رئيس التحرير: طلعت علوي

إسرائيل ماذا تريد من الفلسطينيين والعرب؟ محمد خضر قرش – القدس

الجمعة | 11/07/2014 - 12:20 صباحاً
إسرائيل ماذا تريد من الفلسطينيين والعرب؟ محمد خضر قرش – القدس


من الصعوبة بمكان وصف إسرائيل بأنها دولة تحترم القوانين الدولية وتقيم وزنا لها وتهتدي بالمعايير والقواعد والأسس التي تلتزم بها الدول المحترمة ذات التاريخ. فمن غير الممكن أن تجد دولة أنشئت بقرار من الأمم المتحدة ولا تلتزم بقراراتها بل وتدير ظهرها لكل ما يصدر عنها ولا تأبه بها.ومن المستحيل أن تجد دولة في حالة حرب مستمرة ومتصلة منذ 67 عاما، ومن الأمر من ذلك وأدهى أن تجد دولة أو شبه دولة أو عصابة منظمة تستسهل اتخاذ قرار الحرب في دقائق معدودات كما تفعل إسرائيل. فمنذ أن زرعتها المصالح الاستعمارية في قلب الوطن العربي رسميا كدولة عام 1948 وهي تتآمر وتمارس القتل لوحدها أو مع الآخرين بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن الصعب جدا أن لا تجد آثار مجازرها واعتداءاتها في كل ركن من فلسطين ومصر ولبنان وسوريا والأردن والعراق وتونس والسودان .

ومن سابع المستحيلات أن تجد دولة بدون دستور دائم لها أو حدود مرسومة ومعترف بها بعد قرابة 7 عقود من انضمامها لعضوية الأمم المتحدة.لقد امتدت اعتداءاتها إلى أعالي البحار الدولية عبر القرصنة وإلى الفضاء الخارجي عبر خطف الطائرات وباتت باختصار دولة فوق القانون الدولي لا تخضع له وتطلب أن يخضع الآخرون له وتستثني نفسها بحجج وأوهام زئبقية واهية. فالدول العربية وإيران يجب أن تنصاع وتنضم إلى معاهدة حظر انتشار السلاح النووي و تخضع منشآتها النووية للتفتيش ،أما هي فمن حقها أن يكون لديها سلاح نووي غير خاضع لأي رقابة أو حظر ،باعتبارها دولة مهددة تعيش في وسط غابة من الدول غير الديمقراطية المتوحشة !!!!.فوفقا لوجهة نظرها المفلسة لا يجوز للدول الاستبدادية والشمولية وغير الديمقراطية أن يكون لها الحق في تطوير قدراتها النووية والتكنولوجية وعليه فهي في سبيل حماية السلام والأمن في الشرق الأوسط تقوم بين فترة وأخرى بتدمير أية مفاعلات لدى العراق وسوريا ،فهذا تعتبره حق لها بل من واجبها فعل ذلك.وعلى الدول الأخرى أن لا تسألها أو تلومها أو تنتقدها أو تدينها وكل من يفعل ذلك يعتبر مشجعا للإرهاب ومؤيدا له .فهي واحة الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة وجيشها لديه أخلاق عالية جدا!! فهو لا يقدم على قتل المدنيين ولا يدمر المدارس والمصانع ولا الحافلات ولا المخيمات.فأخلاق جيشها تماثل تماما أخلاق الجيش الأميركي الإنساني في فيتنام والعراق والصومال والباكستان وأفغانستان ، فهي لا تفعل أو تمارس أكثر مما قامت به الولايات المتحدة الأميركية في قصف ملجأ العامرية في بغداد وتعذيب الناس في سجن ابوغريب ونزع آدمياتهم الإنسانية وقتل المدنيين المسالمين في الجوامع والبيوت والمصانع والمدارس.
إسرائيل ماذا تريد ؟؟


على ضوء ما تقدم يصبح طرح السؤال إسرائيل ماذا تريد؟ ليس بديهيا أو غريبا لأنه في الحقيقة يفسر سلسلة السياسات العدوانية المتكررة في المنطقة.فالتوغل المفرط في استخدام القوة والسطو على حقوق الشعوب(وأحيانا نفي وجودها) وتراثها وتاريخها وتمزيقها بدون حدود أو مبررات قانونية أو أخلاقية أو دينية أو تاريخية، هو في صلب العقيدة العسكرية الإسرائيلية بل والمحرك لها. وباختصار شديد فهي تريد ما يلي: أن تحتل أي أرض ترغب بها بغض النظر عمن هم أصحابها وأن تسفك الدماء وان تصادر الأملاك والعقارات وأن تبني المستعمرات وتطرد السكان وتهود القدس وتنفي الوجود الفلسطيني والعربي والإسلامي فيها وتحاصر قطاع غزة وتمنع عنه أساسيات الحياة وتتمنى أن تتمكن في يوم ما، بوقف أو منع الهواء عن السكان .أو كما قال ذات مرة اسحق رابين "أتمنى أن استيقظ ذات صباح وأرى البحر وقد بلع القطاع كله". كما تريد أن تضم الجولان السوري وتهدم البيوت وتقيم الجدران العازلة وتمارس سياسة الترهيب وتعتقل حينا وتقتل حينا آخر كل من يطالب بحقوقه بحجة محاربة الإرهاب واللاسامية. وتريد أن يكون للمستوطنين القادمين من كل بقاع الأرض أحقية العيش في كل فلسطين والذين لم يسبق لهم أن سمعوا فيها من قبل بما في ذلك بناء المستعمرات على حساب الفلسطينيين والسوريين في الجولان. وإسرائيل تريد أن يكون لطيرانها الحق في التحليق في كل أجواء الشرق الأوسط من إيران وحتى موريتانيا دون أن يحتج احد عليها بما في ذلك شن الغارات عند اللزوم، لأنها تفعل ذلك من اجل السلام ونشر الديمقراطية ومن ثم حماية أمنها ومستقبلها المهدد من الوحوش الكاسرة العربية والإرهاب الإسلامي !!! وهي تريد أيضا أن تكون كلمتها هي العليا وسياستها هي المرجعية والفصل في كل شيء .وبالإضافة إلى ما تقدم، أو على البيعة كما يقول المثل الشعبي الفلسطيني" تريد من الفلسطينيين والعرب وفوقهم المسلمين  أن لا يقاوموها أو يعترضوا عما تقوم به من أعمال واعتداءات بما في ذلك قتلهم ومصادرة أرضهم واعتقالهم وممارسة التمييز العنصري ضدهم ، أن يذهبوا إليها ويشكروها على ما تفعله بهم على أن يجلبوا أو يحضروا معهم مياه معدنية نقية وصابون ذا نوعية غير مسبوقة ومناشف حرير كشميرية ويغسلوا أياديها الملطخة بالدماء الزكية الفلسطينية والعربية ويقولوا لها شكرا لأنك اغتصبت الأرض وانتهكت العرض وبنيت المستعمرات فوق أرضنا وأرض أجدادنا وقمتِ بتهويد القدس وألغيت تاريخنا منها بما فيها المسجد الأقصى المبارك وهدمت البيوت ودمرت المخيمات وقتلت بدم بارد كل الوطنيين الشرفاء ونقر لها بحقها في فلسطين وأننا ليس أكثر من غرباء على هذه الأرض وان ما قاله الشاعر محمود درويش بقصيدته الرائعة " أيها العابرون بين الكلمات العابرة احملوا أسماءكم وانصرفوا واسحبوا ساعاتكم من وقتنا وانصرفوا " إنما قالها عنا نحن وليس عنكم وكان يقصدنا نحن وليس انتم. وبعد كل ذلك سنقيم لكِ السرادق الضخم ونقف أمامكِ ونحن نحمل العطور الفرنسية لتطهري وتعطري يديك من الجرائم والقتل التي ارتكبتيها بحقنا ".
لا تستغربوا فهذا ما تريده إسرائيل منا حقيقة، هي لم تقل ذلك علنا بعد، لكنها طلبت منا أن نعيد كتابة التاريخ بأقلام إسرائيلية وأن نُدرس أولادنا والأجيال القادمة بأنه لا حق لنا في فلسطين ولا يوجد هناك نكبة عام 1948، وان فلسطين هي أرض الدولة اليهودية.

التعليـــقات