أين موقع وزارة الإعلام فى الحكومة ؟
بقلم / داود عبد الكريم داود
الحكومة الـ 15 برئاسة د.رامي الحمد الله ادت اليمين الدستورية امام الرئيس محمود عباس مساء الخميس الماضي،ولم نجد من ضمن قائمة الوزاراء وزيراً للإعلام،فهذا شىء طبيعى ونسخة طبق الأصل عن الحكومة الـ 14 التى كان يرأسها الدكتور سلام فياض،ففى عهده لم تكن وزارة إعلام وأكتفى فقط بمكتب الإعلام الحكومى التى تديره الزميلة نور عودة المراسلة السابقة لقناة الجزيرة بالانجليزى.
لانستطيع ان نغفل الجدل الدائر منذ أكثر من خمس سنوات وأكثر حول موضوع إلغاء وزارة الإعلام وتشكيل بدلاً عنها المجلس الأعلى للإعلام ،وحتى هذه اللحظة لم يتم حسم أمر الإعلام الحكومى الفلسطينى الرسمى،ففى عهد الحكومة الـ14 حمل رئيس الوزاراء حقيبة وزارة الإعلام وأستعان بمركز الإعلام الحكومى الذى أداره د.غسان الخطيب،وجاءت من بعده الزميلة نور عودة ،وأستغنى عن خدمات كادر وزارة الإعلام،وأصبح مركز الإعلام الحكومى الناطق باسم الحكومة ، ومع تشكيل حكومة الحمد لله قدمت الناطق باسم الحكومة نور عودة لرئاسة الوزاراء اعفاءها من منصبها.
وقالت على صفحتها الشخصية عبر الفيسبوك :" لقد تشرفت بلقاء دولة رئيس الوزراء البارحة وتقدمت له بطلب إعفائي من مسؤولياتي، انطلاقا من تقديري المهني واحترامي لحق دولة رئيس الوزراء ومجلس الوزراء الموقر في اختيار الفريق الإعلامي الذي سيحمل هذه المسؤولية الحساسة ويستكمل ما بدأنا من عمل وترسيخ لمؤسسة الإعلام الحكومي المهنية والشفافة".
من وجهة نظرى الشخصية ان الوضع الإعلامى الحكومى يعيش فى حالة الترهل وينتابه الركاكه وعدم قدرته على منافسة الماكنة الإعلامية فى الدول القريبة او البعيدة،نتيجة تشتت الجهود الإعلامية الرسمية بكل إمكانياتها من التلفزيون الفلسطينى الرسمى الأرضى والفضائى،ووكالة الأنباء الرسمية،وجريدتها وإذاعتها الرسمية مروراً بمكتب الإعلام الحكومى وإنتهاءً بوزارة إعلامها،هذا العدد الكبير من الوسائل والإدارات الإعلامية المختلفة ظل للأسف الشديد يعمل كجزر معزولة عن بعضها البعض دون رابط أو تنسيق أو خطط أو سياسة إعلامية محددة تنظم عملها في بوتقة واحدة رغم وجود وزارة للإعلام ظهرت للوجود مع أول تشكيل لمجلس الوزراء الذي أعلن بموجب القرار الرئاسي الصادر في 25/6/1994،وتم الأستغناء عنها فى عهد حكومة فياض الـ 14،حيث أقتصر دور وزارة الإعلام على وظائف محددة أهمها: إصدار التصريحات والبيانات وتنظيم المؤتمرات الصحفية وإنتاج وإصدار بعض المواد الإعلامية وخاصة المطبوعة منها ومنح التراخيص الرسمية للصحف والإذاعات الخاصة ،ومنح بطاقات للصحفيين والإعلاميين.
فإذا أردنا أن نواكب التقدم والتطور فى العمل الإعلامى فإن الدول المتقدمة أستغنت عن وزارات إعلامها وأستبدلتها بمجالس وطنية إعلامية،أو مجالس عليا صحافية تشرف وتخطط أستراتيجياً للنهوض بواقع إعلامها الرسمى منه او الخاص على كافة الأوجه فى ظل التقدم التكنولوجي الذي تشهده ثورة الاتصال اليوم وظهور وسائل حديثة مثل : تقنية البث المباشر عبر الأقمار الصناعية وتليفزيون الكوابل والتليتكست، والفيديوتكس، والصحافة الاليكترونية والانترنت وغيرها وهي وسائل لها قدرة على تخطي الحدود والحواجز، ونشر وبث ما يريده القائمين عليها من أفكار ومعلومات وهو ما أضعف سيطرة التنظيمات الحكومية عليها .
إن الوضع الإعلامي المترهل الذي لا توجد جهة معينة تقوده وترعاه وتخطط له، وتأخذ بيده نحو التقدم والازدهار حتى يصبح إعلاماً فاعلاً ومؤثراً قادراً على تنوير الناس وتبصيرهم بما يدور حولهم ويطرح الرؤية الرسمية ويفسرها للرأي العام المحلي والدولي، يقتضي إيجاد حل لهذا الوضع والقيام بالمسئولية بتشكيل مجلساً أعلى للإعلام يتكون من ممثلي وسائل الإعلام الرسمية والأهلية وعدد من الأكاديميين والشخصيات العامة يأخذ هذا المجلس على عاتقه وضع الخطط الكفيلة للارتقاء بالإعلام الفلسطيني في ظل مبدأ الحرية والديمقراطية والتعددية، وهذا يقتضي أن تُصبح وسائل الإعلام الرسمية الصحف والراديو والتليفزيون تُدار من قبل مجالس إدارة وكذلك الحال بالنسبة لوكالة الأنباء الفلسطينية " وفا " وهذا كله يتطلب إعادة هيكلة الإعلام في فلسطين بصورة تعكس جواً ديمقراطياً صحيحاً ينسجم مع التوجه الجديد وتصبح فيه هذه الوسائل خاضعة لإشراف المجلس الأعلى للإعلام .
ويجب الإشارة إلى أن المجلس المقترح ينبغي أن يكون هيئة مهنية قائمة بذاتها تتمتع بالشخصية الاعتبارية، وتقوم على شئون الإعلام بما يكفل له الحرية والاستقلال وممارسة أنشطته في إطار المقومات الأساسية للمجتمع وبما يكفل الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي ويضمن للمواطن الحق في المعرفة والاتصال بالخبر الصحيح ،مع الاستفادة من الكادر الحالى الموجود فى وزارة الإعلام ،وصون حقوق موظفى الوزارة فى أماكن ترقى بوضعهم الوظيفى والمهنى فى الوزارات المعنية الأخرى دون ان يتأثروا بأى ضرر نتيجة إلغاء وزارتهم التى خدموا بها على مدار السنوات الماضية.
فالدول الديموقراطية الحرة فلا يوجد فيها وزارات إعلام ولا حتى وسائل إعلام رسمية بل يوجد بها ناطقين إعلاميين أو جهاز يتبع إحدى الإدارات في وزارة معينة أو إدارة في كل وزارة مهمتها تيسير وصول المعلومات إلى وسائل الإعلام وبالتالي تستطيع الدولة أن تطرح وجهات نظرها نحو القضايا الموجودة على الساحة للرأي العام المحلي والعالمي.
وهذا يقع على عاتق حكومة الدكتور رامى الحمد لله التى تقتضي إيجاد نوع من التوازن فالقضية ليست هي إطلاق الحريات على الغارب ولا تقليلها وإنما هي إيجاد شكل تنظيمي يتيح إحداث التوازن بين هذه المصالح المتعارضة حيث برزت مواثيق الشرف الصحفي ومجالس الصحافة والإعلام لتدعيم حرية الصحافة وتحسين أداء وسائل الإعلام وحماية الصحفيين من الرقابة الحكومية كما ظهرت بعض التنظيمات الخاصة التي تستهدف تشجيع وسائل الإعلام على ممارسة دورها الاجتماعي بقدر من المسئولية بعيدا عن القوة والإجبار،فهذا الذى جلعنى أن أسأل أين موقع وزارة الإعلام من الحكومة الـ 15؟.