مطار في البقيعة:
ما الذي قدمه الفلسطينيون في مؤتمر المانحين في بروكسل؟
رام الله – مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية
مطار فلسطين الدولي، واحد من المشاريع المختارة والتي تم تقديمها في العاصمة البلجيكية بروكسل للجنة الارتباط الخاصة "الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والتي تشارك فيها أيضاً هيئة الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي"، وتسعى هذه اللجنة إلى تعزيز الحوار بين الجهات المانحة والسلطة الفلسطينية والحكومة "الإسرائيلية"، وتعمل كآلية تنسيق على المستوى السياسي الرئيسي لتنمية المساعدات للشعب الفلسطيني.
مطار البقيعة سيقدم خدمات جوية للمسافرين والبضائع بعد تدمير مطار غزة الدولي، ولحرية التنقل والسفر، ولزيادة النمو الاقتصادي من خلال تسهيل حركة الأفراد والحجاج والمستثمرين، والوصول مباشرة إلى الأسواق العالمية وزيادة فرص العمل، وبلغت التكلفة المقدرة للمشروع 467 مليون دولار، والذي يطالب الفلسطينيون أن يقام في منطقة البقيعة الواقعة ما بين أريحا وتقوع خلف مستوطنة معالي ادوميم والبحر الميت.
مطار لا سيادة أمنية للفلسطينيين عليه من ناحية، ويسبق طرحه أي استقلال حقيقي، ويحتاج قبل كل شيء إلى موافقة إسرائيل، ولا قدره عملية لحمايته لكن يعتبره الفلسطينيون مقدمة ضرورية لإقامة الدولة.
المشروع الحيوي الأخر الذي قدمه الفلسطينيون للجنة بروكسل هو محطة تحلية مياه البحر، ويهدف هذا المشروع، بتكلفة 455 مليون دولار أمريكي، إلى التقليل من نقص المياه المزمن الذي تعاني منه قطاع غزة وتجديد طبقة المياه الجوفية الساحلية حيث تعد المصدر الوحيد للمياه العذبة في غزة وتقليل الاحتكاكات السياسية المتعلقة بمصادر المياه وهذا كله سيساعد في زيادة النمو الاقتصادي.
فيما أن الأوروبيين الذين ناشدتهم الحكومة الفلسطينية تمويل هذه المشاريع ومشاريع حيوية أخرى لم يقوموا طوال الفترات السابقة بملاحقة إسرائيل قضائياً على تدمير المشاريع التي مولها الاتحاد في مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة.
هذا جزء من تقرير أعده مجموعة من الباحثين في مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية، والذي أشار استناداً للوثيقة الحكومية المقدمة إلى مؤتمر المانحين في بروكسل إلى أن هنالك مجموعة من المشاريع المختارة التي تضمنتها الوثيقة الحكومية بما يشمل إضافةً إلى المطار ومحطة تحلية المياه في غزة، تطوير شبكة الطرق في المناطق المصنفة (ج). إن ما تم تقديمه في الخطة من مشاريع تخص البنية التحتية الفلسطينية "كشق الطرق، والمطار والميناء وغيرها"، يبقى مرهوناً بموافقة الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذها، وهذا المبرر المطروح لوجود وتمثيل الاحتلال في لجنة الارتباط حيث يصبح لها رأياً مباشراً في المساعدات الدولية المقدمة. وأشار معدو التقرير إلى أن هناك خشية حقيقية مدفوعة بالعديد من الشواهد إلى استبدال الطرق التاريخية التي تربط التجمعات الفلسطينية بشبكة طرق بديلة تراعي الانتشار العسكري لسلطات الاحتلال، وبما يعرف بتعزيز شبكة الشوارع النظيفة (أي الخالية من العرب)، ومع إعلان الوكالة الأمريكية للتنمية عن مشروع نفق وجسر لحل أزمة قلنديا يتبين أن هنالك مخططاً بالفعل لشبكة شوارع وطرق فلسطينية بديلة تستبدل الأصلية. نفس الوكالة التي تريد اليوم تمويل مشروعات لحل أزمة المرور الخانقة على حاجز قلنديا هي من مول عام 2004-2005 مرافق الحاجز العسكري في قلنديا تحت شعارات خلق معابر تتيح حركة أسهل وأكثر إنسانية للمواطنين الفلسطينيين، الحاجز تحول إلى تعذيب يومي للفلسطينيين القادمين من القدس وجنوب الضفة الغربية.
لا تخفي مقترحات المشروع إمكانية استفادة المستوطنين من هذا المشروع، بل أن المقطع الذي يتم الحديث عنه والممتد من قلنديا إلى مفترق جبع عبر أنفاق أو جسور أو كلا الخيارين "ويتوقع أن يكون الحل مناسباً ليس فقط للفلسطينيين، بل أيضاً "للإسرائيليين" الذين سيستفيدون من هذا المشروع، حيث أنه سيختصر المسافات على المستوطنين للتنقل بين مستوطنات "عوفرا"، "بيت إيل"، "شيلو"، إلى "جفعات زئيف" في القدس." مع مراعاة مسالك خاصة بالمستوطنين، وأخرى خاصة بالفلسطينيين عدا عن أن الترتيبات القائمة على قلنديا من ناحية سياسية هي خطيرة في سياق التعامل مع الحاجز العسكري على انه واحدة من المعابر الحدودية!! الموقف الرسمي الفلسطيني وحسب الباحثين أن إسرائيل ستلجأ إلى شبك تلك المستوطنات السابقة الذكر في هذا المشروع الذي تموله وكالة التنمية الأمريكية دون الحاجة إلى اخذ موافقة الفلسطينيين أو مجرد التنسيق معهم.
يترافق ذلك مع إعلان عربي رسمي بالموافقة على مبدأ التبادل للأراضي والتي اقترحها العرب مؤخراً، والتي من الممكن أن تبقي على التجمعات الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية تحت سيطرة الاحتلال، مما يعني أن دولة مقطعة الأوصال هي محصلة ما ستؤول إليه المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.