آلان ويتلي
يستخدم عدد أقل من المصارف في بلدان الشمال الأوروبي النقد في فروعه. وقد ألغت الهند في الآونة الأخيرة 86 في المائة من أوراقها النقدية. وتعتزم كوريا وقف سك العملات المعدنية بحلول عام 2020. وتشهد المدفوعات عبر الإنترنت طفرة. فالمسيرة نحو المجتمع غير النقدي على ما يبدو لا يمكن وقفها.
ويشعر الشباب بصفة خاصة فضلا عن هؤلاء الأفضل حالا والأفضل تعليما بارتياح متزايد في الدفع بواسطة البطاقات أو الهاتف النقال. ففي هولندا، على سبيل المثال، عدد معاملات البطاقات تجاوز النقد NEPS 2016 لأول مرة في عام 2015.
لكن انتظر. في الاقتصادات المتقدمة الأخرى، بما في ذلك النمسا وألمانيا واليابان وسنغافورة وسويسرا، لا يزال النقد هو الملك ولا يظهِر أي علامة على التخلي عن عرشه. فعلى الصعيد العالمي، ربما 85 في المائة من جميع المدفوعات لا تزال تتم نقدا.
ويقول إيف ميرش، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي "إن المجتمع غير النقدي جذاب، كما قد يبدو، هو على الأرجح بعيد المنال مثله في ذلك مثل العمل المكتبي غير الورقي الذي كثر امتداحه".
وليس هناك سبب كامن يجعل من المتعين أن يبقى النقد على قيد الحياة إذا ما تطورت وسيلة أكثر كفاءة للدفع. فقد كانت الأصداف البحرية أيضا وسيلة مفيدة للتبادل قبلا.
ولم تدخل الأوراق النقدية حيز الاستخدام حتى أصبحت المطبعة منتشرة على نطاق واسع ويمكن الاعتماد عليها بدرجة كافية.
وحسب قول سيسيليا سكينجزلي، نائب محافظ بنك السويد المركزي Riksbank "اليوم نستطيع أن نقول عن تكنولوجيا الاتصالات الحديثة نفس الذي قلناه عن المطابع في القرن الـ 17. فالوصول إلى الإنترنت منتشر، وأجهزة الكمبيوتر، والهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية صارت من اللوازم المنزلية. وهكذا، فإن الظروف مهيأة لإطلاق أشكال دفع تعتمد أكثر على التقنيات الإلكترونية".
وتلعب السويد دورا رياديا في التحول إلى المجتمع غير النقدي. فالنقد يستَخدم الآن في 15 في المائة فقط من المعاملات عند نقاط البيع. فنظرا إلى ارتفاع تكاليف توزيع النقد في البلاد قليلة الكثافة السكانية، فإن أقل من نصف المصارف السويدية لا يزال يتعامل بالنقد. والأمر الاستثنائي هو أن النقد المتداول تراجع بما يقرب من 15 في المائة بين عامي 2007 و2015، وحتى باعة مجلة "ستوكهولم" لمن ليس لهم مأوى يقبلون الدفع عبر الهاتف النقال.
ويعتمد نجاح التوسع الرقمي لمدفوعات التجزئة على وفورات الحجم وآثار الانتشار الشبكي. ففي حالة السويد الصديقة للتكنولوجيا، كان المستهلكون والتجار على حد سواء سعداء بالتخلي عن النقد. وتم تعزيز هذا الاتجاه بفضل تاريخ طويل من التعاون بين أكبر المصارف في السويد، التي تشترك في إدارة البنية التحتية للمدفوعات في البلاد. وعليه، فإن خدمة جديدة تمكن المدفوعات في الوقت الحقيقي استطاعت فورا الوصول إلى غالبية السكان.
وقال بيورن سيجندورف، من إدارة الاستقرار المالي في بنك السويد المركزي، لمجلة التمويل والتنمية "لكن إذا نظرتم إلى بعض البلدان الكبرى، كألمانيا أو الولايات المتحدة مثلا، فلديكم كثير من اللاعبين الأكثر أهمية لدرجة أنه من الصعب إيجاد هذا الجو من التعاون".
وكلما زاد عدد المستخدمين منصة بعينها أصبحت أكثر جاذبية ــ مثل موقع فيسبوك. فقد انطلقت خدمة الدفع بواسطة الهاتف النقال M-PESA في كينيا لأنه كانت هناك شركة واحدة مهيمنة للهاتف النقال، وهي سفاري للاتصالات Safaricom، في بلد يتمتع فيه عدد قليل من الناس بنفاذ لخدمات المصارف: فقد كانت الحاجة ماسة لانفتاح السوق.
وقال كيم هوين، من بنك كندا المركزي، لمجلة التمويل والتنمية "إن خدمة M-PESA هي حالة جيدة من الآثار الخارجية للشبكات التي من شأنها تشجيع الاستخدام غير النقدي" مضيفا أنه "في كندا، تعد بطاقات الائتمان اللاتلامسية contactless قضية مماثلة". فقد زاد استخدامها ثلاث مرات بين عامي 2009 و2013 Fung,) Huynh, and Stuber 2015).