رئيس التحرير: طلعت علوي

"عدي علي" أول ضحايا حرب غزة الوافدين إلى مشفى"المقاصد

الجمعة | 18/07/2014 - 02:52 صباحاً
"عدي علي" أول ضحايا حرب غزة الوافدين إلى مشفى"المقاصد

العدوان الإسرائيلي أصاب جسده بالشلل النصفي
 

 

القدس- أنهت القذيفة الصاروخية المنطلقة من طائرة اف ١٦ الإسرائيلية ، حلم الشاب عدي عبد الله علي في حياة طبيعية لطالما تمناها، بعد أن أضافت إلى عجزه عن السمع والكلام ، عجزا عن الحركة.
عدي عبد الله علي هو أول جرحى غزة الواصلين إلى مستشفى المقاصد الخيرية في القدس، يبلغ من العمر عشرين عاماً، لأسرة مكونة من أب وأم وأربعة أبناء، أصيب والده واثنين من اخوته بعد إطلاق الطائرات الحربية الإسرائيلية ثلاثة صواريخ متتالية، استهدفت الأسرة أثناء عملها في مزرعة للأبقار والأغنام خاصة بالعائلة، والمزرعة مجاورة لمنزل سكناهم في مدينة جباليا شمال القطاع، أما الإصابة الأخطر فكانت من نصيب عدي؛ حيث تسببت الغارة الجوية بقذفه في الهواء على ارتفاع عشرات الأمتار، وارتطامه بالجدار،ثم عاد إلى الأرض فاقدا للوعي لمدة ست ساعات.
بعد نقله إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، تم تشخيص حالة عدي على أنها كسور في فقرات القفص الصدري وفقرات العمود الفقري التاسعة والعاشرة والحادية عشر، أدت إلى تعطل عمل النخاع الشوكي بالكامل، ثم تم نقله إلى مستشفى المقاصد في القدس برفقة عمه، بناء على رغبة الأسرة التي رفضت تلقيه العلاج في مصر.
يصف العم يوسف علي حالة عدي قائلا: “ لقد أصبح عدي شديد العصبية بعد الحادثة، فالإصابة أضافت إلى حرمانه من حاستي السمع والبصر، شللا نصفيا في جسده سيحرمه الحركة والتنقل كما كان”، ويضيف: “ أحالت قلة إمكانيات مستشفى الشفاء دون إجراء عملية سريعة لعدي في الساعات الستة الأولى، فالمستشفى يعاني من نقص في كل شيء حتى الضمادات والقطن".

ويشير يوسف إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها مزرعة عائلة عبدالله سعيد علي لعدوان إسرائيلي، ففي العام ٢٠٠٨ تم إبادة المزرعة وهدمها بالجرافات، ومع أن العائلة لم تحصل على أية تعويضات للأضرار المادية، إلا أن رب الأسرة البالغ من العمر ٥٨ عاما استطاع أن يعيد بناء مزرعته، ولكن الطائرات الحربية الإسرائيلية عادت لتستهدف مزرعته مجددا، وأحالتها إلى ركام، وأصابت أفراد عائلته بجروح خطيرة، وقتلت الدواب٫ وتسببت أيضا في تضرر ما مساحته 1500 متر من الأرض المزروعة بأشجار الحمضيات.
ويتحدث العم عن الصعوبات التي تعرضوا لها أثناء عملية نقل عدي إلى المستشفى، فقوات الاحتلال قامت بتعطيل خدمة الاتصال السريع والمجاني لاستدعاء سيارات الإسعاف والطوارئ (١٠١)، إضافة إلى ضرب مقر الإسعاف في مدينة جباليا، وبعد تمكن الأسرة من استدعاء سيارات الإسعاف بمساعدة الجيران، لم تخل الطريق إلى المستشفى من المعيقات بسبب تتابع الضربات الجوية الإسرائيلية، وعمل الجرافات الفلسطينية التي تزيل ركام البيوت المدمرة. في حين استغرقت الرحلة من مدينة غزة إلى القدس ثلاث ساعات، قطعوا خلالها حاجز بيت حانون (إيرز)،  مستقلين سيارات إسعاف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
ويصف يوسف الوضع في قطاع غزة ب”المأساوي”، مستنكرا همجية الاحتلال الإسرائيلي الذي لا تميز هجماته بشرا ولا حجرا ولا شجرا، مضيفا أن الإسرائيليين بدوا وكأنهم قد استنفذوا بنك أهدافهم، أو فشلوا في تحقيقه، فيكثقون الضربات الجوية والبرية على منازل المدنيين المكتظة بالنساء والأطفال والشيوخ.
ويتحدث عن تردي وضع القطاع الصحي في قطاع غزة، وافتقار المستشفيات فيه لأبسط المعدات والأدوية والأجهزة الطبية، حيث تعاني من نقص الإمكانيات والكادر الطبي، إضافة إلى افتقاد عدد من المستشفيات لمولدات الكهرباء.
من جهته أكد أخصائي جراحة الأعصاب الدكتور هادي دبابسة، صعوبة حالة المصاب عدي علي، وتحدث عن وجود كسر في فقرات العمود الفقري والفقرات الصدرية نتيجة ارتداده من قوة الانفجار، وحدوث حالة شلل نصفي لديه. ويضيف دبابسة، وهو الطبيب الذي قام بإجراء العملية، أن عدي لم تعد لديه مقدرة على إعانة نفسه والقيام بوظائفه كالسابق، كما أنه لم يعد لديه تحكم وظيفي بمهام التبول والاخراج، ولا يوجد لديه اي احساس عصبي أو قوة عضلية في القسم السفلي من الجسم، إضافة إلى عدم قدرة النخاع الشوكي لديه على القيام بوظائفه بعد الآن.
ويضيف دبابسة أن عدي وصل الى المستشفى متاخرا، لذلك لم يكن بوسع الأطباء سوى إجراء عملية جراحية لتثبيت العمود الفقري المكسور من الفقرة السابعة وحتى الحادية عشر، بحيث يتمكن عدي من إعادة تأهيل نفسه للحركة عبر الكرسي المدولب أو أي جهاز مساعد للمشي، مؤكدا أن هذه الاعاقة اضافت صعوبة جديدة إلى حياة عدي، فبعد أن كان أصما قادرا على قضاء حوائجه بنفسه، أصبح اليوم بحاجة إلى مساعدة الآخرين.
وبحسب دبابسة فعدي الآن بحاجة الى اجراء عملية اخرى، لمساعدته على التبول والاخراج، واجراء فتحة من الأمعاء الغليظة مباشرة.
ومن جهة أخرى يتحدث الطبيب عن تأثير الإصابة على الوضع النفسي والعصبي لعدي، حيث أن الإصابة تسببت في حدوث ارتجاج دماغي مؤقت، ناهيك عن تعرضه لصدمة عصبية ونفسية قوية،بسبب تطور حالة الإعاقة لديه، وتنامي المأساة في حياته وجسده، فالأمراض الجسدية ستبدأ بملاحقته كالالتهابات المختلفة والتقرحات واحتمالية التعرض لجلطات في منطقة الرجلين، نتيجه تحوله إلى شخص مقعد.
ورحب أخصائي جراحة الأعصاب بكافة الحالات من الجرحى في غزة، وخاصة الحالات الجراحية الخاصة بالاعصاب، لا سيما أن المركز العصبي في المقاصد يعد اكبر مركز للجراحة العصبية في فلسطين، حيث يمتلك قدرة استيعابية وطبية عالية للتعامل مع الحالات الطارئة والحالات الاختيارية، ويضيف دبابسة : نعتبر استقبال جرحى غزة أمرا هاما لأداء واجبنا في خدمة أبناء وطننا في محنتهم، ووسيلة للتعبير عن جزء من وطنيتنا من خلال تقديم المساعدة الطبية لهم.
من جهتها تمنت الدكتورة سامية الكرد، مديرة دائرة العلاقات العامة في مستشفى المقاصد، أن يهتم الداعمون ورجال الخير بمثل هذه الحالات، لافتة إلى حاجة عدي وغيره من جرحى غزة المتوقع وصولهم إلى المستشفى خلال أيام إلى أجهزة طبية مساعدة ، أهمها الكرسي الكهربائي المتحرك الضروري لحالة عدي علي.
وكان الدكتور رفيق الحسيني، مدير عام مستشفى المقاصد الخيرية، قد أعلن عن فتح أبواب المستشفى، ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لاستقبال جرحى العدوان الإسرائيلي للحصول على العلاج المجاني، وخاصة فئة الأطفال التي تشكل ما يربو عن 4٠٪ من ضحايا العدوان، والذين بلغ عددهم أكثر من ٢٢٣ شهيدا و ١٦٠٠ جريح منذ بداية الحرب في الثامن من الشهر الجاري.

التعليـــقات