رئيس التحرير: طلعت علوي

الروبل الروسي يواجه «مرحلة معقدة» مع انطلاق حزمة العقوبات الأميركية الجديدة

الأربعاء | 22/08/2018 - 06:26 صباحاً
الروبل الروسي يواجه «مرحلة معقدة» مع انطلاق حزمة العقوبات الأميركية الجديدة



يستعد الروبل الروسي لمرحلة أجمع المحللون الروس على وصفها بأنها ستكون معقَّدة، وذلك بسبب عقوبات أميركية جديدة، تدخل أول حزمة منها حيز التنفيذ اليوم الأربعاء 22 أغسطس (آب)، وذلك بالتزامن مع جلسات في الكونغرس للنظر في حزم عقوبات جديدة «أكثر تشدداً» ضد الاقتصاد الروسي.

وحذَّر أليكسي كودرين، رئيس غرفة الحساب الروسية، المسؤولة عن مراقبة حسابات الميزانية والدولة، من أن الاحتياطي المتوفر لدى روسيا حالياً يمكن أن يساعدها على اجتياز أزمة واحدة فقط، بحجم أزمات عامي 2008 - 2009.

ووسط هذه الأجواء استبعدت إلفيرا نابيولينا، رئيسة مجلس إدارة البنك المركزي الروسي، نمو الاقتصاد الروسي أكثر من 1.5 إلى 2 في المائة سنوياً، حتى لو تجاوز النفط مؤشر 100 دولار للبرميل. وأكدت أنها تركز في عملها على تعزيز موقف القطاع المصرفي الروسي في مواجهة التحديات الخارجية.

ويبدأ اليوم الأربعاء العمل بحزمة أولى من عقوبات جديدة ضد روسيا، أعلنت عنها وزارة الخارجية الأميركية في مطلع أغسطس الحالي، وأدت حينها، ومعها أنباء عن عقوبات أخرى أكثر تشددا يدرسها الكونغرس، إلى هبوط العملة الروسية أمام العملات الصعبة.

وإذ يرى الخبراء أن رد فعل السوق تحديداً على بدء العمل بحزمة العقوبات الجديدة، سيكون عند الحد الأدنى، نظرا لأن السوق سبق أن أبدت رد فعل حين تم الإعلان عن تلك العقوبات، فقد برز شبه إجماع في الأوساط الاقتصادية والمالية الروسية بأن تقلبات السوق الروسية ستتزايد، وأن الروبل الروسي مقبل على مرحلة غاية في التعقيد، نتيجة استمرار سياسة العقوبات الأميركية.

وقال أنطون بوكاتوفيتش، كبير المحللين في «بين بنك» إن «الروبل على موعد مع أسبوع معقد للغاية»، لافتاً إلى أن جزءاً من العقوبات سيدخل حيز التنفيذ اليوم الأربعاء، فضلاً عن أن الكونغرس سيعقد جلسات استماع حول عقوبات أخرى أكثر تشدداً. ويرى الخبير المالي الروسي أنه «بحال لم تحمل العقوبات مفاجآت للمستثمرين، من غير المتوقع أن تجري عمليات هروب من الروبل»، ويحذر بالمقابل من أن «تلقي السوق معلومات تؤكد عدم وجود نية لدى النخب الأميركية بالتخلي عن مواصلة العمل على حزم العقوبات، التي تطال السوق الروسية، فإن تراجع الروبل سيستمر».

وفي استطلاع أجرته صحيفة «كوميرسانت» لتوقعات كبار المحللين الماليين الروس، قال المحلل المالي ألكسندر تاراسكين: «إن الروبل على موعد مع أيام صعبة، على خلفية استمرار بيع سندات الدين الفيدرالي الروسي في السوق، واقتراب موعد تنفيذ حزمة العقوبات التي أعلنت عنها الخارجية الأميركية سابقاً».

وحذر من أن تراجع أسعار النفط دون 70 دولاراً للبرميل، قد تضع الروبل في موقف حرج، إذ لن يبقى له من «عوامل الدعم» سوى نهاية الدور الضريبية، حيث تقوم الشركات ببيع مبالغ كبيرة من العملات الصعبة، لشراء الروبل الروسي من السوق، واستخدامه في تسديد ضرائبها السنوية.

وحسب توقعات بعض المصارف الروسية، فإن سعر العملة الروسية سيتجه خلال المرحلة القادمة قرب مؤشر 67 روبل أمام الدولار الأميركي.

وقد تؤثر على قيمة الروبل عمليات شراء العملات الصعبة التي يقوم بها المركزي الروسي يومياً. وكان توقف عن الشراء منذ 8 أغسطس، حيث قام بداية بتخفيض قيمة المبالغ التي ضخها في السوق حتى النصف، ومن ثم توقف نهائياً عن الشراء، لدعم الروبل، وعاود الشراء يوم 17 أغسطس، ضمن الجدول المعلن مسبقاً، حيث يضخ «المركزي» يومياً نحو 16 مليار دولار في السوق لشراء العملات الصعبة، وتحويلها إلى صندوق الرفاه، لادخارها واستخدامها في وقت الأزمات.

إلى ذلك، قال أليكسي كودرين، رئيس غرفة الحساب الروسية، إن الاقتصاد الروسي قادر على مواجهة أزمة جديدة واحدة، بطبيعة وحجم أزمتي سنوات 2008 و2009. وخلال جلسة برلمانية مكرسة لإصلاحات قانون التقاعد، أعاد المسؤول المالي الروسي إلى الأذهان أن «نصف إجمالي مدخرات صندوق الاحتياطي تم إنفاقها عامي 2008 - 2009 لإنقاذ ودعم الميزانية، بما في ذلك لدعم صندوق التقاعد»، وأضاف: «خلال السنوات الأخيرة تم إنفاق النصف الثاني من مدخرات صندوق الاحتياطي، بما في ذلك خلال فترة الركود التي استمرت عامين. واليوم لا يوجد لدينا صندوق احتياطي. لدينا صندوق الرفاه الوطني، مدخراته تكفي لمواجهة أزمة أخرى واحدة فقط... ولا يوجد لدينا سوى تلك الأموال، ولا نستطيع ربط مدفوعات المنظومة التقاعدية بتلك المدخرات».

في شأن متصل، استبعدت إلفيرا نابيولينا، رئيسة مجلس إدارة البنك المركزي الروسي، نمو الاقتصاد الروسي أكثر من 2 في المائة سنوياً، وقالت في حديث لمجلة «وول ستريت جورنال»، إن «النموذج السابق للنمو الاقتصادي (يعتمد على الطلب الاستهلاكي) استنفد كل إمكانياته»، وعبرت عن قناعتها بأنه حتى لو تجاوز النفط مؤشر 100 دولار للبرميل، فإن الاقتصاد الروسي لن يتمكن من النمو أكثر من 1.5 إلى 2 في المائة سنوياً.

ودافعت عن سياسة المركزي الروسي خلال المرحلة الماضية، وقالت: «في ظل الظروف التي بدأنا نواجه فيها تحديات خارجية ومخاطر جيوسياسية، كان لا بد من أن تصبح المنظومة المصرفية قوية ومستقرة، وأدرك الجميع أنه لا بد من القيام بأمر ما».

وتوقفت في هذا السياق عند قرارات وصفتها بأنها لا تحظى بشعبية، مثل سحب تراخيص عدد كبير من المصارف الروسية، التي رأى «المركزي» أنها إما تقوم بعمليات مالية «غير نزيهة» أو تعاني من أزمات مالية. هذا فضلا عن قرار اتخذه المركزي عام 2014، خلال الأزمة الحادة التي تعرض لها الاقتصاد الروسي بسبب أزمة أوكرانيا والقرم برفع سعر الفائدة حتى 17 في المائة. وقالت: «اتخذت قرار رفع سعر الفائدة بسهولة، لأنني كنت على قناعة أنه لا بديل عن ذلك». وسارعت إلى طمأنة القطاع المصرفي وقالت إن عملية «التنظيف» التي جرى خلالها إغلاق عدد من المصارف قد شارفت على النهاية.

 

aawsat.com

التعليـــقات