رئيس التحرير: طلعت علوي

الفقر يجبر فنزويليات على بيع شعرهن لشراء الطعام والأدوية

السبت | 06/05/2017 - 07:40 صباحاً
الفقر يجبر فنزويليات على بيع شعرهن لشراء الطعام والأدوية


أجبرت الأزمة الاقتصادية في فنزويلا بعض النساء على العبور بشكل جماعي إلى بلدة حدودية كولومبية، لبيع شعرهن رغبة في سد حاجاتهن من الضروريات الأساسية الشحيحة في بلادهن، مثل الطعام والأدوية وحفاضات الأطفال. ويعد هذا التوجه، علامة جديدة على تفاقم أزمة البلد الغني بالنفط، في ظل وجود عجز وتزايد في معدلات التضخم، ما يدفع الملايين إلى إلغاء وجبات والتخلي عن العلاج المرتفع التكلفة. ومن هؤلاء اللائي بعن شعرهن ألبا ليرما التي لم يتبق أمامها سوى بضع مئات من الأمتار لتقطعها، تاركة وراءها كل مشاكلها، لكنها لا تستطيع الاستمرار، وتبكي بحرقة، فقد أصبح هروبها من فنزويلا كابوسا، وهي تتوسل لحاملي الحقائب بأن ينقلوا حقائب السفر الخاصة بها مجانا، عبر الجسر للوصول إلى كولومبيا.
وبحسب "الألمانية"، فقد تم إغلاق جسر سيمون بوليفار الحدودي فوق ريو تاتشيرا، وهو المعبر الرئيسي بين فنزويلا الاشتراكية وكولومبيا، لفترة طويلة بسبب التوترات بين البلدين.


ومنذ افتتاحه للمشاة في آب (أغسطس) الماضي، عبر 40 ألف شخص على الأقل إلى كولومبيا لشراء سلع مثل الأرز والحفاضات وورق التواليت والحليب والزيت والدقيق، ثم يحملون مشترياتهم عائدين بها إلى سان أنطونيو في فنزويلا، حيث بالكاد تتوافر هذه المنتجات. وفي مدينتي فيلا ديل روزاريو وكوكوتا، على الجانب الكولومبي من النهر، يقول الباعة إن حجم الأعمال قد تضاعف من الناحية العملية، ويتربح هؤلاء الباعة من أزمة عدم توافر السلع والفوضى في فنزويلا، البلد الذي يتباهى بأن لديه أكبر احتياطيات من النفط في العالم. وتسمح الشرطة للسلع بعبور الحدود، وبالنسبة للحكومة الاشتراكية في فنزويلا، فإن المشتريات الطارئة من جارتها تحقق بعض الارتياح، ولكن الآلاف يستخدمون أيضا الجسر للهروب، مثل ألبا ليرما (58عاما) برفقة ابنتها وزوج ابنتها وابنهما، البالغ من العمر عاما واحدا.
وتريد ألبا ليرما أن تبدأ حياة جديدة في منطقة سيزار الكولومبية، حيث استقر بالفعل نجلاها، بعدما استقلوا حافلة في كراكاس، كان من المفترض أن تتوجه مباشرة إلى الحدود، وتم تفتيش جميع الركاب بحثا عن أسلحة، ولكنهم تعرضوا في فالنسيا بعد ذلك لحادث سلب من جانب خمسة رجال وامرأة.


وقالت ألبا ليرما: "سائق الحافلة كان يعرفهم، على ما أظن، كان بحوزتهم مسدسات وسكاكين، أخذوا منا كل شيء تقريبا. آلاف الدولارات وهواتف محمولة وجواهر. كل شيء ضاع. لم يتبق لدي سوى ساعة وسوار يجب أن أبيعها هناك. أنا محطمة نفسيا".
عندما وجدت ألبا ليرما أخيرا شخصا لنقل حقائبها، تتوجه وهى مفلسة إلى كولومبيا، وهي دولة تركت لتوها خلفها حرب عصابات دامت 52 عاما، وينظر إليها على أنها نمر اقتصادي جديد في أمريكا الجنوبية.
وألبا ليرما نفسها كولومبية، ولكنها هاجرت إلى فنزويلا في حقبة التسعينيات من القرن الماضي، عندما كان الوضع مختلفا تماما عما هو عليه الآن، وكانت كولومبيا غارقة في العنف.


بعد فترة وجيزة من اجتياز لافتة مكتوب عليها "مرحبا بكم في كولومبيا"، يمكن سماع الشباب وهم يصيحون أنهم يريدون شراء الشعر، وقد بحثت ألبا ليرما وعائلتها عن شخص لينقلهم بسيارة إلى محطة الحافلات، وعبروا الطريق إلى بائعي الشعر، وإذا كان هناك أي شيء يجسد الأزمة، فإنه هذا الشيء المنتشر على الحدود.
ويقف العشرات من السماسرة، الذين يعرفون باسم "دراجرز"، على جسر يربط بين سان أنتونيو في فنزويلا، ولا بارادا في كولومبيا، ينادون بصوت عال "نحن نشتري الشعر".
وبحسب تقديرات لخمسة سماسرة، تستجيب يوميا نحو 200 سيدة لعروضهم في أي من سبع منصات مؤقتة تنتشر في لا بارادا، وتباع خصلات الشعر بعد ذلك لاستخدامها كوصلات في مدينة كالي الواقعة غربي كولومبيا.
ويشير الشاب كريس ميللر (وهذا ليس اسمه الحقيقى) الذي هرب من فنزويلا، إلى أنه منذ فتح الحدود، جاء عدد متزايد من النساء من فنزويلا لقص شعرهن.


ويتم الدفع لهن بالعملة الكولومبية البيزو، التي على عكس العملة الفنزويلية البوليفار، لا تفقد قيمتها يوميا، ونادى ميللر على امرأة فنزويلية جميلة، قائلا "سأشتري شعرك، يا سيدتي"، ورغم أن هذه المرأة لم تبد أي اهتمام، إلا أن امراة أخرى فكرت في الأمر لفترة طويلة، وقد فحص ميللر شعرها الأسود وعرض عليها ما يعادل نحو 30 دولارا.
وأوضح ميللر (23 عاما) أنه يقوم ببيع هذا الشعر المقصوص في مدينتي ميديلين وكالي الكولومبيتين حيث يتم استخدامه كوصلات للشعر الطبيعي، مضيفا أنه يصطحب يوميا نحو 15 امرأة إلى مصفف شعر قريب، في ظل منافسة شديدة، إذ يعمل أكثر من 30 شخصا في هذا المجال.
ويجلس رجل وامرأة من سان كريستوبال في فنزويلا يراقبان الوضع من كشك قريب، وفي نهاية المطاف، ينهض الرجل ويتوجه إلى ميللر، ويخرج الرجل حزمة سوداء طويلة من الشعر من حقيبة ويحاول بيعها، ولكن تاجر الشعر يريد فقط شعرا جديدا يتم قصه هنا على الحدود، ويعود الرجل إلى المرأة وهو محبط، وعند سؤالها عن شعر من هذا؟، تجيب المرأة: "إنه شعر ابنتنا البالغة من العمر تسع سنوات".

 

«الاقتصادية» من الرياض

التعليـــقات