رئيس التحرير: طلعت علوي

التجارة الخارجية داعمة للبناء الاقتصادي

الأربعاء | 26/12/2018 - 10:19 صباحاً
التجارة الخارجية داعمة للبناء الاقتصادي

 

تحقق التجارة الخارجية السعودية، ارتفاعا متواصلا، ما يعزز الاستراتيجية الاقتصادية الوطنية العامة، في الوقت الذي تشهد فيه الصادرات تنوعا مطلوبا أيضا ضمن إطار "رؤية المملكة 2030"، بينما ارتفعت في الوقت نفسه العائدات من الصادرات النفطية في الأشهر الماضية، وذلك في ظل ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. ولا شك أن الارتفاع الذي حققته التجارة الخارجية في الأشهر التسعة الماضية يمثل دفعة جديدة على طريق التنمية الاقتصادية عموما، ومسيرة تنفيذ "رؤية المملكة" خصوصا. وتمثل التجارة الخارجية محورا رئيسا في شكل الاقتصاد السعودي الجديد، الذي يتم رسم معالمه في الوقت الراهن، في حين تتنوع القطاعات الأخرى، التي تسهم مباشرة في دعم الحراك التنموي العام.
ففي الأشهر التسعة الماضية، ارتفعت التجارة الخارجية للسعودية 26 في المائة، لتصل إلى 1.18 تريليون ريال، وتزامنت في الواقع مع وصول الميزانية العامة للمملكة للعام المقبل إلى ما فوق التريليون ريال. وتمثل التجارة حجر الأساس بالطبع في العوائد الوطنية، وتخضع في الواقع للتطوير المستمر، بعدما وصل الفائض في الفترة المشار إليها إلى مستويات إيجابية مرتفعة أيضا. فالصادرات في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 41.6 في المائة، في حين أن الواردات لم ترتفع أكثر من 0.6 في المائة؛ أي ما يوازي ملياري ريال. ويبدو واضحا أن الاتجاه الإيجابي للتجارة الخارجية يمضي قدما وفق المسار الموضوع له، مع تحولات لافتة في هذا القطاع الحيوي المحوري.
ومن اللافت أيضا، أن الصادرات غير النفطية السعودية تحقق زيادة صحية ومتواصلة، وهذا يعتبر أيضا محورا رئيسا ليس فقط في دعم العوائد المالية، بل في تمكين المسار الخاص بتنويع مصادر الدخل؛ حيث تعتمد القيادة العليا في المملكة على هذا الجانب كشكل ثابت من أشكال الاقتصاد المستدام. وظهر هذا الأمر جليا في الميزانية العامة، التي أعلنت أخيرا؛ حيث سجلت عوائد القطاعات غير النفطية ارتفاعا بلغ أكثر من 40 في المائة. ومن هنا يمكن النظر إلى الجانب غير النفطي في أرقام التجارة الخارجية الأخيرة، بأنه يحقق أيضا قفزات جيدة ومتوقعة في الوقت نفسه. ففي العام الماضي، ارتفعت الصادرات غير النفطية 8.9 في المائة لتبلغ أكثر من 190 مليار ريال. في حين تراجعت الواردات غير النفطية بأكثر من 5 في المائة. وهذه أيضا نقطة إيجابية مهمة في هذه المرحلة.
وفي المرحلة المقبلة، ستشهد الصادرات غير النفطية ارتفاعات مختلفة، خصوصا بعد استكمال كثير من المشاريع الصناعية الإنتاجية. في حين أن أسعار النفط المتأرجحة حاليا ستواصل تعزيزها للعوائد الوطنية الناتجة عن هذه التجارة. دون أن ننسى أن الاقتصاد السعودي يجري بناؤه حاليا على أسس التنوع، والأهم وفق القاعدة المستدامة في الاقتصادات المتقدمة. فتوسع نطاق السلع غير النفطية سيؤدي بالضرورة إلى استدامة مطمئنة في التجارة الخارجية للبلاد، مع التأكيد على ريادة السعودية في المجال النفطي ليس من حيث القدرة الإنتاجية فقط، بل من جهة النفوذ الأكبر لها في السوق النفطية العالمية. ستكون التجارة الخارجية في السعودية أساسا من الأسس التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني الجديد، كما أنها ستشهد أشكالا جديدة من السلع والخدمات التي توفر العوائد المالية الداعمة للبناء الاقتصادي الشامل.

 

©الاقتصادية

التعليـــقات