رئيس التحرير: طلعت علوي

أمام الكونجرس .. رأس «فيسبوك» ينجو بالمراوغة

السبت | 14/04/2018 - 08:30 صباحاً
أمام الكونجرس .. رأس «فيسبوك» ينجو بالمراوغة


   
نفذ مارك زوكربيرج حيلة بارعة في سيرك الكونجرس: الحفاظ على رباطة الجأش. بعد التباطؤ في السيطرة على أزمة شركة كامبريدج أناليتيكا، ظهر مدى إتقان زوكربيرج للبروفات التي كانت تعده لجلسة الاستماع.
كان يرتدي بدلة وتعابير وجهه جدية. كلمة "نعم" التي يرددها باستمرار حين يكون متوترا.


دخل الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك الغرفة المليئة بالحضور، وجلس على مقعد مرتفع حيث كان 37 مصورا يلتقطون صورا له. وبعد خمس ساعات من ذلك، كان قد خضع لاستجواب من 42 من أعضاء مجلس الشيوخ حول خصوصية المستخدمين، وشركة كامبريدج أناليتيكا، والتدخل الروسي في الانتخابات.


كان أداؤه أفضل من المتوقع من شركة فيسبوك: لقد بدا على استعداد لقبول الخضوع للقوانين التنظيمية، من دون الموافقة على التفاصيل، وملتزما بنموذج أعمال الشركة القائم على الإعلانات المستهدِفة الناتجة عن جمع البيانات، دون أن يبدو عليه الجشع.
ارتفعت أسهم فيسبوك خلال جلسة الاستماع، بزيادة 4.5 في المائة لتصل قيمتها إلى 165 دولارا.
قال دانيال آيفز، كبير المسؤولين الاستراتيجيين في GBH Insights، إن المخاوف من أن تكون جلسة الاستماع "أشبه بفيلم ’روكي‘ الذي يتلقى فيه الملاكم ضربات متتالية في الكونجرس" لا أساس لها من الصحة.


وقال: "هذه أكثر 48 ساعة أهمية في حياة زوكربيرج المهنية، وحتى الآن نجد أن أداءه يفوق بشكل كبير التوقعات".
كان زوكربيرج مترددا في الإدلاء بشهادته، فأرسل محامي الشركة العام إلى جلسات استماع حول المعلومات المضللة الروسية في انتخابات العام الماضي. قبل أسبوعين فحسب قال إنه سيحضر الجلسة، إذا كان أفضل شخص يقوم بذلك من شركة فيسبوك.
بعد أن كان صاحب مشاريع صغير السن وذا شخصية محيرة وغريبة إلى حد ما، نضج ليصبح متحدثا مؤهلا أمم الجمهور، لكنه ظل يخاطر بأن يظهر إما بمظهر الإنسان الآلي الرتيب فوق الحد أو المثالي فوق الحد، حين أخذ يبشر بمهمته في حين أن الكونجرس يريد منه إصلاح الخلل في فيسبوك.
حاول زوكربيرج أن يناشد ذوي المشاعر الرومانسية، مؤكدا على كيفية قيامه ببناء الشركة من "غرفة نومه في الجامعة" وكذلك القوميين الاقتصاديين، مشيرا إلى تهديد المنافسة من شركات التكنولوجيا الصينية.


كان أعضاء مجلس الشيوخ أقل جماعية - وفشلوا في التوحد حول أي اقتراح للتشريعات. انتقد أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين زوكربيرج وتحدثوا بجدية عن القانون التنظيمي. بيد أن الجمهوريين كانوا أكثر انزعاجا من الديمقراطيين، إذ شعروا بالقلق من أن التشريع يمكن أن يفيد الشركات القائمة، ويضغط على أنفاس الشركات الناشئة.
قال السناتور جون كينيدي، وهو جمهوري، إنه لا يريد أن يضطر إلى التصويت على تكبيل شركة فيسبوك بالقوانين - ولكنه سيفعل إذا لم يتخذ زوكربيرج إجراء. اشتكى من أن اتفاقية المستخدمين في شركة فيسبوك "سيئة". وقال: "الغرض من اتفاقية المستخدمين هو تغطية حماية ظهر شركة فيسبوك، وليس إعلام المستخدمين بحقوقهم".


زميله عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ليندسي جراهام ضغط عليه بشأن هوية منافسي شركة فيسبوك. سأله "ألا تشعر وكأنك صاحب احتكار؟" أجاب زوكربيرج قائلا: "بالتأكيد لا يبدو الأمر كذلك بالنسبة لي"، وهو ما أثار ضحك الحضور.
كان يبدو على كثير من أعضاء مجلس الشيوخ أنهم لا يفهمون كيفية عمل شركة فيسبوك، ما سمح لزوكربيرج بالتملص من تفاصيل استخدام البيانات، وكثيرا ما يكرر أن فريقه سوف يعود إليهم.
وقال جيمس بيثوكوكيس، محلل السياسة الاقتصادية في معهد أمريكان إنتربرايز، إن أعضاء مجلس الشيوخ أظهروا أن لديهم "فهما قليلا" لكيفية جمع شركة فيسبوك المال والتغييرات التي حدثت فيها منذ الكشف عن فضيحة شركة كامبريدج أناليتيكا.
وقدمت السيناتور كامالا هاريس، وهي ديمقراطية من ولاية كاليفورنيا، واحدة من أكثر عبارات التوبيخ مدعاة للانتباه.


وقالت: "خلال جلسة الاستماع هذه، في الساعات الأربع الأخيرة، طُرحت عليك عدة أسئلة حرجة لا تتوافر لديك إجابات عليها. تضمنت هذه الأسئلة ما إذا كان بإمكان شركة فيسبوك تتبع نشاط تصفح المستخدمين حتى بعد تسجيل خروج المستخدم من شركة فيسبوك، وما إذا كان بإمكان شركة فيسبوك تتبع نشاطك عبر الأجهزة حتى عند عدم تسجيل الدخول إلى شركة فيسبوك".
كان زوكربيرج أيضا مراوغا إلى حد ما بشأن موضوع القانون التنظيمي. وافقت شركة فيسبوك بالأصل على قانون الإعلانات الشريفة، حيث نفذت كثيرا من قواعد هذا القانون المتعلقة بالتحقق من المعلنين السياسيين قبل حتى أن يتم إقرار القانون. الشركة لا تزال حذرة بشأن محاولات أخرى في القانون التنظيمي.


هز السيناتور إد ماركي، وهو ديمقراطي من ماساتشوستس رأسه دلالة على الإحباط بعد أن سأل عما إذا كانت شركة فيسبوك ستدعم تشريعه المقترح لضمان أن المستهلكين سيضطرون إلى أن يختاروا الانضمام لأي خدمة تبيع أو تنقل بياناتهم.
قال زوكربيرج مرتين إنه يتفق مع "المبدأ" وإنه يوافق على اتخاذ مزيد من التدابير لحماية خصوصية الأطفال عبر الإنترنت، "كمبدأ عام" ولكنه لم يكن واضحا حول كيفية تحديده لمفهوم اختيار المشاركة في البيانات.


وقال مايكل كونور، المدير التنفيذي لمنظمة Open MIC، وهي منظمة غير ربحية تعمل مع المساهمين النشطين من أجل الضغط على الشركات: إن أداء زوكربيرج كان "مقبولا" بدلا من "ممتاز": "كان مستعدا بشكل جيد ومدربا بشكل جيد، ولكن عندما تحلل إجاباته فعلا، لم يقل أي شيء جديد، ولم يلتزم بأي شيء، ولم يضع خطة للمستقبل".
وقال كريس ألييري، مؤسس ومدير شركة Mulberry Astor الاستشارية للاتصالات، إن شركة فيسبوك لم تتمكن من تغيير القصة من حيث ارتكاب الأخطاء ثم الاعتذار مرة أخرى. وأضاف: "من وجهة نظر المستخدم العادي، لا أعرف ما إذا كنت سأنظر إلى شركة فيسبوك بشكل مختلف بعد هذا".


وقال إريك جولدمان، أستاذ القانون في جامعة سانتا كلارا، إن المسرح السياسي لن يكون له أي تأثير في أية قوانين تنظيمية خاصة بشركات الإنترنت التي تظهر بالفعل. وقال إن أعضاء مجلس الشيوخ الفرديين كانوا يطرحون الأفكار، إلا أنه دون أن تصطف القيادة الجمهورية خلفهم، فمن غير المرجح أن يحققوا أية نتيجة.
وقال إنه بدلا من الأحداث اللافتة للنظر مثل هذه، فإن الاختبار الحقيقي سيأتي في جلسات استماع أقل بروزا في الكونجرس تتناول قضايا محددة، مثل جلسة استماع مجلس النواب التي طُلِب عقدها للنظر في مسألة تحديد أولويات البيانات. "هذا هو المكان الذي يكمن فيه العمل، وليس في جلسات استماع زوكربيرج".


قد يختار أعضاء الكونجرس تكرار الأسئلة من مجلس الشيوخ - أو يمكنهم غزو خصوصية زوكربيرج لرؤية ما يتوقعه. التقط مصور لقطة مكبرة لملاحظاته المختصرة. تُظهر الصورة كيف أنه رد بقوة على تيم كوك من خلال انتقاد خصوصية شركة أبل.
ولم يسأل أحد من الحزبين في مجلس الشيوخ عن قيادة زوكربيرج للشبكة الاجتماعية، حيث يشغل مناصب الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة والمساهم المسيطر.
ولو سألوه، لكان زوكربيرج قد قال: "أنا أسست شركة فيسبوك. وهذه قراراتي. أنا ارتكبت أخطاء. التحدي كبير، لكننا حللنا المشكلات من قبل، وسوف نحل هذه المشكلة. لقد اتخذنا الإجراءات اللازمة منذ فترة".


إطار
مسائل القبول
السناتور ريتشارد بلومنثال، ديمقراطي من ولاية كونتكت، عرض على زوكربيرج لوحة عريضة طبعت عليها عبارة مأخوذة من أحكام الخدمة. كانت هذه الأحكام التي يقول ألكساندر كوجان، الأستاذ في جامعة كامبريدج الذي وضع تطبيق الاستبيان، إنه أعطاها إلى شركة فيسبوك، التي قال إنه يستطيع بيع معلومات المستخدمين إلى شركة كامبريدج أناليتيكا، وهو ما فعله.
نفى الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك أنه اطلع على أحكام الخدمة المتعلقة بتطبيق الاستبيان من كوجان، التي نشرت في صحيفة فاينانشيال تايمز قبل نحو أسبوعين.


وحين ألح عليه السناتور بلومنثال، قال إنه لم يتم فصل أحد لأنه لم يتفحص أحكام الخدمة على الوجه السليم حين تم تحميلها. وسأل السناتور زوكربيرج إن كان هذا نوعا من "العمى المتعمد" وخرقا لاتفاقية الخصوصية مع اللجنة الفيدرالية للتجارة. وقال زوكربيرج أنها لا تخرق الاتفاقية مع الجهاز التنظيمي الأمريكي.
كذلك ادعى زوكربيرج أن شركة فيسبوك لم تمنع شركة كامبريدج أناليتيكا في عام 2015 حين اكتشفت التسريب الذي أثر في 87 مليون مستخدم، لأنها لم تكن في ذلك الحين من الشركات المعلِنة.


بعد استراحة قصيرة ونقاش مع مستشاريه، عاد ليصحح السجل: شركة كامبريدج أناليتيكا أصبحت شركة معلِنة في ذلك العام – ومع ذلك لم تحظرها شركة فيسبوك.
لقد اكتفى زوكربيرج بوصف المستخدمين البالغ عددهم 87 مليونا الذين تم تسريب بياناتهم من قبل شركة كامبريدج أناليتيكا بـ"الضحايا".

 

هانا كوتشلر وريتشارد ووترز من واشنطن

التعليـــقات