رئيس التحرير: طلعت علوي

ليالي الأنس في الرياض

الثلاثاء | 18/04/2017 - 06:20 صباحاً
ليالي الأنس في الرياض

فضيلة الجفال

 

 

تغير وجه الرياض، على الرغم من أنه كان وما زال في عيني جميلا. ربما لتنقلي وسفري الذي يجعلني أعود إليها بنظرة مختلفة عن أهلها القاطنين فيها، هم المغرمون بطريق المطار أكثر من طرق وسط الرياض المزدحمة. وجه الرياض الجديد هو وجه السعودية الجديدة لتكون محطة استثمار وحياة وعيشا. أغلب الهاربين إلى مدن بعيدة خارج الحدود يبحثون عن طريقة حياة طبيعية تشبههم.

الرياض الجديدة السعيدة مشجعة أكثر من أي وقت مضى. حتى أنا التي أبدو عصية على الترويض اخترتها مكانا جديدا لنقل مكتبي وأعمالي، برغم الجفاف والغبار الذي أحاربه بقطرات الأنف والأدوية المسكنة للحساسية. لكنها تستحق التجربة الجديدة. كيف لا وقد عشنا ونحن نتخيل البعبع الكبير الذي رسمه المتشددون، بأن السعودية لا يمكن انفتاحها اجتماعيا، وأن هذا الانفتاح هو الطوفان الذي سيقود المجتمع إلى الهاوية، حتى جاء اليوم الذي سقط فيه الحاجز الوهمي الكبير وعاش الناس بصورة طبيعية جدا. التغيير عموما ليس سهلا، لكن ما أسهله في السعودية، هكذا بدا على الأقل. ذلك أن التغيير والقانون والأنظمة بيد السياسي، وهذا أمر مطمئن، وهذا ما يعاكس نظرية أو حجة عدم جاهزية المجتمع التي تغنى بها البعض.


التنمية الاقتصادية والثقافية معا في صناعة الوجه الجديد للسعودية تسير بتسارع جيد يعكس أهمية الوقت وحيوية العملية التي تحدد أهدافها جيدا. وقبل أيام احتفلت الرياض بأسبوع الثقافة اليابانية، حيث الرياض تعيش أجمل ليالي الأنس. وقد كان يمكن أن يكون حدثا عاديا، إلا أنه ليس كذلك. وقفت الأوركسترا اليابانية بقيادة المايسترو هيروفومييوشيدا لأول مرة في الشرق الأوسط على مسرح العاصمة، تعزف أجمل القطع من التراث الياباني والموسيقى العالمية. هذا المركز ومسرحه الرائع تأسس قبل عشر سنوات لكنه لم يشهد شيئا يؤرخ لهذا التأسيس إلا أخيرا لحفلات ومناسبات حية. استمع السعوديون للأوركسترا اليابانية بوجدان وتنظيم وسلطنة، إلى أشهر السيمفونيات لموزارت ولتشايكوفيسكي وأغان أوبيرالية توجها النشيد الوطني السعودي.

لم يحدث شيء، المجتمع متحضر متعلم ومثقف عاش هذه اللحظات سنوات طويلة في الخارج، وآن له أن يعيش ذكرياته على أرضه.
ليالي الرياض ومناسباتها ومشاريعها ومغنييها ومهرجاناتها تخيل إلى بعض القراء الحذر أو حتى المتشككين أنها مناسبات نخبوية دعائية، أو حتى كونها مركزية في الرياض دون غيرها. وأختلف مع ذلك حين أقرأ الأهمية والدلالة بالنسبة لعملية التغيير الكبير بالنسبة للتنميتين الثقافية والاقتصادية معا. المشاريع التنموية وعوائدها كما أهمية التغيير ورمزيته في العاصمة الرياض، مترافقا وقوة البدايات وخطواتها الحثيثة قدما. وكل ذلك لا يمكن نكرانه أو تجاهله.

إنه تاريخ متغير. وقيمة الرياض كعاصمة في قيادة التغيير رمزية مهمة جدا لا يقابلها في الرسائل أي منطقة أخرى. ومشروع القدية المعلن عنه أخيرا هو جوهرة المشاريع التنموية ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا. الرياض هي القلعة وهي شريان القلب الذي يضخ الدم إلى الشرايين. والتغيير في الرياض تغيير في روح المملكة. والتطلعات الكبرى في أن تترافق وهذه المشاريع مأسسة الثقافة وفرزها عن الترفيه كمشروع مجزأ، وذلك بتعجيل افتتاح دور السينما والمسرح والموسيقى.

 

الاقتصادية 

التعليـــقات