*رد الدعوى ضد وزير المالية دون تحويلها لمحكمة الاختصاص مخالف لقانون أصول المحاكمات
رام الله- الاقتصادي- حسناء الرنتيسي- "لا ضريبة او رسوم دون نص".. عبارة خرجت من قلب القانون الأساسي لتطرق جدرانه في محكمة الجمارك الفلسطينية بحثا عن العدل.
حملت العبارة الحملة الوطنية لحرية حركة الفلسطينيين "بكرامة"، وهي حملة شعبية تطوعية تأسست عام 2009 انطلاقاً من إيمانها بأن لكل إنسان في هذا العالم حق مغادرة وطنه والعودة إليه متى شاء دون إعاقته او المس بكرامته. ووضعت الحملة نصب أعينها العمل على تسهيل حركة الفلسطينيين وسفرهم داخل فلسطين وخارجها وخصوصاً إلى الدول العربية، دون ان تغفل حاجة أهلنا في قطاع غزة للحركة بحرية وكذلك الحركة بين القدس وباقي المدن الفلسطينية المحتلة.
رئيس الحملة هو الاعلامي طلعت علوي، رئيس تحرير صحيفة "السفير الاقتصادي"، معدّ ومقدم برنامج "ملف الرقيب" على أثير عشر محطات اذاعية محلية، معدّ ومقدم برنامج ملاحقة اقتصادية، على فضائية الفلسطينية، ناشط في المجال الاقتصادي والحقوقي، مدرب معتمد لمكافحة الفساد، إضافة الى كونه منسقا عاما لمجموعة الصحفيين الاقتصاديين. لتسليط مزيد من الضوء على الحملة التقت "القدس الاقتصادي" بعلوي وفيما يلي نص اللقاء:
إنجازات عديدة
*تسلمت مهام رئاسة حملة بكرامة، منذ مطلع العام ٢٠١٣، هل يمكنك وصف الجهود التي بذلتها الحملة لتحقيق كرامة المسافر؟ وما هي المطالب التي تم تحقيقها منذ بدء الحملة حتى هذه اللحظة؟
صحيح: وبعد الضغط ومناشدة الرئيس محمود عباس التدخل ورفع بعض من معاناة المسافر وخاصة على الجانب الفلسطيني، وبعد مقابلة مطولة اخرى مع رئيس الحكومة حينها، فقد حققنا ما يلي:
اولا: تم دمج إدارة المعابر بمبنى استراحة أريحا بعد أن كان المسافر يتوقف بمبنى ادارة المعابر بشكل غير مبرر، وذلك بعد صدور مرسوم رئاسي من السيد الرئيس متجاوبا فيه مع الحملة.
ثانيا: تم الغاء الرسوم غير القانونية التي كانت تجبى من قبل بلدية أريحا بواقع 10 شواقل عن كل مسافر، ايضا بمرسوم من السيد الرئيس.
ثالثا: تم الغاء 4 شواقل كانت تجبى مع ضريبة المغادرة من قبل ادارة المعابر دون حق وبشكل غير قانوني.
رابعا: ضغطت الحملة باتجاه تطوير العمل بالاستراحة من حيث الجانب المالي واللوجستي، وقد أوعز الرئيس لوزارة المالية بدعم الاستراحة باكثر من 20 مليون شيقل لتطوير مرافق الاستراحة بمراحل تشمل ايجاد وحدة صحية لخدمة المسافرين، وخدمات أخرى لم تكن متوفرة في السابق إضافة إلى المبنى الحالي وهو مبنى عصري وحديث، بالإضافة إلى أن التعامل مع المسافر الفلسطيني من قبل الأجهزة العاملة في الاستراحة وعلى رأسها الشرطة يتم بشكل جيد ومسؤول.
خامسا: طالبت الحملة بفتح فرع لبنك فلسطيني على الاستراحة لمنع الاحتكار والاستغلال، حيث التقينا مع د. جهاد الوزير محافظ سلطة النقد، والذي أكد بدوره على انهاء كافة الاجراءات المتعلقة بترخيص فرع بنك في استراحة اريحا دون اي تأخير استجابة لمطالب حملة بكرامة منعا لاستغلال المواطن عند السفر.
سادسا: من الجانب اللوجستي تم تطبيق النظام الاردني بناء على طلب الحملة وهو نظام الشباك، لمنع الفوضى والمحسوبية التي تعيق سفر المواطنين وتؤخرهم، في استراحة اريحا وهو النظام المطبق الآن. حيث كانت الاجراءات السابقة قبل ٢٠٠٩ اجراءات عقيمة وبيروقراطية، بما فيها التوقف غير المبرر عند مبنى ادارة المعابر لمدة حوالي ٣٠ دقيقة لجمع الجوازات ودفع ضريبة المغادرة بطريقة فوضوية وغير مقبولة، وقد انتهينا من تلك المرحلة دون عودة.
التواصل على كافة المستويات
*اين ترى النجاحات والاخفاقات في التعامل الفلسطيني الرسمي والاعلامي مع الحملة، والتعاون معكم لتحقيق مطالبها؟
بداية الحملة لم تترك أي مسؤول فلسطيني إلا تحدثت معه، ولم تترك أي وسيلة إعلامية مسموعة أو مرئية إلا تحدثت عليها، كنجاح، تمكنت الحملة مع بداية انطلاقتها في العام 2009 من الحصول على ثقة الرئيس محمود عباس من خلال إصدار مرسوم رئاسي تم بموجبه دمج الاستراحة مع إدارة المعابر وإلغاء توقف الحافلات في إدارة المعابر سابقا، إضافة لتخصيص ملايين الشواقل لتطوير استراحة أريحا للتخفيف عن معاناة المواطنين خلال سفرهم إلى الأردن الشقيق.
وزير المواصلات نبيل الضميدي تجاوب لمطلب الحملة بالغاء نقطة التوقف "غور نمرين" الخاصة بالحجاج، كونها تزيد من معاناة الحجاج، فقد تم تشكيل لجنة مشتركة من فلسطين والاردن، وتم الغاء نقطة التوقف هذه في بداية 2013. ما يعكس اهمية مبادرة المسؤول من اجل التغيير كما هو الحال مع الوزير الضميدي.
كما تمكنت الحملة من استصدار قرار عن رئيس مجلس الوزراء الاسبق يقضي بالغاء الرسوم غير القانونية التي كانت تجبيها بلدية اريحا بواقع عشرة شواقل من كل مسافر، إضافة إلى إلغاء مبلع اربعة شواقل كانت تجبيها إدارة المعابر دون وجه حق.
واستجاب عضو الوفد المفاوض د. محمد شتية لمطلب الحملة بفتح المعبر 24 ساعة على غرار المعابر الدولية، وتم تمديد العمل ساعتين إضافيتين، اي يغلق المعبر الساعة 12 مساء بدلا من الساعة 10 مساء.
مع الإشارة الى أن هناك انجازات تحققت لكنها لم تنفذ على أرض الواقع، مثلا التوقف في ساحة الحقائب (محطة عبده)، بعد ان قامت الحملة بالاجتماع مع شركتي شاهين وعبده، تم الاستجابة لمطلب الحملة من كافة الجهات، والمطلب بانتظار التنفيذ من قبل مدير عام المعابر.
تعاون كبير من قبل الجانب الأردني
*الجانب الاردني، كيف تعاملتم معه، وهل تم مفاوضته لإلغاء رسوم الدخول للاردن؟
تم عقد لقاء مع مدير عام الجسور في الاردن العميد محمد الخرابشة، والذي أبدى استعداده للتعاون مع الجهات الفلسطينية المختصة لتنظيم حركة المسافرين والتسهيل عليهم دون الحاجة للتوقف في ساحة الحقائب، ومن ثم عقدنا مؤتمرا صحفيا بحضور شركتي شاهين وعبده، واستجابوا لمطالب الحملة. كما اكد العميد الخرابشة على اهمية التواصل مع الجهات الرسمية الفلسطينية لتحقيق مطلب الحملة بإلغاء التوقف في (ساحة الحقائب).
الجانب الاردني بصورة عامة يبدي تعاونا كبيرا في مجال التسهيل على المسافر، وقد التقينا مع السفير الاردني في رام الله، ونقلنا له مطالب الحملة.
وقد تواصلنا منذ حزيران 2013، مع مدير عام المعابر الحالي لتنفيذ ما تم التوافق عليه والذي يقضي بإلغاء التوقف في ساحة الحقائب، الا انه لم يتم التنفيذ حتى تاريخه، على الرغم من وعود مدير عام المعابر.
نحن على أبواب فصل الصيف، وسنعود إلى المربع نفسه، ولن نتوقف عن مطالبنا حتى إلغاء التوقف في ساحة الحقائب، ونطالب باسم الشعب الرئيس عباس التدخل لوضع حد لحالة الاسترخاء التي يعيشها بعض المسؤولين في حين أن المسافر يعاني في كل يوم. كما نطالب رئيس الحكومة رامي الحمد لله باصدار قرار يلزم كافة المسؤولين من وزير فما دون السفر عبر استراحة اريحا، ووقف التعالي على معاناة المواطن الفلسطيني، كون أن جزءا كبيرا من المشكلة يتمثل في مرور المسؤول مباشرة إلى الجسر دون المرور بالنقاط التي يمر منها المواطن، وهذا تصرف غير لائق ولا يرتقي لمستوى المسؤولية.
كما نؤكد على التواصل المستمر مع شركتي "عبده" و"شاهين" حيث استجابت لمطلب الحملة بتحديث الحافلات العاملة على الجسر بما يساهم في تخفيف العبء على المسافر، وقد تم بالفعل، ونطالب شركة (جت) الاردنية بتحديث حافلاتها ايضا.
وقد ناقشنا موضوع رسوم الدخول للاردن وملف حملة البطاقة الزرقاء، وذلك خلال مؤتمر "استكشاف" الثاني الذي عقد في الاردن بتاريخ 14-3-2014 وتم عرض مطالب الحملة على أحد أعضاء مجلس النواب الأردني، لتسهيل عبور آلاف المواطنين من أصل غزي يقيمون في الضفة الغربية.
وايضا تم توجيه الطلب بتحديث الحافلات لشركة النقل الاردنية (جت)، وطلب لتهيئة المرافق العامة وضرورة عمل دورة مياه، وهذه أمور انسانية بحتة، فهناك مرضى وحوامل وكبار سن يتنقلون عبر الحدود، وهناك بالمقابل ساعات انتظار طويلة خاصة ايام الصيف حيث يزيد عدد المسافرين على ٨ آلاف مسافر يوميا.
ضريبة المغادرة غير قانونية
*رفعت دعوى قضائية ضد وزير المالية لاسترداد 152 شيقلا عن ضريبة المغادرة، وتم رد الدعوى، ما هو الوجه التشريعي الذي دعم توجهك؟
ضريبة المغادرة ليست قانونية، المادة 88 من القانون الفلسطيني واضحة، ولا يوجد نص قانوني ينص على ضرورة دفع هذه الضريبة.
الحملة راسلت وزير المالية شكري بشارة ثلاث مرات بخصوص الضريبة دون اي استجابة منه، ما اضطرها لرفع الدعوى عن جباية ضريبة بلا نص قانوني.
كما لم يرد في مرافعة النيابة العامة أن هناك نصا قانونيا حول ضريبة المغادرة، هذا يؤكد ادعاء المحكمة، ولم يتم رد الدعوى على قاعدة أن الضريبة قانونية، إنما ردّ الدعوى يثبت أن الضريبة غير قانونية حيث لم يرد في المرافعة الأولى والثانية أن الضريبة قانونية، ما يؤكد صحة الدعوى قانونيا وأن الضريبة تجبى دون نص في الوقت الذي ندعي به سيادة القانون. وقد ردت محكمة الجمارك الدعوى دون تحويلها إلى محكمة الاختصاص حسب نص قانون أصول المحاكمات!
بحسب ملحق بروتوكول باريس هناك إشارة إلى أنه يجب دفع ٩٨ شيقلا فقط ( ٢٦ دولارا) ، والحملة لا تعترف باتفاقية باريس كونها منتهية قانونيا، وحتى لو اعترفنا بالنص، فالضريبة التي يجب أن تدفع هي ٩٨ شيقلا فقط، الا أنها وصلت إلى 155 شيقلا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المواطن الاسرائيلي يتنقل بمركبته الخاصة ويدفع 100 شيقل فقط في الوقت الذي معدل دخله السنوي 32 ألف دولار مقابل اقل من 2000 دولار للمواطن الفلسطيني. هذا أمر مرفوض ونستغرب صمت الحكومات المتعاقبة على التعدي على حق المواطن، وكيف نرضى بداية أن ندفع ضريبة على حدودنا المحتلة.
محاولات لاسكات صوت الحملة
*هل كانت هناك محاولات وراء الكواليس لاسكات صوت الحملة؟
كان هناك محاولات عدة لاسكات صوت الحملة، فقد خرجت بعض الأصوات الشاذة ضد الحملة بادعاء أنها غير مسجلة رسميا، وهذا أمر مثير للسخرية كون الحملات الشعبية كلها بالعادة لا تحتاج للتراخيص ولا تسجل أساسا، كمثيلاتها من مئات الحملات الشعبية الأخرى في البلد، تبدأ وتنتهي بمجرد تحقيق مطالبها.
الحملة مستقلة تماما من كافة الجوانب، تضم مجموعة متطوعين، ولا تتلقى اي دعم مالي من اي جهة كانت، ولن تتوقف حتى تحقيق مطالبها.
الحملة ستتواصل حتى تحقيق مطالبها
*ما مطالب الحملة على المدى البعيد؟
للحملة طموح بتحقيق مطلب التنقل بالمركبات الشخصية من وإلى الاردن، او بمركبة عمومية واحدة، دون التنقل لأخرى حيث يعاني المسافر حاليا من التنقل عبر ٦ مواصلات للوصول إلى الاردن الشقيق، وسيستمر مطلبنا بضرورة فتح المعبر 24 ساعة أسوة بالمعابر الدولية بالعالم.
كما تسعى حملة بكرامة لتنفيذ مطلب الغاء التوقف في محطة كراجات عبده (ساحة الحقائب) إضافة إلى الغاء ضريبة المغادرة او حتى خفضها لاقصى حد ممكن.
يجب ايقاف تنامي ضريبة المغادرة غير القانونية، فخلال العقدين الماضيين كانت الضريبة تزداد مرة او اكثر في كل عام. ففي عام 2008 كانت 99 شيقلا، وفي عام 2012 وصلت إلى 150 شيقلا وفي عام 2013 كانت 152 شيقلا، واليوم هي 155 شيقلا.
حملة بكرامة تدرك أن المعيق الأول لحرية الحركة هو الاحتلال الاسرائيلي ولن نتمتع بالسفر بحرية وبكرامة دون زواله، وهدا لا يمنع من تقديم كل جهد للتخفيف من معاناة المواطن على كافة الصعد حتى زوال الاحتلال.
تلك هي ضريبة المغادرة، تجبى من جيب المواطن دون نص قانوني، وترسل إلى حكومة الاحتلال يوميا ليقوم الاحتلال فيما بعد بتحويل الفتات من تلك الضريبة ( ١٠ دولارات فقط تحول إلى الخزينة الفلسطينية من اصل ٤٣ دولارا - ١٥٥ شيقلا) ومن ثم نتمنى عليهم إعادة ارسالها لنا بحسب مايسمى بالاتفاق. اليوم ضريبة المغادرة 155 شيقلا، والسؤال هنا، في حال وصلت الضريبة الى ١٥٥ دينارا هل سندفع؟