رئيس التحرير: طلعت علوي

التعليمات الخاصة بقانون ضريبة الدخل بين تطبيق القانون وتعليقه

الجمعة | 03/06/2005 - 10:51 صباحاً

التعليمات الخاصة بقانون ضريبة الدخل
بين تطبيق القانون وتعليقه


 رجائي يوسف القيسي / أمين سر جمعية مدققي الحسابات

جاء إصدار التعليمات الخاصة بقانون ضريبة الدخل رقم 8 /2011 ونشرها في الجريدة الرسمية وبما حوته من تفاصيل لم يأت بها القانون وكأنها جاءت لتصدق المقولة القائلة ( انك تجد في النهر ما لا تجد في البحر )
ورغم تقديري الشديد لجهود لجنة تسيير الحوار بين الحكومة والقطاع الخاص حول قانون ضريبة الدخل والقوانين والإجراءات الأخرى ذات العلاقة بالشأن المالي والاقتصادي والحياتي وتداعياتها والتي توصلت لانجازات يمكن معها القول أن الهوة قد تم جسرها فيما بين نظرة القطاع الخاص للمسائل المطروحة ورؤية الحكومة في كيفية التعامل معها وقد تجلت تلك الانجازات في التوافق على تعديل عدد من مواد قانون ضريبة الدخل  رقم 8 لسنة 2011بشكل خاص  والاتفاق على مسائل أخرى تهم المواطن وتطال بعض جوانب حياته 
مع ذلك فان هذه التفاهمات تبقى تفاهمات ما لم يتم تعديل القانون بنفس الكيفية التي صدر بها او عبر المجلس التشريعي حال انعقاده وعلى ذلك يبقى القانون بوضعيته قبل التفاهمات سيد الموقف ويبقى أساسا للتحاسب وأساسا لتقديم الإقرارات الضريبية وأساسا لإصدار التقديرات وأساسا لجباية الضريبة
بهذه الوضعية وهذا الحال يتبين أن مكلفي الضريبة بين بديلين إما نفاذ القانون رقم 8 لسنة 2011 واستخدام تعليمات القانون رقم 17 لسنة 2004 وفقا لما تنص عليه المادة 45 من القانون الجديد  القانون رقم 8 لسنة 2011 رغم أن القانون المذكور يختلف اختلافا بينا في العديد من القضايا عن القانون رقم 17 حيث جاء القانون الجديد بمواد تناولت مسائل لم يتم التطرق إليها فيما سبق من قوانين او ما سبق من تعديلات على القانون موضوع البحث وبالتالي فان تعليمات القانون رقم 17 لسنة 2004 لا تصلح بالمطلق لان تكون تعليمات للقانون رقم 8 لسنة 2011 مستذكرين أن القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل الصادر في العام 2008 لم يتم إصدار تعليمات لتنفيذه وبالتالي استمرت تعليمات القانون رقم 17 لسنة 2004 سارية المفعول رغم ماذكرناه من أحداث تجاوزت القانون نفسه خاصة صدور القانون المعدل في العام 2008 والمواد والمواضيع الجديدة التي شملت سواءا بالقانون المعدل أو تلك التي تطرق إليها القانون رقم 8 لسنة 2011 وعلى ذلك كان لا بد من صدور التعليمات التنفيذية للقانون رقم 8 لسنة 2011 والى أن يتم اتخاذ أي إجراء بتعديل القانون أو استبداله أو أي إجراء يتناول القانون وفقا لما ذكرناه من تفاهمات أسفرت عنها جلسات لجنة تسيير الحوار الوارد ذكرها في مقدمة هذا المقال ذلك أن صدور التعليمات الملحقة بالقانون الحالي أفضل ألف مرة من بقاء تعليمات قانون 2004 سارية المفعول


ونعود للتعليمات الملحقة بالقانون رقم 8 لسنة 2011 موضوع مقالنا لنكتشف أنها صدرت في 15 لائحة ولوحظ انه تم  تأجيل إصدار 3 أنظمة واجبة الإصدار وهي : نظام الاستهلاكات الوارد في الفقرة ( س )  من المادة 8 ونظام مكافئات موظفي دائرة ضريبة الدخل ( هذا النظام لا يخص مكلفي الضريبة ) ونظام  أصول المحاكمات  ( تختص بإجراءات وأصول التقاضي في الخلافات الناشئة عن تطبيق قانون ضريبة الدخل )
لقد وردت التعليمات التي تم إصدارها في ما يقارب 100 مادة مباشرة و 30 مادة إخراج قانوني تتناول الصدور والإلغاء والسريان وما إلى ذلك
ولو تناولنا تفاصيل المواد والواردة في التعليمات بالتحليل والمقارنة لوجدنا أنها أتت بما لم يأت به القانون من إيضاحات وتفاصيل نذكر منها التعليمات التي تناولت إعفاء فئات من المكلفين من تقديم الإقرارات الضريبية والتي شكلت مدخلا غير مباشر لإعفاء فئات من المكلفين ( بطريقة غض النظر) من دفع الضريبة او بالأحرى عدم ملاحقة فئات معينة من مكلفي الضريبة كما وأنها تناولت في أبواب أخرى مسائل متقدمة لم يسبق أن تم طرحها مثل التأجير التمويلي  ومعالجة المصاريف او التكاليف المختلطة في المشاريع متعددة الجنسيات   او تلك في الأنشطة الخاضعة للضريبية وتلك المعفاة  ومسائل العقود طويلة الأجل او المستمرة و مسائل  شركات التامين  ومخصصات الديون المشكوك في تحصيلها والديون المعدومة  و محاسبة المهن الحرة و التوكيل والإنابة والتمثيل والتقارير المالية والحسابات المطلوب إدارتها بشكل عام أو وفقا لحجم الصفقات أو الدورة المالية ومسائل أخرى لم يتناولها القانون بصورة موسعة  وباعتقادي أن هذه التعليمات جاءت نتيجة لفكرة ذكية استخدمت لدى صياغة مواد القانون والتي  وفرت بيئة مرنة و سلاسة في التعامل مع المستجدات دون عناء ومشقة ودون الخوض في إجراءات تعديل القانون كلما دعت الضرورة وان كانت بالمقابل تمنح السلطة التنفيذية  صلاحيات قانونية موسعة لم تمنحها في النسخ السابقة من قوانين ضريبية  وباعتقادي انه  وطالما أن تلك الصلاحيات تصب باتجاه تخفيف العبء الضريبي في الغالب  او تخفيف الإجراءات  على فئات مجتمعية قد تكون كلفة معالجة ملفاتها أعلى من المردود الضريبي  فلا غضاضة في ذلك رغم تفضيلي لإتباع الإجراءات ألمعروفه في سن وتعديل القوانين
نسوق هذا مستذكرين أن مواد القانون الأصلي لم تزد عن نصف مواد التعليمات ولم تشتمل على التفاصيل  والإيضاحات التي اشتملت عليها التعليمات لتثبت مجددا انك تجد في التعليمات ما لا تجد في القانون تماما مثلما تجد في النهر ما لا تجد في البحر وكفانا وكفاكم الله مشقة الغوص والسباحة في بحور القوانين وتعليماتها

التعليـــقات