رئيس التحرير: طلعت علوي

مستوى ال 30 دولاراً.. إنذار بضرورة توجه المنتجين للقرارات المصيرية

الأحد | 20/12/2015 - 11:06 صباحاً
مستوى ال 30 دولاراً.. إنذار بضرورة توجه المنتجين للقرارات المصيرية

«النفط» بين تنازع الاستناد التاريخي ومعطيات الأسواق الحديثة

 


يبدو أن تراجعات أسعار النفط - ضمن إطارها التاريخي - لم تكن حبيسةً للأسواق ومؤشراتها فحسب، بل طالت تبعاتها وفقاً للتحليلات خلال العقود الأخيرة من قبل مهتمي الصناعة النفطية المواقف السياسية بوجهٍ عام، فإيمانهم التام بدوره في إدارة فنون العلاقات الدولية وتسييرها، كان منبعاً أولياً لمخرجات آرائهم، مستندين بذلك إلى المنعطفات التاريخية التي مرّ بها "النفط" خلال سنواته الماضية.

فما بين قصور الرؤى والاستناد التاريخي ظلّ "النفط" متأرجحاً في دوافعه أمام المشهد العالمي لا يقوى على شيء، مسلّماً نفسه كمتهم الخبراء الأول، مفندين ومنظرين تحركاته على أنها خيارات استراتيجية وأدوات لتسيير القضايا وإرضاخها للتنازلات على أقل تقدير.

بيد أن استدلال الكثير بالشواهد التاريخية خلال العقود الماضية لا زالت حاضرة إلى حدٍ ما في تحركات أسعار النفط منذ العام 1901 م إلى الوقت الراهن، ولكنها بدأت مؤخراً في مناقضة أصحاب الرأي الآخر الذي يقول بعكس ذلك، فالتطورات السياسية ومنهج العلاقات الدولية سعى حثيثاً لتغيير المفاهيم عبر إيجاد الخيارات والحلول.
وحظيت حالات تراجع الأسعار مؤخراً بالكثير من الاهتمام والتفسير من قبل أوساط الصناعة النفطية حيث حملت الندوات والتقارير بمخرجاتها المتنوعة في الوسائل الإعلامية تفسيرات متباينة حول ذلك الأمر، فهنالك من عزا ذلك لرغبة بعض الدول في التوسع بزيادة معدلات إنتاجها وتصدّر السوق، والبعض الآخر قال بسبب نمو السوق السوداء لتجارة النفط، والكثير من الآراء الأخرى.

بدوره قال الدكتور أنس الحجي - خبير نفطي - ليس هناك أي دليل تاريخي على نجاح النفط كسلاح أو وسيلة ضغط، لذلك لا يتوقع أن يحصل أي تغيرات في المواقف السياسية، وإذا كان الهدف في الفترة الحالية هو الضغط على إيران والعراق لتخفيض الإنتاج، فإن الأمر هنا اقتصادي وليس سياسيا، وقد تنجح سياسة الأسعار المنخفضة في إجبار أعضاء أوبك على تخفيض الإنتاج إذا لم يكن لديها أي طاقة إنتاجية فائضة، أما إذا كان لديها طاقة إنتاجية فائضة أو استثمارات ستؤتي ثمارها قريبا فإنها لن توافق على تخفيض الإنتاج.

وتابع قائلاً لن تتأثر روسيا كثيراً لأن انخفاض الروبل الكبير قد ساهم في تخفيف حدة انخفاض أسعار النفط على صناعة النفط الروسية بشكل كبير، وكان السبب الرئيس لانتعاش صناعة النفط الروسية في أواخر التسعينيات بعد أن كانت تعاني من انهيار الاتحاد السوفيتي هو انخفاض الروبل عندئذٍ، لهذا من المتوقع أن يستمر النفط الروسي بالانتعاش سواء ارتفعت الأسعار أم لا. وأضاف يتضح الآن من المعاناة الاقتصادية والمالية لدول الخليج أن هنالك حاجة لتخفيض الإنتاج، لا سيمّا أن ارتفاع الأسعار إلى ستين أو سبعين دولاراً للبرميل لن يؤدي إلى زيادة إنتاج النفط الأميركي كما يدعي البعض لأن الشركات الأميركية ستأخذ أي زيادة في العائدات للتخلص من ديونها وتحسين مركزها المالي الإنتاج الأميركي لن ينمو إلا إذا تجاوزت أسعار النفط حاجز ال 85 دولاراً للبرميل وذلك بسبب معدلات النضوب العالية.

بدوره أشار القيادي السابق بقطاع النفط السعودي عثمان الخويطر إلى أن انخفاض الأسعار حالياً يسير نحو الحد الأدنى لنسبة كبيرة من المنتجين، وهو ما يعني إما البيع بخسارة أو وقف جزئي للانتاج والعبرة بطول المقام، فإن ظل ينحدر أو بقي زمنا طويلا بجانب الثلاثين دولارا للبرميل، فلا بد من اتخاذ قرارات مصيرية. وقال الخويطر ذكرنا في أكثر من مناسبة أن هناك دولاً تريد للأسعار أن تظل عند مستوى منخفض وستحاول إبقاءها كذلك حتى تحقق أهدافها غير المعلنة، وما علينا إلا الانتظار، أما الضرر من نزول الأسعار إلى هذا المستوى غير المسبوق خلال السنوات المتأخرة فسوف يطال الجميع سواء أكان ذلك على مستوى المنتجين أم المستهلكين، بالنسبة للمنتج الأمر واضح أما كيف يتضرر المستهلك فلأن ما يحدث حالياً سيؤدي إلى انقباض شديد في الاستثمارات البترولية مما قد يؤدي إلى ارتفاع كبير ومفاجئ في الأسعار.

© صحيفة الرياض 2015

التعليـــقات