رئيس التحرير: طلعت علوي

اطلالة على الوضع السياسي الفلسطيني – الاسرائيلي

الأربعاء | 02/07/2014 - 09:45 صباحاً
اطلالة على الوضع السياسي الفلسطيني – الاسرائيلي

 محمد الخطيب /مخيم قلنديا


ثمة انكماش واضح في الحديث عنالسلام الفسطيني الاسرائيلي ومدى تعارضه مع المصالحة الفلسطينية الداخلية ، بالرغم من شذرات تصريحات او تعليقات هنا وهناك تصدر عن البعض ، الا ان الامر برمته لم يأخذ المساحة المرتجاة .
اقول هذا ليس تحفيزا للمعلقين والمصرحين والمتنفذين – سواء محبين ام كارهين – ولكني اقول هذا تطابقا مع حال نعيشه ونلمسه .
فالمثير في الامر ان المصالحة الفلسطينية على الرغم من غموضها قد اثارت حفيظة الاحتلال الذي اعتبر ان المصالحة عبارة عن عملية اعاقة للمفاوضات ان لم تكن اغلاقا لأبوابها ، مما خلق مناخا مناسبا لفرض رؤى سياسية تجافي العملية السلمية برمتها .
فحالة الارباك المنظم " الفوضى الخلاقة " غزت الوضع الفلسطيني بلا هوادة !!!
توقف المفاوضات ، الغاء تحرير بقية الاسرى المتفق على تحريرهم ، اتهام الرئيس وتهديده ، تلميع بعض الشخصيات والقاء الضوء عليها كمقدمة لتنصيبهم قادة للشعب الفلسطيني ، ادارة الضهر للقوانين الدولية ، هدم ما تم بناؤه من ثقة بالرغم من ضآلته ، افتعال قضايا امنية مشبوهة ، وغير ذلك الكثير من القضايا والتي كلها تبرز بجلاء كم ان الفوضى الخلاقة قد غزت وضعنا الفلسطيني الامر الذي معه يبرز السؤا الاتي :
الوضع الفلسطيني " القضية الفلسطينية " الى اين ؟
في تقديري وقبل الاجابة على السؤال لا يمكن النظر الى القضية الوطنية الفلسطينية بمعزل عن التطورات الاقليمية والدولية لما لها من انعكاسات سلبية كانت ام ايجابية ، تلكم التطورات التي يتوجب معها على القائمين على العملية السياسية ان تكون مهماتهم متشعبة ومنبثقة عن نقطة مركزية في الوقت ذاته لتكوّن عنصر جذب نحو الهدف الاسمى والذي انطلقت لأجله اطر الكفاح الوطني الفلسطيني بشتى الوانها ، وازاء ذلك فإني ارى ان افرادا بسطاء او متوسطي الثقافة يتمتعون في احايين كثيرة بسعة افق وبصيرة ثاقبة اكثر من قادة افنوا ردحا ليس يسيرا من اعمارهم في معمعان السياسة !.
فحري بؤلئك الذين يمتلكون قيادة شعوبهم ان يعلموا اكثر من سواهم ان ليس بقائد من يدفع شعبه الى اتون حرب لا قبل لهم بها وان يدفعهم الى مواطن اليأس امام عنجهية احتلالية فاقت الوصف .
ان برامج الحسم التي تقوم بها دولة الاحتلال لا يمكن وصفها الا بعمليات تدمير ممنهج نابعة من استراتيجية ومخطط لها بعناية .
فيبدو لي ان كثيرا من الساسة الاسرائيليون قد وجدوا في هذه الاضطرابات ضالتهم ليثبّتوا برنامجهم بإثبات مخططاتهم بدعوى ان هناك ردود افعال لا بد من حدوثها جراء بر بقسم او عهد قطعوه على انفسهم دون الوقوف امام ذواتهم لتجريد الذرائع واعلاء مفهوم ان لا خيار الا السلام ، وللحقيقة فإنهم يقدمون لشعوبهم شيئا اخر يؤمنون به يعلموه هم ولا يعلمه سواهم ا من خلال الترجمة القاتلة مصداقا لقول الامام الغزالي :-
ودعوى القوي كدعوى السباع
من الناب والظفر برهانها
وازاء ذلك فقد لا يطأطيء القائد رأسه للطغيان بل يظل رغم كل شيء شامخا ، ولكن حظوظه تتقلص حينما تزداد القوة قوة وحين تتمكن بحيالها من اقناع العالم بأنها تتحدث بلغة صادقة لا مراء فيها ، وضد مثل هذه القوة لا يوجد الا الصمود والانعتاق من هاجس الضعف متحليا بالارادة والتي هي :احساس دفين مرتبطا تلقائيا ومباشرة بالمعنويات المنبثقة عن الشعور النفسي والرافضة للانصياع للرغبة الا فيما يتوافق مع المعنوية ، وهي بمثابة الحارس للمعنويات من الغزو الكاسر لها من خلال تغليب الرغبة عليها ِ، وتتجلى الارادة دائما لدى الانسان المبدأي المتعمد في بحر العقيدة مهما كان منبعها فلا مجال لكسر الارادة بتغليب الرغبة عند العقائدي الراسخ .
فعلى الرغم من مساحة العالم الكبيرة الا انه اشبه ما يكون بقرية صغيرة ازاء الاحداث المفصلية التي قد تغير سياسة ما او تمس قضية حساسة او تغير ملامح معالم دولة على غرار ما يحدث الان في وطننا ، هذا الوطن الذي يعاني من التبعية الاقتصادية والضعف الصناعي والانساني الى حد يثير الهلع والذي يتعرض لهجوم احتلالي شرس تقوده طغمة يمينية بحجة القضاء على الارهاب جراء عملية الخطف المزعومة التي تعرض لها ثلاثة من الاسرائيليين والتي ادعت انها صناعة فلسطينية .
فمما لا شك فيه ان الطحان الدائر حاليا يرتبط ارتباطا جدليا بالتطورات السياسية على الصعيد اداخل الاسرائيلي وعلى الصعيد العالمي والذي نحن جزء منه ، فلقد ظهر جليا ان هناك معسكرات قد تحالفت لصد ما اسموه بالارهاب مما يعني انه تم استقطاب كل الدول والزعامات التي ترهب المد الوطني لتعبر بموقفها هذا عن ازمة سياسية يعيشها العالم .
ولعل من ابرز ملامح المس الجوهي بالقضية الفلسطينية ان المعضلة السورية قد حولت انظار العالم عن القضية الفلسطينية واحالتها الى درجة تدنيا في سلم الهموم السياسية الدولية خاصة وان الدولة التي من المفترض ان ترعى العملية السياسية وتسهم في صنع السلام هي نفسها التي تمول الحرب في دول عدة وفي الوقت ذاته فإن الدول العربية والاسلامية قد باتت تعير الاهتمام الأكبر لحالة الترقب التي تمر بها تحسبا لحصول تطورات قد تمس جوهر دول اخرى غير سوريا والتي بمسها قد تتغير مواقف وبارمج وسياسات عديدة تعيد ترتيب المنطقة بشكل قد يؤجل البت في القضية الفلسطينية ويزيد من اشعال لهيب الازمة الامر الذي قد يمنح اسرائيل فرصة اكبر لممارسة طقوسها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني في ظل ازمة عالمية وانشغال دولي وتشتت عربي واسلامي والذي يعني بمجمله بقاء الفلسطينيون في ساحة الصراع لوحدهم مقابل خصم استغل الظروف لتمرير اهدافه .
وفي خضم تلك الاحداث فليس غريبا ان تستغل اسرائيل حالة الحرب الدائرة في سوريا التي تربط فيها بين القضية الفلسطينية لتعتبر ان النضال الفلسطيني يصب في مصب التطرف القومي الذي لا ترتضيه امريكا وحلافاؤها بل تعتبره ارهابا مما يعني خلط النضال المشروع بالارهاب الممنوع مما يتيح فرضية مكافحة الارهاب التي تكون مبررا لقمع المسيرة النضالية السلمية للشعب الفلسطيني .
وختاما اقول : على وهج الاحداث اللاهبة في اتون الصراع والتي تشي بنذير شؤم قد يلف المنطقة بأسرها فلا بد من وقفة تقييمية واعادة قراءة الواقع للوصول الى استخلاصات ونتائج تعمل على خدمة السلام المنشود لدى شعوب المعمورة عامة والشعبين الفلسطيني والاسرائيلي خاصة .

التعليـــقات