رئيس التحرير: طلعت علوي

«فقاعات السفر» .. علاج مؤقت لتعويض الخسائر

السبت | 21/11/2020 - 08:48 صباحاً
«فقاعات السفر» .. علاج مؤقت لتعويض الخسائر


   
شركات الطيران منخفض التكلفة من بين الشركات الأكثر تضررا
 

في ظل القيود المصاحبة لجائحة "كوفيد 19"، التي كان لها أثر شديد الوطأة في شركات الطيران خصوصا، بدأت بعض الدول بالتفكير في حلول مؤقتة لتعويض جزء من خسائر تلك الشركات، وكان من بين تلك الحلول، الاتفاق على السفر بين وجهتين في ظل شروط معينة، فيما اصطلح على تسميته دوليا "فقاعات السفر".
وذكرت وكالة "بلومبيرج" للأنباء، في تقرير لها ضمن هذا السياق، إنه اعتبارا من غد، ستنطلق الرحلات الجوية مجددا بعد كوفيد - 19، في مطارات هونج كونج وسنغافورة.


وأوضحت أن 200 راكب، يجرى فحصهم مسبقا فيما يتعلق بالإصابة بالفيروس، سيستقلون رحلات في كل مدينة متجهة إلى الأخرى. وسيخضع هؤلاء الركاب للاختبار مرة أخرى عند وصولهم. وفي حالة كانت نتائج اختباراتهم سلبية، بإمكانهم التجول بحرية دون الاضطرار للخضوع إلى حجر صحي لمدة أسبوعين، وهو إجراء مطلوب من المسافرين الآخرين.
وأوضحت الوكالة أن ذلك يعد أول "فقاعة سفر" معروفة في العالم في ظل الجائحة، وعلقت صناعة السياحة العالمية المدمرة آمالها على طرح ناجح لتلك التجربة.


وتضيف أنه "لسوء الحظ ، حتى لو نجحت التجربة ، فلن تبشر بعودة أي شيء، مثل ثقافة السفر الجوي الحر لحياة ما قبل الجائحة".
وأشارت إلى أنه بدلا من ذلك، من المحتمل أن يشير ذلك إلى عصر جديد من السفر المخلخل وباهظ التكلفة، وهو عصر من غير المرجح أن يدعم صناعة تعتمد على الرحلات الجوية الرخيصة.
وليس من قبيل المصادفة أن تحدث هذه التجربة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. فقد توسعت حركة السفر الجوي في المنطقة على مدار عقدين بشكل أسرع من أي مكان آخر.


وفي 2010، زار 15.9 مليون شخص تايلاند، وفي 2019 زارها 39.8 مليون شخص، أكثر من ثلثيهم من آسيا. وهناك قلة من هؤلاء المسافرين وصلوا إلى البلاد في مقصورة الدرجة الأولى. وبدلا من ذلك، تحققت عطلاتهم الشاطئية التايلاندية في الأغلب عن طريق النمو الهائل لشركات الطيران منخفض التكلفة.
وبحسب "الألمانية"، قالت وكالة "بلومبيرج"، إنه كان لذلك تأثير هائل في تدفقات السياحة، فقد ارتفعت الرحلات الجوية الأسبوعية بين الصين وتايلاند من عام 2011 إلى عام 2018 من 200 إلى 1300 رحلة، بينما ارتفعت نسبة الرحلات التي تنظمها شركات طيران منخفض التكلفة من 4 في المائة إلى 44 في المائة.


وتوقفت تلك الصفقات جميعها هذا العام بسبب الجائحة. ويتوقع أن ينخفض الزائرون الأجانب لتايلاند في 2020 بنسبة هائلة تصل إلى 83 في المائة. مع وصول معظم الوافدين قبل الإغلاق.
وتواجه دول أخرى صفعات مماثلة لصناعات السفر والسياحة. وتعد شركات الطيران منخفض التكلفة، التي تعتمد على حجم الرحلات لتحقيق هوامش ربح ضئيلة، من بين الشركات الأكثر تضررا.


ومنذ الأيام الأولى للجائحة، جرى اقتراح "فقاعات السفر" كأحد الحلول لهذا الدمار، لكن تبين أن إعداد ذلك كان أكثر صعوبة من المتوقع. ففي آسيا، حيث كانت الدول أكثر نجاحا للغاية في السيطرة على الجائحة، كان هناك إحجام مفهوم عن الانفتاح. لكن في أماكن كان الاهتمام فيها قويا، فإن الصعوبات العملية ذات الصلة بالموافقة على أمور تبدو بسيطة، مثل معايير الاختبارات، عرقلت الأمور.
وعلى الرغم من تلك المعوقات، تمكنت هونج كونج وسنغافورة من الوصول إلى ما يشبه اتفاقا قابلا للتطبيق. وساعدتهما على ذلك الروابط الاقتصادية العميقة بين البلدين، حيث تم تسيير 13 ألفا و654 رحلة جوية بينهما في 2019، ويبدو أن الطلب قوي كذلك. وخلال الأسبوع الافتتاحي، الذي سيتم فيه تخصيص رحلة "فقاعية" واحدة في اليوم، نفذت جميع المقاعد بالفعل.


ولن تكون هذه الرحلات رخيصة رغم ذلك، فحتى مقاعد الدرجة الاقتصادية تتجه إلى أكثر من 800 دولار، وهي تكلفة تزيد كثيرا على تذكرة تعادل ذلك قبل الجائحة. إلى جانب ذلك، فإن عمليات الفحص المرتبطة بمرض كوفيد - 19 وحدها قد تكلف نحو 600 دولار للرحلة ذهابا وإيابا. كما أن المسافرين الذين ستكون نتائج اختباراتهم إيجابية، يتوقع أن تكون فاتورة علاجهم وإجراءات الحجر الصحي الخاص بهم على المدينة التي يقصدونها.


وتشير "بلومبيرج" إلى أنه على الرغم من ذلك، فإن فقاعة السفر لا تضمن عدم الإصابة. ففي الأسبوع الماضي، أبحرت سفينة سياحية كاريبية لأول مرة منذ إغلاق ذلك النشاط في آذار (مارس). وعلى الرغم من الاحتياطات المكثفة، بما في ذلك إجراء اختبارات متعددة لكل شخص على متنها، ثبتت إصابة سبعة ركاب واثنين من أفراد الطاقم بعد أيام فقط من مغادرة السفينة الميناء. وتم إلغاء الرحلة سريعا، وألغت الشركة بقية رحلاتها البحرية لعام 2020. وقد تنجو فقاعة سنغافورة وهونج كونج من مثل هذا التفشي، لكن ليس هناك مجال كبير للخطأ. وبحسب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المدينتين، إذا سجلت أي من الوجهتين - وكلاهما يضم ملايين الأشخاص - متوسط خمس حالات إصابة أو أكثر بكوفيد - 19 بصورة غير مرتبطة ببعضها، لسبعة أيام، فسيتم تعليق الفقاعة.


وعلى الرغم من المخاطر، من الواضح أن هناك كثيرا من الأشخاص المستعدين لأخذ فرصهم للعودة إلى الجو. لكن التكاليف الإضافية، سواء مالية وغيرها، تشير إلى أن الفقاعات - ببساطة - ليست الحل لمشكلات صناعة السفر في آسيا أو في أي مكان آخر، حيث إن اللقاح فقط هو الذي سيعيد الأمور إلى طبيعتها، كما هو الحال مع عديد من جوانب الحياة التي تأثرت بجائحة كوفيد - 19.

التعليـــقات