رئيس التحرير: طلعت علوي

د. ابو لبدة: القضية المرفوعة ضدي جزائية ولا علاقة لها بالفساد

الأحد | 06/05/2012 - 01:47 صباحاً
د. ابو لبدة: القضية المرفوعة ضدي جزائية ولا علاقة لها بالفساد
رام الله- شبكة راية الإعلامية:اكد وزير الاقتصادر الوطني الفلسطيني الدكتور حسن ابو لبدة لـ'القدس العربي' الاحد بانه القضية المرفوعة ضده امام القضاء الفلسطيني هي قضية جزائية ليس لها علاقة بقضايا الفساد او ممارسة مهامة في مؤسسات القطاع العام.ونفى ابو لبدة ان يكون رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض طلب منه الاستقالة من منصبه كوزير للاقتصاد الوطني، مضيفا 'توقفت عن ممارسة صلاحياتي ومهامي مؤقتا من باب الاحترام لهيبة القضاء الفلسطيني وهيبة موقع الوزير'.وفيما يلي نص الحوار المطول الذي اجرته 'القدس العربي' مع وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني بعد رفع قضية جزائية ضده في المحاكم الفلسطينية الاسبوع الماضي واعلانه تعليق ممارسة مهامه كوزير: ' وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني الدكتور حسن ابو لبدة اعلنت قبل ايام توقفك عن ممارسة مهامك كوزير، للدفاع عن نفسك امام المحاكم الفلسطينية جراء الدعوة المرفوعة ضدك من قبل النائب العام، ولكن هذا لم يقبله النائب العام وطلب من رئيس الوزراء تجميد عملك. هل طُلب منك الاستقالة من الحكومة بشكل رسمي؟ ' للتصحيح، أنا أعلنت متطوعا التوقف عن ممارسة صلاحياتي ومهامي من باب الاحترام لهيبة القضاء الفلسطيني وهيبة موقع الوزير في النظام السياسي الفلسطيني، ولكي اوقف ما بت اتعرض اليه كوزير ومواطن وعائلتي من تشهير مستمر في الأشهر الأخيرة، وليس لأي سبب آخر، حيث أن القانون الأساسي الفلسطيني (الفصل الخامس) واضح بالنسبة لمحددات وآلية توقيف أو توقف الوزراء عن العمل. إذ أفرد الفصل الخامس من القانون لمعالجة قضايا السلطة التنفيذية، ومنها موضوع توقف أو توقيف رئيس الوزراء والوزراء عن العمل. وبالعودة الى الجزء المتعلق بـ 'مسؤولية رئيس الوزراء والوزراء' (مواد 74، 75، 76)، فقد نصت المواد 75 و76 من القانون الأساسي على ما يلي: المادة 75 تنص على 'احالة اي وزير للتحقيق فيما قد ينسب اليه من جرائم أثناء تأديته أعمال وظيفته أو بسببها'، وتنص المادة 76 على أنه 'يوقف من يتهم من الوزراء عن مهام منصبه فور صدور قرار الاتهام'. وبالتالي فإن التوقيف يتم إذا اقترف الوزير جرما أثناء تأديته مهام وظيفته كوزير. ولكون القضية التي فتحت ضدي جزائية، ولا علاقة لها بأي عمل قمت به في الوزارة أو غيرها من مؤسسات القطاع العام، بل خلال فترة وجودي على رأس شركة مساهمة خاصة قبل أربع سنوات، فإن مسألة وقف عملي أو تجميده غير وارد لأسباب قانونية، وتحديدا فإن مواد القانون الأساسي لا تنطبق. طبعا للنائب العام أن يصرح للإعلام بما يراه مناسبا، ولكن مع احترامي له وللنيابة العامة في فلسطين، فإن جهة الإختصاص والمرجع للبت في هذا الموضوع بموجب القانون هو رئيس الوزراء، الذي يعلم تماما أنه لا يوجد سند قانوني لهذا الطلب. أما في ما يتعلق بما يشاع حول الاستقالة، فإن هذه الإشاعة غير صحيحة مغرضة، ولم ولن يطلب مني رئيس الوزراء الاستقالة، ولا يوجد سبب لقيامه بذلك.بالاضافة إلى ما سبق، فإن هذه الحكومة مستقيلة أصلا منذ 14/2/2011، وبالتالي فإن ما ينشر حول هذا الموضوع هو جزء من ماكينة التشهير والتحريض ضد الوزير وضد الحكومة عموما، وأنا باق على رأس عملي وزيرا للإقتصاد الوطني في حكومة تسيير الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، وإن كنت علقت ممارستي لصلاحياتي ومهامي مؤقتا للأسباب التي أشرت اليها سابقا.' هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية لم تدنك بأي من التهم التي كانت منسوبة لك بقضايا الفساد وجرى التحقيق معك بشأنها من قبل الهيئة وفق ما اكده رئيسها رفيق النتشة لـ'القدس العربي' في تصريحات نشرتها الخميس الماضي. اذاً ما هي طبيعة القضية المرفوعة ضدك من قبل النائب العام؟ ' أولا دعنا نكون أكثر تحديدا حول ما قاله السيد رفيق النتشة بحسب ما نشرتم، حيث قال حرفيا حسب الخبر المنشور من قبلكم'... ان القضية المرفوعة ضد ابو لبدة لا علاقة للهيئة بها وغير متعلقة بتهم فساد، بل هي جنح قام النائب العام الفلسطيني بتولي متابعتها'، وتابع'... لم تسفر تحقيقات الهيئة مع وزير الاقتصاد الوطني حسن ابو لبدة عن تقديم قضية ضده لدى المحاكم المختصة'.هذه الأقوال واضحة وملخصها بأن النائب العام قدم ضدي ملفا يتضمن اتهاما بجنحة قد تثبت أو تسقط في المحاكم، وليس اتهاما بالفساد كما حاول البعض الترويج عبر تسريب وثائق غير صحيحة على الانترنت، وإن تحقيقات الهيئة لم تسفر عن اكتشاف يؤدي الى قضية. أنا أعلنت منذ البداية أنني ملتزم بمبدأ المساءلة، ولا أرى أي غضاضة أن تتم مساءلتي كل يوم ما دمت في موقع عام، وبالتالي فإن قيام هيئة مكافحة الفساد أو أي مؤسسة فلسطينية بمساءلتي لا يشكل انتقاصا من حقوقي ولا تجاوزا لها، ولا أرى فيه مساسا بمكانتي أو سمعتي، وأعتقد أن الأخ رفيق النتشة تصرف بمسؤولية وطنية ومهنية وضميرية في تصريحه، ولديه الجرأة والصلاحيات والأمانة ليقول ما يريد قوله. لقد قرأت تصريحات السيد رفيق النتشة، وأعتقد أن الرجل قال ما رآه مناسبا في هذا المقام مستندا الى الحقائق التي بين يديه. أما بالنسبة للقضية الجزائية المرفوعة ضدي من النيابة العامة فهي أبسط من أن تصبح مادة للتشهير والتحريض والتشويش على الوزير، خاصة إذا عرضت بموضوعية ومهنية.' ما هي طبيعة القضية الجزائية المرفوعة ضدك؟' لقد قام مدير إحدى شركات الأوراق المالية في فلسطين بالتلاعب بحسابات عدد من المستثمرين (وأنا واحد منهم) في الأسهم لدى السوق المالي الأردني خلال عامي 2006 و2007. وقد لاحظت هيئة سوق رأس المال في فلسطين ذلك منتصف عام 2006، ولكن المدير التنفيذي للهيئة في حينه لم يتخذ الإجراءات المناسبة لكف يد مدير الشركة وحمايتها من تجاوزاته، ولم يعلم المستثمرين بالتلاعب في حساباتهم الاستثمارية، بما فيهم أنا. وقد استمر مدير الشركة بالتلاعب بحسابات المستثمرين بالتواطؤ مع أحد موظفي شركة أوراق مالية في الأردن، مما أدى الى خسائر فادحة تكبدتها الشركة الفلسطينية بسبب تلاعب المدير، وتم اكتشاف التلاعب مجددا من قبل أصحاب الشركة وهيئة سوق رأس المال في شهر 11/2007.ونتيجة للتحقيق النيابي، تمت إحالة المدير وثلاثة شركاء له الى القضاء بداية عام 2008، وهم يحاكمون الآن على جرائمهم. للأسف الشديد، كنت في حينه أشغل منصب مدير سوق فلسطين للأوراق المالية، وكنت أحد المستثمرين في الأسهم لدى السوق المالي الأردني عن طريق هذه الشركة، وقد قمت بتصفية استثماراتي في أواخر شهر 8/2007، حيث كنت قد استثمرت ما مجموعه 95 ألف دينار اردني، وبلغت محفظتي بيوم تصفيتها حوالي 132 ألف دينار بحسب ما أفادني في حينه كل من مدير الشركة ورئيس مجلس إدارتها. وتبين بعد الفحص والتدقيق خلال عامي 2008/2009 أن جزءا من التداول الذي قام به مدير الشركة (دون علمي طبعا) على محفظتي في السوق الأردني لم يكن دقيقا على ما يبدو، وأن مدير الشركة كان يبلغني بمعلومات مضللة حول وضع استثماراتي لا تعكس بالضرورة حقيقة الوضع.والقضية ببساطة أن النيابة العامة الفلسطينية استدعت المتهم الرئيسي في القضية مجددا في شهر 8/2011، والذي ينظر القضاء الفلسطيني فيها حاليا، وقام بالإدلاء بمعلومات كيدية وكاذبة ومناقضة لإفاداته في التحقيق الذي جرى معه عام 2007، وبناء على إفادته الجديدة قرر النائب العام توجيه لائحة اتهام لي من بند واحد ألا وهو 'غسل الأموال' بداعي أن المبلغ الذي حصلت عليه في عام 2007 حين قمت بتصفية محفظتي الاستثمارية لم يكن من حقي لأن مدير الشركة (المتهم الرئيسي في القضية) صرفه لي (بعلم وموافقة صاحب الشركة ورئيس مجلس إدارتها) وهو يعلم أن محفظتي قد تكون خاسرة.' من هم خصومك في الدعوة المرفوعة ضدك امام المحاكم الفلسطينية؟ ' من الناحية القانونية، خصمي هو الحق العام كما تفيد لائحة الاتهام المكونة من بند واحد، وليس كما تم الترويج له في المنابر الصفراء وبعض مواقع التواصل الاجتماعي. وهناك متضررون من مواقفي وسياساتي وقراراتي كوزير قدموا شكاوى كيدية وتحالفوا للتشهير بي، وفي طليعتهم كل من تضرر من حملة مكافحة منتجات المستوطنات التي قمت بها عام 2010، وعدد من كبار الموظفين العموميين المتنفذين الذين اتخذت بحقهم إجراءات إدارية وقانونية، وكل من لم يعجبه تحالفي مع رئيس الوزراء في وضع خطة بناء مؤسسات الدولة (خطة العامين)، وبعض الذين لجأوا للحرب علي من أجل التأثير في استقرار حكومة فياض، وغيرهم ممن لم يحن الوقت للكشف عنهم. وأضيف الى كل ذلك بأن على رأس قائمة خصومي هي تلك الجهات التي تقوم بتسريب وثيقة داخلية موجهة من موظف لدى النيابة العامة الى عطوفة النائب العام بشأن نتائج التحقيق الجزائي، للإيحاء بأنني متهم بقضايا فساد متعددة، بينما الواقع أن كل الموضوع متعلق باتهام جزائي يستند بكامله الى إفادة كاذبة ومغلوطة قدمها المتهم الرئيسي في قضية ما يعرف بالسوق المالي، بعد أربع سنوات من إفادته الأولى التي يحاكم عليها، ويصنف الاتهام في القانون على أساس شبهة الجنحة. وإنني أتوجه للنائب العام عبر صحيفتكم بطلب التحقيق بهذا التجاوز الخطير لخصوصية وحصانة وسرية الوثائق الخاصة بالنيابة العامة، وإنني لعلى ثقة بأن هذه التسريبات لوثائق ومراسلات صادرة عن النيابة العامة، والتي حدثت أكثر من مرة لا ترضي أحدا بما فيها النائب العام، ومن حق أبناء شعبنا معرفة من هي الجهات التي تقف خلفها، ولدى النائب العام كل الأسباب والمبررات للتحقيق وكشف الجناة الذين يقومون بهذا التجاوز القانوني والأخلاقي لتضليل الرأي العام وتشويش سير العدالة والمس بسمعتي وبسمعة السلطة الوطنية والوظيفة العمومية في فلسطين.' يتم الحديث في الاوساط الفلسطينية بان ثروتك تبلغ حوالي 8 ملايين دولار وقمت مؤخرا بتحويل جزء منها لحساب زوجتك وقسم اخر لحساب ابنتك، هل فعلا تمتك 8 ملايين دولار؟ وما هي حقيقة ذلك الحديث عن ثروتك وتحويل قسم منها لعائلتك؟ ' إنني أنفي بشكل قاطع هذا الإدعاء الذي أعتبره جزءا من مسلسل الاغتيال المعنوي واغتيال الشخصية الجاري بحقي، وأتحدى أي جهة فلسطينية أو غير فلسطينية أن تتقدم بدليل واحد حول هذا الموضوع، وبالمناسبة كنت أتمنى لو أن حصيلة جهدي وعرقي وعملي على مدار سنوات عمري تبلغ 10 بالمئة من هذا الرقم. هناك مثل في فلسطين يقول 'واحد سأل الثاني: شو عرفَّك إنها كذبة، فقال له الثاني: من كبرها'. هناك فرق بين بث الإشاعات والتحريض من فئات مأجورة ومغرضة، وادعاءات اي جهة ذات علاقة. حسب القانون الأساسي الفلسطيني يتوجب على كل من يتقلد منصب وزير بالتصريح عن ذمته المالية وممتلكاته، وقد قمت بذلك في حينه، وتوجد هذه الوثائق لدى الرئاسة الفلسطينية ورئاسة الوزراء وهيئة مكافحة الفساد بحكم القانون. وإن حساباتي البنكية وحسابات جميع أفراد عائلتي في البنوك بمتناول الجهات المختصة في أي وقت تريده للفحص والتحري. وأضيف الى ذلك الى أنه يوجد لدي ابنتين بالكاد بلغتا السن القانونية حديثا، ولا توجد لأي منهن حسابات بنكية في أي مكان في العالم سابقا لعام 2011. وللعلم فإنه لا توجد سرية مصرفية على حساباتي، وتوجد معلومات كاملة حول جميع حساباتي وأملاكي لدى الجهات المختصة، وإنني أمنحها عبر صحيفتكم موافقتي الصريحة على نشر هذه المعلومات ليعلم أبناء شعبنا كل شيء.واحتراما مني لقراء صحيفتكم الغراء، أدعوك شخصيا ومن ترغب من الصحافيين في فلسطين للإطلاع على حساباتي البنكية وحسابات جميع أفراد عائلتي منذ أن فتحت وحتى تاريخ نشر هذه المقابلة، وكذلك سجلات أملاكي وأملاك أسرتي لدى الدوائر المختصة، لتحكم بنفسك وتطلع القراء على الحقيقة كما هي.من ناحية أخرى، فإن جوهر المشكلة في فلسطين يكمن في غياب كلي للمساءلة المتعلقة بتحمل كل شخص مسؤولية كاملة بشأن أقواله وتصريحاته، وعدم تعامل القضاء بجدية مع موضوع التشهير الذي يمارسه البعض سواء عبر الإعلام أو صفحات التواصل الاجتماعي والإنترنت. للأسف الشديد فإن غياب المعالجة القانونية وعدم تجريم من يقوم بالقدح والذم والتشهير عبر الإعلام أو صفحات التواصل الاجتماعي والإنترنت أدى الى وجود حالة تطاول غير مسبوقة على كل من يعمل في القطاع العام تقريبا في فلسطين، وإنني أعبر عن قلقي من تهاون الجهات المختصة إزاء استشراء هذه الحالة مؤخرا في فلسطين، في ظل وجود أساس قانوني لملاحقة المشهرين. ومن الواضح أن هذا التراجع غير المسبوق في حصانة الأفراد والشخصيات العامة في سمعتهم، وزيادة الانتهاك لهذه الحصانة ستؤدي حتما الى عزوف العديد من الكفاءات الفلسطينية عن تولي مناصب عامة أو الانخراط في سلك الوظيفة العمومية. حيث وصلت بنا الأمور الى درجة الإسفاف في التطاول على كل من يقوم بعمله بإخلاص. على كل حال، وعودة الى سؤالك فإنني أنفي بشكل قاطع صحة الادعاء بشأن الأرقام المغرضة والمهولة حول ثروتي، وأتحدى أي جهة رسمية أو خاصة أن تجد في مجمل ما كسبته طوال حياتي شيئا خارجا عن المألوف في مثل سني وتأهيلي العلمي وخبرتي.' لماذا الان رفعت القضية ضدك وانت تركت رئاسة سوق المال الفلسطيني منذ سنوات؟ ومن هي الجهات التي تتهمها بالوقوف وراء ملاحقتك قضائيا؟ ' هذا سؤال مهم لمن يبحث عن الحقيقة، ومن المهم جدا أن تسعى الصحافة الحرة والمهنية الحصول على جواب عليه. الأمر ببساطة أن أحد المتضررين اقتصاديا ومعنويا من عملي قدم شكوى كيدية بحقي حول هذا الموضوع إلى هيئة مكافحة الفساد، مستفيدا من معلومات داخلية اطلع عليها. وقد وجدت الهيئة أن هذه الشكوى تقع خارج نطاق اختصاصها وحولتها للنيابة العامة لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب.إجمالا، دعني أولا أوضح للقراء الكرام بأن القضية التي نحن بصددها هي قضية جزائية عادية سيتم النظر فيها من قبل محكمة الصلح، وهي لا تختلف عن أي قضية أخرى من القضايا التي تنظر عادة في محكمة الصلح، بما فيها قضايا مخالفات السير والشيكات بدون رصيد والشجار بين أشخاص وغيرها من القضايا الصغيرة والهامشية. وقد استخدمت بسوء نية للمس بي والتشهير والتحريض، وتم خداع الرأي العام وتضليله وإيهامه بأنها قضية كبرى، وعلى الرغم من هامشيتها في ميزان القضاء، إلا أنني تضررت جدا بسبب طريقة عرضها وتناول الاعلام لها وبعض المواقع الصفراء في ضوء التسريبات والتطاول من الأقلام المشبوهة على مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي. بالنسبة للشق الأول من السؤال، فإنه لم يرفع أحد قضية علي حول هذا الموضوع تحت عنوان ما يسمى بقضايا الحق الخاص، وإنما رفعت النيابة العامة هذه القضية عليّ باسم الحق العام، وبالتالي فإن التقاضي سيتم مع ممثل الحق العام ألا وهو النيابة العامة. من المعروف للقاصي والداني بأن التحقيق الجنائي الذي تم في عام 2007 حول مخالفات مدير الشركة المتحدة للأوراق المالية من قبل نيابة مكافحة الجرائم الاقتصادية قد تمخض عن تقديم لائحة اتهام ضد مدير الشركة وثلاثة من المتواطئين معه من داخل الشركة وخارجها. ولم يكن لي أي علاقة بالموضوع، ويبدو ذلك جليا من إفادات مدير الشركة في حينه وأصحابها. وكل ما حصل مؤخرا هو أن النيابة العامة قررت التحقيق معي بناء على الشكوى الكيدية من بعض المتضررين من موقعي كوزير للإقتصاد الوطني، وتواطؤ مباشر من قبل مدير الشركة الذي يخضع للمحاكمة كمتهم رئيسي. وايمانا مني أنه لا أحد فوق القانون، وعلى الرغم من أنني أتمتع بحصانة تمنع التحقيق معي دون موافقة رئيس الوزراء أو الإحالة للتحقيق من قبله، فإنني توجهت متطوعا للنيابة العامة كمواطن وتنازلت عن حقي بالحصانة، وأدليت بأقوالي وأجبت على كافة الأسئلة التي طرحت علي من قبلها، لثقتي بأن الموضوع لا يتجاوز كونه مجرد تحقيق شكلي لوجود القضية لدى القضاء لمحاكمة المتهمين الأربعة، خاصة وأن النائب العام الحالي أشرف على التحقيق الأصلي، وهو مطلع تماما على الحيثيات. وقد فوجئت بقيام النائب العام بإيداع لائحة اتهام لدى محكمة صلح رام الله حيث وجه لي تهمة 'غسل الأموال'.وكما ذكرت سابقا، ومع احترامي لما يمكن أن تكون قد ارتأته النيابة العامة لاعادة فتح القضية، ومع ايماني بأن النيابة تؤدي واجبها لتطبيق القانون بحياد ونزاهة وشرف، الا أنني متمسك بكل ما قلته عن تفاصيل القضية وعن أنه لا يمكن للمتضرر أن يكون متهما وأنني بريء تماما من التهمة التي نسبت الي. وكلي ثقة بأن القضاء سيحسم هذه القضية لصالحي ويرد القضية بسرعة لعدم وجود عناصر الجريمة ولاستناد اتهام النيابة العامة إلى إفادات متباينة وغير صحيحة للمتهم الرئيسي حول نفس الموضوع. أما لماذا الآن، فأترك الجواب للمستقبل القريب وللقراء وللصحافة الاستقصائية، وبإمكانكم طبعا سؤال المشتكي لعله يفيدكم بما لا أعلم به، خاصة وأنه لا يوجد جديد في هذه القضية التي تم التحقيق فيها مطولا عام 2007 من قبل النيابة العامة وهيئة سوق رأس المال بالنسبة للشق الثاني من السؤال حول الجهات التي أتهمها بالوقوف وراء ملاحقتي قضائيا، فإنه من المبكر الحديث في هذا الموضوع بصراحة في الإعلام، خاصة وأنني لست متأكدا من أن استهدافي ومحاولة إقصائي من العمل العام والتشويش عليّ قد توقفت، ولا أستبعد المزيد من المكائد والمؤامرات من نفس الجهات التي وقفت خلف هذه القضية. وكل ما يمكن أن اقوله في هذه المرحلة، انني خلال ممارستي لعملي اتخذت العديد من القرارات الإصلاحية سواء داخل الوزارة أو خارجها، ووضعت العديد من السياسات التي شكلت مصدر قلق لبعض المستفيدين بغير وجه حق، وتسببت في الكثير من الإحراج والخسائر للبعض حين أطلقت حملة مكافحة منتجات المستوطنات، والتي اكتشفنا خلالها وجود بعض المصالح لفلسطينيين مرتبطة بالنشاط الاقتصادي للمستوطنات، وقمنا خلال عام 2010 بمصادرة وإتلاف سلع ومنتجات بعشرات الملايين من الدولارات لفلسطينيين كانوا يشكلون جسر المستوطنات الى اقتصادنا وسوقنا.ومن هي الجهات التي تضررت من قيامك كوزير للاقتصاد الوطني بحملة مقاطعة منتوجات المستوطنات ومحاربتها في الاسواق الفلسطينية؟ هذه الجهات عديدة، ومنها من كانوا وكلاء أو مسوقين أو موزعين لبعض منتجات المستوطنات بما فيها مزروعاتها ومحاصيلها، ومن كانوا يستثمرون سواء بمنشآت أو مكاتب ارتباط أو مصانع في هذه المستوطنات، وبعض شبكات التهريب التي كانت تستخدم المستوطنات لتهريب السلع الفاسدة ومنتهية الصلاحية وعدد من الممنوعات الى السوق الفلسطيني، والسماسرة الذين يوفرون العمالة الفلسطينية في المستوطنات بمقابل عمولة. إضافة بالطبع الى المستوطنين انفسهم الذين كانوا يستمتعون بعمالة فلسطينية رخيصة وسوق مفتوح دون حسيب أو رقيب، وكما هو معلوم، فقد أصدر المستوطنون أكثر من بيان ضدي وتعهدوا بملاحقتي، ناهيك عن أن اتحاد الصناعات الإسرائيلي هاجمني بعنف لدى الدوائر الإسرائيلية حين رفعت شعار مقاطعة منتجات وخدمات المستوطنات، وحاولت التأثير في الموقف الفلسطيني بشأن إخلاء المستوطنات من العمالة الفلسطينية. ولعلك تعلم بأن قانون مقاطعة المقاطع الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي لملاحقة كل من يقاطع منتجات المستوطنات والمنتجات الاسرائيلية، صدر بسبب نشاطاتي المتعلقة بمكافحة منتجات وخدمات المستوطنات في فلسطين.' انت تقلدت الكثير من المناصب منذ انشاء السلطة وما رافق تاريخها من حديث متواصل عن فساد في اجهزتها واختلاس مال عام، هل فعلا السلطة تقوم حاليا بمحاربة الفساد بشكل عملي وحقيقي؟ ام هناك انتقاء في التعامل مع هذا الملف؟' نعم أعتبر نفسي شاهدا أساسيا على تاريخ السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث أنني من مؤسسيها. ولا أتجنى على أحد حين اقول أن موضوع الفساد في فلسطين ليس حديثا، حيث واجهت شخصيا عددا من المواقف الصعبة في سياق جهدي الشخصي والاعتباري لمكافحة الفساد خلال عملي في مواقع مختلفة منذ نهاية عام 1993. وللإنصاف، فقد كانت هناك محاولات جادة ولكن معزولة وانتقائية للحد من الفساد في السلطة الوطنية منذ بداية عهدها. وكما هو معلوم فقد أنشأت السلطة الوطنية حديثا هيئة الكسب غير المشروع، والتي سميت لاحقا بهيئة مكافحة الفساد، لمأسسة الجهد الوطني في هذا المجال. وأعتقد أن رئيس الهيئة يحاول إنجاز مرحلة بناء المؤسسة وتفعيلها بسرعة، على الرغم من التحديات الإدارية والفنية والمادية التي تعترض هذه الجهود. وقد بدأت الهيئة مؤخرا بصياغة استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد.وفي حال استكملت عملية بناء الهيئة وتسخير الإمكانيات المادية والفنية لها ورفدها بالخبراء والقوى البشرية المدربة والمؤهلة، واستكمال إعداد الاسترتيجية الوطنية المنشودة، فإن جهود مكافحة الفساد في بلدنا ستثمر عن نتائج هامة جدا بالنسبة لمستقبل بلدنا واقتصادنا. ومن المفيد التأكيد هنا على أهمية توفير احتياجات الهيئة من موارد بشرية وتقنية للقيام بدورها واجتثاث الفساد من فلسطين. والى أن يتم ذلك، باعتقادي أنه ما زال من المبكر الحديث عن حرب شاملة تشنها السلطة على الفساد، ومن الصعب تخيل الوصول الى هذه المرحلة قريبا لاعتبارات مختلفة، على الرغم من رفع السيد الرئيس شعار لا حصانة لأحد في الحرب على الفساد في فلسطين.' عودة لموضوع توقفك عن العمل، هل نفهم بأنك ما زلت على رأس عملك؟ وهل تمارس الآن عملك. وماذا تقول للراي العام الفلسطيني والعربي ولمن يقرأ هذه المقابلة؟' لقد أوضحت لك وأوضح مجددا للقراء الكرام، لا يوجد أي سند قانوني لتوقيفي عن العمل، ومن غير المعقول أن يوقف كل موظف، بغض النظر عن موقعه الوظيفي، عن عمله كلما نظرت محكمة الصلح بقضية يكون فيها هذا المسؤول أو الموظف طرفا. لم يطلب مني رئيس الوزراء التوقف عن العمل، ولن يطلب ذلك لغياب السند القانوني، وإنما أنا قمت بمبادرتي طوعا من باب الاحترام لهيبة الموقع والمؤسسة والقضاء. أنا وزير الاقتصاد الوطني اليوم، كما كنت أمس، وكما سأكون غدا الى حين تشكيل حكومة جديدة، سواء كانت حكومة توافق وطني أو حكومة مدعومة من حركة فتح وفصائل منظمة التحرير.الفرق الوحيد بين وضعي اليوم ووضعي أمس هو
التعليـــقات