رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 18 آب 2017

السبت | 19/08/2017 - 04:53 مساءاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 18 آب 2017

 

العليا تسمح للشرطة بمنع التظاهر قرب منزل المستشار القانوني في قضايا نتنياهو
تكتب "هآرتس" ان الشرطة الاسرائيلية اعلنت، يوم الخميس، انها لن تسمح للمتظاهرين ضد سلوك المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت في ملفات رئيس الحكومة نتنياهو، بمواصلة التظاهر قرب منزل مندلبليت، (مساء كل سبت) وان عليهم منذ الان وصاعدا الحصول على تصريح بالتظاهر.
وجاء قرار الشرطة هذا بعد ان قررت المحكمة العليا، (الخميس)، عدم مناقشة الالتماس الذي قدمه سكان حي "كفار غانيم" في بيتاح تكفا، ضد استمرار المظاهرات في ساحة غورن، في الحي، لتتبنى بذلك موقف الدولة الذي يرى بأن عليها ألا تتدخل في موقف الشرطة التي تعارض استمرار المظاهرات في المكان. واشار القاضي نوعام سولبرغ في قراره، الى انه في ضوء الاتفاق في الرأي بين الشرطة وسكان الحي، فقد تم استنفاذ الالتماس، وانه اذا سببت الشرطة الضرر للمتظاهرين فانه يمكنهم الالتماس ضدها. وسجل القاضي سولبرغ بدعم من القاضيتين عنات بارون ودفنا براك ايرز، انه سجل امامه موقف الشرطة الذي يعتبر استمرار المظاهرات في المكان يحتاج الى تصريح من الشرطة.
وردا على ذلك اعلن منظمو المظاهرة الأسبوعية ضد مندلبليت انهم سيلتمسون الى العليا ضد قرار الشرطة، وقالوا انهم سيواصلون الاجتماع في المكان الذي تحول الى رمز لمحاربة الفساد السلطوي. وحسب رأيهم، لا حاجة الى طلب تصريح بالتظاهر، لأن المظاهرة لا تدخل في اطار المعايير التي حددها القانون. ويشار الى ان القانون يحدد ان التظاهرة التي تحتاج الى تصريح هي تلك التي يشارك فيها اكثر من 50 شخصا لسماع خطابات سياسية، لكن السؤال حول تعريف الخطاب السياسي لم يُحسم فيه بعد من قبل المحكمة العليا.
العليا تجمد قانون المصادرة، بواسطة أمر يبقي على سلب اراضي الفلسطينيين وبقاء البناء الاستيطاني غير القانوني قائما عليها!
تكتب "هآرتس"، ان المحكمة العليا أمرت، بواسطة قرار مرحلي رسمي صدر يوم الخميس، بتجميد قانون مصادرة الاراضي الفلسطينية بشكل رسمي، وذلك بناء على طلب المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت. وحدد القاضي نيل هندل في قراره بأن المحكمة تتبنى بذلك كقرار "الاتفاق المؤقت" الذي ينص على عدم قيام الدولة بهدم المباني غير القانونية في المستوطنات، وفي المقابل عدم مصادرة الاراضي الفلسطينية التي اقيمت عليها.
وكان مندلبليت قد توجه الى المحكمة العليا في بداية الشهر طالبا تحويل هذا الاتفاق الى امر مرحلي قضائي رسمي. وحسب الاتفاق وعدت الدولة الملتمسين بعدم مصادرة الاراضي الفلسطينية وفي المقابل عدم هدم بيوت المستوطنين التي اقيمت عليها والتي يمكن ان تحصل على تنظيم حسب قانون المصادرة، وذلك حتى تحدد المحكمة ما اذا كان القانون دستوريا. ويعتقد المستشار القانوني للحكومة ان هذا القانون ليس دستوريا وسبق وحذر من انه لن يجتاز اختبار المحكمة العليا، ورفض الدفاع عنه امام المحكمة.
وكانت "هآرتس" قد كتبت في الاسبوع الماضي، ان توجه مندلبليت الى المحكمة العليا جاء بعد يوم من توجه ثمانية مستوطنين الى المحكمة العليا مطالبين بتفعيل القانون. ويقيم هؤلاء الثمانية في بيوت اقيمت على ارض فلسطينية خاصة، يمكن لقانون المصادرة ان ينظمها ويمنحها تراخيص.
وادعى المستوطنون ان "عدم تطبيق قانون التنظيم يمس بحقوق الملتمسين.." وقالوا ان التنظيم القانوني الذي ينص عليه القانون "يصحح ظلما لحق بالملتمسين ويمنحهم الحق بالإقامة في بيوتهم دون خوف من الإخلاء الذي قد يتم بسبب الاخطاء المرتبطة بمكانة الاراضي، والتي اتضحت للملتمسين فقط بعد قيامهم بشراء البيوت". واتهم المستوطنون المستشار بمحاولة "إهانة صلاحيات الكنيست" وطالبوا المحكمة "بأن تأخذ في الاعتبار مصالح الاف العائلات التي تقيم في بيوت يدعون انها ليست بسببهم تحتاج الى تنظيم.
وادعت وزارة القضاء انه تم تقديم الطلب الى المحكمة في ضوء "اقتراب موعد تطبيق القانون".
الاحتلال يهدم منزل عائلة عنكوش في دير ابو مشعل بعد اسبوع من اغلاقه
كتبت "هآرتس" ان الناطق العسكري الاسرائيلي اعلن صباح الخميس ان الجيش هدم في ساعات الليل، "بيت احد المخربين الذين شاركوا في عملية قتل شرطية حرس الحدود هداس ملكا في القدس قبل نحو شهرين". وكان الجيش قد اغلق في الاسبوع الماضي هذا المنزل الذي يعود لعائلة عادل عنكوش في قرية دير ابو مشعل. وبذلك استكمل الجيش هدم بيوت اعضاء الخلية الثلاثة الذين شاركوا في العملية.
وكانت الشرطة قد اعتقلت والدي عنكوش بعد العملية على خلفية تصريحات ادليا بها لوسائل الاعلام، ومفاخرة الام بعمل ابنها، وقولها انها كانت ترغب بأن يقتل "عشرين، خمسين، مئة شخص منهم".
حماس تعلن مقتل احد افراد القسام في عملية انتحارية نفذها ناشط في داعش
كتبت "هآرتس" ان حركة حماس اعلنت بأن احد افراد قوات حراسة الحدود قتل قبل فجر الخميس الى الشرق من رفح، عندما حاول منع مشبوهين من اجتياز الحدود الى مصر، فقام احدهما بتفجير نفسه.
وقالت مصادر طبية في المستشفى الاوروبي في خانيونس ان رجل الامن، نضال الجعفري (28 عاما) اصيب بجراح بالغة وتوفي متأثرا بجراحه. كما اصيب عدد اخر من رجال حماس ونقلوا الى مستشفى ابو يوسف النجار في رفح.
وقال الناطق بلسان وزارة الداخلية في غزة، اياد البزم، انه "وقع حادث امني". وحسب اقواله فان قوة من القسام حاولت اعتقال مشبوهين عندما اقتربا من السياج الحدودي، وعندها قام احدهما بتفجير نفسه بالقرب من افراد القوة.
ولم تعلن هوية منفذ العملية وما اذا خطط لتفجير نفسه وسط قوة من حماس ام انه كان  ينوي اجتياز الحدود الى مصر وتنفيذ عملية هناك، لكن حماس اعلنت في بيان نعي الشرطي ان الانتحاري يحمل مفاهيم متطرفة، وفي ذلك كما يبدو، اشارة الى انتماء الشخص لتنظيم داعش. واعلنت القسام انها "ستواصل العمل لحماية الحدود ومنع تلك التنظيمات المحرضة من المس بمبدأ المقاومة الحقيقي".
ويأتي هذا الحادث الاستثنائي على خلفية التفاهمات الجديدة التي تم التوصل اليها بين قيادة حماس والاستخبارات المصرية، في ضوء محاولة حماس تحسين منظومة العلاقات مع القاهرة والسماح بفتح معبر رفح.
ديوان نتنياهو يطلب زيادة الميزانية المخصصة لمستوطني عمونة
كتبت "هآرتس" ان ديوان رئيس الحكومة يعمل على زيادة عشرات ملايين الشواكل للميزانية التي أقرها في السابق لتعويض المستوطنين الذين تم اجلاؤهم من بؤرة عمونة، ولاعادة توطينهم. وتوجه ديوان نتنياهو، هذا الاسبوع الى وزارة المالية وطلب اضافة بين 30 و70 مليون شيكل لميزانية تطوير المستوطنة الجديدة "عميحاي" التي يجري بناؤها لمستوطني عمونة سابقا. ويتبين من فحص اجرته "هآرتس" انه اذا صودق على طلب مكتب نتنياهو، فهذا يعني ان الدولة ستستثمر قرابة ربع مليار شيكل لتوطين 40 عائلة تم اجلاؤها من البؤرة التي اقاموها من دون ترخيص وعلى اراضي فلسطينية خاصة. ونفى الناطق بلسان ديوان نتنياهو هذا النبأ، لكن عدة مصادر مطلعة على التفاصيل اكدت الأمر لصحيفة "هآرتس".
وقالت المصادر ان طلب زيادة حجم الميزانية طرحه رئيس طاقم ديوان نتنياهو، يوآب هوروفيتش، خلال جلسة عقدت مع ممثلي عدة وزارات، ذات صلة بإنشاء المستوطنة الجديدة. وتم عقد الجلسة هذا الأسبوع، في ضوء تجميد العمل بسبب النقص في الميزانية، ورفض الوزارات المشاركة في تغطيتها. وطلب هوروفيتس من وزارة المالية توفير المبلغ المطلوب، لكنه لم يتم التجاوب مع الطلب بعد.
ويشار الى ان الحكومة سبق وخصصت مبلغ 160 مليون شيكل لإخلاء عمونة وانشاء المستوطنة الجديدة. وتم من هذا المبلغ تخصيص حوالي 60 مليون شيكل لإنشاء البنى التحتية للمستوطنة الجديدة، ودفع 40 مليون شيكل تعويضات للمستوطنين.
تمديد اعتقال الشيخ رائد صلاح
تكتب "يسرائيل هيوم" ان محكمة الصلح في ريشون لتسيون، مددت للمرة الثانية، يوم الخميس، اعتقال الشيخ رائد صلاح، رئيس الجناح الشمالي للحركة الإسلامية، لأربعة ايام. واعلنت النيابة بأنها تنوي تقديم لائحة اتهام ضده.
وكانت الشرطة قد اعتقلت الشيخ رائد صلاح، في بداية الأسبوع، بشبهة التحريض على العنف خلال الأحداث الأخيرة التي وقعت في الحرم القدسي. وحسب الشرطة فقد اطلق الشيخ رائد في عدة مناسبات، بعد اخراج الحركة عن القانون، تصريحات محرضة امام الجمهور. ويشتبه الشيخ رائد بتمجيد المخربين الذين نفذوا العملية في الحرم القدسي، امام الجمهور في ام الفحم. من جهته اتهم الشيخ رائد صلاح الشرطة بأنه تم اعتقاله بهدف حرف أنظار الجمهور عن القضايا التي تورط فيها رئيس الحكومة.
"70 سفيرا في الامم المتحدة سيزورون اسرائيل خلال الاحتفال باستقلالها السبعين"
تدعي "يسرائيل هيوم" ان السفير الاسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، سيترأس وفدا يضم 70 سفيرا في الأمم المتحدة، خلال زيارتهم الى اسرائيل بمناسبة الاحتفالات بالعيد السبعين لاستقلال اسرائيل. وتعتبر هذه الزيارة مميزة، من حيث عدد السفراء وممثلي الأمم المتحدة الذين سيصلون الى اسرائيل في اطار وفد واحد. وقال دانون انه سيتم خلال هذه الزيارة "اطلاع الضيوف على الانجازات الكثيرة واسهامات اسرائيل للعالم".
الى ذلك، قرر متحف كوينس التراجع عن قرار الغاء مراسم استرجاع التصويت التاريخي في 29 تشرين الثاني 1947 على قرار انهاء الانتداب البريطاني واقامة دولتين يهودية وعربية في البلاد. وكان مقر الامم المتحدة يقوم في حينه في البناية التي يقوم فيها المتحف حاليا، وهناك تم اتخاذ القرار.
وكان المتحف قد قرر الغاء استرجاع المراسم في الذكرى السبعين للقرار في اعقاب الضغط الذي مارسته حركة BDS وجهات فلسطينية.  واثار القرار عاصفة في اوساط انصار اسرائيل في الولايات المتحدة، فقرر المتحف، يوم الخميس الاخير، اجراء المراسم في موعدها المحدد.
خلاف في البيت اليهودي حول تشغيل سحاقية لدى بينت
تكتب "يديعوت احرونوت" انه يسود الخلاف في حزب البيت اليهودي حول موقف رئيس الحزب، وزير التعليم نفتالي بينت، ازاء المثليين، وخاصة قيامه بتعيين مستشارة اعلامية سحاقية. وكانت العاصفة قد بدأت في اعقاب القانون الذي سمح للمثليين بتبني اولاد، حيث اعلنت مستشارة بينت، بريت بيرتس، بأنها تربي ولدين مع شريكتها. وفي اعقاب ذلك اعلن عضو رئاسة الحزب الراب يسرائيل روزين عن استقالته محتجا على تشغيل سحاقية في حزب يطمح الى تمثيل الصهيونية الدينية، التي ترفض الميول الجنسية المثلية.
وخرج بينت للدفاع عن مستشارته، امس، وكتب على حسابه في تويتر ان "من سيطلب مني التمييز ضد شخص على خلفية ميوله الجنسية، جنسه او لون جلده، سيواجه الرفض المطلق".
وهاجم الوزير اوري اريئيل رئيس الحزب بينت وقال ان "بينت لن يجد الأصوات لدى الأزواج المثليين الجنس".
وقالت مصادر في الصهيونية الدينية ان بينت لا يتردد بدخول مواجهة مع شبانه في القضايا المبدئية. واضافت: "هذه خطوة قيادة حقيقية، لا تحاول التملق لجمهور الناخبين. بينت يعرف الثمن السياسي الذي قد يدفعه وهو يفعل ما يراه صائبا ومناسبا".
وأثار رد بينت على تويتر الكثير من الردود، كان من بينها رد وزيرة التعليم السابقة ليمور لفنات (ليكود) التي اعلنت دعمها لبينت ودعت المثليين الى الاطراء عليه ودعمه على الملأ.
كما اعلنت النائب ميراف بن اري (كلنا) عن اعجابها برد بينت، وكتبت على تويتر: "تغريدة مناسبة ومهمة. لست متفاجئة."
اما النائب موطي يوغيف، من حزب البيت اليهودي، فقال لإذاعة الجيش: "ما كنت سأشغل ناطقة سحاقية".
تمديد اعتقال عمر العبد منفذ عملية حلميش
تكتب "يديعوت احرونوت" ان المحكمة العسكرية، مددت يوم الخميس، اعتقال المخرب عمر العبد، منفذ عملية حلميش، لمدة ثمانية ايام، فيما اعلنت النيابة العسكرية ان تقديم لائحة الاتهام ضده سيتأخر لأنه مشبوه بارتكاب مخالفات ارهابية مع قريبه، لا علاقة لها بعملية حلميش.
في المقابل يتواصل التحقيق مع والدي عمر وشقيقيه وعمه بشبهة معرفتهم بنواياه وعدم قيامهم بمنعه من الخروج لتنفيذ العملية.
مسلم مغربي خبأ اليهود خلال عملية برشلونة
تكتب "يديعوت أحرونوت" انه في اعقاب عملية الدهس الدامية في برشلونة، في المنطقة السياحية التي يتواجد فيها الاف السياح الاسرائيليين، عقدت وزارة الخارجية الاسرائيلية جلسة طارئة، اعلنت خلالها انه رغم عدم تلقي معلومات حول وقوع اصابات في صفوف السياح الاسرائيليين، الا انه لا يزال هناك 29 اسرائيليا تم فقدان الاتصال معهم.
ووصل الى غرفة الطوارئ في الوزارة، يوم الخميس، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو واجرى محادثة مفتوحة مع طاقم السفارة الاسرائيلية في مدريد. وقال السفير دانئيل كوتنر خلال المحادثة بأن العملية لم توجه ضد اهداف يهودية. واوضح انه بسبب قرب مطعم "مكابي" الذي يقدم الطعام لليهود حسب الشريعة اليهودية، فقد دخل اليه الكثير من السياح الاسرائيليين، لكنه لم يكن المستهدف.
وبالنسبة للكثير من السياح الاسرائيليين الذين وصلوا الى المكان، كانت بطلهم من دون ادنى شك هو مدير المطعم سيمو الذي وفر لهم الملاذ. وسيمو هو لقب مدير المطعم المسلم ومن اصل مغربي. وقالت السائحة الاسرائيلية ليمور حسون، انه "قام بإغلاق الابواب والشبابيك بسرعة من اجل حمايتنا".
وقال سيمو للصحيفة: "في اللحظة التي فهمت فيها انه وقع حادث خطير دعوت الجميع للدخول الى المطعم، وادخلتهم الى غرفة داخلية. قررت اغلاق الشبابيك والابواب، الامامية والخلفية، بمساعدة العمال، وبعد ذلك حاولنا تهدئة الناس الذين شعروا بضغط شديد".
واضاف سيمو للصحيفة: "انا احب الاسرائيليين، ويأتي الينا الكثير من السياح من عندكم".
مقالات وتقارير
غباي والبرغوثي سيحققان السلام
تكتب راحيل نئمان، في "هآرتس" ان باحثين فلسطينيين نشروا مقالة في مجلة "نيويوركر"، كتبوا فيها انه في اليوم التالي لأبو مازن، لن تجد إسرائيل شريكا، وان أبو مازن هو آخر فرصة للحركة الفلسطينية للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل. اذ انه بعده، لن تكون هناك قيادة فلسطينية لفترة طويلة.
أمام هذا التقييم، يمكن طرح تقييم أقل واقعية، مفاده انه بالذات في اليوم التالي لبنيامين نتنياهو وابو مازن، يمكن أن يتم فتح الباب أمام المفاوضات. على سبيل المثال، إذا ترأس الحكومة الاسرائيلية آفي غباي، وأعلن في يوم توليه لمنصبه بأنه سيطلق سراح مروان البرغوثي من السجن، من المرجح أن تتغير الصورة بأكملها. تخيلوا المحادثات بين غباي والبرغوثي، في مقر رئيس الوزراء وفي رام الله. من ناحية، إسرائيلي لا يحمل على ظهره هلوسة اليمين، رجل واقعي مستعد لتقديم تنازلات، ومن جهة أخرى زعيم فلسطيني يتمتع بدعم شعبي قوي، ويستطيع الجسر بين الضفة الغربية وقطاع غزة، والتسوية مع إسرائيل على الحدود والاعتراف بقيودها في مسألة حق العودة.
كلنا، على هذا الجانب من الجدار، وعلى الجانب الآخر، نقف الآن على مفترق طرق. من ناحية، فقد رئيس الوزراء الإسرائيلي ثقة جزء كبير من مواطني الدولة؛ ومن ناحية أخرى، ينظر إلى رئيس السلطة الفلسطينية على أنه منقطع عن شعبه، ومتورط هو ايضا في قضايا الفساد. يبدو أن نهاية هاتين الشخصيتين باتت قريبة، وستمتلئ الساحة بطاقة أخرى.
آفي غباي ليس نتاج نظام مباي الكريه، وهو ينتمي إلى طائفة المهاجرين المغاربة الذين يشعرون بأنهم الأكثر حرمانا من جميع الشرقيين في إسرائيل، مصوتو الليكود، الذين لا يزالون يصرخون بيبي ملك إسرائيل، ربما يغيرون جلدتهم قريبا ويرون بأن غباي قادر على الاستجابة لرغباتهم. صحيح أنه من الصعب أن نتخيل أن الليكوديين سيديرون ظهورهم لبيبي، ولكن كما لم يتوقع أحد الانقلاب الذي قاد بيغن إلى السلطة، هكذا لا يمكن التنبؤ، أيضا، بما سيحدث بعد شهرين أو سنة.
عمير بيرتس الذي اقترح في السابق الافراج عن البرغوثي يجب ان يكون جزءا من هذه الخطوة وحث غباي على الجرأة وعلى ان يكون فريدريك ويليم دي كليرك الاسرائيلي، وان يتجرأ على توفير فرصة للإسرائيليين والفلسطينيين من اجل التوصل الى المصالحة والاتفاق. عندما نقرأ عقيدته السياسية التي تعاني من فقر الدم، لا نجد أي تأكيد لذلك، ولكن لهذا الغرض على وجه التحديد تأتي هذه القفزة من زعيم حزب إلى زعيم دولة. بالنسبة لشخص مثل غباي، سيكون هذا بمثابة تغيير جذري، لأنه ينتمي إلى التيار الرئيسي، إلى "الوسط"، إلى المكان الذي يتم فيه الحفاظ على القائم وعدم خرقه. ولكن جرأته على احتلال حزب العمل من الخارج في مثل هذا الوقت القصير، تقول أن هذا الرجل قد يملك أيضا جرأة سياسية لم يكتبها في عقيدته.
البرغوثي هو الشخص الذي سيكون من الممكن الحديث معه، الشخص الذي يجب أن نتحدث معه. انه ليس أمل الفلسطينيين فحسب، بل أملنا جميعا. وكما كان الحال في ايرلندا الشمالية، وكما حدث في جنوب أفريقيا، فقد آن الأوان للاعتراف بأنه لم يعد من الممكن السيطرة بقوة الذراع. إذا تواجد هنا زعيم إسرائيلي يرى في البرغوثي كمحاور، فإن الحركة الفلسطينية لن تموت، وإسرائيل ستشرع في طريق جديد.
تخيلوا المحادثات في مسكن رئيس الوزراء، بين غباي والبرغوثي، تخيلوا المحادثات في رام الله. هل يوجد هنا أشخاص لا يزالون يرغبون في مواصلة السير على الطريق الدامي حتى نهاية العالم؟ ألا يهتم الليكوديون بأطفالهم؟ ألا يرون أنه لا توجد طريقة أخرى؟ غباي هو الشخص الذي يمكن أن يثير التعاطف مع التطلعات الفلسطينية بين مصوتي اليمين غير العميق، الذين لم يقم احد حتى الان بتحدي موقفهم السياسي، الذي كان مدفونا حتى الآن في قبو بيبي.
والآن ننتظر قيام موشيه كحلون بتفكيك هذه الحكومة الشريرة. ليس له دور تاريخي آخر باستثناء هذه الوظيفة، ولن يغفر له أحد إذا وقف على الحياد. كحلون يمكن أن يكون شريكا طبيعيا لغباي وبيرتس في هذه العملية التي يمكن أن تجلب الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طريق جديد.
يهود المغرب – الكارثة التي لم تكن قائمة
تنشر صحيفة "هآرتس" مقالة للبروفيسور يغئال بن نون، المؤرخ والباحث في العلاقات السرية بين اسرائيل والمغرب، كتب فيها ان زعماء إسرائيل حددوا موقفهم من الجاليات اليهودية على أساس بديهية أن معاداة السامية عالمية وليست مؤقتة، وأن كل جالية في الشتات يتوقع أن تباد في يوم ما، وبالتالي يجب على إسرائيل استباق الطاعون ونقلهم إلى البلاد. بعد الكارثة، أصبح يهود شمال أفريقيا مستودعا يهوديا بالغ الأهمية. ورأى فيهم اليهود الأرثوذكس الجالية التي ستخلد اليهودية في مواجهة تهديد الاختلاط، ورأت فيهم إسرائيل مستودعا يزود القوى البشرية لتحصين الاستيطان اليهودي في مواجهة "المشكلة الديمغرافية". وهكذا، تشبثت الرواية الوطنية بالبديهية التي تحدد بأنه من دون إنقاذ اليهود في الشتات من خطر معاداة السامية، ستخطئ إسرائيل غرض وجودها. ولم يكن هذا الوجود أمرا مفروغا منه. ولم يكن كافيا الاعلان الاحتفالي عن اقامة دولة. فمن لديه عيون في رأسه يعرف أن الدولة لا يمكن أن تعيش مع 600 الف يهودي في البلاد.
لقد اهتزت الجالية اليهودية المغربية في القرن العشرين، بين الهوية اليهودية الفريدة، والثقافة الفرنسية، والوجود السياسي والاجتماعي المغربي. وبدأ الحسم بين المسائل الثلاثة بدعم فرنسا وثقافتها، ومن ثم استبدلت الحل الفرنسي بتماثل قصير الأجل مع المغرب المستقل. لكن الخوف من مستقبل غامض جعل الكثيرين يختارون مغادرة المغرب. وقد حدد المبعوثين من إسرائيل مصير الجالية المغربية بناء على التقييم الخاطئ بأنه يتبرص بها الخطر الفوري، وبالتالي من واجبهم انقاذها، مهما كان الثمن. وأصر زعماء الدولة على اخراج اليهود من المغرب إلى إسرائيل من خلال المخاطرة وبثمن سقوط ضحايا. ورغم ظهور واقع مناقض لهذا التوجه أثناء تنفيذ المهمة، الا ان التحمس للعمل أعمى عيون المبعوثين، وعكس سلوكهم التوقعات التي عقدوها عليهم اكثر مما عكس الوضع على الأرض.
لقد ناقش ألكسندر إيسترمان، ممثل المؤتمر اليهودي العالمي، الفرق بين تاريخ اليهود المغاربة ونمط يهود أوروبا الشرقية. وقال: "طوال تاريخ اليهود في أوروبا الشرقية، برزت صورة اليهود المنبوذين، الذين تنقلوا من مكان الى آخر بحثا عن ملاذ من شأنه أن يتيح لهم عيش حياتهم وكسب لقمة عيشهم بكرامة. أما في المغرب فقد كان الوضع معكوسا: المغاربة تشبثوا بيهود بلادهم بكل قواهم، من ناحية سياسية واقتصادية" (من كتاب اليعيزر شوشاني "تسع سنوات من أصل ألفين"، الجزء الثاني، 1964).
لقد اضطر مؤرخ الموساد، اليعيزر شوشاني، الى الاعتراف بأن الواقع في المغرب لا يتطابق مع النمط العالمي الخالد لمعاداة السامية: "لقد أصبح من الواضح أن الخطر الملح على الوجود المادي اليهودي ليس بالغ الالحاح. السنوات التي مرت منذ حصول المغرب على استقلاله، لم تؤكد التقييمات القاتمة بشأن مصير اليهود في المغرب. بدلا من الأضرار التي بدت كمسألة مفروغ منها، ساد التسامح. التسامح الذي تبديه قيادة المغرب لا يسمح بالحفاظ على توتر النشاط بين الضباط والمتطوعين في منظمة دفاع سرية. فإذا مرت سنوات من دون وقوع اعمال عدوانية من قبل الأغلبية ومن دون ضربات قاسية، يتقوض ميزان عقل من يتعامل مع التدريب" (شوشاني، المصدر نفسه). ووفقا لشوشاني، إذا لم يتم الحاق ضرر باليهود، فان المبعوثين سيصابون بالجنون.
كما يعترف رئيس مقر الموساد في باريس، إفرايم رونال، بالخطيئة ويعترف بأن رحلات سفينة المهاجرين "إيغوز"، التي انتهت بكارثة، كانت زائدة عن الحاجة: "لقد طرحت [الحادثة] السؤال: هل من حقنا أن نعرض حياة الرجال والنساء والأطفال للخطر، حين لا يهددهم خطر اندلاع اعمال عدوانية فورية، ولا تسود مسألة انقاذ الأرواح؟ في مثل هذه الحالة تم إرسال العديد من مجموعات المهاجرين إلى الحدود، بهذا المسار او ذاك، دون ان نتحقق من سلامة المسارات ... كان ذلك بمثابة رهان خطير، واعتمدنا على حسن الحظ" (شوشاني، المصدر نفسه).
يمكن لتاريخ العلاقات بين إسرائيل والمغرب وجاليته اليهودية أن يحمل عنوان "الكارثة التي لم تكن قائمة". في الواقع لم تقع كارثة، ولكن الخوف من ذلك أدى إلى خسائر. وقد اضطر السوداويون إلى الاعتراف بأن استقلال المغرب لم يضر باليهود، بل فتح امامهم حقبة جديدة ، أطلق عليها مبعوثو إسرائيل اسم "العصر الذهبي ليهود المغرب". لكن أخطاء القيادة الإسرائيلية وضعت حدا للازدهار الاقتصادي الثقافي الذي تمتعت به الجالية. لقد وجد اليهود المغاربة العزاء في حقيقة أنه على الرغم من أن إسرائيل قطعت تقدمهم الاجتماعي لفترة قصيرة، الا انها وفرت لهم الشعور بالأمن والمستقبل الأكثر وضوحا في بلد جديد.
تعزو الرواية الإسرائيلية الهجرة إلى إسرائيل الى الدوافع الصهيونية. في جميع أنحاء العالم، تتغذى الروايات الوطنية على خرافات خيالية أكثر من الحقائق التاريخية، وربما هذا شيء جيد. من الواضح للمؤرخ اليوم، أن نسبة المهاجرين إلى إسرائيل لأسباب أيديولوجية كانت ضئيلة. إغلاق بوابات الولايات المتحدة في عام 1923 امام المهاجرين كان احد عوامل الهجرة الكبيرة من أوروبا الشرقية والوسطى. وعندما وصل اليهود من الدول الاسلامية في سنوات الخمسينيات والستينيات، غيرت إسرائيل السرد. لم يتم اعتبار هجرتهم "صهيونية"، لأن هذا المصطلح اعتبر ثمينا مقارنة بهم. ولذلك ابتكروا لهم التعريف الجديد: "هجرة تبشيرية". "والتبشيرية" تبدو اكثر كهدية متواضعة للقريب الفقير، الذي لا يريدون رؤيته بوصفه رائدا صهيونيا. مع ظهور التزمت الديني بين اليهود المغاربة في إسرائيل تم وبأثر رجعي طرح الادعاء بشأن أضرار شبكة التعليم العلمانية "اليانس" التي نأت باليهود عن الديانة، وتم تعريف هجرتهم بأنها "تبشيرية".
لقد فحصت خلال بحثي مئات الوثائق المتعلقة بهذه الهجرة. لم أجد فيها أي استخدام لهذا التعريف، لا من جهة اليهود ولا من جهة المبعوثين. لكنني وجدت الحل في الرسائل المتبادلة بين رئيس المبعوثين، شلومو يحزقيلي، الذي عاد إلى إسرائيل، والمبعوثين الذين كانوا لا يزالون في المغرب. فيحزقيلي لم يخف حقيقة أن ظروف المعيشة والرواتب في المغرب كانت مصدر جذب للمبعوثين. بل ان البعض منهم طلبوا البقاء في المغرب لفترة تتجاوز المطلوب. وخلال توجهه الى المبعوثة يهوديت فريدمان، حذرها يحزقيلي من الأزمة العاطفية التي تنتظرها عندما سترجع إلى إسرائيل: "كل واحد منا كان لديه شعور خلال عمله في المصنع، بانه مسيح. مسيح مهم، أو مسيح صغير، ولكن مسيح. لقد تطور لدى لمعظمنا نوع من الشعور بالرسالة، الشعور بالتبشيرية. وكل واحد، قسم بشكل أقل وقسم بشكل أكبر، اعتبر نفسه بشكل واضح كمسيح ما" (من مذكرات يحزكيلي، 1988).
يهود المغرب لم يهاجروا بدوافع تبشيرية، ولكن بسبب خوفهم من العيش في دولة عربية مسلمة كان مصير نظامها غامض. إذا كانت هناك تبشيرية، فقد كانت لدى مبعوثي إسرائيل.
زئير الكراهية.
يسأل اوري افنيري في مقالة تنشرها "هآرتس": أين سمعت به للمرة الأولى؟ زئير الكراهية هذا، هذا الهدير الحيواني، الصراخ المنبعث من فم الوحش؟ أتذكر جيدا. كنت صبيا، في التاسعة من عمري، وانبعث الصوت من جميع أجهزة الراديو (لم يكن هناك تلفزيون) ومكبرات الصوت المثبتة في الشوارع. كان صوت الحشد، صوت هستيري، مشبع بالكراهية، صوت متوحش. وفي يوميات السينما شاهدنا الوجوه ايضا- الآلاف من الوجوه المشوهة للحشد، التي لم تعد إنسانية. لحسن الحظ، هربنا من ذلك الصوت إلى أرض إسرائيل في الوقت المناسب. والآن أسمع ذلك الزئير هنا. لكن، لن أهرب من هنا.
الوحش هو "الحشد". ما هو؟ لم يخترع الألمان ذلك. فقبل خمس سنوات من وصول هتلر إلى السلطة، كتب المؤرخ الإسباني، خوسيه أورتيغا اي غاست، كتابا تعليميا عن هذه الظاهرة.
الحشد ليس "جمهورا". الجمهور يتألف من أشخاص عقلانيين، اصحاب تفكير واحساس ناقد. حتى عندما يجلسون معا ويستمعون إلى محاضرة، فانهم يحافظون على إنسانيتهم.
كما أن "الحشد" يتركب من أناس طبيعيين. ولكن امام الديماغوجي الموهوب، حين يكونون معا، فانهم يفقدون صورتهم الانسانية، يفقدون انفسهم ويصبحون كتلة لا شكل لها، ذات روح واحدة وصوت واحد. حتى الناس الطيبين، اصحاب المشاعر والأفكار، يصبحون أيضا وحوش قاسية، قادرة على القيام بكل عمل رجس.
الزعيم يعزف على هذه الكتلة كعازف البيانو على المفاتيح. الزعيم يستطيع عمل كل شيء. الحشد متعطش للكلمات التي تخرج من فمه، مستعد لتنفيذ رغباته، للصراخ، للزئير، واذا تطلب الأمر – فانه مستعد أيضا للهجوم والقتل والتمزيق الى أشلاء.
في الحشد تختفي الفوارق الطبقية والطائفية. الاشكناز والشرقيين – نفس الشيء. استاذ الفلسفة يندمج في الحشد كما لو كان آخر الأميين. كلاهما يزأران معا. هذا وذاك يشعران بالسعادة الكامنة في فقدان انسانيتهم، وبالقوة الخيفة الكامنة في تحولهم الى جزء من الوحش.
في حينه، وصف صحفي أمريكي كيف ذهب الى اجتماع لهتلر. لقد شعر بأنه اندمج في الهستيريا العامة وبصعوبة تمكن من الخروج منها.
عندما يحدث ذلك، يتلقى الوحش كل كلمة يقولها الزعيم كما لو كانت توراة من جبل سيناء. الاسود يصبح ابيض، والليل يصبح نهار، والكذب يصبح حقيقة، وكلما كانت الاكذوبة اكثر مثيرة للسخرية، هكذا يكون مقنعا اكثر. لا توجد حدود. مشاعر الانتقاد لدى الناس الذين اندمجوا في الحشد تتوقف عن العمل.
في التاريخ الامريكي معروفة ظاهرة "غوغاء التنكيل". بورجوازيون صالحون يسيرون في الشارع، حين يجعلهم شيء ما يتحولون إلى حشد قاتل. يمسكون بأول أسود يلتقونه في الطريق ويشنقونه على شجرة. وعندما يتذكرون الحادث في اليوم التالي، فانهم يخجلون.
كيف يحدث هذا؟ لا اعرف. ذات مرة، في ايام مناحيم بيغن، ذهبت لمشاهدة اجتماع له في قاعة. وعندما شاهدني الحشد اندلع ذلك الزئير. خرجت من هناك حيا فقط لأن عدة شبان، من رجال الليكود، تجمعوا من حولي واخرجوني بسلام. لقد كان الأمر مخيفا.
شاهدت ذات مرة بيغن فور انتهائه من القاء احد خطاباته الكبيرة. كان يبدو كالسكير، نظرته كانت لامعة كالزجاج. لم يسمع ما قيل له. لقد ذهب واعتزل، وبعد بضع دقائق فقط خرج وظهر مرة أخرى كإنسان. نتنياهو لا يصل إلى كاحليه، لكن لديه موهبة مماثلة. موهبة خطيرة.
الخطر مدون على الحائط. واذا لم نستيقظ، فنحن، الجمهور المتعقل، من اليمين واليسار، "الاعلام اليساري" وكل من يهمه مصير الدولة، سنضيع اذا لم نستيقظ.
الناس الذين يريدون حل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني
ينشر روعي تشيكي اراد، في ملحق "هآرتس" تقريرا يستعرض فيه خمس مخططات اعدها اسرائيليون "لحل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني" من وجهة نظر كل منهم، ويكتب انه "حتى إذا كان من الواضح أنه لا توجد فرصة كبيرة للتحرك الدبلوماسي في الأفق، يبدو أن إسرائيل تتغاضى عن خطط السلام هذه الأيام. المبادرات الإبداعية والمنوعة تتراكم فوق بعضها، وتحاول ملء الفراغ الذي خلفه زوال موضة حل "الدولتين للشعبين" - المبادرة التي يعتبرها الكثير من الناس غبارا من التسعينيات، على الرغم من أنها لم تحظ بتجربتها بشكل جدي على الأرض.
من جملة هذه المخططات، من الممكن الاشارة اليوم الى مبادرة "دولتان، وطن واحد"، التي تنظم أنشطة منزلية في جميع أنحاء البلاد، إلى جانب عدد من المنظمات التي تحاول دفع مبادرة جنيف أو المبادرة العربية. ولكن هذه المرة سوف نستعرض مبادرات المستضعفين، الأشخاص الذين يحاولون المساهمة من وقتهم وخيالهم الجامح لحل نزاع من النوع الذي تمكن الايرلنديون، والجنوب افريقيين، والكولومبيين بالفعل من انهائه. بعض المخططات تقترح اسس مفيدة. والبعض الآخر يثير الحنين إلى خطة "الدولتين للشعبين"، القديمة والجيدة، وهناك أيضا أولئك الذين يتركون المستمع فاغر الفم.
1. خطة التحالف الكونفدرالي أ/ يتسحاق ناتان
يتسحاق ناتان، 73 عاما، يصف نفسه بأنه "صهيوني متدين معتدل، مؤمن كبير بدولة إسرائيل ويطمح للسلام". اليوم، كمتقاعد، بعد أن أرسل ثلاثة من أبنائه إلى الحرب، يعمل على إيجاد حل للصراع، فيما لا يزال يحمل في دماغه شذى الطفولة منذ الفترة التي عاش فيها في الفضاء المشترك لفلسطين: "في سن الرابعة، كمقدسي، أكلت الزيتون من دير ياسين. حدث ما حدث مع دير ياسين لكنني لن انسى رائحة الزيتون".
في رؤية ناتان، في كل أنحاء أرض إسرائيل، من النهر إلى البحر، يتم اقامة دولتين أو كيانين سياسيين، إسرائيلي وفلسطيني، يتمازجان معا في كونفدرالية تدير الشؤون الخارجية. وسيكون كل السكان اليهود في دولة إسرائيل، وجميع السكان العرب - في حيفا أيضا – مواطنون في دولة فلسطين. هاتان دولتان تقومان بدون حدود وجدار بينهما، مع برلمانين في القدس. ولكن من أجل الحصول على أغلبية يهودية واضحة للاتحاد الكونفدرالي، تبقى غزة خارج القصة. هذه فكرة تذكر قليلا بتقسيم كعكة لا تزال كاملة. ويعرضها صاحب الفكرة كقصة التلمود عن شخصين يمسكان بشال الصلاة. "بدلا من تقاسم الشال، الحل هو أن يأخذ كل واحد شال للصلاة".
"فكرتي لن تحل جميع المشاكل"، يعترف ناتان. "هذه فكرة لخطة لم يفكروا بها بعد. نحن جميعا مشبعون بالخطط والمقترحات. كمعلم سابق للمدنيات، أنا على دراية جيدة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. الحل الذي اطرحه هو خارج الصندوق. لا يمكن أن نكون قد حكم علينا بالعيش في ظل الصراع الدامي. الواقع القائم هو المفتاح لإيجاد الحل. أرض إسرائيل الغربية، فلسطين في نظر العرب، بين الأردن والبحر، هي في الواقع وحدة جيوسياسية واحدة. نحن لا نعيش فقط بجانب بعضنا البعض، وانما داخل بعضنا البعض. ستنشأ دولتان، الفلسطينيون في يافا سيصوتون لفلسطين وسيكون لهم مبنى برلمان جميل في القدس الشرقية. خذ أحمد الطيبي، على سبيل المثال".
نعم
"تريد العودة للعمل كطبيب؟ أهلا وسهلا. تريد مواصلة النشاط السياسي؟ مئة بالمئة. ولكنك منذ الان ستنافس في دولة فلسطين. تريد ان تصبح رئيس حكومة؟ تفضل. انجح بنيل غالبية أصوات الفلسطينيين".
الاستطلاع الذي نشر مؤخرا، يحدد بأن 60% من العرب في اسرائيل يعارضون اقتراح بنيامين نتنياهو نقل ام الفحم الى السلطة الفلسطينية، وحوالي 20% فقط يدعمون ذلك. المواطنون العرب لا يسارعون لفقدان مواطنتهم الاسرائيلية.
"عندما وقع الحسين على اتفاق سلام مع اسرائيل، ايضا، تخلى عن المواطنين الأردنيين في الضفة من دون أن يسألهم. الاتفاق لا يتم بين المواطنين وانما بين السلطات".
لا توجد فرصة بأن يتخلى الفلسطينيون بمثل هذه السهولة عن مليونين مواطن في غزة. هذا يشبه انفصال اسرائيل عن غوش دان.
"غزة ستضطر للعثور على حل ذاتي. شيء يشبه هونغ كونغ. لا يمكن ان تكون جزء من القصة. نقطة الانطلاق لدي هي لصهيوني يهودي. الحل لا يمكن أن يكون متساويا، وانما بشكل يلبي افضل الأجوبة للجانبين. لدي شعور بأنه سيسر ابو مازن التخلي عن غزة حتى وان قال غير ذلك للخارج. فهو ليس معنيا بالقطاع".
هذا يشبه القول بأن نتنياهو يفضل اختفاء تل ابيب، مع كل مصوتي اليسار المزعجين ومؤسساتها الثقافية.
"هذا تشبيه سخيف: غزة تسيطر عليها حماس".
ما هو رأي الفلسطينيين في اقتراحك؟
"يجب ان يترجموا الخطة اولا".
ألم تترجم الخطة؟
"لم أستطع الحصول على ترجمة جيدة."
كيف يتم تخطيط اتفاق سلام من دون سماع موقف الجانب الآخر؟
"في الأشهر الأخيرة، وزعت الخطة على 500 شخص، جميع قادة الأحزاب، من المشتركة وحتى البيت اليهودي، أرسلتها لهم جميعا، وكان الوحيد الذي تعامل بجدية هو النائب حيليك بار. لقد طرح أسئلة وأرسل خطته الخاصة لحل الدولتين. التقيت مع أ. ب يهوشع. لقد كان رده شديد التعاطف. نقلني بسيارته".
يوجد تشابه معين بين خطتك وخطة "دولتان، وطن واحد".
"هناك اختلافات جوهرية: هم يتحدثون عن تعديل الحدود، وهذا أمر مستحيل، أنا أعيش في كفار سابا، وشرفة بيتي تطل على السامرة، أنا أرى قلقيلية في الوقت الراهن، هذه صورة رائعة. لا يمكن انشاء حدود هناك. وهناك المستوطنات اليهودية. هذه قصة غير قابلة للتحول. تصور شعبان يتمتعان بطاقات هائلة، ويتوصلان الى السلام، توجد لدى الفلسطينيين محفزات ضخمة، لديهم طاقات، وسوف ينضمون الى مشاريع مشتركة".
هل سيتقاسم الاتحاد الكونفدرالي السياسة الخارجية أم ستكون لكل بلد سياسته؟
"في الحياة الداخلية – الثقافة، التعليم والدين – تكون كل دولة مسؤولة عن شؤونها. تجاه الخارج تكون عملة واحدة، الشيكل، وسفير واحد".
اذن، هذا حكم ذاتي موسع؟
"سيكون للفلسطينيين علم، كما يوجد لولاية كاليفورنيا، على سبيل المثال، الأمر المختلف بيننا وبين "دولتان، وطن واحد"، هو أنه لن يكون هناك حق العودة ... نحن الجانب المبادر. لقد رقصنا في 29 نوفمبر بسبب التقسيم، وماذا حدث؟ العرب اطلقوا النار علينا."
الآن هم يريدون التقسيم ونحن لا نريد.
"بيبي تلقى نسختان من الخطة على طاولته".
من سيكون رئيس الكونفدرالية؟
"رئيس الحكومة ينتخب في انتخابات عامة. حسب الخطة يتم الحفاظ على الغالبية الديموغرافية اليهودية".
هل فكرت باسم للكونفدرالية المشتركة؟
"اسرائيل – فلسطين".
القذافي، ثأر الله لدمه، اقترح "يسراطين" في حينه.
"انت تسخر مع "ثأر الله لدمه". نعم نعم، ستكون لجان وسيضطرون للعثور على كل تفصيل".
2. خطة الفدرالية ب/ ارييه هيس وعمانوئيل شاحف
بالمقارنة مع مبادرات السلام الأخرى التي واجهتها، فإن "خطة الكونفدرالية" التي وضعها آرييه هيس وعمانوئيل شاحف وصلت الى مرحلة نضج عالية. فقد تم استئجار مصمم غرافيكا ورجل علاقات عامة، الخريطة جذابة ولها موقع الكتروني جميل. المفهوم سويسري: في إطار الخطة، سيتم إنشاء 30 كانتونا في المنطقة الممتدة بين النهر والبحر - 20 منها مع أغلبية يهودية وعشرة مع أغلبية غير يهودية. هنا أيضا، من أجل ترتيب الأرقام، يختفي سكان غزة الذين يبلغ عددهم حوالي مليونين نسمة، من القصة، بطريقة أو بأخرى.
يقول شاحف، 63 عاما، وهو عضو في حزب العمل ورجل سابق في الموساد: "لقد تم التفكير بالخطة قبل ثلاث سنوات، ولكني قمت في الآونة الأخيرة، بالترويج لها بشكل اكبر واستثمرت من أموالي. الخطة تطرح السيطرة الاسرائيلية بين نهر الاردن والبحر وتطبيق القانون الاسرائيلي في الضفة الغربية ومنح المساواة المدنية للجميع فيما يحمي الدستور المشترك جميع الحقوق. هذه دولة جميع مواطنيها ولكن المصطلح غير مقبول. لكي يتم تغيير طريقة الحكم، هناك حاجة الى غالبية مضاعفة، ليس مجرد غالبية ديموغرافية، بل ايضا غالبية في الكانتونات".
غزة منسية في الخطة.
"مع غزة لن تمر أي خطة. سنساعدها لكي تصبح دولة طبيعية. يصعب على الفلسطينيين عدم وجود غزة في الخطة، لكنني اشرح بأنها خطة مؤقتة، ليست نهائية".
كيف وجدت الرد عليها؟
"ردود الفعل ايجابية كلها، من دون استثناء. هناك من يخافون جدا من العرب، ليسوا مستعدين لأقلية عربية تبلغ نسبتها 35% في الدولة".
هل هناك مؤيدون يمكنني الإشارة اليهم؟
"اليمين العاقل يتواصل، اليسار لا، تحدثت مع أعضاء كنيست، فأشار بعضهم الى الخطة بشكل ايجابي، ولكن باستثناء النائب يهودا غليك، لا أحد منهم على استعداد لكشف هويته. لدي مشكلة مبتذلة. نحن نقوم بإعداد فيلم إعلامي ونريد ان يتحدث فيه ممثل من اليمين وممثل من اليسار. لدي غليك من اليمين، لكنه لا يوجد أحد من اليسار. ليسوا ملزمين على دعم الخطة، فليقولوا فقط أنه يوجد في هذه الخطة شيء لطيف ومثير للاهتمام، لكن لا أحد على استعداد لتصويره. من الصعب على اليساريين دعم الدولة الواحدة. هذا ينطوي على اعتراف بأن اليمين قد فاز. على الرغم من أن بعض اليسار يعرف أن حل الدولتين لن يتم".
لماذا؟
"تطبيق خطة انسحاب او اتفاق لا يمكن أن يحصل على الغالبية في الكنيست. كما ان اقامة دولة فلسطينية يعني كارثة بالنسبة للفلسطينيين".
وهل يدعم الفلسطينيون خطتك؟
"كل شخص تحدثت معه، وعلى سبيل المثال، مسؤولون سابقون في السلطة الفلسطينية، ينظرون الى الخطة بشكل إيجابي ولا يرفضونها، الأمر الصعب هو ليس انه لا توجد لديهم دولة – مقابل المساواة المدنية الكاملة هم مستعدون لابتلاع ذلك. ولكن من الصعب عليهم تقبل عدم وجود غزة في الخطة. وكما قلت، يمكن تمرير ذلك كاتفاق مرحلي، ويمكن تنفيذ الخطة من جانب واحد".
كيف ولدت الخطة؟
"النموذج السويسري اعجبني. الأسس هي المساواة المدنية والاقتصادية الموحدة في أرض اسرائيل. في خطة التقسيم، ايضا، يوجد تطرق الى الطموح للوحدة الاقتصادية في كل أرض اسرائيل".
كيف يقرر شخص طرح خطة سلام؟
"حتى عندما عملت في الموساد رغبت جدا بالعمل السياسي. رغبت بكتابة ساتيرا سياسية في صحيفة العاملين في ديوان رئيس الحكومة. وبعد ذلك انضممت الى حزب العمل ونافست في انتخابات الكنيست، لكن المبادرة لا ترتبط بالحزب".
ولكن حتى في حزبك لا يدعمون الخطة؟
حزب العمل هيكلي المبنى. اذا وافق الرئيس، فسيكون كل شيء على ما يرام بالنسبة لهم. هرتسوغ يعرف عن الخطة، بل حتى ذكرها خلال لقاء مع حيليك بار. ناقشوا عدة أفكار وعندها أشار إلي وقال: ها هو عضو يدفع الكونفدرالية".
ما هي فرص تحقيق خطتك؟
"حسب رأيي هذا ما سيحدث. سواء شئنا ذلك أم لا. السؤال هو متى سنبدأ العمل على دفع ذلك. يوجد في الخطة الكثير من المزايا. لا حاجة بأحد للانتقال من أي مكان. هذا هو القائم فعلا، ولكن ليس بشكل منظم. الفدرالية باتت قائمة، المناطقA  وB، ولكن بشكل غير منظم وغير متساوي. بدلا من الاستثمار في الانسحاب، والتراجع والترتيبات الأمنية، فليتم الاستثمار في البناء. عندما اعرض خطتي على رجال الأعمال، تنال الدعم. الاقتصاديون بدأوا بالقلق. لم نخترع هذه الأفكار. حتى بن غوريون وفايتسمان تحدثا في سنوات الثلاثينيات، حتى في غياب غالبية يهودية، عن كونفدرالية مع الجمهور المسلم، لكنه توجد صعوبة رئيسية يجب هضمها – قومية الدولة ستكون اسرائيلية".
ربما لا يشعر الفلسطينيون.
"حسب شعوري، فانهم سيقبلون ذلك ... الفلسطينيون محطمون ... في أوروبا، ايضا، وفي بعض الدول الغربية، لا يعكس العلم والنشيد الوضع، اذن، بعد 20 عاما سيضيفون شطرا الى النشيد القومي "هتكفا". إذا كان هذا هو الشيء الوحيد الذي يمنع الخطة، فأنا مسرور جدا. أنا مدمن على الخطة جدا، انا صديق لميرون رفافورت، أحد المبادرين لخطة "دولتان، وطن واحد"، خطتهم هي رولز رويس، نحن سوبارو، انهم يجيبون على الحزمة بأكملها، لكن خطتهم يسارية جدا وهذه مشكلة. انهم يعملون بالتعاون مع الفلسطينيين.
يبدو لي انه من الأساسي ان يتم التفكير بخطة السلام بشكل مشترك.
"هذا ليس جيدا إذا كنت تريد ترويجها لليهود. اذا وافق العرب بشكل كبير جدا على الخطة فسيهرب اليهود. هذا محزن، لكن هذه هي الحقيقة".
هذا يعني، حسب ما تدعي انه يجب بناء خطة سلام لا يريدها الجانب الثاني؟
"خطتي معقولة، ليست بديلة، يمكن للفلسطينيين تقبلها بتحفظ. انهم ضعفاء جدا وسيتقبلون كل امر معقول، حتى ان لم يكن رسميا".
3. خطة الجزر/ ليؤور عزيز
رغم انه ليس من السهل إنشاء دولة أخرى بجانب دولة إسرائيل، فإن الكاتب ليؤر عزيز (48 عاما) يقترح شعارا مخادعا: "ثلاث دول لشعبين". إلى جانب دولة إسرائيل، ستنشأ دولة فلسطين على شاكلة عدة "جزر" في الضفة الغربية. ولكن في مناطق الضفة الغربية التي لن تشكل جزءا من جزر الدولة الفلسطينية، ستنشأ دولة ثالثة. "دولة السلام"، مع منطقة يهودية ومنطقة فلسطينية، وفيها يتنقل اليهود والعرب عبر منظومة شوارع مزدوجة.
عزيز يعتبر طريقته هي الحل المثالي للصراع الدامي. لكن لا تزال هناك مشكلة واحدة فقط بدون حل: الوقت الذي سيستغرقه تمهيد الطرق سيؤدي، في المرحلة الأولى، الى اختناقات مرورية. لقد بعث لي برسائل إلكترونية وصلته من أنصاره، والتي يبدو منها ان معظمهم لم يثق بالخطة بتحمس كبير. "لقد نظرت الى خطتك المثيرة للاهتمام، لكن ليس بمقدوري تقديم المساعدة لدفعها"، كتب له جلعاد شير. اما اكثر شخص اطرى على الخطة فقد كان النائب يوئيل حسون، الذي كتب أن الخطة هي "احدى الخطط الأصلية والرائعة التي قرأتها"، لكنه ابدى تحفظه قائلا ان "الوضع السياسي الحالي لا يسمح بالتقدم الحقيقي".
"عرفت الثكل في طفولتي" يقول عزيز، الذي قتل عمه في بداية حرب الاستقلال، وقتل صديقه الجيد في ليلة الطائرات الشراعية: "لقد فكرت كثيرا بالسلام كطفل، ولكن لأنني لم أجد حلا للصراع، تخليت عن الفكرة، وعندها جاءت فكرة الدولة الثالثة، وكتبت الخطة، إن الهدف من دولة السلام هو تسوية الصراع. لن تكون لها علاقات خارجية او جيش. لقد تلقيت ردود فعل ممتازة من شخصيات رئيسية".
غالبيتها مؤدبة.
"طلبت منهم في الأساس مساعدتي على نشر الخطة. نحتاج الى رجل قوي لحمل الخطة على كتفه. إيال زيسر لم يتمكن من مساعدتي. اجريت محادثة مع أب. يهوشع، وبدا لي بأنه لا يفهم الصراع. وقال آسا كاشير أن هذه الخطة أصلية، مثيرة للاهتمام ونزيهة (ملاحظة من الكاتب: جاء في الاقتباس الكامل: "أصلية، مثيرة للاهتمام ونزيهة ولكن من المشكوك فيه انها عملية"). خطتي توفر حلا لمشاكل القدس واللاجئين والحدود والأمن. لا اطالب الفلسطينيين بالتخلي عن حل العودة، فقط سيتم تأجيله لمئة سنة. كما انهم لن يعترفوا بنا كدولة يهودية، فقط كوطن قومي، سيكون لدينا بيتان قوميان".
أليس من المعقد ان تدخل دولة أخرى هنا؟
"هذا سيسهل فقط. خطتي توفر حلا لقضية القدس بشكل مطلق. اسأل تسيبي ليفني عن جبل الهيكل. ستقول لك – سنحافظ على مقدسات اسرائيل. كما لو ان الفلسطينيين سيوافقون على ذلك. القدس الشرقية ستكون في دولة السلام، أي سيادة مشتركة".
هل هناك مفاهيم كهذه في العالم؟
"لا، لقد أوجدت سيادة جديدة".
ما الذي يقوله الفلسطينيون؟ هل سيوافقون على تواجد غالبية منطقتهم في دولة غير واضحة؟
"لم اتحدث مع أي واحد منهم. جماعة مبادرة جنيف كلفوا انفسهم القول لي انهم لن يوافقوا على الخطة. هراء".
فلسطين التي تعرضها ستقوم في جزر صغيرة في الضفة الغربية. أنا لا أريد العيش في "جزيرة تل أبيب". حسب رأيي، هذا اقتراح مهين للفلسطينيين.
"لماذا تعتقد ذلك؟ مع دولة السلام، أنت ستعطي 90 في المئة من يهودا والسامرة"
هذا يبدو وكأنه كثير من البيروقراطية.
"فقط شق طرق جديدة. الأمر كله ينحصر في شق طرق جديدة".
لماذا لم تحاول سؤال الفلسطينيين؟
"كان سيسرني ذلك، لكنني لم أصل الى أي فلسطيني، توجهت إلى دان حالوتس، وإلى المحامي دافيد شمرون. لم أتعرف على أي فلسطيني".
انت تنشغل كثيرا بالخطة؟
"استغرق الأمر نصف عام لكتابتها وأنا أعمل عليها خمس ساعات في اليوم، والآن أحاول الوصول إلى الأميركيين، لقد شعرت باليأس من الإسرائيليين".
لماذا يئست؟
"اليسار لا يمكن أن يدعم خطتي، هل ستتخلى مجموعة مبادرة جنيف عن خطتها، في الوقت الذي يحصلون فيه على رواتب؟ أريد الوصول من خلال الشبكات إلى الإدارة الأمريكية، وعرض الصفقة البديلة عليها. لقد ارسلتها الى ياعيل لامبرت من الادارة الأمريكية واكدت استلامها. المبعوث الأمريكي جيسون غرينبلات يتواجد في شبكة الاتصال".
ما هي فرص الخطة؟
"واحد في المئة، لأنني لوحدي".
خطة الامارات/ مردخاي كيدار
الدكتور مردخاي (موطي) كيدار في الخامسة والستين من العمر (والذي رفض تحديد مكان إقامته "لأسباب أمنية" لكن المعلومات واردة في موقع ويكبيديا) اعد "خطة الإمارات" في عام 2000. وفي السنوات الأخيرة، ومنذ المقابلة التي منحها لسارة هعيتسني – كوهين في صحيفة "ماكور ريشون" (مصدر أول)، تجند لتنفيذها بشكل أكثر نشاطا.
كيدار هو مستشرق مثير للجدل. وفي 2014 قال خلال مقابلة اجراها معه راديو إسرائيل: "الأمر الوحيد الذي يمكن أن يردع الإرهابيين، مثل أولئك الذين خطفوا الفتية وقتلوهم، هو معرفة أنه سيتم اغتصاب شقيقتهم أو أمهم". وقد أثار تصريحه هذا انتقادا شديدا له. وادعى في وقت لاحق أنه لا يوصي بذلك، وإنما بمحاربة الإرهاب في إطار القانون فقط. من بين جميع الخطط التي اطلعت عليها، من المؤكد ان خطة كيدار هي الأكثر منظمة: المبادرة تذكرنا بالوضع الحالي من حيث الوضع الفلسطيني الكئيب، ولكن مغلف الخطة أكثر شرقي. وفقا للخطة سيتم تعريف مناطق المدن الفلسطينية بأنها إمارات منفصلة يقودها مشايخ، ويتم تفكيك السلطة الفلسطينية.
يقول كيدار: "لقد تعززت خطتي في اعقاب الفشل الواضح للدولة العربية الحديثة والاعتيادية، كالعراق وسورية وليبيا والسودان واليمن، مقارنة مع نجاح الامارات في الخليج". ويضيف: "النجاح ليس بسبب النفط، فدبي لا تملك النفط تقريبا، ورغم وفرة النفط والغاز في العراق وليبيا فقد فشلتا. الاختلاف يكمن في تركيبة السكان. الدول الفاشلة هي فسيفساء غير متماسكة من القبائل والجماعات العرقية والجماعات الدينية والطائفية - الشيعة والسنة - مقابل الامارات المتجانسة".
نصف البحرين شيعة.
"لم اشمل البحرين في القائمة. البحرين تنجح بسبب القوة وليس الشرعية".
هل تعتبر اسرائيل اكثر متجانسة من الفلسطينيين. الأرثوذكسيين، المتدينين، العلمانيين، الأشكناز، الشرقيين، ربما نحتاج نحن إلى إمارات؟
نحن لا نقوم بإطلاق النار على بعضنا حتى الان، وايضا نتزوج من بعضنا البعض، وهو امر لا يحدث هناك. على كل حال، في الامارات تعتبر الدولة شرعية في نظر الاغلبية. في الخليج، الامارات المبنية حسب التقاليد القبلية تنجح، اما الدول المبنية بطرق اوروبية فهي فاشلة. المجتمع الفلسطيني ممزق على أساس قبلي بشكل صعب. اذا كنا نريد تحقيق الاستقرار الاجتماعي، الذي يحقق الاستقرار السياسي، يجب علينا تطبيق نموذج الامارات الناجح وليس نموذج الدول الفاشلة، أي اقامة امارة في كل مدينة في الضفة الغربية تحت القيادة التقليدية لزعماء العشائر. هكذا سيعيشون معا بشكل متجانس واستقرار لا يبحث عن عدو خارجي. الان، يبحث قادة الدول عن عدو خارجي دائم، واسرائيل هي العدو الطبيعي".
العرب في الأراضي التي سيجري ضمها الى إسرائيل بين الإمارات - سيكونون مواطنين إسرائيليين؟
"سيتم عرض مواطنة اسرائيلية عادية عليهم، هل سيوافقون على ذلك؟ حسنا، لن يوافقوا؟، هذا جيد ايضا.، المقصود 10 في المئة من السكان وهذا ليس تهديدا ديموغرافيا".
وماذا عن القدس الشرقية؟
"مثل يافا، مدينة إسرائيلية".
قضية البوابات الالكترونية اظهرت أنها ليست إسرائيلبة بالضبط.
"إذا تصرفنا مثل الرخويات عديمة الخلايا، فانهم سيدوسوننا ويبصقون علينا وسنقول هذا مطر".
كيف يتم الرد على خطتك؟
"إيجابي فقط، بين أولئك الذين يفهمون".
بما في ذلك الفلسطينيين؟
"العرب واليهود يدركون أن هذا هو الحل الصحيح، لأنه مرتبط بالواقع الاجتماعي وليس بالأحلام، في الواقع ليس هناك شعب سوري، لقد كان ذلك حلم الفرنسيين، لا يوجد شعب ليبي، كان ذلك حلم الإيطاليين. لا يوجد شعب عراقي؟ كان ذلك حلم بريطانيا. ولا يوجد شعب فلسطيني. إنه نتاج خيال إسرائيلي وغربي يفكر بالمصطلحات الأوروبية ويبحث عن قرين أوروبي".
تدعي إسرائيل دائما أن أي شخص يدعي أن إسرائيل لا تملك الحق في الوجود، أو أنه لا يوجد شعب يهودي، فهو معاد للسامية. لماذا من المشروع أن نقول إنه لا يوجد شعب فلسطيني؟
"نحن أمة من الأفراد، يجمعهم الغراء القومي، وجميع الدول العربية، باستثناء مصر وتونس، تتكون من القبائل التي لا يجمعها غراء. القومية هناك جاءت من اوروبا".
أنت تعتقد اذن أنه ليس الفلسطينيين فقط ، وانما كل الدول العربية يجب أن تكون امارات؟
"نعم".
الفلسطينيون الذين أعرفهم لا يهتمون بالعشيرة. انهم يتزاوجون بين المدن ويرون أنفسهم كفلسطينيين.
"معظم حالات الزواج تتم داخل العشيرة، الرمز القبلي قوي جدا. اليوم بالذات، تبدأ في الخليل عملية وساطة بين عائلتين، بسبب قتل شخص أمس، بدلا من الحرب مع الانتقام الدموي، سيدفعون الكثير من المال. ذهبوا الى الشيوخ – وليس الى الشرطة - لأنه لا أحد يعول على السلطة".
ألا تعتقد أنها فكرة مهينة للفلسطينيين؟ أنا لا أريد الانتقال بسيارة أجرة إلى نتانيا عبر أراضي دولة أخرى.
"عندما يصلون من مصر إلى الأردن، ألا يمرون عبر دولة أجنبية؟ هذا كله في الرأس".
من يدعم الخطة؟
"اذا قلت لك اسماء الشخصيات العربية فسوف احرقها. لكن ثلاثة وزراء دعوني بمبادرة منهم لمناقشة الخطة. وابدى حوالي سبعة او ثمانية نواب من احزاب اليمين والمركز اهتمامهم بالخطة، اما اليسار فلا يريد السماع عنها، اليسار لا يزال اسير نظرية اوسلو".
ما هي فرص الخطة؟
"سوف تتحقق الخطة، سواء كنا نريد ذلك أم لا، فالبديل سيكون الفوضى، السلطة تمضي نحو الهلاك. فهي، كدولة، لم تستقر في القلوب. المعنى الكامل للسلطة هو انها مُشغل، لا يوجد لها أي معنى بالنسبة للسكان. انها لا تعكس حلم أحد. لو لم تقم بشراء الناس بالمال لما كانت قائمة. اليوم، على سبيل المثال، التقيت بعدة أشخاص من منطقة جبل الخليل".
فلسطينيون؟
"انهم يعرفون انفسهم كخليليين. رغبنا برؤية ما الذي يمكن تعزيزه، انهم يكرهون السلطة الفلسطينية اكثر منا. بعد ابو مازن، حسب ادعاءاتهم، ستنتهي السلطة الفلسطينية ".
5. خطة الضم/ كارولاين غليك
ليس من الواضح تماما ما إذا كان يمكن اعتبار اقتراح الصحفية كارولاين غليك بمثابة خطة سلام، ولكنها بالتأكيد مبادرة سياسية. غليك، 57 عاما، التي هاجرت إلى إسرائيل من الولايات المتحدة في عام 1991 وتعيش في مستوطنة إفرات، نشرت النسخة العبرية لكتاب "الضم الآن" في عام 2015 – وهو اقتراح يدعو لاستعادة فكرة حل الدولة الواحدة وتطبيق القانون الإسرائيلي على المناطق. لقد خرجت غليك في جولة لعرض الخطة والكتاب، وبالصدفة وصلت الى محاضرة لها في مؤتمر الليكوديادا. يبدو أن معظم الحشد هناك لم يتفق في الواقع مع الرسالة، وتسرب الى الخارج ببطء، على الرغم من أنها نفسها حافظت على حماستها. لقد أجريت المقابلة معها عبر تطبيق "واتس اب"، لأن غليك تتواجد مع العائلة في الولايات المتحدة. ولم تنجح المحادثة في الواقع، لأنه في كل مرة حاولت فيها الاستماع إلى ما تعرضه، عادت وحذرت مرارا وتكرارا من كون السلطة الفلسطينية تعتبر جريمة رهيبة.
وحتى قبل أن نبدأ الحديث، تخلصت غليك أيضا من غزة. "غزة هي أوبرا أخرى، طالما كنتم لا تفهمون هذا، رفاقك في هآرتس وفي اليسار الدولي لا يفهمون شيئا".
حسنا
"خطتي تنبع من الوضع غير اللطيف منذ قمنا بإنشاء السلطة الفلسطينية. لأسباب أمنية، لا يمكننا البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة مع قوات الجيوش الأجنبية التي تريد غزو إسرائيل في حدث افتراضي. ومن الناحية الديموغرافية، لا يمكننا أيضا أن نوافق على قيام دولة فلسطينية. ستفتح الثغرات، ليس فقط امام ملايين ما يسمونهم اللاجئين، بل سيدخلون جميعا الى هنا. فيضان من مسيرات النصر لرجال الجهاد. ليس فقط الـ 1.5 مليون أو 2.5 مليون شخص من يهودا والسامرة، وهذا يتعلق بمن تسأل، وانما عدد غير محدود. العالم العربي كله! سيكون التدفق هائلا ولا يمكن السيطرة عليه. كل من يستبدل ابو مازن سيتم اغتياله مثل القذافي، سيبقى على قيد الحياة لبضعة اسابيع فقط".
المشكلة هي أن القذافي وأبو مازن بقيا لسنوات طويلة في السلطة، وليس العكس.
"في اللحظة التي اندلع فيها الجنون نجا القذافي لمدة خمس دقائق، وهذا ما سيحدث لأبو مازن. اليسار يرى عكس الواقع. السبيل الوحيد للدفاع عن النفس هو تحصين الحدود الشرقية وعدم السماح بدولة فلسطينية".
دعينا نخلص إلى أنك لا تحبين السلطة. سننتقل إلى اقتراحك.
"الخطة هي تطبيق السيادة على كل يهودا والسامرة".
أي منح المواطنة لـ 2.5 مليون فلسطيني، أو لـ 1.5 مليون حسب رأيك.
"ليس بشكل فوري. ليست مواطنة فورية. أنا اتحدث أولا عن منح الإقامة الدائمة للفلسطينيين في يهودا والسامرة كما حدث في القدس عام 1967 ومع الدروز في الجولان عام 1981، مع إمكانية طلب الحصول على الجنسية الإسرائيلية، المعايير هي عدم المشاركة في منظمة إرهابية، او نشاطات التحريض والعنف".
أكثر من 90٪ سوف يستوفون المعايير.
"حسبي رأيي، لا يطاق الاعتماد على السلطة. يجب اجراء احصاء للسكان في يهودا والسامرة. بياناتهم ملفقة".
على افتراض اننا نتحدث عن مليوني فلسطيني، أقل بكثير من العدد المعلن.
"لا اعتقد ان هناك مليوني شخص".
دعينا نقول إنه سيتم اضافة مليون ونصف مليون مواطن فلسطيني إلى إسرائيل.
"السؤال يتجاهل الفلسطينيين، لماذا يقولون انه اذا لم يحصلوا على الجنسية فهذه عنصرية؟ انهم يعيشون في ديكتاتورية فاسدة منذ 1994".
فهمنا أن السلطة فاسدة. دعينا نتحدث عن معنى ضم مليون ونصف مليون مواطن.
"لا يتم الضم بهذه الطريقة".
كتابك يحمل عنوان "الضم الآن".
"هذا اسم شعبي اختاره الناشر. من وجهة نظر إدارية، هذا ليس خطوة  قانونية للضم، وانما تطبيق القانون الإسرائيلي. بعضهم سيكتفي بالإقامة. هذا خيارهم ".
مع ذلك فان هذا يعني حصولهم على نحو 30 مقعدا.
"خطتي هي الأصعب من حيث امكانية هضم الجمهور الاسرائيلي لها. مع كل المصاعب من حيث الكنيست فان المقصود مشاكل قابلة للحل ومفضلة على وجود السلطة المعادية. أنا متأكدة أيضا بنسبة 100 في المئة أنه بعد قيامنا بفرض السيادة، سنجد بأن الفلسطينيين لا يريدون حقا المواطنة الفورية، من يلوح لهم بالمواطنة هو اليسار، كما يفعل دائما بشكل غير مسؤول".
الناس بطبيعة الحال يريدون الجنسية وحقوق التصويت. السود في الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، على سبيل المثال، والنساء في بريطانيا.
"لا علاقة بين الإبرة والمؤخرة".
هل كنت ستوافقين على انتزاع حق التصويت منك؟
"هذا يعتمد على ما اذا استطيع العيش تحت طغيان فتح وحماس، والاندماج في الاقتصاد الاسرائيلي، في حياة اسرائيل".
أريد الثناء عليك: خطتك يمكن أن تنقذ اليسار. فالحديث عن 30 مقعدا او اكثر للأحزاب اليسارية والمشتركة. دعينا نفترض 20 مقعدا ستسمح بالتالي للمعارضة بإقامة دولة فلسطينية.
"لماذا تعتقد انهم جميعا سيصوتون لأحزاب معادية لإسرائيل"؟
سيصوت البعض لصالح ميرتس.
" سيصوتون لليكود".
الليكود؟ الفلسطينيون؟
"حتى المصوتين لميرتس سيصوتون لصالح الليكود".
؟؟؟
"اذا تحدثت مع الفلسطينيين فستفهم من هم، انهم ضد من يقمعونهم كل يوم، سيدعمون الذين ينظرون اليهم على مستوى العين ولا ينظرون اليهم كعلامات".
الليكود ينظر إلى الفلسطينيين على مستوى النظر؟
"نعم، كل الذين يصرخون عنصرية لا يريدون النظر إلى الفلسطينيين كبشر، لا تريد كل أم أن يكون أطفالها إرهابيين".
احد الذين اوصوا بكتاب غليك هو مايك بينيس، الذي كان حاكم ولاية إنديانا في حينه، والآن نائب رئيس الولايات المتحدة. ومع ذلك، تعترف غليك بأن خطتها توقفت كثيرا. "لقد علقنا. تقدمنا في حينه بشكل جيد جدا، ثم جاء دونالد ترامب وسأل ما الذي نريده، فبدأنا بالارتباك. لم اعد اتحدث عن الخطة".
هل قابلت بينيس منذ انتخابه؟
"لم يحدث ذلك. ليس لديه وقت".
كصحفية، كان اكبر تحقيق صحفي لكارولين غليك في عام 2003، عندما رافقت جنود الجيش الأمريكي وأفادت في "جيروساليم بوست" بأنه تم العثور على أسلحة كيميائية في العراق. وتم اقتباس عنوان الصحيفة في جميع انحاء العالم على انه المسدس المدخن لصدام حسين حتى تم نفي النبأ. غليك تتحدث بثقة تامة عن خطتها، وفي نهاية المحادثة سألتها إذا كانت لا تعتقد أنها في بعض الأحيان هي أيضا مخطئة. "أنا أفضل المضي على كل ما في الصندوق. هذا أفضل مما تعرضه تسيبي ليفني وصحيفة هآرتس، الذي يعتبر وصفة لإنهاء سيرة دولة إسرائيل، شيء عنيف ومخيف بالتأكيد".
حجم التخويف كحجم العنوان
يكتب الجنرال (احتياط) يعقوب عميدرور، في "يسرائيل هيوم" انه تسلم قبل سنوات طويلة المسؤولية في جهاز الاستخبارات عن دولة هامة في المنطقة. وفي احد الايام وقع فيها حادث صعب جدا، وخلال التقييم الاستخباري في اليوم التالي قلت ان هذه الدولة لن ترجع الى ما كانت عليه قبل الحادث. وقد مرت على ذلك التقييم نحو 40 سنة، وبقيت الدولة كما كانت، والان يتحدثون فيها عن تغييرات، لكن السلطة هي التي تقودها، وليس من المؤكد انها ستتحقق. في وقت لاحق كنت شاهدا، او شاركت في احداث كبيرة اخرى كان يبدو للحظة بانها ستغير العالم، لكن العالم عاد الى سلوكياته وكأن شيئا لم يكن. وأتذكر زعيما اسرائيليا وصل الى المجد، واعتقد بانه بسبب ظهوره على مسرح التاريخ في منصب هام، فان البيئة ستغير سلوكها – لكنه خاب ظنه هو أيضا. لقد تعلمت، من كل هذه الاحداث، مبدأ هاما خدمني جيدا في وقت لاحق، عندما وقفت امام احداث كبرى بدت في حينه كأحداث “تغير الواقع″.
لقد تعلمت أنه من خلال النظر في وقت لاحق، بعد اجتياز الصدمة الأولى، وبعد التعمق قليلا في الحدث، وخاصة بعد ان اصبح الوقت يسمح بهضم الحدث وشمله في صورة أوسع – انه من الممكن فهم طبيعة الحدث بشكل أفضل. في كثير من الحالات، توضح المسافة الزمنية أن الحدث، مهما كان مسببا للصدمة في حينه، لم يغير الواقع، و"عادت الحياة إلى مجراها الطبيعي". واليوم، يبدو التناقض بين ما اعتبرناه حدث عملاق في حينه، وبين تأثيره الحقيقي على الوضع، أكثر تطرفا. ويرجع أحد أسباب ذلك الى أن وسائل الإعلام الحديثة، مثل تويتر والفيسبوك وإنستاجرام، تجذب بطابعها الى اختصار وصف الأحداث، والنشر غير المراقب والتفسير الفوري، والذي يفضل أن يكون مختصرا قدر الإمكان. أضف الى ذلك، انه يحظر اليوم "التنقيب"، أي أن يتم الفحص بشكل شامل، بل ان الوسيلة نفسها تقيد أحيانا الكتابة بشكل لا يتعدى عددا محدودا من الحروف، لذلك لا تتوفر طريقة لشرح الأمور بعمق حتى من الناحية التقنية.
في التلفزيون ايضا، تقاس كل ثانية، ولا يوجد وقت طويل للحديث. وعندما يكون هذا هو الوضع، تتزايد اهمية البحث والمراجعة اللاحقة الأكثر عمقا للقضايا المطروحة على جدول الاعمال في النقاش العام. هذه هي احدى المهام الهامة للصحافة، بل لعلها اهم بكثير من السبق الصحفي والكشف الاعلامي، لأنه توجد وفرة من هذه الأمور، حتى في وسائل التواصل الاجتماعي، الفوري. وبالمقابل، تكاد وسائل الاعلام هذه تفتقد الى التعمق، رغم انها حيوية لكل من يريد فهم عالمنا بشكل افضل، ولا يكتفي بالتفسير الفوري - الذي يكاد يكون دوما اكثر ضحالة.
معالجة جذرية للجناح الشمالي للحركة الاسلامية
يبدو أن من الصواب تطبيق  هذا المبدأ على احداث جبل الهيكل (الحرم القدسي) وزيارة الملك الاردني الى رام الله. كان يبدو ان احداث الحرم ستؤدي الى انقلاب في مثلث العلاقات بين اسرائيل، الفلسطينيين والاردن. وبدا للكثيرين بأن البندول الاسرائيلي في عملية اتخاذ القرارات سيمس جدا بصورة اسرائيل بل ربما بمكانتها.  فما هو  الواقع بعد مرور بضعة اسابيع؟ يبدو ان تعبير "العالم يسير كالمعتاد" سيكون الأنسب لوصف الأوضاع.
لقد انشغل صناع القرار في دولة اسرائيل بالحرم كمكان منعزل يمكن الانشغال فيه بحد ذاته. ولكن في السياق الضيق، المحلي، كان هناك منطق كبير في تركيب البوابات الالكترونية على مداخل الحرم بعد عملية القتل التي وقعت فيه. الا ان الحرم ينطوي ايضا على معاني تتعلق بالفلسطينيين، بمواطني اسرائيل وبسكان يهودا والسامرة، الى جانب ايلاء الاهمية الكبيرة للأردن، بناء على الاتفاق الذي بين اسرائيل والدولة الهاشمية التي يسكن فيها الكثير من الفلسطينيين ايضا.
وبالفعل، لم يتأخر الرد. ولهذا السبب تراجعت دولة اسرائيل عن نيتها يشأن تركيب البوابات الالكترونية على  مداخل الحرم. كان يبدو للكثيرين بان مكانة اسرائيل تضررت بشدة  بسبب تراجعها، ولكن، في نظرة الى الوراء، يبدو أن هذا الأمر لم ينل شيئا من قوتها. بل على العكس: فالتراجع يشير الى نضج وثقة بالنفس. وحين تولد الفهم بان هذا لم يكن المكان ولا الوقت المناسب للإثبات بان دولة اسرائيل هي دولة قوية – لم يكن أي معنى للإصرار. إسرائيل قوية بما يكفي لكي ترفض طلبات الاردن في منطقة الحرم، ولكن هل ستحقق مصالحها على نحو افضل اذا وقعت اضطرابات واهتز كرسي عبدالله بسبب ما يحدث في القدس؟ يبدو أن الرد المنطقي سيكون “لا”. ولذلك، فقد تصرفت اسرائيل بشكل جيد حين استجابت للطلب الاردني وخففت على حليفها في مكافحة الارهاب. الاختبار الحقيقي لا يكمن في ادخال البوابات الالكترونية وخلق الفوضى بسبب ذلك – بل في  المعالجة العاقلة والجذرية للحركة الاسلامية الاسرائيلية التي تسمى “الجناح الشمالي للحركة الاسلامية”. لقد سمح لها، طوال سنوات كثيرة، بالعربدة في الحرم، ويجب ايجاد الطريق لوقف ذلك. اذا اوقفت اسرائيل  الحركة ومست بجاذبيتها، فانه لن يذرف احد دمعة على ذلك – لا في الاردن ولا في السلطة الفلسطينية.
من يحتفظ بالأوراق حقا؟
ومن هنا، الى زيارة ملك الاردن لرام الله. لقد أشار الكثيرون الى "العزلة" التي تم فرضها، ظاهرا، على اسرائيل، لأن الملك التقى مع ابو مازن وليسمع  رئيس وزراء اسرائيل. غير أن قراءة اعمق قليلا لبيانات الطرفين حول الزيارة، التي كانت اقصر مما خطط لها، تشير الى أن الطرفين شاهدا واختبرا زيارتين مختلفتين في ذات القفزة التي قام بها الملك الى الضفة الغربية. فلقد شدد الفلسطينيون على موضوع الحرم وكأنه كان مركز المحادثات خلال الزيارة، بينما ابرز الاردنيون الحاجة للعودة الى المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين بقيادة امريكية – من ناحيتهم كان هذا هو موضوع الزيارة. وفي حقيقة الامر، كانت الزيارة مؤشرا آخر على ضعف ابو مازن، وهو ما اكدته زيارة الملك. لقد تبين بان المحادثات بين اسرائيل والاردن هي التي ادت الى تغيير القرارات وتحديد الواقع الجديد في الحرم القدس. لقد ساهم كل طرف بدوره (كان للأردنيين “حظ” مع حادثة الحارس، والذي اتاح لهم طرح تنال حقيقي على الطاولة) بينما لم يكن ابو مازن طرفا في الخطوة. وهكذا كان بوسع الملك ان يأتي الى ابو مازن وعلى لسانه طلب او مطالبة باستئناف المفاوضات مع اسرائيل.
***
في نظرة الى الوراء يمكن القول ان احداث الحرم مع كل خطورتها لم تؤثر تقريبا على علاقات اسرائيل مع الاردنيين او مع الفلسطينيين. فالسلطة بقيت ضعيفة فيما أجادت اسرائيل بشكل بالغ ومسؤول الحفاظ  على العلاقات الاستراتيجية مع المملكة من الشرق.
في هذه الحالة ايضا، يبدو أن العنوان الرئيسي في يوم الحدث والتفسيرات المباشرة بعد ذلك لم تستخلص المعاني الحقيقية. فقد تبين مرة اخرى بان مذل هذه الاحداث، بكل خطورتها وحساسيتها، لا يمكن ان تغير الواقع الذي تقرره موازين القوى الحقيقية بين الجهات المختلفة. حتى لو بدى للحظة ان العلاقات بين القوى تهتز ويصبح لونها مختلفا، فان هذا يكون مؤقتا في الغالب. وبالتالي يجدر  بنا الحفاظ على التوازن وعلى برودة الاعصاب عند وقوع حدث والتذكر بان حجم العنوان سينسى في اليوم التالي.
العالم يدفع الثمن.
يكتب بن درور يميني، في "يديعوت احرونوت" ان هذا لن ينتهي. عندما يكون المقصود الارهاب على خلفية التحرر القومي تكون الأهداف معروفة ويمكن التوصل الى تسويات. يمكن مواجهة الارهاب الباسكي، الارهاب التاميلي، بل حتى الفلسطيني طالما كان الهدف معرفا، واحيانا مفهوما. لكن الارهاب الذي ضرب برشلونة امس (الخميس) ينتمي الى قسم آخر. منذ عمليات التفجيرات في نيويورك، اصبح الحديث عن ارهاب لا يتطلب من قوات الشرطة الذين يستهدفهم السلوك الجيد بشكل اكبر او تحقيق مطالب معينة. هذا ارهاب ينبع من حقيقة وجود "الكفار".
حتى المسلمين الذين لا ينتمون الى الجهاديين يعتبرون "كفارا". وفي الواقع فانهم منذ اكثر من عقد زمني، يشكلون غالبية ضحايا الجهاد. قبل ثلاثة أيام قتل اكثر من 30 شخصا في عملية وقعت في نيجيريا، حين فجرت ثلاث مخربات انفسهن في سوق حاشد قرب مخيم للاجئين. عندما يجري الحديث عن برشلونة، باريس، لندن او القدس، تطرح بين الحين والآخر التبريرات الاعتيادية التي تتهم الاحتلال او جرائم الغرب او نتيجة للقصف في العراق، سورية او افغانستان. ولكن لماذا يرسل الجهاد الانتحاريات لقتل اللاجئين المسلمين؟ ما هي جريمتهم؟ فهم في غالبيتهم من المسلمين المتزمتين.
العامل المشترك لكل عمليات الجهاد هو التطرف الديني الذي تطور خلال العقود الأخيرة، نتيجة للتثقيف وغسيل الدماغ. لا يدعم كل المسلمين الارهاب. هذا ابعد من ان يكون كذلك. حين تتراوح نسبة دعم فرض قوانين الشريعة، في شكلها المتشدد، بين 56% في تونس و91% في العراق، وعندما تتراوح نسبة التأييد لداعش بين 6% لدى الفلسطينيين و14% في نيجيريا، وعندما تكون نسبتهم ليست ضئيلة بين المسلمين في اوروبا، فان محفزات الانتحاريين تصل الى مستويات مرعبة.
السبب ليس التمييز ولا الاحتلال ولا الاقصاء، ولا كل الذرائع من هذا النوع، التي تسعى الى التسامح والتبييض. بل العكس هو الصحيح. كلما ازدهر تعدد الثقافات في العقد الماضي، باسم احترام الآخر، هكذا تطورت دفيئات الراديكالية ومراكز غسيل الدماغ. العالم كله، من نيجيريا وحتى برشلونة في اسبانيا، يدفع ثمن اليد الحرة التي اعطيت للمتزمتين في نشر نظرياتهم.
في الخلفية يتواجد من يبررون الارهاب. تيمور عبد الوهاب قصد تفجير نفسه في المركز التجاري في ستوكهولم. لقد كان بنفسه مواطنا سويديا. السويد لم تفعل له أي شيء سيء. بل على العكس، لقد كان من الناجحين. لقد سافر للدراسة في بريطانيا، واجتاز عملية غسيل للدماغ وعاد لتنفيذ عملية ضد السويديين.
لكن جنون عبد الوهاب استوطن في دماغ عدد من "التقدميين". الكاتب السويدي هانينغ مانكل، نشر مقالة في "الغارديان" تبرر الارهاب، وتتهم الغرب. ومثله ايضا، وزيرة خارجية السويد مارغوت وولستروم، التي وجدت مبررات لمنفذي العمليات في باريس. ومثلهما هناك الكثير. وطالما ساد هذا التفهم وهذا التبرير فانه سيؤثر بشكل فعلي – وتصبح فرص القضاء على خلايا السرطان تقارب الصفر.
من اجل محاربة الارهاب، هناك حاجة لمعالجته بقبضة صارمة، ويجب الفهم بأنه ينبع من غسيل الدماغ والتزمت، وليس من الاقصاء والعنصرية. لكنه يبدو ان هذا الفهم يجد صعوبة في استيطان القلوب، ولذلك تبقى برشلونة معلما آخر. هذا لن ينتهي، وبالتأكيد ليس في المستقبل المنظور.
لنسمي الولد باسمه
يكتب مؤور زاغوري في "يديعوت احرونوت": تخيلوا أننا لا نصدق الناجين من المحرقة. تخيلوا أننا نطلب منهم تقديم الأدلة. تخيلوهم كيف يواجهون الخسارة والمأساة التي عانوا منها، وفي الوقت نفسه يحاربون النظام المتشكك لدولة بأكملها تنعتهم بـ "المهووسين والكذابين". تخيلوا لو أننا كنا نضحك عليهم في وسائل الإعلام طوال ثلاثة أجيال. تخيلوا كل هذا، وفكروا بأن هذا هو الواقع بالنسبة لأسر الأطفال المختطفين.
Xxx
لقد أخطأت. في "امبراطورية زغوري"، الموسم الثاني، الفصل الثاني، الدقيقة 14، تقول الجدة الغيريا لأبيئيل: "لماذا يريد أحد اختطاف طفل يمني ...؟ الكي يعد لحوح؟ (نوع من الخبز اليمني)". أعرف أن هذا ليس مضحكا، هذا هو الجهل تماما. أنا من كتب هذه الجملة قبل خمس سنوات، واليوم أخجل من أعماق نفسي امام الغباء والانغلاق الكامن فيها. ليتني أتمكن من شطبها، ليته كان بإمكاني إخفاء ذلك ونسيانها. ولكن لا. انها هناك، قائمة هناك، وأتحمل المسؤولية الكاملة عن المساعدة - حتى لو كانت خفيفة – على نشر الجهل الكامن في أساس الادعاء. لأن أي نكتة من هذا القبيل هي مسمار في خزانة الحقيقة التاريخية. تلك الحقيقة التي حاول الجميع هنا دفنها طوال 70 عاما.
Xxx
الناس خائفون من الاعتراف بالذنب لأن ثمن الندم يمكن أن يكون ثقيلا بالنسبة لهم؛ لكن الاعتراف بالذنب لا يعني دائما العقاب. يمكن أن يكون الاعتراف بالذنب هدية نقاء، يختار المجرم تقديمها للضحية لكي يحرره من الجريمة، وبالتالي يحرر نفسه. هذا الأسبوع، كتبت لينا دهنام، منتجة المسلسل الثوري "بنات"، على حسابها في إنستاغرام: "كل الناس البيض يتحملون المسؤولية عن الحفاظ على التفوق الأبيض وسقوطه اليوم". ها أمامكم امرأة بيضاء شجاعة تتحمل المسؤولية وتعترف ببعض تورطها بالذنب. هذا لا يعني أنه سيتم غدا محاكمتها واخذها إلى السجن. ولكن على الرغم من أنها لم تلبس ابدأ الغطاء الابيض وتخرج لشنق السود، الا انها يمكن أن تستوعب معنى "القمع الهادئ" وتعاونها (هي وكل شخص أبيض) معه. وعلى الرغم من أنني بني البشرة، إلا انني لا أزال اعتبر "أبيض"، ولذلك فأنا أيضا، الى حد ما، اتحمل المسؤولية عن هذا التفوق وسقوطه. لأنني لا أفهم كيف يمكن للأشخاص الذين عاشوا على جلدهم حروق العنصرية التصرف بالعملة نفسها تجاه "الضعفاء الجدد".
اليوم، اصبح واقع ازالة الحصانة والخطاب العام المتحمس، أمر بديهي، ولكن قبل خمس سنوات فقط، عاشت أسر المختطفين في واقع من الانكار والازدراء والسخرية. واقع يبلغ عمره 65 عاما من التجاهل المغرض لوضوحهم ونزاهتهم. الآباء الذين أعلنوا: "طفلي/أطفالي اختطف/ اختطفوا" وقوبلوا بكتف بارد من قبل معظم المؤسسة والجمهور وحتى وسائل الإعلام - بما في ذلك أنا، كما يتضح. ومن أكون أنا؟ حتى والدي لم يكن قد ولد عندما وقعت الأحداث. لقد كنت دون سن الثانية والثلاثين. اذن، فكروا فقط في آلية الإنكار المتطورة التي بنيت هنا، وانه بعد 65 عاما من عمليات الاختطاف، كتب رجل شرقي مثلي (يميل إلى الاعتقاد بأن لديه ضمير اجتماعي) هذه النكتة الغبية. أعترف - كنت مخطئا، لقد ضللوني وضللت.
مع ذلك، من المهم أن نقول إنه حدث هنا تدخل إعلامي واسع في وعيي. أتذكر نفسي بوضوح في سن الثالثة عشرة، اشاهد على التلفاز التحصن الدفاعي لعوزي ميشولام وطلابه (الذين كان هدفهم زيادة الوعي بالموضوع)، واتذكر بعد شهرين من ذلك النكت حول باروكة شعره (كما لو انها كانت ذات صلة) في جميع البرامج العنصرية والساخرة في القناة الأولى.
ربما لم أشأ التصديق بأنه يمكن لليهود ارتكاب مثل هذا الشر بحق بعضهم البعض. ربما كنا جميعا نأمل أن نكون مخطئين، وأنه ربما كما قيل لنا حقا؛ كنا بكل بساطة هستيريين، اختلقنا القصص، وكنا عاطفيين أكثر من اللازم. ربما كنا نأمل أن هؤلاء الأطفال ماتوا حقا، لأن الخيار الثاني كان أسوأ بكثير. ولكن للأسف الشديد، كنا على حق. كل شيء كان حقيقيا. احدى أبشع الجرائم التي تم ارتكابها في أي وقت مضى من قبل يهودي، ارتكبت خلال ورديتنا: سرقة الأطفال من أمهاتهم وتسليمهم للآخر.
Xxx
كتب لي صديق، هذا الأسبوع: "قل لي ما هو الفرق بين هذا والمحرقة؟!؟" قلت له إنه لا توجد أي مقارنة، لأنه لا يمكن مقارنة أي شيء بالمحرقة، لكن الأمر الممكن هو استخدام امثالها لتمرير نقطة. وفي السياق الكارثي، فإن النقطة هي أن إنكارها يكاد يكون خطيرا مثل الجريمة نفسها. لأنها تحرر المجرم وتترك الضحية في الأصفاد. ومن هنا فإنه إذا كان هناك أي شخص يشك في عمليات الخطف أو يبحث عن ظروف مخففة - فاعلم أنك في زمرة مشكوك فيها من كبار السن الذين ليسوا على استعداد للنظر في المرآة. سواء كانوا قد فعلوا ذلك، او سواء صمتوا أو عملوا على تناسي الأمر.
ولكن (!) - وهذا هو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لي – هو ان "التسامح" اليوم لم يعد يهم أي شخص. من يأخذهم في الحسبان اليوم؟ في أيامنا هذه، لا توجد أي قيمة لهيمنتهم، وإذا كانت قائمة فقد تبخرت. كل الاستنتاجات الفكرية بشأنهم هي أقل إثارة للاهتمام من "متى سيصدر ستاتوبوس وتابورينيو اغنية جديدة". ولماذا؟ لأن الحقيقة خرجت الى النور: نحن كنا على حق وكان المنكرون على خطأ، فماذا علينا أن ننتظر؟ بالنسبة لي، هذا الانتظار المهذب للموافقة على الهيمنة هو أعظم خطيئة للبروليتاريا.
Xxx
بالنسبة لي، بالمناسبة، فإن شهادات الأسر كافية. لست بحاجة إلى إثبات. رجل يقول لي ان طفله اختفى، سأصدقه. بالنسبة لي تكفي أوامر منع النشر حتى 2066؛ تكفيني أوامر التجنيد من الدولة ومدفوعات التأمين الوطني التي بقيت تصل بطريقة غريبة. تكفيني العيون الحزينة للآباء الذين فقدوا الفرح والثقة بالوطن؛ تكفيني الأمهات اللائي تخوفن على مدار عقود من إرسال أطفالهن إلى المستشفيات خوفا من اختطافهم. وبالنسبة لمن ينبشون: "لقد حدث هذا منذ زمن طويل، دعونا نمضي قدما، لماذا ننبش الجروح؟" لا تنسوا من علمنا أن "نتذكر وألا ننسى أبدا".
بالنسبة لي، ليست هناك أي راحة في التفكير بأنه تم اعطاء الأطفال للناجين من المحرقة، كما يبدو. بل على العكس. لقد اجتزتم المحرقة والآن تقومون بنقل المحرقة الى شخص آخر؟ أكتاف المحرقة لم تعد قادرة على تحمل جميع المبررات لجميع خطايا هذه الدولة. وإذا سمعت مرة أخرى أحدهم يقول: "كانت الدولة في مهدها، كان هناك فوضى كاملة، وتشوشت الأمور"، سأصرخ: "ضع أطفالك في هذه الأحذية وانظر إذا كنت ستغفر." من المثير للاهتمام بالنسبة لي أن معظم "الأخطاء التي تم غفرانها" والتي قامت بها الدولة تمت بطريقة ما على ظهور الشرقيين: المعابر، الإسكان، المناطق الطرفية، الرش بالمبيدات والقمع الثقافي. انهم على حق، فعلا هذه كلها أخطاء دولة فتية. وعنصرية. الدولة التي غفرت للألمان بشكل أسرع بكثير مما غفرت للشرقيين لكونهم "غير أوروبيين".
Xxx
ولذلك تعتبر نادرة جدا تلك الشهادة التي قدمتها السيدة شولاميت مالك في تقرير تمار كابلانسكي المنشور في الأسبوع الماضي. أي شهادة مستقيمة قدمت. صحيح، انها لم تكن خالية من التبريرات الداخلية، ولكن بربكم: هل قدمت افادة شجاعة! اجيبوا سؤالي: كيف يمكن لثلاث لجان تحقيق رسمية ان تكون قد "فوتتها"؟

صحيح، من المؤسف أن الأمر استغرق 50 عاما حتى ادلت بإفادتها، ولكن، أحيانا، يجب على المجتمع أن ينضج حتى يصل إلى هذه الاستقلالية. وربما بدون النهضة الشرقية، ما كان من الممكن أبدا ظهور تعبير جديد لهذه القضية. أنا واثق، بالمناسبة، أن عددا غير قليل من كبار السن توجهوا إلى شولاميت، الأسبوع الماضي وادعوا: "شولاميت، لماذا يجب فتح الجروح القديمة؟" كبار السن الذين يعتقدون أن الحفاظ على الصمت هو الحل لجميع مشاكل الحياة. بعد ذلك يصابون بالقرحة وهم لا يفهمون لماذا. لأنه، أتعرفون ماذا، أنا أتراجع: أكبر جريمة لا تكمن في اختطاف الاطفال أو الإسكات. أكبر جريمة هي نقاء اليدين وغطرسة الماضي، التي التف بها بعض المخضرمين في هذه الدولة، في تغليف انفسهم بالقداسة الصهيونية الصالحة. من المؤكد انهم كانوا يعتقدون بأن هذا سيستمر إلى الأبد - لكن مصير البراز أن يعوم. ربما لم يعاقبوا في حياتهم على هذه الخطيئة – ولكنهم فقدوا القداسة الجماعية. وبالنسبة لي، من ناحية تاريخية انهم مجرمون ربما فعلوا في حياتهم امور جيدة ايضا. تماما مثل بابلو إسكوبار.
Xxx
"الحقيقة" لا تصبح حقيقة عندما يتم الكشف عنها فقط. الحقيقة هي حقيقة متأصلة. ومنذ اليوم: كل من يريد مواصلة الإنكار فليهنا بذلك، بالنسبة لي هو شخص بارد وساخر ولا تهمنا مصادقته على ما حدث. على أية حال، هذه المصادقة لا تصل إلى العالم، وإذا وصلت فانه يتم تغطيتها بتفسير مبرر وبتهرب من الذنب. سواء كان ذلك مع الفلسطينيين أو داخل شعبهم، آباؤنا المؤسسين أكلوا الحصرم وأسنانا تضرس لعقود أخرى على الأقل.
الآن اذن، وقد تم نشر الحقيقة، إذا كانت الحكومة الإسرائيلية لا تزال تهتم بالناخبين، فقد حان الوقت للتحقيق واستنفاد هذه القضية حتى النهاية وبشكل صحيح. تحقيق العدالة التاريخية هنا وتعويض أسر الأطفال المختطفين بأموال كبيرة. وعلى الرغم من أن هذا مطلوب - لن أسميه "مكافآت"، بل سأسميه بكل بساطة "عدالة".

التعليـــقات