رئيس الحكومة اللبنانية يفتتح
"منتدى الاقتصاد العربي" بدورته الـ 22 بحضور 600 مشارك من 14 دولة
افتتح رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمّام سلام "منتدى الاقتصاد العربي" بدورته الـ 22، بحضور حوالى 600 مشارك من المسؤولين والمستثمرين ورجال الأعمال اللبنانيين والعرب والأجانب من 14 بلداً، وسط مشاركة لافتة من المملكة العربية السعودية والكويت.
وتناوب على الكلام في جلسة افتتاح المنتدى، الذي تنظمه سنوياً "مجموعة الاقتصاد والأعمال"، كل من: الرئيس تمّام سلام، حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية والرئيس الفخري لاتحاد الغرف العربية عدنان القصار، رئيس الغرفة التجارية الصناعية بجدة الشيخ صالح عبدالله كامل، وكيل الأمين العام والأمين التنفيذي لـ "الاسكوا" د. ريما خلف، رئيس جمعية مصارف لبنان د. فرنسوا باسيل، والرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي.
وشهد المنتدى بعد حفل الافتتاح تكريم عدد من الشخصيات، الذين تلقوا جائزة الاقتصاد والأعمال والتي تحمل إسم "الريادة في الإنجاز"، وهم رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإنتربول دولة الرئيس السابق الياس المر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي لـ "الاسكوا" د. ريما خلف، رئيس اتحاد مصارف الكويت ورئيس بيت التمويل الكويتي حمد المرزوق.
رؤوف أبو زكي:
استهل حفل الافتتاح الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي حيث أكّد في كلمته على أنه "للسنة الثانية والعشرين على التوالي تنظم مجموعة الاقتصاد والأعمال منتدى الاقتصاد العربي في بيروت الذي أصبح حدثاً إقليمياً يجمعنا كل سنة مسؤولين وقادة أعمال وخبراء لبحث قضايا الساعة الاقتصادية والجيوسياسية. وانعقاد هذا المنتدى في بيروت يؤكد مركز بيروت كمنصة للتلاقي العربي وكمركز مال وأعمال. صحيح أن دور لبنان لم يعد كما كان بسبب أزمات المنطقة وتنامي الاقتصاد الخليجي، لكن دور اللبنانيين زاد كثيراً واتسعت رقعة اقتصاد اللبنانيين وحضورهم المؤثر في معظم عواصم العالم، وبطبيعة الحال فإن ازدهار اللبنانيين في الخارج ساعد الاقتصاد اللبناني على تعويض الكثير مما فاته وأعطاه امتدادات إقليمية عبر الشركات والمؤسسات الناجحة التي أسسها لبنانيون في مختلف أنحاء العالم".
وحول الفترة العصيبة التي تمر فيها المنطقة، قال أبو زكي: "كانت سنوات ما سمي "الربيع العربي" صعبة حتى الآن بما أدت إليه من اضطرابات أمنية واسعة ومدمرة أحياناً ومن تراجع حاد في النشاط، تعدى وقعه الدول المعنية ليطاول دول الجوار والأجواء الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي ككل. وهناك اليوم بعض ما يبعث على التفاؤل. فتونس حققت تقدماً في إرساء دعائم نظام ديمقراطي جديد وفي استعادة الحياة الطبيعية. ومصر تسير بخطى ثابتة ويؤمل أن تتسارع بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لكنه في المقابل تستمر التحديات كبيرة جداً في ليبيا وسوريا واليمن والسودان والعراق. والمسار أمامنا طويل وشاق لكن هذه المرحلة العصيبة قد تنتهي إلى حقبة جديدة عنوانها الحرية والانفتاح والنمو المستدام. نقول ذلك وبحذر شديد لأن ما نشهده من تطورات سلبية يهدد بعض الكيانات العربية. ولبنان هو بالطبع في أشد الحاجة الى عالم عربي مستقر ومزدهر حيث أنه اليوم الأكثر تضرراً من الحرب الدائرة في سوريا، ناهيك عما أصاب علاقاته التجارية ونشاط رجال الأعمال اللبنانيين واستثماراتهم من تداعيات الاضطرابات في بلدان عربية عديدة. وخسائر الاقتصاد اللبناني من الحرب في سوريا التي قدرها البنك الدولي بنحو 7.3 مليار دولار هي في تصاعد مستمر، كما أيضاً الثقل الاقتصادي والاجتماعي والإنساني والأمني لموجات النازحين السوريين".
وعن دور لبنان في فترة التعافي المُنتظرة على المستوى الإقليمي، رأى أبو زكي أن "لبنان سيكون له كما نأمل دور مهم، عبر شركاته ومهاراته في عملية الإعمار وتعافي اقتصادات المنطقة. إننا نتطلع إلى حلول السلام وعودة الأمن والاستقرار إلى جميع الدول العربية ولاسيما سورية الجارة العزيزة بل الشريكة الكبيرة للبنان، ونعتقد أن العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين والتداخل الكبير بينهما ستجعل من الشركات اللبنانية طرفاً مؤهلاً للمساهمة في إعادة اعمار سورية شرط الاستعداد لذلك بتوفير القاعدة السياسية والأمنية والاقتصادية الضرورية لها. وهذا يمكن أن ينطبق على الأردن ولو بشكل مختلف. ونذكر هنا أن البنك الدولي قدر تكلفة إعادة إعمار سورية بحوالي 150 مليار دولار. ويجب القول، مع ذلك، أن الفرص لا تأتي لوحدها بل ينبغي العمل للأخذ بها وكم من الفرص مرت على لبنان لكن واقع الانقسامات وإضاعة الوقت جعلت تلك الفرص تفوتنا. إن التأخير المستمر في استغلال ثروة النفط والغاز في المياه اللبنانية وكذلك التأخير المزمن في معالجة أزمة الكهرباء أو توفير الأمن المائي لبلد يعوم على المياه ما هي إلا أمثلة على إهدار الفرص بينما عدّاد الفوائد على دين لبنان لا يتوقف والدين يزداد تضخماً".
وختم أبو زكي بشكر الرئيس تمّام سلام على رعايته وحضوره، كما نوّه "بالمشاركة السعودية والكويتية المميزة والتي تأتي لتؤكد عودة الانفتاح الخليجي على لبنان". مؤكداً أن "استمرار انعقاد هذا المنتدى، إنما هو فعل إيمان بمستقبل لبنان وفعل إيمان بالعمل المشترك وبالاستثمار العربي في البلدان العربية. ويكمن القول أن هذا المؤتمر يشكل بداية عودة الخليج الى لبنان ونتوقع أن يشهد فصل الصيف حركة سياحية خليجية عربية ناشطة تبلغ ذروتها خلال أب/أغسطس المقبل أي بعد رمضان المبارك أعاده الله علينا جميعاً بالخير والبركة. وقد بدأت بشائر هذه العودة بدليل حركة النقل الجوي الناشطة مع الخليج ونسب الأشغال المتزايدة في الفنادق".
فرنسوا باسيل:
من جانبه، نوّه رئيس جمعية مصارف لبنان د. فرنسوا باسيل بانعقاد "منتدى الاقتصاد العربي" بلا انقطاع منذ 22 عاماً. مُستهلاً كلمته بالحديث عن الوضع السياسي اللبناني، حيث اعتبر أنه "ليس طبيعياً أو مقبولاً أن يستمر الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية، خلافاً للدستور وللأعراف ولمقتضيات توازن عمل المؤسسات. ويجب ألاّ يُستهان بهذا الواقع لما يترتب عليه من انعكاس على سير عمل الدولة وعلى مصداقية التمثيل. وواجبنا جميعاً، كل من موقع مسؤوليته، التنبيه الى المخاطر الناتجة أو المرتبطة بإفراغ المؤسسات. فتصاعدُ التطرّف سياسياً واجتماعياً – ولنا عليه شاهدٌ كلَّ يوم على امتدادِ عالمِنا العربي – يعود الى ضعفِ سلطةِ الدولة، والى عدم قيامِها بوظائفها في خدمةِ المواطنين. كما يعود الى تردّي الأوضاع الاجتماعية والخدماتِ العامة. فيلجأ الناسُ الى بدائلَ عن الدولة أو الى الغربةِ عن الوطن. وليس مقبولاً كذلك على الصعيد الاقتصادي، المرتبط جزئياً بالوضع السياسي، أن نكتفي بمعدلاتِ نموٍ متواضعة يقدّرها صندوق النقد الدولي بما بين 1,5 في المئة و 2 في المئة للبنان وبما بين 2,4 في المئة و 3,3 في المئة للمنطقة العربية لعامَيّ 2014 و 2015. هذا المستوى من النمو ليس كافياً لاستيعابِ القوى العاملة الشابّة المتدفّقة الى أسواق العمل العربية. وثمارُ النمو تشكو من تفاوتٍ كبير ومن سوء توزيعٍ للدخل يفاقمُ الأوضاعَ الاجتماعية، ويُفقِد الدولَ والأنظمة الشرعيَّةَ الحقيقيّة. ويُفقدها في آنٍ معاً المداخيل الكافية فتلجأُ الى المزيدِ من الاستدانة. ما يعني أن نسبَ العجز العام والمديونية العامة الى الناتج المحلي الإجمالي متَّجهة الى مزيدٍ من التدهور".
وأضاف باسيل: "واجبُنا أيضاً وأيضاً التحذيرُ من هذا المنحى. ونحنُ في لبنان كنّا نعاني عجزاً بحدود الأربعة مليارات دولار فصرنا أمام عجزٍ متوقَّع يفوق الـ 5 مليارات دولار، أي أنه يتخطّى نسبة 11 في المئة من الناتج كما يتبيّن من مشروع موازنة العام 2014 . هذا من دون أخذ مفاعيل إقرار سلسلة الرتب والرواتب في الاعتبار. وحسَناً تتصدّى بعض الكتل النيابية للعشوائيّةِ والشعبويّةِ في التشريعاتِ المالية تفادياً لانزلاقٍ مالي يؤذي البلدَ ويضرُّ في المقام الأول بذوي الدخلِ المحدود. وكنا نأملُ أيضاً في القطاع المصرفي أن تستفيدَ الدولةُ من تراجعِ الفوائد على الدين العام بشكل جذري خلال السنوات القليلة الماضية، وأن تستفيدَ الدولةُ من تراجع خدمة الدين كنسبةٍ من النفقات العامة كي تُضبط النفقاتُ الأولية، فيتوقّف تدهور المؤشّرات وتفاقمُ الدين. ذاك أن خدمة الدين بقيت بين عامَيْ 2009 و 2013 عند مستوى 6000 مليار ليرة. بينما زادت المديونيّة العامة للدولة من 74 ألف مليار ليرة الى 91 ألف مليار أي بنسبة 23 في المئة، نتيجة تزايدِ كلفةِ الأجور، من جهة، والنفقاتِ الأولية، من جهة ثانية. وأتت الأرقامُ المعلنة عن موازنة العام 2014 لتأكيد هذا المنحى المتسارع في الإنفاق بدل إرساءِ عملية إصلاحٍ مالي تدعم الاستقرارَ النقدي وتعزّزُ الاستثمار والإنتاج".
وتابع باسيل: "بالعودة الى القطاع المصرفي، نؤكّد على الجهدِ الهائلِ والموثَّق بالأرقام الذي قامت به المصارف بالتنسيقِ الايجابي بين مصرف لبنان وجمعيّة المصارف. وفي رأينا كان يجب أن تُبنى على هذا الجهد سياسةٌ مالية مغايرة، ترسّخ المنحى الانخفاضي للعجز وللمديونيّة كنسبٍ من الناتج، لا أن تُفاقمَ هذه المؤشّرات. وبدلاً من ذلك، نرى للأسف أنَّ منحى التحاملِ غير المبرَّر على القطاع المصرفي آخذٌ في الازدياد. فليتَّقوا الله في ما يذهبون إليه وفي ما يفعلون.... ولن نزيدَ على ذلك في الوقت الحالي، ومن هذا المقام. طبعاً، كلُّ هذه الأجواء غير الصحيّة لا تؤثّر على نشاطِنا. فنحن سائرون كمصارف وكقطاع على الدربِ الصحيح، نستمدّ قوتَنا من ثقةِ مودعينا، ومن توفير القروضِ الكافية والمتدنّيةِ الكلفة قياساً على ما هو قائمٌ في معظم دولِ المنطقة والعالم. كما نستمدّ قوتنا من التعاونِ الدائم والتنسيقِ الإيجابي مع السلطةِ النقدية، ومن التزامِنا بالمعايير الدولية وفي مقدّمِها مكافحة تبييضِ الأموال وتمويلِ الإرهاب. وسنةً بعد سنة، يعترفُ المجتمعُ الدولي بتقدّمنا على المسارِ السليم في هذا المضمار، مما يدعّم بل ويُطوّر علاقاتِنا مع المؤسّسات المالية الدولية والمصارف العالمية".
مختتماً بالقول: "على الرغم من أن أرباحِنا لا تتعدّى نسبتُها 11.5 في المئة من رساميلنا، فقد ارتضينا بهذا المستوى المتواضع من الربحيّة، حفاظاً على سيولةِ العملات الأجنبية لدينا، وحفاظاً على سلامةِ ودائعنا. وتتمتّع مصارفُنا كما كان حالها على امتدادِ العقدَيْن الماضيَيْن ببنيةٍ ماليةٍ قوية وسليمة، بالرغم من كلّ المخاطر السياديّة المحيطةِ بعملنا".
ريما خلف
من جهتها، تحدّثت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا د. ريما خلف عن أهمية انعقاد منتدى الاقتصاد العربي، "فهو ليس مجرد لقاء يضيف واحداً إلى عدد الاجتماعات الإقليمية التي تعقد في لبنان. هو ملتقى فيه كل ما يتمنى القلب أن يبصره، وتجهد العين كي تراه في المشهد العربي اليوم. هو الجامع في زمن الفرقة. إليه تتوافد من كل قطر نخبة من القيادات العربية المميّزة. وفيه يجتمع السياسي والاقتصادي للتفكير في مشكلات لا تعترف بالحدود الفاصلة بين الفضاءات أو الأقطار، ولدراسة حلول لا يقوى أي منهما عليها بمفرده".
وأضافت خلف: "اليوم، إذ تدخل الثورات العربية عامها الرابع، نجد أنفسنا أمام مشهد صاخب يبدو مفتوحاً على الكثير من التفسيرات والاحتمالات. لن يعجز أي من المتفائل أو المتشائم أو الشامت عن دليل يسعفه في وجه الآخر، أو عن حجة تعينه في تسويق قراءته للمستقبل. فالثورات العربية استحضرت جميع الفصول في آن عندما خلخلت بعضاً من أهم الأسس التي قام عليها النظام العربي، وأودت باستقرار،ٍ كان محموداً في رأي البعض، وراكداً آسناً في رأي البعض الآخر. وبين استقرار ولّى وآخر لم يتبلور بعد، سقطت الرتابة القاتلة للتقدم والإبداع ولكن تزعزعت معها منظومة الأعراف والقيم التي كانت تضبط تصرفات الأفراد والجماعات وتنظم علاقاتهم بعضاً ببعض. فرصةٌ لتشكيل المستقبل لاحت لأكثر الفئات استنارة كما لأكثرها ظلاماً".
وتابعت قائلةً: "أشتال الربيع لم تزهر بعد. بعضها صرعته الصحراء العربية القاسية وإن لم تقض على جذوره. لكن بعضها الآخر أطل علينا ببراعم صغيرة تَعِدُ خيراً كثيراً. اليمن منحنا تجربة فريدة في الحوار الوطني الشامل للجميع تأسيساً لتوافق يصون وحدة البلاد. وتونس منحتنا دستوراً تقدم على كل سواه في حماية الحريات والحقوق وصون الكرامة الإنسانية. واليمن وتونس علّمانا أننا كعرب لسنا استثناءً؛ وأن شعوبنا قادرة على صوغ عقد اجتماعي بالتفاوض بين فرقاء العقد، لا بالإملاء".
وأشارت إلى أن "احتفاؤنا بهذه الإنجازات لا يشغلنا عن الدمع الممتزج بالدم في أقطار عربية أخرى؛ عن الأرواح البريئة التي تزهق والمجتمعات الآمنة التي تمزق في معارك تستعر شرقاً وغرباً بين قوى النور والظلام؛ بين قوى تسعى لإنشاء أوطان مزدهرة منيعة ينعم فيها كل مواطن بالعدالة والحرية والكرامة، وأخرى تتشبث لآخر رمق باستبداد كرس الفقر والتخلف وفتح الباب واسعاً للاستباحة الخارجية. معارك استحسنتها وغذتها أطراف خارجية تقضي مصالحها بتحويل الصراع في المنطقة من صراع ضد التخلف والاحتلال والهيمنة الأجنبية إلى صراع ديني بين مسلمين ومسيحيين، وطائفي بين سنة وشيعة، وإثني بين عرب وأكراد وأمازيغ. صراع ينهك الجميع ويصادر مستقبلهم، يفتك ليس بحياة الإنسان فحسب، بل أيضاً بالأخلاق والقيم والثوابت الوطنية وأسس العيش المشترك".
مؤكدةً أنه "يخطئ من يعتقد أن إفشال التحول الديمقراطي سيعيد العالم العربي إلى ديسمبر 2010. ذلك زمن لن يعود. فالبديل للحكم الصالح، لن يكون استبداداً رحوماً تعلم بعضنا العيش في ظله والتأقلم معه. البديل هو استبداد غاشم، وممالك طوائف تستجدي ألفونسو ليعينها على أولاد العمومة، وقلاع ألَموت سوداء تغزو عقل الأمة فتشلّه وقلبها فتفسده".
واختتمت خلف بالقول: "براعم الربيع ستتفتح. والأمة ستنهض من كبوتها، لأنها قادرة عندما تريد. عندما أرادت، حررت جنوب لبنان من براثن أعتى قوة عسكرية في المنطقة، بالمقاومة الباسلة، لا بدهر من التفاوض. عندما أرادت حطمت التحصينات الأسطورية لخط بارليف وانتصرت في معركة الكرامة. والشباب العربي عندما أراد، أسقط أنظمة ظالمة مستحكمة سرقت منه مستقبله وكرامته. إنجازات ما كان لأي منها أن يتحقق لولا الاحتضان المجتمعي والخطاب الجامع الذي أعلى الصالح العام على الصالح الخاص وغلّب الولاء للوطن على الولاء للطائفة أو العشيرة".
صالح كامل
بدوره، وجّه رئيس الغرفة التجارية الصناعية بجدة الشيخ صالح عبدالله كامل "تحيةً مملؤةً بالخير والأمل وسلاما ممزوجا برغبة النجاح والعمل .. بالرغم من هذه الأجواء الغائمة التي تلبدُ سماءنا العربية .. وفى ظل هذه المناخات القاتمة التي تلفح آمالنا الاقتصادية، بعصف من تجاذبات أمنيةٍ وسياسية تجبرنا على التوجه الصادق إلى تفعيلات إقتصادية علَّ سحابُها يمطرُنا فرجا يُعيدُ الى الربوع خضرتها والى الجموع قدرتها على صنع قادم عامرٍ بالرواء وزاهرٍ بالنماء ..قادرٍ على العطاء والوفاء لصناعةِ اقتصاد عربي متكاملٍ ومؤهلٍ للإسهام في حل كثيرٍ من مشكلات الوطن العربي الواحد" .
وأضاف كامل: "تعلمون جميعاً أنني لستُ من دعاةِ الوحدة العربية السياسية، قدر ما أنا نصيرٌ لوحدة الاقتصاد العربي والتي تعجُّ بلداننا العربيةُ بكافة مقوماتها بحكم جغرافية الموقع، وتقارب السكان فكراً وثقافةً وعاداتٍ وأديان. وكنت كلما تقارب فكرنا وتمازجت ثقافتنا يزدادُ حلمي بتحقيق هذه الوحدة الاقتصادية التي عشتُ وجيلي نحلم بها وبعضنا عمل جاداً من أجلها قدر طاقته وجهد استطاعته. بالرغم من كل مؤامرات التقسيم والتي أسهم طرف منا وبأيدينا في تمزيقها والحيلولية دون تحقيقها لغاياتها أو بعضها. فتحولت الى كرة ثلج تكبرُ كلما تدحرجت نحونا. ولن أوغل أو أخوض في الشأن السياسي فالسياسةُ شعبةُ لم تستهوني يوماً ولم أهواها ولكن كان لابد من هذه الإشارة المؤلمة حتى ألج صلب موضوعنا. فأتحدث وللمرة الألف عن الوحدة الاقتصادية العربية والتي أنشئت لأجلها العديد من القنوات الرسمية والمدنية بدءاً من الجامعه العربية ومروراً بكل الاتحادات والهيئات والمنظمات التي جُعلت لتفعيل التكامل وتأصيل التعامل. ولكن ولشديد الأسف إتخذت مُعظمها طابعاً لا يتلائم مع رجال الاعمال وفكرهم الحر المنطلق، الذي إن قيدته أو كبلته بيروقراطيات أو روتين فسدتْ نكهتهُ، ووهنت عزيمتهُ. كل هذا لن يمنعني أن أوقد شمعة أملٍ جديدة مع إفتتاحية مؤتمرنا هذا".
وتابع كامل: "إن كل الدول العربية قد حباها الله بثروات طبيعية متنوعة ومتوزعة ولكننا مازلنا مزارع للمواد الخام تعود الينا هذه المواد التي صدرناها تعود بعد أن تضاف عليها من المناطق المختلفة القيمةُ المضافةُ بعشرات الاضعاف ومازلنا مزارع ومازلنا مستوردين لثروات أرضنا العريبة .. بل ومازلنا ندفع أضعاف ثمنها ونحن نضحك وعلينا أن نعترف نحن رجال الاعمال أن هذه مسؤليتنا وأن علينا أن لا نعلق كل شيء على مشجب الحكومة فشماعاتها لم تعد تحتمل كل الأعباء. فكل الدول في الدنيا هي نسيجُ من شعب وحكومة. فهما المكونان للمجتمع. وقد تنوءُ بعض الحكومات بأعباءِ لا تمكنُها من القيام بمفردها بكل الأعباء. ورغم هذا ركزنا كرجال مالٍ وأعمال على الإستثمارات التي لا تحملُ أيَّ قيمةٍ مضافة، مثل البورصات علي سبيل المثال لا الحصر التي ينتقلُ السهمُ فيها من شخصٍ لآخر، ونتفاخرُ بقيمة التداولات في هذه السوق الثانوية الطفيلية وليس لدينا أيُّ سوق أوليةٍ نشطة".
وختم الشيخ صالح كامل قائلاً: "هذا الكلام الذي أحكيه الآن، قلتُهُ منذ منتصف السبعينيات، وما زلت أقوله اليوم. وكم كان بودي أن أكون عاطفيا حتى لا أُخيب رجاء من اختاروني لإلقاء كلمتي في هذه الجلسة الافتتاحية. ولكن أرجو أن يعذرني الأخوةُ المنظمون فقد ألفتُ وتعودتُ أن أتجرد من العاطفة في مثل هكذا موقف خوفا من أن تجرفني بعيداً عن بيت القصيد لكني ما زلتُ أملكُ حق التمني في أن يخرج لبنانُ نموذجُ العمل وربوةُ الأمل من أزمته السياسية الدائمة بفضل الله، ثم بفضل بعض الرياسات التنفيذية الحكيمة في هذا البلد الجميل. وبالرغم من التردي في كل الأمور إلاّ أن الاقتصاد اللبنانيّ الجسور ما زال بفضل الله بخير، مرتديا أثواب العافية لان المؤشر المرجع لكل اقتصاد حقيقي هو (قيمة العملة) والليرة اللبنانية بإستثناء ما أصابها أيام الحرب لم تزل قويةً بفضل الله ثم بحكمةِ وحنكةِ القائمين على البنك المركزي على مر العصور".
عدنان القصار:
أما رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية والرئيس الفخري لاتحاد الغرف العربية عدنان القصار فوجّه في مستهل كلمته التحية إلى القيّمين على منتدى الاقتصاد العربي في دورته الثانية والعشرون، "وعلى رأسهم رئيس مجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي، الذي حرص على استمرار انعقاد المنتدى في لبنان دونما انقطاع على الرغم من الأحداث التي شهدتها البلاد في السنتين المنصرمتين. كما أوجّه التحيّة إلى راعي المنتدى دولة الرئيس تمّام سلام، لأنوّه بالدور البارز الذي تلعبه حكومة المصلحة الوطنية برئاسته، خصوصاً في ظل الانجازات القياسي التي حققتها، وأهمها بسط الأمن والاستقرار على كامل الأراضي اللبنانية عبر الخطط الأمنية التي نفذتها، وتنفذها، مما أعاد الأمان إلى لبنان وثقة الأشقاء العرب به. كما وأوجه التحية إلى الإخوة العرب وعلى رأسهم الأشقّاء الخليجيين المتواجدين بيننا اليوم بعد انقطاع قسري خلال العامين المنصرمين، بفعل الظروف الأمنية التي عاشتها البلاد والتي ولّت بإذن الله إلى غير رجعة. إن عودة الأخوة والأشقّاء الخليجيين إلى الربوع اللبنانية، هي عودة ميمونة تؤكد بلا أدنى شك أن لبنان كان وما يزال حاضراً في وجدانهم وعاطفتهم، كما هم حاضرين في قلب وضمير جميع اللبنانيين".
وتابع القصار: "يؤكد جمعنا اليوم، أن لبنان ورغم كل الأزمات التي عصفت به على مدى المرحلة الماضية، قادر مثل طائر الفينيق على النهوض من جديد، وإنني على يقين، لا بل على قناعة تامة أنه سوف يكون للبنان رئيس جديد للجمهورية في أقرب فرصة ممكنة، وإن الفراغ أو الشغور في موقع الرئاسة لن يدوم طويلاً، لأن إرادة ورغبة اللبنانيين في البناء والتطوير رغم الخلاف السياسي القائم بينهم أقوى بكثير من منطق التعطيل، الأمر الذي سيساعد أكثر فأكثر في ترسيخ الوفاق السائد اليوم. وسيساعد أيضاً على إشاعة المزيد من الأجواء الإيجابية لدى المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار مجدداً في لبنان، خصوصاً وأن الظروف الراهنة تبين بأن لبنان ما يزال الأكثر أمانا بين سائر البلدان العربية التي تشهد تغيرات واضطرابات وأحداث أليمة".
وختم القصار بالقول: "إن انعقاد منتدى الاقتصاد العربي، في ظل الأحداث والتطورات التي تمر بها منطقتنا العربية، يستوجب تضافر جميع الجهود من قبل القادة الحكام والمسؤولين العرب ورجال الأعمال والاقتصاديين، في سبيل التصدي للمفاعيل التي تولدت عن "الربيع العربي" إن على المستوى السياسي، أو على المستوى الاقتصادي وخصوصاً في ما يتعلق بتنامي معدل البطالة في صفوف الشباب العربي، هذا إلى جانب الكثير من التحديات الاقتصادية التي تستوجب تكثيف التعاون بشأنها، من أجل بناء منظومة اقتصادية عربية قوية تؤدي في ما تؤدي إلى الوصول للاتحاد الجمركي في العام 2015، ومن ثم السوق العربيّة المشتركة في العام 2020، ولما لا في مرحلة لاحقة منافسة الاقتصادات الكبرى خصوصاً في ظل المقدرات والإمكانات الطبيعية والبشرية الهائلة التي تتمتع بها منطقتنا العربية".
رياض سلامه
من جهته، لفت حاكم مصرف لبنان رياض سلامه إلى أن "الاقتصاد اللبناني يواجه تحديات شتة من أهمها تخفيض مديونية القطاع الخاص. وقد بلغت مديونية هذا القطاع ما يساوي 100% من الناتج المحلي وربما ما يتعدّاه. فإن المديونية في القطاع الخاص قد تعيق الاستثمار وبالتالي النمو في الاقتصاد. كما تشكّل عبئا على العائلة لا سيّما في ما يتعلّق بالقروض الاستهلاكية التي أصبحت تشكّل ما يقارب الـ50% من مدخول العائلة.
ومن هذا المنطلق ننشط، بصفتنا رئيسا لهيئة الأسواق المالية، لتطوير هذه الأسواق بحيث تتسم بالإدارة الحكيمة والشفافية وتصبح ساحة قابلة لتمويل المؤسسات في القطاع الخاص عن طريق المساهمة وربما تحويل بعض الدين إلى مساهمة. كما نهدف إلى إيجاد أسواق سائلة لتسنيد القروض الاستهلاكية. هذا الأمر من شأنه أن يحسّن أيضا ملاءة ونوعية المحفظات الائتمانية في القطاع المصرفي.
وفي هذا الإطار، ندعو الحكومة إلى المبادرة إلى تخصيص بورصة بيروت كما نصّ على ذلك قانون تنظيم الأسواق المالية الذي صدر عن الدولة اللبنانية. فتكون هذه المبادرة بداية انطلاقة جديدة لعملية تشجيع القطاع الخاص على تحويل الشركات الخاصة إلى شركات يساهم فيها الجمهور وإلى تسنيد القروض الاستهلاكية تحت رقابة هيئة الأسواق المالية تفاديا للمفاعيل السلبية".
وأضاف سلامه: "تشير الأرقام إلى أن الثقة بالاقتصاد اللبناني موجودة، فقد حقق ميزان المدفوعات لغاية آخر نيسان الفائت فائضا تراكميا وصل إلى 788 مليون دولار أميركي، كما أن الودائع في القطاع الخاص تنمو بنسب بين 5 و6%. وأيضا يشهد سوق القطع في لبنان استقراراً.
كذلك نرى أن الإقبال على الإصدارات بالسندات اللبنانية في السوق الثانوية قد شجّع على تحسين أسعارها. والملفت أن هنالك أيضا اهتماما غير لبناني بشراء هذه السندات".
وأكد أن "مصرف لبنان وبهذه الظروف الدقيقة التي نمر بها قد سبق له أن أعلن، وهو يكرّر، أنّه سيستمر موجودا في الأسواق مؤمنا السيولة بكافة العملات ومؤمنا ملاءة الدولة".
الرئيس تمّام سلام
رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام قال في كلمته: "إن لبنانَ، دولةً وشعباً، مدينٌ بالكثير لإخوانه العرب وخصوصاً قيادات وأبناء دولِ مجلسِ التعاونِ الخليجيّ الذين ما خَذَلوه يوماً، وما انكفأوا عنه في الزمنِ الصعب.. وكانوا أبداً حُضناً دافئا لابنائه، وداعماً لسلمِه واستقرارِه ونهضتِه".
وأضاف: "تسلّمَت حكومتُنا مهامَها منذُ فترةٍ لا تزيدُ عن أربعةِ أشهر، في ظروفٍ سياسيّةٍ وأمنيّةٍ دقيقة. وقد تَمَكَنّا، بعونِ الله وبتضافرِ جهودِ كلِّ القوى السياسية، من تحقيقِ إنجازاتٍ ملموسة، أَزالت الكثيرَ من المخاوفِ، وأشاعت جواً من الاطمئنان الذي بَدأنا نلمُسُ نتائجَه من خلال مؤشِّراتٍ اقتصاديةٍ واعدة.
لقد كان الأمنُ مِلفاً نازفاً، تسبَّب بالكثيرِ من الخسائرِ البشريةِ والخرابِ الاقتصاديّ في مناطقَ لبنانية عزيزة، وأثار شكوكا حول الاستقرارِ في لبنان ومناخاً غير مشجّعٍ على الاستثمارِ والسياحة فيه.
لكنّ القوى الشرعيةَ اللبنانية، من جيشٍ وقوى أمنيةٍ، تَمَكّنَت بتوجيهاتٍ من الحكومة ومن فخامةِ رئيسِ الجمهوريةِ حينذاك العماد ميشال سليمان، من إعادةِ الأمنِ والأمانِ الى مدينة طرابلس، التي كانت بؤرةَ توترٍ دائم، وإلى مناطقِ البقاعِ الشماليّ المحاذيةِ للحدودِ مع سوريا، التي كانت مسرحاً لممارساتٍ مخالفة للقانون. وها هي بيروت تستعدُّ لمرحلةٍ جديدةٍ من الخطّة الأمنية لضبط المخالفات وتثبيتِ الاستقرار.
وشَرَعَتِ الحكومةُ، بموازاة ذلك، في معالجةِ حالاتِ الشغورِ المُزمِن في الكثير من المواقعِ الرئيسيةِ في المؤسسات العامة، وأجرت عشراتِ التعيينات التي مِن شأنها بثَّ الحيويةِ في الإداراتِ الحكوميّةِ، لتَتَمكّنَ من القيامِ بمَهامِها في خدمةِ مصالحِ المواطنين".
وتابع الرئيس سلام: "في الجانب الاجتماعي والاقتصادي، تولي الحكومةُ عنايةً كبيرةً لمِلفّينِ حيَويّين: الأول هو مِلفُّ النزوحِ السوريّ الذي بلغت اعباؤُه حَدّاً لم يَعُد لبنانُ قادراً على تحمُّلِه. وتعملُ الحكومةُ اليوم، مع الاشقاءِ العرب ومجموعةِ الدعمِ الدوليةِ للبنان والمؤسسات المانِحة، على مقارباتٍ متعددةٍ لهذه المعضلة لإيجاد الحلولِ الناجعة لها.
أما المِلفُّ الثاني فهو مِلفُّ الغاز والنفط الذي يجري العملُ عليه بطريقةٍ علميّةٍ ودقيقة، تمهيدا لبِدء مرحلةِ الاستكشاف الذي تدُلُّ كلُّ المؤشرات إلى أنها تُبَشِّرُ بالخير، مع ما يعنيه ذلك مِن فُرصِ استثمارٍ وعملٍ للقطاع الخاص المحليّ والعربيّ والأجنبيّ".
وأضاف الرئيس سلام: "يعيشُ لبنان منذ اسابيع شغورا في موقعِ الرئاسةِ الأولى، بسبب عَدَمِ تَمَكُّنِ مجلسِ النواب من انتخابِ رئيسٍ جديدٍ للجمهورية.
إنني أؤكّدُ مرةً أخرى، رغبتَنا وحِرصَنا وسَعيَنا الحثيث لانتخابِ رئيسٍ للجمهوريةِ اللبنانية، لإعادةِ المؤسسات الدستورية إلى وضعها الطبيعيّ.
وإنّي أدعو جميعَ القوى السياسيّة الى التخلّي عن الحسابات الضيّقة، وتغليبِ المصلحةِ العليا على ما عداها، وعدمِ التأخُّرِ في إنجازِ هذا الواجب الوطني.
إنّ حكومتَنا، وفي انتظارِ انتخابِ رئيسٍ للبلاد، ستؤدّي واجباتِها كاملةً بكلِّ أمانة، إنطلاقا مما نصَّ عليه الدستور، وبروحيةِ التوافقِ الوطنيِّ الذي هو غايتُنا الدائمة. وسنبقى حريصين على خدمةِ مصالحِ المواطنين وتسييرِ شؤونِ البلاد، وساهرينَ على حُسنِ عملِ المؤسسات التي ليس مسموحاً تعطيلُها والحُكمُ عليها بالشلل، تحت أيِّ ذريعة كانت، وفي أيّ ظَرفٍ كان.
إنني هنا، أَوَدُّ التوقُّفَ عند ما يُراوِدُ اللبنانيينَ من مخاوفَ، بسبب ما يشهدُه العراقُ وسوريا هذه الأيام من أحداثٍ مؤلمة، وما يطرحونَه من أسئلةٍ حول احتمالات امتدادِ الحريقِ الى الثوبِ اللبنانيّ.
إننا، في حكومةِ "المصلحة الوطنية"، لن نسمحَ بالتلاعُبِ بأمن لبنان واستقراره. وسوف نعملُ، بكلِّ ما أوتينا من قوةٍ وإرادة، على تحصينِ بلدِنا من آثار النيران المشتعلة في جوارنا القريبِ والبعيد، معتمدين على جيشِنا وقواتِنا الأمنية، وعلى وَعيِ الغالبيةِ الساحقةِ من اللبنانيين وأيمانِها بلبنان الواحدِ المُوَحَّدِ الآمِنِ المُستقِر".
وختم الرئيس سلام كلمته قائلاً: "إننا، في عملِنا الحكوميّ، نولي أهميةً كبرى للجانبِ الاقتصاديِّ المُتعلِّقِ بتشجيعِ الاستثمار. وندركُ أنَّ مِن المهمات الرئيسية أمامنا، القيامُ بالاصلاحات الإداريّة التي تُسهِّلُ حركةَ المستثمرِ وتجعلُ لبنانَ مكاناً جاذباً للاستثمارات، سواءٌ استثماراتُ اللبنانيين المقيمين والمغتربين، أو العربيةُ والاجنبيةُ منها.
إننا نسعى الى خَلقِ الإطارِ القانونيّ المناسِب لتشجيعِ الاستثمار. ولهذه الغاية سوف نعملُ على إنجازِ قانونٍ للشراكةِ بين القطاعين العام والخاص.
أما في الجانبِ الاقتصاديّ العام، فإننا نَضعُ نُصبَ أعيُنِنا إَتّخاذَ التدابير والاجراءات اللازمة لتشجيع الصناعةِ اللبنانية ،عبرَ تخفيضِ كلفَتِها لجعلها قادرةً على المنافسة، ولمُساعدة القطاعِ الزراعيّ لإيجاد الأرضية المناسِبةِ للاستثمار في مشاريعَ كبيرة ٍ تخلُق قيمةً مُضافةً في الانتاج الزراعي.
ولا بدّ لي من الإشارة هنا إلى قطاعِنا المصرفي، الذي يَمضي في مسيرته الناجحة، ويُشكِّل أحَدَ الأعمدةِ الرئيسية للاقتصادِ اللبناني. إنّ هذا القطاع مازال، على رُغمِ الأوضاعِ الدقيقةِ، يسجّلُ نِسَبَ نموٍّ في الودائع تُقارِبُ ستةً في المئة. كما أنّ نِسَبَ المَلاءَةِ فيه تتجاوزُ نِسَبَ الملاءَةِ في الغرب، فضلاً عن امتلاكِه نِسَباً عاليةً من السيولة تُعتَبَرُ عنصراً مشجعاً على الاستثمار".