريات يام اطلاق اسمه على بارك العاب في المدينة – اذ لن تنتقل أي سفارة، ربما باستثناء سفارة المسيحيين الإنجيليين، إلى مبنى في القدس قريبا.
في هذه الأثناء، التي ينغمس فيها نتنياهو بعمق في تشابك التحقيقات والحملات من أجل بقاءه السياسي، يجوز، بل من الضروري، التشكيك في حكمه وقدرته على ادارة سياسة خارجية لها عواقب وخيمة على دولة إسرائيل وأمن الإسرائيليين. صحيح ان اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل أثارنا، ولكن هل كان يستحق عواقبه؟ لقد صوتت 14 دولة في مجلس الأمن ضد الإعلان الأمريكي، وبالأمس سمع الصوت نفسه من قبل 128 دولة.
وعليه، هل اصبحت حالتنا الآن أفضل مما كانت عليه قبل إعلان ترامب؟ لقد اعتاد نتنياهو الاعلان أنه حدث انقلاب في مكانة إسرائيل في العالم، ولكن وفقا لنتائج تصويت الأمم المتحدة، فإن هذا الانقلاب محدود جدا.
طفلة الصفعات
يكتب ناحوم برنياع، في "يديعوت احرونوت"، انه في يوم الثلاثاء، الساعة الثالثة ظهرا، استعد الأولاد في النبي صالح لفعالياتهم اليومية، التي تعتبر وفقا لمصطلح الجيش الإسرائيلي، خرق النظام، على الرغم من أنه منذ خطاب ترامب بشأن القدس، لم يكن هناك أي نظام في النبي صالح يمكن خرقه، فالحرب هناك يومية - الصبية مع الحجارة، وجنود كتيبة روتم من لواء غبعاتي، مع الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. في الساعة الثالثة والنصف، خرج الفتيان لشن الهجوم. كان هناك 20 صبيا، او في اعلى حد 30.
تقع قرية النبي صالح على قمة تل، يصل ارتفاعه الى 570 مترا، شمال غرب مدينة رام الله. وتمتد مستوطنة حلميش القديمة على طول الجهة المقابلة. بين القرية والمستوطنة يتعرج شارع رقم 465، وهو شريان المواصلات الحيوي لكلا الجانبين. الأولاد يقفزون على منحدرات التل، من مدرج إلى مدرج. مهمتهم هي الاقتراب من الطريق لرشق الحجارة على السيارات الإسرائيلية، او ربما عبور الطريق والوصول إلى سياج المستوطنة. اما مهمة الكتيبة فهي صدهم باتجاه اعلى التل.
لقد أغلق الجيش الإسرائيلي المدخل الرئيسي للقرية بتلة ترابية، والى جانب المدخل يرتفع برج المراقبة الرمادي،  ومن فوقه يرفرف علم إسرائيل، الأولاد يرشقون الحجارة والجنود يطلقون الغاز المسيل للدموع. في البداية حملت الرياح الغاز جنوبا نحو الجنود ونحوي. الغاز يسبب حرقة في العيون. بعد ذلك تغير الرياح وجهتها، فيصل الغاز الى الأولاد، لكنهم يواصلون رشق الحجارة. وبعد نصف ساعة يتفرقون، لا توجد إصابات بين قواتنا، ولا إصابات بين قواتهم. مثل هذه الحوادث تقع في 180 نقطة احتكاك في الضفة الغربية منذ خطاب ترامب. خلال الأسبوع الأول تم احصاء 16 الف خارق للنظام، وفي الأسبوع الثاني 14 ألف. اما عدد نقاط الاحتكاك فلم يتغير.
في الأسابيع التي سبقت خطاب ترامب، تم تسجيل نقطتين أو ثلاثة نقاط احتكاك، ولم يزد عدد المشاركين في كل مظاهرة عن 20 أو 30. يمكن للكلمات أن تقتل، كما تقول حملة إعلانية جديدة. وهذا صحيح في حالة ترامب. لقد وصلت أصداء الخطاب من البيت الأبيض إلى النبي صالح: قبل خطاب ترامب، كانت هناك حادثة واحدة في الأسبوع، عادة يوم الجمعة. ومنذ الخطاب اصبحت الحوادث تقع كل يوم.
هذا الأمر يقودنا إلى عائلة التميمي، أكبر عائلة في القرية. في أيلول 2015 التقيت في القرية بسلام التميمي البالغ من العمر تسع سنوات. صبي فاتح الشعر، أزرق العينين، تماما مثل أخته الأكبر، عهد. لقد أخذني إلى بيت العائلة، منزل كبير في أعالي القرية. لماذا اسميته سلام، سألت والده باسم. فقال "لسببين". "الأول، حين ولد، اعتقدت أن السلام يمكن أن يتحقق".
والسبب الثاني؟ سالت.
وقال التميمي: "كان لدي صديق اسمه سلام". واضاف ان "الاسرائيليين قتلوه خلال الانتفاضة".
في حينه خرج محمد التميمي، شقيق سلام، البالغ من العمر 12 عاما، مع الأولاد للمشاركة في حدث يوم الجمعة. ورفع ذراعه كما لو كان ينوي رشق حجر. فقفز عليه جندي. وبكى. وهاجمت النساء، بما في ذلك ناريمان، والدة الصبي، الجندي. وقامت عهد، التي كانت تبلغ 14 عاما من العمر وتبدو أصغر من ذلك، بعض الجندي. لكن الجندي ضبط نفسه. لم تكن تلك هي المواجهة الأولى بين عهد التميمي والجيش الإسرائيلي، فقبل ثلاث سنوات، عندما كانت في الحادية عشر من عمرها، تم تصويرها وهي تصرخ في وجه جندي.
لقد تم تصوير حادثة العض في عام 2015 بالفيديو وبثه. فقد اهتم مركز بتسيلم، أو في هذه الحالة منظمات أخرى، بإحضار المعدات. وكانت الصور صعبة، صادمة. وفي حينه أثارت نقاشا مريرا في إسرائيل حول ثمن الاحتلال. ورأى الفلسطينيون في عهد بطلة. واصبحت رمزا للنضال ضد الاحتلال. وقد استضافها أبو مازن في رام الله. واحتضنها اردوغان في أنقرة. وكان للشعر الأشقر والعيون الزرقاء اسهامهما الخاص. صور الفتيات الشقراوات تصل الى البعيد.
هذا سيكون ثقيلا
مر عامان وربع العام منذ قصة العضة. واصبحت عمر عهد الان 16 سنة، وقريبا 17. يوم الجمعة، عادت وهاجمت قائد جفعاتي، اعتدت عليه جسديا في نفس المكان، بالقرب من سور بيتها، وتم تصوير كل شيء بالفيديو، ومرة أخرى كان المشهد صعبا وصادما، ولكن عهد لم تعد قاصرا. يوم الثلاثاء، قلت لوالدها، باسم انها ستجلس في السجن لفترة طويلة.
تحدثنا عبر الهاتف. كان هو في بيته، في الطرف الجنوبي الغربي من النبي صالح، وأنا كنت في أسفل التل. لقد رأى سيارتي وأنا رأيت منزله. وكان بيننا الجنود والفتيان والدخان الذي سببته قنابل الغاز والعلم الإسرائيلي على قمة البرج.
التميمي، عضو حركة فتح، امضى فترتي اعتقال في السجون الإسرائيلية. وقال: " الجيش وصل بين الثالثة والرابعة صباحا. قوة كبيرة من الجنود والمجندات، الجيش وشرطة حرس الحدود. قالوا إنهم جاءوا لاعتقال ابنتي. وأمروا بتغيير ملابسها. ولم يسمحوا لأمها بمرافقتها.
"ثم أخذوا الكاميرات والهواتف المحمولة من الجميع، وأخذ الكمبيوتر، وأخرجوا الأثاث وقلبوا كل شيء."
سألته: "لقد خططت عهد للهجوم مسبقا.
"لديها ابن عم، محمد التميمي، صبي يبلغ من العمر 14 عاما، اطلق الجيش عليه رصاصة مطاطية، واعتقدت انه قتل، ولهذا خرجت لمهاجمة الجندي. يمكنك أن تفحص، انه يخضع للعلاج حاليا في مستشفى رام الله".
أين زوجتك، سألت.
"في الصباح استدعوها الى شرطة بنيامين. ولم تعد حتى الآن".
لقد تدخلت المرأة، ناريمان، بين ابنتها وقائد الكتيبة، في البداية هدّأت، بعد ذلك شتمت وضربت، وهكذا فعلت ابنة عمها نور، البالغة 20 عاما.
العقوبة هذه المرة ستكون ثقيلة، قلت.
فرد بتحدي. "هذه هي أخلاق الصهاينة".
وضع راهن جديد
لقد اصبحت قرية النبي صالح معادية في عام 2009. القصة هي جزء من النضال حول الينابيع، صراع شبه توراتي، يدور بين المستوطنين المقيمين على المنحدرات الجبلية والقرويين. نبع القوس يقوم الى جانب شارع 465، بين النبي صالح وحلميش. في الماضي كان النبع يروي مزارع الفلاحين من النبي صالح ودير نظام. وروى لي ضابط خدم في المنطقة، ما حدث: في عام 2009، اشعل المستوطنون النار في منطقة النبع، كجزء من عملية "بطاقة الثمن". وتم ابعاد الفلسطينيين من هناك.
وحاول ضباط الإدارة المدنية التوصل الى ترتيب يشمل السماح للفلسطينيين بالوصول إلى النبع خلال أيام الأسبوع، إلا في يوم الجمعة، حيث يتم إبعادهم من هناك لأسباب أمنية. وقد أغضب هذا الترتيب كلا الجانبين: الفلسطينيون كانوا يرفعون علم فلسطين، ويبرزون على العلم الإسرائيلي ويهدمون ما بناه المستوطنون؛ والمستوطنون اقاموا سياجا حول الأراضي الفلسطينية المزروعة. وخلال الاتصالات، طالب سكان النبي صالح بإعادة قطع الأراضي الخاصة التي صودرت داخل حلميش. وفحصت دائرة أراضي إسرائيل، فوجدت ان القسائم تقع في قلب المستوطنة. وقد بني على احداها متجر البقالة. وبني على الثانية المسبح. فكيف سيتم اعادتها.
وقام المستوطنون بتعليق لافتة بجانب النبع، كتبوا عليها "نبع مئير"، على اسم مئير سيلع، احد مؤسسي المستوطنة. وهكذا تولد واقع جديد: الينبوع لنا، وخرق النظام في أيام الجمعة لهم. كل جانب يعرف دوره، والجيش في الوسط.
ومنذ يوم الثلاثاء الماضي، ترابط كتيبة عسكرية في الينبوع.
تفاهة الاحتلال
أثناء الاضطرابات التي وقعت يوم الجمعة، كان قائد الكتيبة يرابط بجوار جدار منزل عائلة التميمي. انه يخدم في المنطقة منذ فترة طويلة نسبيا: وهو يعرف القرية جيدا، وقد اختار قائد الكتيبة المكان لأنه يقع في منطقة مسيطرة. قائد الكتيبة هو شخص ضخم، قوي، واثق من نفسه. جبار، كما يقول عنه أحد قادته. وعندما اقتربت منه عهد ونور التميمي صارختين، شاهد الكاميرات. وحسب التحقيق العسكري، فهم على الفور ان المقصود عملية استفزاز.
انها حالة خسارة كلاسيكية. فمهما فعل قائد الكتيبة، لن تنتهي القصة بشكل جيد. النتيجة ليست جيدة، لكن القصة كان يمكن أن تنتهي بشكل أسوأ بكثير. سألت نفسي ما سأله كل من خدم ذات مرة في المناطق: كيف كنت سأتصرف في مكانه. آمل أنني كنت سأتصرف مثله، مع ذلك كنت سأود أن آكل نفسي في وقت لاحق.
وكان أول خطأ، هو أنه لم يعتقل الفتاة فور قيامها بصفعه وركله. والخطأ الثاني هو أنه لم يبلغ عن الحادث. ولم يعرف الجيش عن هذا الحادث الا بعد نشر الفيديو يوم الاثنين. لم يبلغ قائد الكتيبة عن الحدث لأنه لم يعطه أهمية خاصة: تفاهة الاحتلال: هذا الدرس من هذا الحدث، أيضا، يجب أن يثير القلق. الإسرائيليون يجلسون أمام التلفزيون وينتحبون على كرامتنا المهانة. انهم لا يعرفون أي شيء عما يحدث في المناطق.
لقد قدم قائد المنطقة الوسطى، روني نوما، الدعم الكامل لقائد الكتيبة، والبيان الذي أصدره يشيد بسلوك قائد الكتيبة المهني. ومع ذلك، فقد أوضح لقائد الكتيبة أنه كان ينبغي اعتقال الفتاتين فورا.
السياسة التي وضعها الجيش الإسرائيلي ضد تأثير تصريح ترامب صحيحة: تهدئة المنطقة قدر الإمكان، وتقليل عدد القتلى والجرحى. إسرائيل لن تكسب شيئا إذا ولد خطاب ترامب انتفاضة جديدة. ليس من الصعب التكهن بما شعر به ليبرمان حين شاهد الشريط. ماذا كان سيقول عن الجيش لو كان في المعارضة. ولكن ليبرمان الآن هو وزير الأمن. إذا كانت لديه أفكار للعقوبة الجماعية، فقد تم صدها في المناقشات الداخلية. وفي اليوم التالي دعم الجيش بشفتين مغلقتين.
في البداية تم تبني الفيديو من قبل المواقع المؤيدة للفلسطينيين. والجهة التي دفعته الى جدول الأعمال الإسرائيلي كان موقعا يمينا رغب في تحدي سياسة الجيش الإسرائيلي. هناك مصلحة مشتركة بين الجانبين. عندما تصفع فتاة في بؤرة استيطانية جنيدا، يمنع المس بها، وعندما تفعل فتاة فلسطينية ذلك، يجب قتلها على الفور.
ردود الفعل في اليسار لم تكن أفضل. "ضبط النفس قوة". قال يساريو الكراسي. لقد قالوا هراء: ضبط النفس ليس قوة. ضبط النفس، مثل القوة، هو أداة تتطلب الاستخدام الذكي. عندما يبني الأسد مفاعلا ذريا سرا، فإنه من الصواب تدمير المفاعل، وليس ضبط النفس. واعتقال الشابتين والأم - وربما يعتقلون الأب ايضا - في النبي صالح مبرر تماما. لقد اعتقلت نور، ابنة عم عهد، بعد يوم من اعتقالها، بسبب الوقت الذي استغرقه البحث عن مكان سكناها.
لا توجد أي علاقة بين الحادث في النبي صالح وتأثير حادث اليؤور أزاريا. ليس هناك تأثير أزاريا، وبالتأكيد ليس عندما يتعلق الأمر بنقيب في الجيش الإسرائيلي، قائد كتيبة في جفعاتي. الجيش الإسرائيلي مقتنع بأنه لا توجد صلة بين الفيلم وقدرة الردع لدى الجيش. أتمنى ذلك. لكن الأمر المؤكد انه كان هناك بعض الآباء الذين شاهدوا الفيلم وقالوا لأولادهم: اذهبوا إلى كتيبة 8200، اذهبوا إلى سلاح الجو، والبحرية، والسيبر. كل شيء الا الدخول في شجار مع فتيات فلسطينيات على تلة نائية في الضفة الغربية

التعليـــقات