رئيس التحرير: طلعت علوي

دعوة إلى تحرُّك فوري من المانحين يقترن بالإفراج عن الموارد غير المستغلة للضفة الغربية

الجمعة | 03/06/2005 - 08:06 صباحاً

دعوة إلى تحرُّك فوري من المانحين يقترن بالإفراج عن الموارد غير المستغلة للضفة الغربية مطالبة إسرائيل بإزالة العقبات أمام القطاع الخاص المُحرّك الحقيقي للنمو المستدام 


حذر البنك الدولي من تفاقم الأزمة المالية العامة في الأرض الفلسطينية، داعيا المانحين إلى سرعة التحرك لمواجهة هذه الأوضاع.

 

وأكد البنك الدولي في تقرير نشره، اليوم الأربعاء، عن الاقتصاد الفلسطيني، أن استثمارات القطاع الخاص القوية وحدها هي التي ستدفع النمو المستدام إلى الأمام، مبينا أن كثرة القيود المادية والإدارية والأمنية الاسرائيلية تشكل عائقا أمام القطاع الخاص في الوقت الراهن.

واعتبر أن تيسير وصول الفلسطينيين إلى المنطقة (ج) بالضفة الغربية، هو عامل رئيسي لإطلاق العنان لبعض الفرص التي يتيحها القطاع الخاص.

 

وقال البنك 'إنه نشر 'تقرير المراقبة الاقتصادية'، وهو وثيقة يتم إعدادها مرتين كل عام من أجل إطلاع لجنة الارتباط الخاصة، وهي منتدى لمانحي المعونات للسلطة الفلسطينية، على مجريات الأمور، حيث من المقرَّر أن تجتمع اللجنة في نيويورك في 23 أيلول/سبتمبر'.

وسلط التقرير تحت عنوان 'أَزَمَةُ الماليةُ العامةُ، الآفاقٌ الاقتصاديةٌ :الحاجةُ المُلِحَّةُ إلى التّرابط الاقتصادي بين المناطق الفلسطينية'، الضوء على الموارد غير المستغلة بالضفة الغربية بوصفها مصدرا محتملا لنمو القطاع الخاص، الذي تمس الحاجة إليه بوجه خاص في ضوء تباطؤ الاقتصاد، وتناقص معونات المانحين، وقلة المؤشرات الإيجابية في البيئة السياسية الأوسع.

 

وأشار التقرير إلى الآثار الاقتصادية المدمرة الناشئة عن التجزئة الجغرافية، مؤكداً أهمية المنطقة (ج) التي تُعتبر الأراضي الوحيدة المتلاصقة وغير المتقطعة في الضفة الغربية، والتي تربط بين 227 منطقة أصغر منفصلة جغرافيا وذات كثافة سكانية عالية، وتضم هذه المنطقة التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، التي لا تزال خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، معظم الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية للضفة واحتياطيها من الأراضي.

وقال التقرير إن استغلال هذه الموارد قد يتيح أساسا اقتصاديا للنمو في القطاعات الرئيسية للاقتصاد الفلسطيني، ومن شأن تيسير الوصول إلى المنطقة (ج) لعب دور رئيسي في تنمية مؤسسات الأعمال العاملة في قطاعات مثل الإنشاءات والاتصالات السلكية واللاسلكية والزراعة والسياحة.

 

وتعليقا على ذلك، قالت المديرة والممثلة المقيمة للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة مريم شرمان: 'ينبغي للمانحين أن يتحركوا على وجه السرعة في مواجهة ما تتعرض له السلطة الفلسطينية من أزمة خطيرة في ماليتها العامة في الأجل القصير'.

وأضافت أنه حتى مع هذا الدعم المالي، فإنه لا يمكن أن يتحقق نمو اقتصادي مستدام دون إزالة الحواجز التي تحول دون تنمية القطاع الخاص، ولاسيما في المنطقة (ج)، مشيرة إلى إن الرسالة الأهم التي يوجهها هذا التقرير هي أن التماسك الاقتصادي لا يمكن أن يتحقق مادامت المناطق التي يتعين فيها على الناس أن يعملوا ويتدبروا شؤونهم تمزقها المعوقات والحواجز.

 

ووزع البنك الدولي، المُلخَّص التَّنفيذيّ للوثيقة، التي طالبت حكومة إسرائيل بالتيسّر إلى حدٍّ كبير، العقبات المتبقية التي تمنع، في الوقت الرّاهن، القطاع الخاص الفلسطيني من أن يُصبحَ المُحرّك الحقيقي للنمو المستدام، باعتباره الحلّ متوسط المدى الوحيد للخروج من أزمة المالية العامة المتطاولة الأمد.

وفيما يلي نص الملخص التنفيذي كما نشره البنك الدولي:

يأتي اجتماع لجنة الارتباط الخاصة، الذي يعقد في سبتمبر / أيلول 2012، في وقت أخذت تتفاقمُ فيه أزمة المالية العامة للسلطة الفلسطينية، بالتّزامن مع ظهور علامات مثيرة للقلق تدلُّ على تباطؤ وتيرة النّمو الاقتصادي، وتَقلّص دعم المانحين للسلطة، وتوافر آفاق إيجابية ضئيلة على صعيد البيئة السياسية الأوسع نطاقاً.

 

تَبذلُ السلطة الفلسطينية جهوداً جديرةً بالثّقة بها وتهدف إلى معالجة أزمة المالية العامة والاستمرار في بناء المؤسسات. وبالفعل، فقد تحدّث البنك الدولي في هذا المنتدى، في تقرير له قبل عامٍ مضى، عن تقييمه للجهود التي تبذلها السلطة الفلسطينية على صعيد بناء المؤسسات، مُلاحظاً أنّ 'المؤسسات العامة الفلسطينية تتقارن إيجاباً مع مؤسسات البلدان الأخرى في هذه المنطقة وفي غيرها من مناطق العالم، في المجالات التي تعتبر فيها فعّالية الأداء الحكومي هي الأكثر أهميةً، وهذه المجالات هي: الأمن والعدالة، وإدارة الإيرادات والنّفقات، والتّنمية الاقتصادية، وتقديم الخدمات'.

ولاحظ ذلك التّقرير أيضاً أنّ مؤسسات السلطة الفلسطينية ' ... فعَّالةٌ بصورة معقولة، سواءٌ أكان ذلك  حسب أيّ معيار مُطلق قد يتوافر، أم كان حسب المقارنة مع البلدان الأخرى بصفة خاصة، في هذه المنطقة أو في أيّ منطقة أخرى من العالم'. إنّ التقييم المؤسّسي الذي أُجري قبل عام مضى ما يزال صالحاً للتطبيق في الوقت الحاضر. غير أنّ ذلك التّقرير أيضاً حذّر من الحاجة إلى تحقيق نموّ اقتصادي مستدام يُحرّكه ويقوده الاستثمار في القطاع الخاص الفلسطيني. وهذه القضية هي بؤرة التركيز في هذا التّقرير.

 

تُواجه السُّلطة الفلسطينية وضعاً خطيراً جداً في ماليتها العامة مع ارتفاع عجز الموازنة عن المستوى المتوقّع له، واستمرار الدعم الخارجي للموازنة في الانخفاض في الوقت ذاته. كذلك فقد بلغ الدَّين المستحق للقطاع المصرفي المحلي حدّه الأعلى تقريباً، ومن غير المُحتمل أن تحصل السلطة الفلسطينية على المزيد من الإئتمانات من القطاع الخاص في وقت قريب نظراً للمستوى الحالي المرتفع للمتأخرات.

ومن الضروري، بناءً على ذلك، أنْ يستمرّ المانحون في دعمهم لموازنة السلطة الفلسطينية، وأنْ تَستمرَ السلطة الفلسطينية في المُضي قُدُماً في تنفيذ الإصلاحات الأساسية لرفع مستوى تحصيل الإيرادات المحلية ولمراقبة الإنفاق. ومع ذلك، وحتّى في ظلّ اتّخاذ هذه التّدابير، فإنّ الآفاق الحقيقيّة للتّقدّم على مسارٍ يتّجه نحو تحقيق نمو اقتصادي فلسطيني مستدام سوف ينطوي على التّحدّيات في ظلّ غياب تغييرات أساسية كبيرة تُزيل العوائق الناتجة عن فصل المناطق الفلسطينية وعزلها عن بعضها بعضاً. إنّها لمعوّقات تُقَيّدُ الاستثمار، وترفع التكاليف، وتُعيق التّرابط الاقتصادي.

 

وكما ورد ذكره مراراً وتكراراً في تقارير البنك الدولي السّابقة، فإنّ استدامة النمو في المناطق الفلسطينية يعتمد على زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص. غَيْرَ أنّ القيود النّافذة التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية  تستمر في اعتراض سبيل الاستثمار المُحتمل في القطاع الخاص، وتظلّ العقبة الكبرى في وجه النمو الاقتصادي المُستدام. ويفرض استمرارُ العزل الجغرافي 'للمنطقة (ج)' من الضفة الغربية قَيْداً مُلزماً على النمو الاقتصادي الحقيقي جديراً بالاعتبار، باعتباره عنصراً أساسياً من عناصر دعم الدولة الفلسطينية المستقبلية (تعتبر اتّفاقات أُوسلو 'المنطقة (ج)' أحد التّرتيبات المؤقّتة). وباعتبار المنطقة (ج) الأرضَ الوحيدة المتواصلة الجوار في الضفة الغربية، والتي تربط بين 227 منطقة جغرافية منفصلة (المنطقتان 'أ' و 'ب')، فإنّ أهمية هذه المنطقة هي العنصر الأساس في التّرابط الاقتصادي، وهي المساحةُ الأكثر وفرةً وغنىً بالموارد في الضفة الغربية؛ فهي تكنز جُلَّ الموارد المائية، والأراضي الزراعية، والموارد الطبيعية والاحتياطي من الأراضي في الضفة الغربية، التي توفّر أساساً اقتصادياً لتحقيق النمو في القطاعت الأساسية من الاقتصاد.

ويُوضّحُ التّحليلُ الأولي، الذي أُجريَ في عدد من القطاعات التي يُحتملُ أن تكون مربحةً اقتصادياً، الطرقَ التي يُعيقُ بوساطتها النظام الحالي للقيود التي تفرضها إسرائيل، المادّية منها والإدارية، أو التي يمنع باستخدامها تحقيق الاستثمار في القطاع الخاص الفلسطيني. فالتّحليل يُبرزُ مجموعةً كبيرةً من التّحدّيات التي يُمكن معالجتها، سواءٌ ما يتعلّق منها بالوصول إلى الأراضي والمياه، أم بالقضايا التنظيمية والإجرائية، فضلاً عن الحواجز المادية البارزة للعيان بصورة متكررة كثيراً.

 

ولكي يكون الدّعمُ المالي المستمر من جانب مجتمع المانحين وتكون زيادةُ حجم الجهود الإصلاحية التي تبذلها السلطة الفلسطينية فعّالةً ومؤثّرةً كلها تماماً، فإنّ ذلك الدّعم وتلك الجهود يجب أنْ تُصاحبها وتتضافرَ معها أعمالٌ تقوم بها حكومة إسرائيل لكي تُيسّر، إلى حدٍّ كبير، العقبات المتبقية التي تمنع، في الوقت الرّاهن، القطاع الخاص الفلسطيني من أن يُصبحَ المُحرّك الحقيقي للنمو المستدام، باعتباره الحلّ متوسط المدى الوحيد للخروج من أزمة المالية العامة المتطاولة الأمد.

التعليـــقات