رئيس التحرير: طلعت علوي

عذاب الجسر- بعض الحلول بيدنا

الخميس | 17/07/2014 - 05:05 صباحاً
عذاب الجسر- بعض الحلول بيدنا


بقلم: داوود كتاب

 

يعاني أهلنا وخاصة في فصل الصيف الحار ومع حلول إجازة المدارس الصيفية، من عذاب ما زال مستمراً منذ نصف قرن على الجانب الإسرائيلي من جسر الملك حسين.
ورغم أن العديد من النواب كانوا قد قدموا مطالب متقدمة بعد استشهاد القاضي الأردني رائد زعيتر، إلّا أن البعض بما فيهم كاتب هذه السطور اقترح مطالب عملية تخفف من معاناة شعبنا في التنقل بين ضفتي النهر.
وقد لاحظت عند زيارتي الأخيرة لفلسطين أن التفتيش الإسرائيلي الاستفزازي أثناء دخول الحافلات التي تقل الركاب العرب إلى الطرف المسيطر عليه من قبل المحتل (موقع استشهاد زعيتر)، قد توقفت. ولم نسمع أي طرف أردني يعتبر ذلك إنجازاً، مع أن كل المسافرين إلى فلسطين يدركوا أهمية إلغاء ذلك التفتيش المهين.
وبالرغم من هذا الإلغاء، إلّا أن المصاعب والتأخير والمعاناة – خاصة للأطفال في حر الصيف الشديد- أمر لا يطاق وبحاجة إلى معالجة.
المشكلة الكبرى والأساسية تتمحور حول وجود احتلال عسكري لا يهمه حياة وراحة المسافر الفلسطيني والعربي، وبالرغم من ذلك لا يجب أن نيأس ونستسلم للوضع الحالي؛ فهناك العديد من الحلول التي من الممكن أن تُخفف من هذه المعاناة، كتعاون أردني فلسطيني. كما ويمكن أن يتم التنسيق مع الاحتلال، والتي تربط الأردن معاهدة سلام معه. فالجميع يعرف أن معاهدة وادي عربة تشكل سلاما باردا ما دام الاحتلال جاثما على صدور الفلسطينين ويمارس الاستيطان الاستعماري على أرض فلسطين، عطفا عن عمليات التهويد غير المتوقفة في القدس.
قد يتفاجأ القارئ أن من أكثر الأمور المعيقة للسفر عبر الجسر هي مدة انتظاره في جانب الاحتلال لغاية ترتيب أمور حقائب السفر. فالمواطن/ة ومعهم الأطفال ينتظرون تحت لهيب الشمس في طابور طويل، لغاية قيام الجانب الإسرائيلي بإصدار (لايبل) لكل حقيبة ونسخة بعدد الحقائب يتم إلصاقها على الجواز. وهذا الأمر من السهولة حله لو يتم وضع (الليبل) على الحقائب من الجانب الأردني.
قبل عدة أيام تحاورت مع نشامى الأمن في الجسر وفوجئت أن الفكرة مطروحة منذ مدة، إلا أنها معطلة بسبب رفض (أو عدم جاهزية) شركة الحافلات الأردنية.
المعروف أن شركة الحافلات التي تنقل المواطنين العرب والسياح تجني أموالاً طائلة من احتكارها نقل الركاب؛ فالآف المواطنين يستقلون هذه الحافلات، ولو تم توفير (الليبل) من الجانب الأردني (كما هو الحال عند السفر من أي مطار) فإن وقت الإنتظار سيقل، كما وستقل الأزمات والتي تتسبب بتكلفة عالية حتى على شركات الحافلات؛ جراء بقاء مكيفات الحافلات تعمل لساعات طويلة.
الجانب الآخر الذي يحتاج إلى مراجعة محليّة مع الجانب الفلسطيني، هو التكلفة. فقد أصبحت ضريبة العشر دنانير، التي بدأت كبدل عدم الممانعة، وتحولت إلى رسم دائم، مكلفة، خاصة مع إضافتها إلى مجمل تكاليف السفر من رسوم خروج، وتصريح، وباصات. لتصل تكلفة السفر بالحافلة الأردنية للمواطن العربيأحيانا أكثر من مئة دينار.
فتذكرة السفر على باص جت الاردني تكلف ديناران للراكب ونصف دينار للحقيبة في حين تصل تذكرة الباص للسائح الاجنبي 7 دنانير، و1.5 لكل حقيبة. هذه التكاليف لقطع مسافة 3 كم. من ناحية أخرى يبدو أنه لا توجد أي متابعة حقيقية من قبل هيئة تنظيم النقل العام لكيفية تنفيذ هذا الاحتكار للحافلات – مثله مثل ال (VIP) أيظا باهظة التكاليف- والمضرة بسمعة الأردن السياحي.
وفي هذا المضمار هناك بعض الأمور التقنية التي من الممكن أن يتم التنسيق فيها بين الحكومة الأردنية والحكومة الفلسطينية للتخفيف من البيروقراطية، والتكلفة غير الضرورية، والتأخير بسبب وثائق السفر غير الأردنية، والتي يجب ألّا تكون جزء من عملية الإستقبال أو المغادرة في الجانب الأردني. فهناك إجراءات أردنية لم تتغير منذ 1967 رغم اتفاق السلام مع إسرائيل، منها توقف الجانب الإسرائيلي عن حجز الهويات على الجسر. فهل لا يزال من الضروري الإصرار على التأكد من عدم تفريغ القدس وفلسطين من خلال التصريح الذي لا يحتوي على صورة، بدل من الهوية الشخصية والتي تحتوي على صورة.
فالتصاريح تعتبر تكلفة باهضة على الأفراد و العائلات دون وجود أي فائدة حقيقية. فمن لديه (فيزا) عودة له نفس الحقوق كالمغادر بتصريح. إذا، ما الفائدة من الإصرار على التصريح الذي يكلف حوالي 50 دينار للفرد المقدسي الواحد، والذي تذهب رسومه غير الضرورية إلى خزينة الإحتلال بمعدل عشرات الآلاف من الدنانير يوميا؟.
من السهولة التوصل إلى تفاهم فلسطيني أردني حول هذا الموضوع للتسهيل على المواطنين إقتصاديا والتقليل من البيروقراطية عند شباك الجوازات. فالواضح أنه من الضروري التأكد من سريان مفعول جواز سفر المسافر، أو القادم. ولكن إجبار المسافر على ابراز الوثيقة التي خرج بها من فلسطين تعتبر أمرا تعقيديا، ويشمل نوع من المزاودة الوطنية. فلا بأس من تنفيذ أي إجراء يتم الاتفاق عليه مع القيادة الفلسطينية، ولكن في بعض الأحيان تسمع عبارات مثل “هيك بدهم السلطة” وعند مراجعة رام الله يكون الرد أن لا علاقة لهم بالامر.
إن مشكلة تنقل مئات آلاف المواطنين العرب والأجانب عبر جسر يعتبر معبر مؤقت، أمرا في غاية الأهمية والحساسية. ولكن علينا أن لا نسمح للحساسية المفرطة أن تشكل عامل تعقيد إضافي على العوامل المحبطة من خلال استمرار الإحتلال وما ينتج عنه من معاناة.
إن علاقة الأردن المميزة مع القيادة الفلسطينية بالإضافة إلى وجود تنسيق أردني مع الطرف الإسرائيلي يوفر للأردن فرصة ذهبية لمحاولة التخفيف من معانات أهلنا دون المساس بالحقوق السياسية. لقد آن الأوان لمعالجة مثل هذه الأمور جذريا والتي في قدرة الجانب العربي حلها، وذلك لغاية الفرج الحقيقي بعد زوال الإحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

الكاتب صحفي فلسطيني مقيم في عمان والقدس

التعليـــقات