"نحن لا نطالب الا بمساواتنا بأبناء مجتمعنا بمنحنا الفرص المتكافئة التي كفلها القانون"
"بعض الشركات لا تعلم عن القانون ولا تريد ان تعلم، وهذا من واجبات وزارة العمل"
يشغلون مساحة من هذا الوطن، ويوصفون بالمواطنين كسواهم الا انهم بالواقع لا يساوون بأمثالهم من الاشخاص العاديين، ذوو الاعاقات الخاصة حقوق ضائعة تناشد اذان المسؤولين للاستجابة لاصوات طالما اختنقت في ظل ظلام التهميش الفلسطيني قبل الاحتلال الاسرائيلي، فلسطينيا يمثلون 5.3 % من تعداد السكان حسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني لعام 2007، فهناك حوالي 175 الف في كل من الضفة وقطاع غزة، وتشمل الاعاقات ستة انواع، من الجسدية والذهنية والحسية والنفسية والتوحد والبيئية.
حول هذا الموضوع التقينا بنزار بصلات، رئيس مجلس الادارة في الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينيين، والذي عبر عن التهميش وعدم المساواة الذي يعيشه المعاق الفلسطيني، وكصحيفة اقتصادية فقد ركزنا على الحقوق الاقتصادية تحديدا..
ما هو وضع ذوي الاحتياجات الخاصة بالنسبة للتأهيل المهني؟
فلسطينيا عدد مراكز التأهيل محدودة، فهناك مركز في نابلس يتبع للشؤون الاجتماعية، وهو الوحيد الذي يتعامل مع مختلف ذوي الاعاقة، وهناك البعض من هذه المراكز التابعة لمؤسسات اهلية وهي تتسم بالمحدودية في الاستيعاب، وتتعامل مع الاعاقة الذهنية والسمعية فقط، والمشكلة انه حتى التابعة لوزارة العمل غير مؤهلة لاستقبالهم سواء من ناحية ابنية او معدات او غيره، مع العلم ان عملية التعديل التي يتطلبها الامر تكون بسيطة جدا وغير مكلفة، وما ينقصنا هو الارادة من قبل الحكومة لايجاد مثل هذه التعديلات.
ومن المسؤول عن ذلك؟
حسب قانون حقوق المعوقين رقم 4 لسنة 1999 فالمسؤولية مشتركة ما بين وزارة الاختصاص ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل بصفتها وزارة اختصاص في مجال العمل وقانون العمل، لان الاخير نص على ضرورة ان يكون 5% من الكوادر العاملة في فلسطين من ذوي الاعاقة، وعلى الوزارة تأهيل هؤلاء في مجال العمل.
وهل هناك تنفيذ لهذا القانون؟
هناك قانونين موجودين وفاعلين، وعملية التنفيذ غير قائمة لانه لا يوجد التزام في قانون ال5% ولا في فقرة ج من المادة عشرة من قانون حقوق المعوقين.
نلاحظ تركز عمل ذوي الاحتياجات الخاصة على الاعمال البسيطة مثل اعمال القش والخياطة وغيرها، ما هو سبب ذلك ولماذا لا يمارسون اعمالا اكثر تقدما اذا كانت اعاقاتهم تسمح بذلك؟
نسبة البطالة بين الاشخاص ذوي الاعاقة عالية جدا، حسب احصاءات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني الذي يتحدث عن 77% من الاشخاص ذوي الاعاقة في سن العمل هم عاطلين عن العمل، اي بما يساوي 40% فرق ما بين العاديين والاشخاص ذوي الاعاقة.
فعليا لا يوجد مصدر دخل لهم غالبا، باستثناء نسبة قليلة جدا تتلقى معونات اجتماعية لا تلبي الحد الادنى من حاجتهم.
كان هناك نمطية في عملهم نابعة من الاعتقاد انهم محدودي القدرات، وبالتالي يجب ان يؤهلوا في وظائف نمطية تتمثل في القش والخيزران والخياطة، لكن مع التطور العلمي ومع ارتفاع الوعي اصبح هناك مجالات كبيرة ومفتوحة امامهم.
كما ان مجالات التدريب محدودة جدا، مركز جبل النجمة يتعامل مع الزراعة، النهضة النسائية بالنجارة، جمعية الامل للصم لديها مشتل ومركز خياطة، والمركز التابع للهلال الاحمر الفلسطيني للمعاقين سمعيا، يقدم كوافير للسيدات والرجال، اما مركز الشيخ خليفة فلديهم تخصصات في مجال الصفوف والكمبيوتر والخياطة.
ماذا عن الوضع التعليمي للاشخاص ذوي الاعاقات؟
نسبة الامية 48% لم يتلقوا اي نوع من التعليم تضاف لهم المتسربين من المدارس والامية الراجعة، فتصل النسبة الى 60%.
السبب في عدم مقدرة النظام التعليمي العام على استيعابهم، علما بأن الوزارة تتبنى برنامج التعليم الجامع والذي يقوم على توفير التعليم لكافة الاشخاص ذوي الاعاقة، لكن للاسف القدرة الاستيعابية لهذا البرنامج محدودة وهو يتعامل بشكل مباشر مع الاعاقات الحركية والبصرية، ويستثني بقية الاعاقات والتي تشكل نسبة عالية، وخصوصا الاعاقة الذهنية، والذين يعتبرون الاقل حظا حتى في اطار الاشخاص ذوي الاعاقة.
ما هو دور الوزارات المختصة في قضية تشغيلهم؟ وما مدى الافادة التي تقدمها لهم؟
وزارة الشؤون الاجتماعية لديها محاولات جادة في التعامل مع قضية تشغيلهم، حاليا لديهم برنامج خاص بالاقراض للمشاريع الصغيرة، وقد تم توزيع ما يزيد عن 50 مشروع خلال العام الحالي، لكن يبقى هناك محاولات خجولة امام حجم المشكلة التي تتعاظم يوميا بفعل الاحتلال وممارساته.
ووزارة العمل يتوجب عليها القيام بمسؤولياتها خصوصا بما يتعلق بالرقابة والتفتيش على الشركات والقطاع الخاص لتشغيل نسبة ال 5%، والاتحاد وقطاع الاعاقة خصص عام 2009 للعمل على قضية العمل والتشغيل والتدريب، استطعنا ببعض المجهود التواصل مع بعض الشركات للالتزام النسبي، وكانت مبادرة ريتش في التشغيل مبادرة حسنة، يمكن القياس عليها وأخذها كنموذج لباقي الشركات، لكن الامر يتطلب مزيدا من الجزم والمتابعة من قبل وزارة العمل. لم نسمع ولا مرة ان وزارة العمل قامت بالطلب من اي شركة لا بشكل رسمي ولا ودي للالتزام بهذا الامر، حتى ان بعض الشركات لا تعلم عن القانون ولا تريد ان تعلم، وهذا من واجبات وزارة العمل.
في حال تعرض احدهم لابتزاز واستغلال، من هي الجهة المخولة بمتابعة حقوقهم وحفظها في المؤسسات التي تشغلهم؟
لم يتوجه الينا اي شخص من العاملين في هذه الشركات بالشكوى، من متابعاتنا للذين عملوا في (ريتش)، نحن نعلم انهم يعاملون بكامل الحقوق والواجبات، وحتى عملية التوظيف جرت بنفس الاجراءات التي تتبع مع الاشخاص العاديين.
ومعظمهم يعملون في اطار تخصصاتهم، على الاقل في وزارة الشباب والرياضة، جميعهم هنا لهم مناصب ومواقع انجازية تتلاءم ومؤهلاتهم.
هل هناك خطط في وزارة العمل لتشغيل هؤلاء؟ واذا تم توظيف احدهم في الوزارة فما هو نوع الوظيفة وهل هناك عقود سنوية او تثبيت ام ماذا؟
لدينا مشكلة مع ديوان الموظفين العام حول نوعية العقود الممنوحة لهم، كانت سنوية بمسمى التعيين رقم 3، موظف غير مثبت، استطعنا خلال ال 3 سنوات الماضية تعديل العديد من العقود وتحولت الى عقود ثابتة، لكن مازال البعض لديهم اشكالات مع ديوان الموظفين في هذه العقود.
اما الموظفون على كادر التربية والتعليم، فان الوزارة في العامين الماضي والحالي التزمت بالنسبة الواردة في القانون في التعيينات الجديدة، اذ قامت بتوظيف 40 موظفا في العام الماضي من بين 2000 موظف جديد، ونأمل ان يتم الالتزام بنفس النسبة هذا العام، فعقودهم الاولوية هي عقود تجريبية لمدة سنة يتم تحويلها الى ثابتة بعد اجتياز الفترة التجريبية، اضافة الى انه في كثير من الاحيان يتم تجاوز قضية اللياقة الصحية بمفهومها التقليدي لتصبح لياقة خاصة بطبيعة العمل.
كاتحاد عام للمعاقين نؤمن بأن كل انسان قادر على العطاء اذا ما منح الفرصة، ونحن لا نطالب الا بمساواتنا بأبناء مجتمعنا بمنحنا الفرص المتكافئة التي كفلها القانون سواء في القطاع الخاص او العام، ونأمل من كل الوزراء الاسراع في النظر في الصندوق الوطني للتأهيل والتدريب والتشغيل لما لهذا الصندوق من اهمية واثر في حياة هؤلاء.