رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 9 كانون الثاني 2017

الإثنين | 09/01/2017 - 01:06 مساءاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 9 كانون الثاني 2017

القضية 2000: نتنياهو وموزيس ناقشا اغلاق "يسرائيل هيوم" مقابل تخفيف اللهجة ضد رئيس الحكومة في "يديعوت احرونوت"

تكشف الصحف الاسرائيلية، اليوم، النقاب عما عرف بالقضية 2000، في تحقيقات الشرطة مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حيث يتبين بأن التسجيلات التي نشر بأنها في ايدي الشرطة وتدين رئيس الحكومة، هي في الوقاع نقاش بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وصاحب جريدة "يديعوت احرونوت"، ارنون (نوني) موزيس، في محاولة للتوصل الى صفقة محورها قيام رئيس الحكومة بالعمل على اضعاف صحيفة "يسرائيل هيوم" المجانية، مقابل قيام موزيس بتغيير طابع النشر عن نتنياهو في صحيفته، بحيث يصبح اكثر مؤيدا.

وكانت "هآرتس" قد نشرت، امس، بأنه في اطار "ملف 2000"، القضية الأكثر خطورة المنسوبة الى نتنياهو، توجد تسجيلات لنتنياهو اثناء مفاوضته لرجل اعمال على رشوة متبادلة، وان التسجيلات موجودة لدى الشرطة. وفي وقت لاحق كشف غاي بيلج في نشرة اخبار القناة الثانية، ان رجل الاعمال هو موزيس. وعلمت "هآرتس" ان نتنياهو وموزيس اجريا اتصالات طويلة شملت الكثير من اللقاءات في السنوات الأخيرة.

وتضيف "هآرتس" انه يتبين بأن نتنياهو وموزيس ناقشا امكانية تقييد القوة المتصاعدة لصحيفة "يسرائيل هيوم"، من خلال سن قانون يلغي توزيع الصحيفة مجانا، او إلغاء صدورها، الأمر الذي من شأنه تحقيق ارباح مالية كبيرة لناشر "يديعوت احرونوت". وجرت المحادثات بين نتنياهو وموزيس في اواخر 2014، بعد تبكير موعد الانتخابات على خلفية المصادقة على قانون "يسرائيل هيوم" في القراءة التمهيدية.

وتم في الأسبوع الماضي التحقيق مع موزيس حول القضية الرئيسية التي يشتبه فيها نتنياهو، والمحادثة التي تم تسجيلها بينهما، والتي وصلت الى الشرطة قبل اشهر. كما اتضح، امس، بأن أري هارو، رئيس طاقم المستخدمين في ديوان نتنياهو سابقا، هو الذي سجل المحادثة بين نتنياهو وموزيس، بطلب من نتنياهو. الا ان هارو لم يسلم التسجيل للشرطة، وانما حصلت عليه الشرطة صدفة خلال التحقيق الذي اجرته ضد هارو بشبهة تنفيذ صفقة وهمية بثلاثة ملايين دولار، والتي نشر عنها في تموز الماضي. وكان الوسيط في اللقاء بين نتنياهو وموزيس، والذي حضره ايضا، هو دوف ايخنولد، المدير العام لشركة  يديعوت لنشر الكتب.

وحظي الجمهور، امس فقط، بمعرفة هذه القضية التي تقدر جهات في جهاز تطبيق القانون بأنها ستسبب هزة ارضية وعاصفة شعبية.

ووزع المحرر الرئيسي لصحيفة "يديعوت احرونوت" رون يارون، مساء امس، رسالة على كل اعضاء هيئة تحرير الصحيفة، كتب فيها ان "النشر اليوم فاجأنا. فأنا والمحررين والمراسلين لم نعرف بتاتا عن اجراء محادثة بين صاحب الصحيفة ورئيس الحكومة". واضاف: "بطبيعة الأمر، وبما اننا لم نعرف عنها –  فإننا لم نستطع "التصرف كما يجب".  كل ما ينشر في "يديعوت احرونوت" يتفق مع مبادئ الصحافة وينبع من معايير مهنية. هكذا كان دائما وهكذا سيكون في المستقبل".

وقال سياسيون عملوا مع نتنياهو انه عانى طوال سنوات من "جنونيات موزيس". انه "مقتنع بأن صاحب "يديعوت احرونوت" يملك ملفات حول سياسيين ويستغلها لتفعيل السياسيين من اجل اسقاطه".

وكانت "هآرتس" قد نشرت في ملحقها، قبل شهرين تقريبا، تقريرا اشار الى ان اللقاءات بين نتنياهو وموزيس بدأت منذ 2009. وقال شخص التقى مع نتنياهو عشية انتخابات 2009 لملحق "هآرتس" بأن نتنياهو قال له انه سيسره اجراء حديث مع موزيس والمح الى قدرته على التسبب بإغلاق "يسرائيل هيوم"، اذا تحسنت العلاقات مع موزيس. وبعد اسبوع من نشر التقرير في "هآرتس" نشر ناتي توكر في ملحق "هآرتس" الاقتصادي "ذا ماركير"، مقالة عاد فيها الى احداث وقعت قبل عدة اشهر من انتخابات 2009 التي اعادت نتنياهو الى السلطة. في تلك الفترة اجرى نتنياهو حوارا مباشرا مع موزيس، وتوصل الخصمان القديمان، بعد صراع طويل بينهما بدأ منذ 1996، الى صفقة سرية. وقال موزيس للمقربين منه في حينه ان نتنياهو "وعد بضمان عدم صدور نسخة من يسرائيل هيوم في نهاية الأسبوع".

وكان موزيس مقتنعا بأن الصفقة ستنقذ "يديعوت احرونوت"، بعد تلقيها ضربة مؤلمة من "يسرائيل هيوم" وصاحبها شلدون ادلسون. وتخوف موزيس من تهديد "يسرائيل هيوم" بإصدار نسخة في نهاية الأسبوع وضرب الدخل الضخم لصحيفته. ومن جهته، كان نتنياهو يقف امام معركة انتخابية وحاول احباط الهجوم عليه من قبل الصحيفة الاكثر انتشارا في البلاد آنذاك.

وبعد عدة اشهر تشوش شيء ما، وعادت الحرب بين نتنياهو وموزيس الى سابق عهدها وبكل قوة. وفي نهاية 2009 بدأت "يسرائيل هيوم" بإصدار نسخة نهاية الاسبوع بمئات آلاف النسخ، فردت "يديعوت احرونوت" بنشر سلسلة من التحقيقات والهجمات على نتنياهو ووزير الامن في حينه، ايهود بارك، ومن ثم بالعمل على دفع قانون لإغلاق "يسرائيل هيوم".

"تغطية عادية للموضوع في الصحيفتين المعنيتين

ورغم ان المسألة تتعلق مباشرة بصحيفتي "يديعوت احرونوت" و"يسرائيل هيوم"، وهذه تعتبر منبرا رسميا لنتنياهو، الا ان النشر حول القضية في هاتين الصحيفتين كان عاديا من دون أي محاولة للتستر على ما ورد في تقارير التلفزيون و"هآرتس"، او مجادلة معطياته، اللهم باستثناء البيان المقتضب الذي تنصل فيه محرر يديعوت من معرفته بالصفقة.

لكن "يديعوت احرونوت"، وخلافا لصحيفة "هآرتس" تحاول التخفيف من حدة قضية موزيس، من خلال نشر التقرير الذي بثه الصحفي امنون ابراموفيتش، (الذي يكتب في الصحيفة بشكل دائم)،  في القناة الثانية، امس، حيث قال بان وزارة القضاء تعتبر "الملف 1000" المتعلق بقضية السيجار والرشاوى الاخرى التي يشتبه حصول نتنياهو عليها من رجال الاعمال، اشد خطورة من ناحية قضائية، من "ملف 2000" الذي يتعلق بالمحادثة المسجلة بين نتنياهو ونوني موزيس. وحسب التقرير المتعلق بالملف الاول فان العديد من رجال الاعمال "اغدقوا هدايا باهظة الثمن على الزوجين نتنياهو، خاصة حين كانا يسافران الى الخارج".

وحسب تقرير القناة العاشرة فقد وصلت طرود السيجار الى نتنياهو بواسطة مبعوث من قبل المنتج السينمائي ميلتشين. وقد شهد هذا المبعوث امام الشرطة بأنه اشترى السيجار بمبلغ متراكم يصل الى عشرات الاف الشواكل في كل مرة انتهى فيها المخزون لدى نتنياهو. وبالنسبة لزجاجات الشمبانيا، فقد تم شراؤها هي ايضا من مكان ثابت، وتم تحويلها الى منزل رئيس الحكومة بواسطة سائقي الزوجين نتنياهو، فيكتور سارجا ويارون متتياهو.

وكان المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت، قد تحدث في بيانه الاسبوع الماضي، عن حدوث اختراق في التحقيق ضد نتنياهو قبل شهر، لكن ابراموفيتش قال في تقريره ان الاختراق المقصود كان في "الملف 1000"، وليس في "الملف 2000".

نتنياهو يعتقد ان الشبهات لا تنطوي على شيء

وتكتب "هآرتس" ان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو قال خلال اجتماع لوزراء الليكود، امس، انه يعتقد بأن الشبهات ضده لا تنطوي على شيء، لكنه لا يستطيع كشف التفاصيل. واضاف: "ما يمكنني قوله لكم اليوم، هو انني اعرف ما المقصود وانا اقول لكم بثقة كاملة: لن يحدث شيء لأنه لا يوجد شيء". وقال نتنياهو ان "كل ما يقوم هنا هو ممارسة ضغط مرفوض وغير متوقف من قبل جهات في وسائل الاعلام على جهات تطبيق القانون. انهم يطلقون بالونات يخرج منها الهواء الساخن الواحد تلو الآخر. وهكذا سيحدث في الموضوع الحالي، أيضا. اقترح على رفاقي في المعارضة عدم الاحتفال لأنه لا يوجد سبب لذلك. السلطة يتم استبدالها في صناديق الاقتراع".

وقال رئيس الائتلاف الحكومي، دافيد بيتان (الليكود) لإذاعة الجيش الاسرائيلي (امس)، انه لا يصدق بأنه سيتم تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، وانه حتى اذا تم تقديمها فانه "يمكن لرئيس الحكومة ان يواصل اداء مهامه". وتطرق بيتان الى تسجيل المحادثة بين نتنياهو وصاحب جريدة "يديعوت احرونوت" ارنون موزيس، وقال: "لم اسمع التسجيل ولا اعرف ان كان هناك تسجيل، ولكن اذا تواجد تسجيل كهذا فمن الخطير جدا قيام احد بتسجيل رئيس الحكومة".

وقال رئيس لجنة الداخلية، النائب دودي امسلم (الليكود) للإذاعة العبرية الثانية حول ما نشرته "هآرتس" : "لا اعرف من اين لديهم المعلومات. افترض انه يجب التحقيق مع رئيس الحكومة  وليس من المفروض ان يعرف احد حاليا عما يجري التحقيق". وانتقد امسلم الشرطة وقال: "في النظام الديموقراطي يستبدلون السلطة في الانتخابات وليس بواسطة شرطة اسرائيل. نحن طورنا الأمر. عادة يفعلون ذلك بواسطة انقلاب عسكري، ونحن نفعل ذلك بواسطة انقلابات بوليسية".

وعلى خلفية النشر عن نتنياهو، امس، غرد رئيس الحكومة السابق، ايهود بارك، على حسابه في تويتر ان نتنياهو لن يتمكن من مواصلة رئاسة الحكومة. واضاف ان "وزراءه سيضطرون الى اخراجه او انهم سيفقدون عالمهم ايضا".

وطالبت رئيس حركة ميرتس، زهافا غلؤون، المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت بإقصاء نفسه عن معالجة ملفات نتنياهو، وقالت: "الشرطة كانت تملك طوال ثلاثة اشهر تسجيلات لرئيس الحكومة وهو يدير مفاوضات مع رجل اعمال حول رشاوى متبادلة. ومن غير المعقول عدم قيام مندلبليت بفتح تحقيق فوري وتذويب الشبهات بالكلمة المغسولة "فحص". وفي ظل غياب التفسير العلني لتأجيل التحقيق يسود الاشتباه الحاد بحدوث تضارب مصالح خطير".

وجبات طعام فاخرة

وفي تقرير آخر تنشره "هآرتس" حول ملف الشبهات الثاني المتعلق بحصول رئيس الحكومة نتنياهو على رشوة من رجال اعمال كبار، تشير الى ما نشرته القناة العاشرة، مساء امس، حول حصول نتنياهو وعائلته على وجبات طعام فاخرة بتكلفة عشرات آلاف الشواكل. وحسب التقرير فان الوجبات الفاخرة التي كانت تصل الى منزل عائلة نتنياهو في قيسارية، تنضم الى زجاجات الشمبانيا وعلب السيجار التي حصل عليها نتنياهو من رجال اعمال، ايضا، والتي تقدر تكلفتها بعشرات الاف الشواكل.

وحسب التقرير فقد دأب الملياردير الأسترالي جيمس باكر، المقرب من نتنياهو، على تمويل قسم من الرشاوى التي حصل عليها نتنياهو وابناء عائلته. وحسب الشبهات فان باكر والمنتج الهوليودي ارنون ميلتشين، كانا اكثر ممولين للرشاوى في القضية، والى جانبهما رجال اعمال اخرين، كان لهم دور اصغر في القضية.

مصرع ضابطة وثلاثة جنود في عملية دهس في القدس

تكتب "هآرتس" ان ضابطة وثلاثة جنود من دورة للضباط لقوا مصرعهم، امس، واصيب 15 جنديا آخر، بينهم مصابين بجراح بالغة، جراء عملية دهس نفذها فلسطيني من القدس الشرقية في حي قصر المندوب السامي. وتم اطلاق النار على الفلسطيني وقتله. وتم الاعلان مساء امس عن اسماء القتلى وهم العريف ياعيل يكوتيئيل (20 عاما) من جبعتايم، العريف شير حجاج (20 عاما) من معاليه ادوميم، العريف شيرا تسور (20 عاما) من حيفا، والعريف ايرز اورباخ (20 عاما) من الون شفوت.

وحسب الشرطة فقد زاد السائق الفلسطيني من سرعة الشاحنة التي كان يقودها، عندما شاهد الجنود وهم ينزلون من حافلة الركاب، ودهسهم، ومن ثم استدار وعاد نحوهم. ويظهر في الشريط الذي يوثق للحادث عشرات الجنود، الذين كان يعضهم مسلحين، وهم يهربون من المكان.

واعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ان المخرب كان كما يبدو داعما لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش). وبناء عليه قرر المجلس الوزاري فرض الاعتقال الاداري على كل من يتماثل مع التنظيم.

وقالت مرشدة احدى مجموعات الجنود انها حين كانت تقوم بالشرح لمجموعتها عن القدس سمعت صراخا من خلفها، ولما التفتت شاهدت الشاحنة تصعد على الرصيف وبدأ الجنود بإطلاق النار عليها، لكنهم لم ينجحوا في المرحلة الاولى بقتل السائق فاستدار وعاد الى الخلف، في هذه المرحلة صرخ كل الجنود فأمرهم المرشدون بالاختباء وراء اسوار الباطون. وبعد قتل المخرب وصل المضمدون وبدأوا بتقديم المساعدة للجرحى.

وقال المرشد السياحي ايتان راند، الذي تواجد في المكان وقتل المخرب: "بدأت بإطلاق النار عليه، وافرغت كل مخزن الرصاص. بعد ذلك بدأ بعض الجنود بإطلاق النار عليه ايضا". وقال للقناة العاشرة، معقبا على سلوك الجنود: "لماذا لم يقم 40 جنديا اخرين تواجدوا هناك بإطلاق النار، ولماذا كان علي انا المواطن العادي والذي اصيب في الحادث سحب السلاح واطلاق النار؟ هذا هو السؤال الموضوعي الذي يجب طرحه هنا. لا يوجد لدي أي شك بأنهم لو اطلقوا النار على الفور، لكان كل الجنود قد فعلوا ما فعلته. ليس من اللطيف قول ذلك لكنه كان يمكن لنا ان نكون مع عدد اقل من الجرحى".

وجاء من الناطق العسكري انه يستدل من التحقيق الاولي ان جنديين على الاقل شاركا في اطلاق النار على المخرب بعد عملية الدهس، وانه سيتم التحقيق في الأمر. وقال الناطق العسكري، الجنرال موطي الموز، انه لا توجد ادلة على ان الجنود الذين تواجدوا في الميدان لم يطلقوا النار في اعقاب ادانة الجندي اليؤور ازاريا بقتل مخرب. وحسب اقواله فان الجنود لم يكونوا متأكدين من ان الحادث هو حادث طرق او عملية هجومية، ولكن عندما فهموا ما يحدث، اطلقوا النار على الشاحنة. وقال انه ليس من الواضح أي نيران هي التي اوقفت منفذ العملية، نيران الجنود او نيران المرشد السياحي.

وقال القائد العام للشرطة، روني الشيخ معقبا على الحادث: "نحن مستعدون جدا لتقليص فرص العمليات، وبشكل خاص من اجل الرد بسرعة. لا حاجة الى اكثر من ثانيتين او ثلاث من اجل العثور على هدف لتنفيذ عملية، لكنه لم يتوفر لدينا تحذير مسبق ولم يكن بإمكاننا القيام بعمل مسبق لمنع العملية. الشرطة معززة في القدس منذ بداية موجة الارهاب".

وقال رئيس بلدية القدس نير بركات: "للأسف لا حدود لوحشية المخربين الذين لا يتركون وسيلة الا ويستغلونها لقتل اليهود والمس بروتين الحياة في عاصمة اسرائيل. اولئك الذين يحرضون ويؤججون، واولئك الذين يدعمون الارهاب يجب ان يدفعوا الثمن الباهظ. ادعو سكان القدس والدولة كلها الى التحلي باليقظة ومواصلة روتين الحياة رغم العملية، وعدم السماح للإرهاب بالانتصار".

وعلم ان المخرب الذي نفذ العملية هو فادي القنبر (28 عاما) من سكان جبل المكبر في القدس الشرقية، وهو متزوج وله اربعة اولاد، وكان يعمل سائقا على الشاحنة. وقال جيرانه ان الشاحنة التي استخدمها كانت تابعة له، وانه لم يسبق اعتقاله ولم يكن منتميا الى أي تنظيم، بل لم يكن متدينا بشكل خاص. وادعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، امس، ان قنبر كان عضوا فيها، لكن عائلته نفت ذلك.

وقالت شقيقته لوسائل اعلام فلسطينية امس، ان العائلة عرفت بأنه منفذ العملية بمجرد رؤيتها لصور الشاحنة. واضافت انه اتصل ظهرا بزوجته وطلب منها اعداد الغذاء لأنه سيرجع لتناول الطعام مع عائلته. لم يقل انه ينوي تنفيذ عملية ولم نشعر انه ينوي ارتكاب عمل كهذا. انه لم يكن عضوا في أي تنظيم او مجموعة. اذا اختار الاستشهاد فانا احييه على القرار. الله هو الذي اختاره شهيدا. في اللحظة التي عرفت فيها شكرت الله لأنه هكذا اختار، ان يصبح شهيدا".

اغلاق جبل المكبر وقرار بهدم منزل قنبر

وتضيف "هآرتس" ان المجلس الوزاري السياسي المصغر ناقش، امس، سلسلة من الخطوات في اعقاب عملية الدهس في القدس التي اسفرت عن مقتل اربعة جنود. وقال مسؤول اسرائيلي رفيع انه تقرر فرض الاعتقال الاداري على كل من يتماثل مع تنظيم الدولة الاسلامية داعش. وقال رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لدى زيارته الى موقع الحدث في حي قصر المندوب السامي، امس: "نحن نعرف هوية منفذ العملية، فحسب كل الدلائل، يدعم الدولة الاسلامية".

وقال مسؤول حضر الجلسة انه تقرر خلال الاجتماع هدم بيت المخرب فادي القنبر، في حي جبل المكبر بأسرع ما يمكن. كما تقرر رفض طلب توحيد ابناء عائلته مع ابناء عائلتهم في غزة والضفة، ومنع تسليم جثته لعائلته. وتقرر ايضا اغلاق مداخل ومخارج حي جبل المكبر.

وقال المسؤول، ايضا، ان نتنياهو طلب فحص التقارير التي تحدثت عن تواجد فلسطينيين في المكان اعربوا عن فرحهم بالعملية، وتنفيذ القانون بحقهم.

وفور وقع العملية داهمت قوات من الشرطة وحرس الحدود منزل المخرب في جبل المكبر وجمعوا الادلة المطلوبة للتحقيق واعتقلوا تسعة اشخاص، بينهم خمسة من ابناء عائلة المخرب، وتسليمهم للشاباك الذي يحقق معهم حول ما اذا عمل فادي بالهام من الدولة الاسلامية.

كما قال نتنياهو خلال زيارته الى موقع الحدث: "فرضنا الطوق على جبل المكبر، الحي الذي خرج منه. نحن نقوم بنشاطات اخرى لن افصلها هنا. جئت الان من اجتماع مع وزير الامن ورئيس الأركان، ورئيس الشاباك وآخرين، ناقشنا خلاله العمل المطلوب. نحن نعرف عن وجود سلسلة من العمليات، ومن المؤكد انه قد تكون علاقة بينها، من فرنسا وبرلين والان في القدس. نحن نحارب هذا الوباء، وسنتغلب عليه. هناك سلسلة من الخطوات التي لن افصلها الان، والتي سنضطر اليها من اجل ضمان عدم تكرار ما حدث".

وانضم وزير الامن الذي زار موقع الحدث مع نتنياهو، الى اقواله، وقال ان العملية تمت بالهام من داعش. واضاف: "من الواضح ان هذه العملية المتوحشة لم تحدث لسبب الا لكوننا يهود ونعيش هنا في دولة اسرائيل. لم يكن هناك أي سبب اخر، ويجب عدم البحث عن أي مبرر، لا الاستيطان اليهودي ولا المفاوضات. هذه عملية محض. نحن سنحارب هذا الارهاب بكل الوسائل وانا متأكد من اننا سنحقق نتائج وسننتصر".

وقال وزير الامن الداخلي غلعاد اردان انه لن يتم السماح لعائلة المخرب بتسلم جثته ودفنها في مراسم يحظى فيها بالتبجيل ويشجع منفذي العمليات الاخرين، ويجب دفنه فقط من قبل قوات الامن في مكان لا تصل اليه عائلته وانصاره.

ونشر البيت الابيض، امس، بيانا شجب فيه العملية الرهيبة في القدس وكتب انه "لا يوجد أي مبرر لمثل هذا العمل الجبان، ولا يمكن تجاوز اعمال ارهابية كهذه. نقدم تعازينا الى عائلات الضحايا ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى".

حماس ترحب والسلطة تصمت

وتكتب "يسرائيل هيوم" انه بعد فترة وجيزة من معرفة نتائج عملية الدهس في القدس، اصدرت حماس وبقية تنظيمات "الارهاب" الفلسطينية، بيانات ترحيب ودعم للمخرب. وفي غزة وعدد من القرى الفلسطينية في الضفة قاموا بتوزيع الحلويات والقهوة على عابري السبيل الذين اثنوا على المخرب ودعوا الى مزيد من العمليات.

ونظمت حركة حماس مسيرة في غزة، وانتقلت وسائل اعلام حماس الى البث المباشر بعد العملية، وعرضت مرة تلو الأخرى الشريط الذي يوثق لعملية الدهس، من خلال السخرية بقسم من الجنود الذين شوهدوا وهم يهربون من مكان الحادث ويختبؤون. كما نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية صور ورسومات كاريكاتير تظهر فيها الشاحنة التي استخدمها المخرب لتنفيذ العملية، وكذلك رسومات تظهر جنود الجيش الفزعين.

وجاء في بيان رسمي اصدرته حماس، ان عملية الدهس في القدس ليست حدثا منفردا، وهددت الحركة بتنفيذ عمليات اخرى: "عملية شاحنة الانتفاضة ليست حدثا عابرا. نحيي العملية البطولية التي نفذها الشهيد. هذه العمليات ستتواصل وكل محاولة لوقف الانتفاضة ستلقى الفشل الذريع".

اما السلطة الفلسطينية فلم تتطرق بتاتا الى العملية القاسية في القدس، وواصل ديوان ابو مازن في رام الله سياسته التي ينتهجها في السنوات الأخيرة، والتي لا يرحب من خلالها بالعمليات ولا يشجبها. وقال مصدر رفيع في ديوان ابو مازن انه "اذا تم نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس فسنشهد الكثير من العمليات والاحداث العنيفة".

دبلوماسي إسرائيلي في لندن خطط لـ"اسقاط" نائب وزير الخارجية البريطاني ونعت الوزير بالأحمق

تكتب "يسرائيل هيوم" ان احد مستخدمي السفارة الاسرائيلية في بريطانيا، ادلى بتصريح غير دبلوماسي، تم التقاطه من قبل مراسل لشبكة الجزيرة، وسبب ورطة لوزارة الخارجية الاسرائيلية. ففي الشريط الذي تم نشره في وسائل الاعلام البريطانية بظهر موظف السفارة الاسرائيلية شاي مسوط، وهو يعرب عن رغبته "باسقاط" نائب وزير الخارجية البريطاني، سير الين دانكن، وينعت وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بأنه "احمق".

وحسب التقارير البريطانية، فقد ادلى مسوط بهذه الاقوال خلال حفل عشاء مشترك مع ماريا ستريزولو، التي تعمل في سلك خدمات الدولة البريطانية، وكانت مساعدة كبيرة لوزير التعليم البريطاني اليهودي روبرت حلفون. وعرض مراسل الجزيرة نفسه امامهما باسم روبين، وبأنه ناشط مناصر لإسرائيل في حزب العمال البريطاني، وقام خلال ذلك بتوثيق المحادثة.

وجرت المحادثة في شهر تشرين الاول الماضي، وتمحورت حول طرق المس بسمعة اعضاء في البرلمان البريطاني. وقال مسوط لستريزولو: "اذا قمت بإجراء فحص معمق، فأنا متأكد من ان هناك ما يحاولون اخفائه"، ومن ثم اقترحت شريكته في الوجبة امكانية اخرى للعمل: "ربما فضيحة صغيرة"؟

وفاخرت ستريزولو بأنها ساعدت على ترقية حلفون لمنصب وزير التعليم عندما كانت مديرة لمكتبه. ووافق مسوط على انه كان لها دور في الترقية، وسألها عما اذا كان يمكنها العمل في اتجاه معاكس. اي اذا كان يمكنه ان يحول لها اسماء اعضاء البرلمان الذين يريد اسقاطهم. وطلبت منه ستريزولو ذكر اسماء الأشخاص الذين يريد اسقاطهم، فذكر مسوط اسم نائب وزير الخارجية البريطاني دانكن، وقال انه يواصل التسبب بمشاكل. وردت ستريزولو: "اعتقدت اننا احبطناه قليلا، اليس كذلك؟"، فرد مسوط: "لا انه يسبب الكثير من المشاكل".

وبشأن وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، وافق مسوط على قول ستريزولو بأنه صاحب موقف مستقر بشأن اسرائيل، لكنه ادعى انه "لا يهمه. انه ينشغل بكل الامور الأخرى. انه احمق ، لكنه اصبح وزير خارجية من دون مسؤوليات. ولذلك اذا حدث شيء ما، فان هذا لن يكون ذنبه من ناحية تقنية".

ومن بين الأسماء الاخرى التي طرحت خلال المحادثة كمستهدفة، كان عضو البرلمان المحافظ كريسبين بلانت، رئيس لجنة الخارجية الذي يعتبر مؤيدا متحمسا للفلسطينيين. وذكر مسوط بأن بلانت هو احد مجموعة من النواب "المناصرين جدا للعرب وغير المناصرين لإسرائيل". وفي هذا السياق، قالت ستريزولو ان بلانت يتواجد في "قائمة التصفية".

وردا على كشف هذا الشريط طالب بلانت بفتح تحقيق لفحص السلوك المشين لمسوط، فيما اعلنت وسائل اعلام بريطانية ان ستريزولو أُجبرت على الاستقالة من منصبها بعد كشف المحادثة.

ويشار الى ان مسوط يعمل في السفارة الاسرائيلية مسؤولا عن التواصل مع اعضاء البرلمان البريطاني والوزراء وممثلي وزارة الخارجية البريطانية. وقال خلال المحادثة انه ليس دبلوماسيا مهنيا، ويطمح الى منصب رئيس قسم الاستخبارات في وزارة الخارجية.

وتم تسجيل المحادثة بين مسوط وستريزولو في اطار تحقيق صحفي اعدته الجزيرة حول نشاط اللوبي الاسرائيلي في بريطانيا، وتضمن محادثات مع عدد من النشطاء المناصرين لإسرائيل في بريطانيا. وستبدأ الجزيرة، يوم الاحد القادم، ببث التحقيق الذي يحمل عنوان "اللوبي".

وشجب حزب العمال البريطاني تصريحات مسوط ودعا الى اجراء تحقيق. ولكن، على الرغم من كشف المحادثة كان هناك من دعا الى انتظار رؤية التحقيق الكامل في الجزيرة.

وتسبب كشف المحادثة باحراج كبير للقيادة السياسية الاسرائيلية. ولم يعقب ديوان نتنياهو على الموضوع، لكن سفير اسرائيل لدى بريطانيا، مارك ريغف، اعتذر امام وزارة الخارجية البريطانية.

مستوطنون يهاجمون نشطاء تعايش في جبل الخليل

كتبت "هآرتس" ان مجموعة من الاسرائيليين الملثمين، هاجمت يوم السبت الماضي، ثلاثة نشطاء من التنظيم اليساري "تعايش" ومتطوعتين اجنبيتين اثناء مرافقتهم للفلسطينيين خلال حرث اراضيهم في جنوب جبل الخليل.

وكان المتطوعون الخمسة قد توجهوا بعد انتهاء العمل الى قرية الطوانة، عبر طريق تمر بالقرب من بؤرة "حفات معون". وعندما كانوا على مسافة عدة مئات من الامتار عن البؤرة، خرج منها اكثر من عشرة مستوطنين، بينهم عدد من القاصرين، واعتدوا عليهم بالضرب والحجارة، واختطفوا كاميرا من ايدي احدى الناشطات. وقال احد الناشطين انه خلال مرورهم بالقرب من البؤرة وصل اليهم ولد طويل يرتدي عباءة حمراء، و"بعد ان نظر الينا عن قرب سار خلفنا، وبعد نصف دقيقة وصل ثلاثة فتية اخرين، بل اطفال أيضا، وكان احدهم ربما في التاسعة من العمر، يحمل عصا. وفهمنا ان لديهم نوايا عنيفة. وبدأوا بالصراخ بنا "انصرفوا من هنا، طيروا". وبعد عدة ثواني هاجونا، فواصلنا السير دون ان نرد عليهم، وحين شاهدونا ونحن نصور ما يحدث صرخوا ببعضهم البعض: تعالوا نأخذ منهم الكاميرات."

وقال الناشط ان حوالي 15 ملثما قاموا برشقهم بالحجارة، وقاموا بمهاجمة المتطوعة الاجنبية ودفعها الى الارض ثم اختطفوا منها الكاميرا، و"واصلوا رشقنا بالحجارة ومن ثم تركوا وعادوا الى البؤرة".

المصادقة على القانون المضاد لحركة "يكسرون الصمت"

كتبت "هآرتس" ان اللجنة الوزارية لشؤون القانون صادقت بالإجماع، امس، على مشروع القانون الذي يهدف الى منع مشاركة نشطاء "يكسرون الصمت" في النشاطات المدرسية. ويجري العمل على تسريع سن هذا القانون الذي يدعمه رئيس البيت اليهودي، وزير التعليم نفتالي بينت، ورئيس يوجد مستقبل النائب يئير لبيد.

وحسب التعديل المقترح لقانون التعليم الرسمي، يمكن لوزير التعليم منع أي شخص او تنظيم من القيام بنشاط في المدارس، اذا كان هذا النشاط يتعارض بشكل خطير وكبير مع اهداف التعليم الرسمي او التخوف من ان نشاطه خارج اسرائيل قد يقود الى محاكمة جنود الجيش الاسرائيلي في المحاكم الدولية والاجنبية بسبب نشاطات قاموا بها خلال خدمتهم العسكرية.

كما يحدد مشروع القانون ان احد اهداف التعليم الرسمي هو "التثقيف على الخدمة في جيش الدفاع الاسرائيلي والحفاظ على مكانة وكرامة الجيش في المجتمع الاسرائيلي".

وقالت المديرة العامة لحركة "يكسرون الصمت" يولي نوفاك، ردا على قرار اللجنة الوزارية ان "هوس بينت ضد يكسرون الصمت يزيد فقط من اهتمام الشبان بسماع افادات الجنود عن الاحتلال. القانون سيمر، لكنه لن يكم افواهنا".

وهاجمت نوفاك دعم يئير لبيد للقانون، وقالت: "من المؤسف والمثير للسخرية رؤية كيفية تحول لبيد مرة اخرى الى الاحمق الذي يستخدمه السموطرتشيون (نسبة الى النائب المتطرف سموطريتش)   في حملتهم لتدمير الديموقراطية واستمرار الاحتلال والاستيطان".

"مقالات"

هذا ليس ازاريا

يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" ان محاولة ربط العملية التي وقعت امس (الاحد) وقتل خلالها اربعة جنود، في حي قصر المندوب السامي في القدس، بسبب سياسي معين، زائدة وتفوت الأمر الأساسي. من المشكوك فيه ان المخرب، سائق الشاحنة، الذي دهس عمدا مجموعة من الجنود، تأثر من نية الولايات المتحدة نقل السفارة الى القدس، او من الوعود بقصة حب مزهرة بين ادارة ترامب القادمة وحكومة نتنياهو. طالما كان المقصود حادثا موضعيا، وليس موجة جديدة من العمليات (وهي مسألة ستتضح خلال الاسابيع القادمة)، فان الخلفية الفورية للعملية لا تغير بشكل خاص.

في القدس الشرقية – المخرب من حي جبل المكبر- هناك دوما مزيج متفجر من شروط الحياة الاشكالية، احتكاك قومي صعب مع السلطة الاسرائيلية وعداء ديني متطرف. القدس، على جانبي الخط الفاصل في المدينة عرضة للضربات بشكل خاص لأن الفلسطينيين، سكان القدس الشرقية، يعرفون بشكل عميق ويتحركون بشكل كامل في المناطق التي يسكنها اليهود. حتى العملية القاسية السابقة، التي قتل خلالها شرطي ومواطنة، قبل ثلاثة اشهر، وقعت في القدس، قرب جبعات هتحموشت.

بالمقارنة مع عمليات اطلاق النار والطعن التي وقعت في السنة والنصف سنة الاخيرتين، اختار المخرب هذه المرة وسيلة اشد قتلا، شاحنة هاجم فيها مجموعة من الجنود. لقد سبق ووقعت عمليات دهس قاسية في القدس، من بينها بواسطة جرافات في نهاية العقد الماضي. والان، وكما في العمليات التي وقعت في السنة الأخيرة في برلين ونيس الفرنسية، باتت الشاحنات تستخدم في القدس، ايضا، كسلاح قاتل يصعب جدا احباط اصابته خلال الثواني، بل حتى خلال الدقائق الاولى للحادث.

الشريط الذي يوثق العملية يتم بثه الان بشكل شبه متواصل في وسائل الاعلام، والى جانب ذلك في الشبكات الاجتماعية العربية، كمادة مشتعلة تمهيدا لهجمات مشابهة من جانب المقلدين. حقيقة انه يظهر في الشريط الهرب الجماعي لمجموعة اخرى من جنود وجنديات مدرسة الضباط، وبعضهم مسلح، يزيد من التحمس في الشبكات الفلسطينية للعملية. والى جانب ذلك يسبب الحرج في الجيش الاسرائيلي.

المشهد مثير للحرج فعلا. لقد سارع الناطق العسكري الى اصدار بيان حول التحقيق الاولي الذي اجراه قائد مدرسة الضباط، العميد يانيف الالوف، والذي يستدل منه "ان جنديان على الأقل اطلقا النار من مسافة قصيرة على المخرب". نيران هذين تمت بالإضافة الى النيران التي اطلقها المرشد السياحي، المواطن الذي قال انه كان اول من فتح النار واعرب عن استغرابه للرد البطيء من قبل الجنود.

هذا، اذن، جانب يجب على الجيش التحقيق فيه بشكل عميق. في الشريط يظهر عدد قليل من الجنود الذين يتقدمون باتجاه المجموعة المصابة من اجل تقديم المساعدة للجرحى او المشاركة بإطلاق النار على المخرب، بينما هرب بقية الجنود من المكان. لا يمكن تجاهل حقيقة ان الجنود الذين شاركوا في الجولة هم جنود وجنديات في وحدات داخلية، يفتقدون الى التدريب الحربي. يمكن الافتراض انه لو كان هناك جنود من الوحدات القتالية لكن عدد اكبر منهم سيردون كما يتوقع منهم الجيش. في الماضي، أيضا، في عملية اطلاق النار في المحطة المركزية في بئر السبع، قبل حوالي سنة، والعملية الأخيرة في جبعات هتحموشت، شهدنا هرب جنود مسلحين من الحلبة (في جبعات هتحموشت كان ضابطا مقاتلا وقد عاقبه الجيش).

رد الفعل المباشر من قبل اليمين، كما لو انه من الواضح ان الجنود ترددوا بسبب ادانة الجندي اليؤور ازاريا، الاسبوع الماضي، يبدو غير معقولا. دائما كانت هناك ردود فعل مختلفة من قبل  مواطنين وجنود في حالات طارئة. الجيش يتوقع من جنوده التصرف بشكل مغاير ويفترض فيه اعدادهم بشكل ملائم – السعي الى الاحتكاك واحباط الخطر، كما يتوقع من جندي يحمل السلاح. لكنه يصعب التصديق بأنه خلال الهرب الذي حدث بعد ثواني من عملية الشاحنة، كان هناك من توقف وفكر بأزاريا او بالأبعاد القانونية لإطلاق النار على المخرب. كما انه لا يوجد أي تشابه بين الحادثين. فأزاريا، كما نذكر، اطلق النار على المخرب بعد 11 دقيقة من جرح المخرب وانتهاء الحادث- اما هنا فقد كانت هناك حاجة لوقف الشاحنة التي عاد سائقها ودهس الجنود الممددين على الأرض. في المقابل سيضطر الجيش الى فحص مسألة الاستعداد لحراسة الجولة. السؤال هو هل قام قادة الكتيبة بوضع جنود للحراسة خلال الجولة، وهل كانت هناك معرفة سابقة بإمكانية وقوع عملية في المكان.

لقد حضر رئيس الحكومة نتنياهو بعد عدة ساعات الى مكان الحادث وقال ان الدلائل تشير الى ان المخرب يدعم الدولة الإسلامية (داعش). كما انعقد المجلس الوزاري لمناقشة سبل الرد على العملية. في الواقع، من المشكوك فيه ان اسرائيل ستغير سياستها ازاء السلطة الفلسطينية او خطواتها في القدس الشرقية. يصعب جدا وقف عمليات الافراد بشكل مطلق، وبالتأكيد اذا كان منفذها من دون أي خلفية امنية سابقة ولم يتزود حتى بسلاح ساخن. جهود مكافحة الارهاب التي لن تنتهي ابدا بالنجاح المطلق، متعلقة بالدمج بين العمل الاستخباري والاستعداد الشديد ميدانيا.

لا يوجد وزن كبير لسلسلة التصريحات التي صدرت عن السياسيين خلال الساعات التي تلت العملية. يبدو انها هدفت الى تحقيق امرين في الأساس: التلميح الى المدنيين بأن الحكومة، رغم كل شيء، تعمل شيئا في اعقاب عملية فظيعة قتل فيها اربعة شبان امام عين الكاميرا: وفي الوقت نفسه، في حالة المعقبين من الليكود، تهدف التصريحات الى حرف الانظار عن النقاش حول الاكتشافات الاخيرة بشأن شبهات الفساد المنسوبة الى رئيس الحكومة.

فشل الردع

تكتب عميرة هس، في "هآرتس" انه سواء كان فادي القنبر قد خطط مسبقا لعملية الدهس في القدس، ام انها كانت نتاج قرار فوري – فانه كان يعرف ما هي خطوات العقاب الجماعي الصعبة التي تنتظر عائلته. كان يعرف انه لن يتم تسليم جثته لعائلته لكي تدفنها، وهي خطوة تعتبر مهينة ومؤلمة بشكل خاص. كان يعرف انه سيتم اعتقال اقربائه على الفور، وانه سيتم ضربهم خلال الاعتقال، وربما يتم فصل بعضهم من عملهم في القدس الغربية، وان بنات عائلته اللواتي لا تملكن بطاقة هوية مقدسية، ومتزوجات لأولاد المدينة يمكن ان تجدن انفسهن مطرودات من بيوتهن وفصلهن عن اولادهن، وان عائلته ستتحول طوال اشهر وسنوات الى هدف للمضايقات من قبل الشرطة والسلطات. فهذا كله حدث لعائلات منفذي العمليات الأخرى في القدس الشرقية، ومن الواضح انه عرف بأنه سيتم هدم بيت العائلة.

في جبل المكبر وحده، مكان اقامته، هدمت اسرائيل خلال نصف سنة (بين تموز 2015 وكانون الثاني 2016) ثلاثة بيوت، واغلقت بيتين اخرين، تعود كلها لعائلات قام ابناؤها بتنفيذ عمليات. الاغلاق معناه ملء البيت بالباطون حتى السقف. ويستدل من معلومات نشرها مركز الدفاع عن الفرد، انه بين تموز 2014 وحتى نهاية كانون اول 2016، هدمت اسرائيل 35 منزلا فلسطينيا واغلقت سبعة بيوت اخرى (من بينها ستة بيوت مهدومة واربعة بيوت مغلقة في القدس). حقيقة ان الاهالي المسنين، والاولاد والجدات والاخوات والاخوة الذين فقدوا بيوتهم لم يكونوا شركاء في العملية، لم تشفع لهم. فإسرائيل وقضاة المحكمة العليا يرون في الهدم خطوة عقاب رادعة، شرعية وناجعة ضد منفذي العمليات.

الأمر المؤكد هو ان القنبر لم يرتدع. بل اكثر من ذلك: في مثل هذا الحي المكتظ، المؤلف من عدة عائلات كبيرة ومتقاربة، كان يعرف بالتأكيد ان اولاده سيعانون ليس فقط من فقدان الاب: سيصبحون عنيفين او سينطوون على انفسهم، واذا كانوا في جيل المدرسة، سيتدهورون في تعليمهم، وستتعرض حالتهم الصحية الى الضرر.

لقد وجد العديد من المحللين والسياسيين الاسرائيليين كل انواع التفسيرات لفشل الرد في حالة القنبر: داعش، التقليد، اسير سابق (ادعاء كاذب كما يبدو، صدر عن حماس وسارعت اسرائيل الى تبنيه)، تحريض من قبل السلطة الفلسطينية في موضوع نقل السفارة الامريكية الى القدس. وكالمعتاد، تبحث هذه التفسيرات عن قطعة العملة تحت المصباح، وليس في مكان وجودها.

مجموعة من الجنود والجنديات بالزي العسكري لا تعتبر مشهدا محايدا بالنسبة لأي فلسطيني، وليس للقنبر فقط. هكذا يظهر ايضا من يقتحمون كل ليلة عشرات البيوت الفلسطينية، ومن اطلقوا النار على النساء والقاصرين على الحواجز، ومن تم ويتم ارسالهم لمهاجمة قطاع غزة، ومن يرافقون قوات الادارة المدنية في عمليات هدم ابار المياه، والمراحيض المتنقلة، والاكواخ والخيام. اذا كان الاسرائيليون يشطبون من جدول اعمالهم هذه الحقائق، فهذا لا يعني انها ليست قائمة.

من الواضح انهم سيقولون في اسرائيل بأنه لولا خطوات الردع لكان عدد العمليات الفلسطينية اكبر بكثير، او العكس: يجب تشديد خطوات الردع. الفلسطينيون يعتبرون خطوات الانتقام الاسرائيلية جزء طبيعيا من سياستها الشاملة ضدهم، وليست ردا. عندما لا تهدم اسرائيل البيوت كخطوة عقابية، فإنها تهدم لأنها تمنع البناء والتطوير. وعندما لا تعتقل الفلسطينيين بتهم تنفيذ العمليات والاشتباه بالتخطيط لها، فإنها تعتقل الاولاد من اجل خنق النضال الشعبي. بوجود عمليات او بدونها، تقوم اسرائيل بتوسيع المستوطنات وتخنق الاقتصاد، وتخطط لاقتلاع الفلسطينيين من قراهم وبيوتهم في القدس.

سبب عدم "ارتقاء" الهبات الخاصة، وغير المنظمة، الى انتفاضة شاملة، يجب عدم البحث عنه في قدرة اسرائيل على التسبب بألم اكبر لهم. مهما حاولت حماس اظهار العملية كدليل على ان "انتفاضة القدس" لم تمت، من الواضح ان الجمهور الواسع ليس معنيا بها. في ظروف الانقسام الجغرافي والاجتماعي ومع قيادة متصارعة بينها وضعيفة، فان البلوغ السياسي للجمهور الفلسطيني فقط، هو الذي يعرف بأن الانتفاضة هي حتمية الواقع، ولكن يجب انتظار اللحظة الملائمة لها.

ارهاب يسهل تقليده

يكتب يوآب ليمور في "يسرائيل هيوم" انه لا حاجة للبحث عن مؤامرات في عملية الدهس التي وقعت في القدس، امس. ظاهرا لا يجري الحديث عن خلية خطيرة، ولا عن موجة ارهاب جديدة. كما ان سلوك الجنود الذي يثير مشاعر غير مريحة، ويحتم اجراء تحقيق وفحص، يجب ان لا يتم ربطه بقرار الحكم على اليؤور ازاريا، وانما بمزيج من حالة المفاجأة والجنود غير المدربين.

العملية في حد ذاتها، ومهما كانت الامور مثيرة للغضب، كانت مكتوبة على الجدار. صحيح ان اسرائيل شهدت عمليات دهس (شاحنات، جرافات وسيارات خاصة)، ولكن العمليات الكبيرة خلال العام الماضي، في نيس وبرلين، شكلت، بالتأكيد، الهاما لمن بحث عن قتل عدد كبير من الناس بواسطة استخدام وسيلة بسيطة ومتوفرة نسبيا. العبرة المطلوبة هي الحرص على شروط منح تراخيص قيادة الشاحنات (والباصات والسيارات الثقيلة الاخرى) واجراء فحص دوري للسائقين، خاصة اصحاب الماضي الجنائي او القومي.

هذه الفحوصات ايضا لن تنجح في احباط منفذي العمليات الفردية بشكل دائم، لأنهم يعملون احيانا وفق قرار يتخذونه بشكل فوري، ولذلك يحتم الأمر تعزيز الوسائل المادية على الأرض. ليس من الواضح، مثلا، لماذا لا توجد في منطقة متنزه حي قصر المندوب السامي حواجز اسمنت وحراسة جارية، رغم ان المنطقة تجذب الكثير من السياح كل يوم، ووقعت فيها عدة عمليات، ايضا من قبل سكان من حي جبل المكبر المجاور. وبما ان المجندين هم دائما اهدافا للعمليات في المدينة، ليس من الواضح، ايضا، ما هي التوجيهات التي تلقاها جنود دورة الضباط، وما هي الحماية التي تم توفيرها لهم، اذا تم ذلك اصلا.

سلوك الجنود خلال العملية قوبل بكثير من الانتقاد والسخرية على الشبكات الاجتماعية – في اسرائيل وفي انحاء العالم العربي. التحقيق الاولي كان حاسما اكثر من رواد الشبكة، ويدل على ان بعض الجنود اطلقوا النار على المخرب (اضافة الى الحارس الذي اطلق النار اولا). يبدو ان الدمج بين المفاجأة – شاحنة وصلت من مكان ما، في ذروة الجولة الحضارية المريحة – وبين المهارة المتدنية نسبيا للجنود، وهم جميعا ليسوا من القوات المحاربة،  قاد الى النتائج غير المرضية، خاصة في المرحلة التي استدارت فيها الشاحنة واكد سائقها قتل الجنود الممددين على الأرض.

خلال حادثين على الأقل من الحوادث التي وقعت في الماضي في محطة الحافلات المركزية في بئر السبع و"جبعات هتحموشت" في القدس، عمل الجيش بشكل حاسم ازاء مقاتليه الذي لم يعملوا على الاحتكاك بالمخربين. وعلى الرغم من ان الجنود في عملية امس، ليسوا من المهرة في اله

التعليـــقات