عندما تسمع بهذا الاسم تعتقد انك غير معني بمعرفة الكثير عن ذلك البلد الذي يدعى سريلانكا. فكان لا بد من اكتشاف ذلك الجزء من العالم لنرى ما فيه من فرص تجارية، استثمارية او سياحية.

الخطوة الاولى كانت مع سفير سريلانكا لدى فلسطين د. تي جايا سنجه. وفي كل زيارة قمت بها الى مكتب السفير كان يحدثني عن سريلانكا، عن طبيعتها وعن شعبها وعن العلاقة السياسية التي تربط البلدين والتي تتميز بالمتانة والاحترام المتبادل.

السفير السريلانكي: "لماذا لا نقوم بتنظيم رحلة الى هناك برفقة مجموعة من رجال الاعمال ولنرى ماذا سيحدث" اجبته: ولم لا، ستكون رحلة مشوقة.

بدأ السفير مباشرة بعمل المراسلات اللازمة مع حكومة سريلانكا للترتيب للزيارة. وفي بداية شهر ديسمبر 2009، "الو طلعت انا سفير سريلانكا، لقد حصلنا على الموافقة لارسال وفد يتضمن 5 من رجال الاعمال في فلسطين وانت طبعاً".

اذن الامور تمشي على ما يرام... في الاسبوع التالي كانت سفارة سريلانكا في فلسطين قد اتمت الاعداد للرحلة وحصلت  على اسماء رجال الاعمال من قبل غرفة تجارة رام الله.
اذن المجموعة مستعدة للسفر الى سريلانكا، فكيف ستكون تلك التجربة.

في سريلانكا:

في الاسبوع الاول من شهر كانون ثاني 2010، حطت طائرة الملكية الاردنية في مطار العاصمة كولومبو، الساعة الان الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي.
كان من المتوقع وكما تعودنا في كل زيارة نقوم بها الى اي دولة، نتوقع ان نجد شخص من شركات العلاقات العامة او غيرها، يحمل يافطة مكتوب عليها
(Palestine delegation)، ولكن لم يكن احد من الوفد يتوقع ان يكون السفير الفلسطيني في سريلانكا في استقبال الوفد على باب الطائرة مع طاقم السفارة، وفي ساعة مبكرة جداً.
هذا الانطباع الاول والجميل، جعل كل من في الوفد الفلسطيني يراهن على استمرارية ذلك الانطباع، من باب ان الانطباع الاول يدوم ويدوم.

لم نكن نعلم ان ذلك السفير الشاب د. انور الاغا السفير الفلسطيني، كان يتابع زيارة الوفد منذ مدة واصر على ان يكون من المستقبلين للوفد ولنتعرف من خلاله على تركيبة البلد السكانية والسياسية والاقتصادية في بضعة دقائق اثناء جلوسنا مع السفير الفلسطيني في قاعة الانتظار في مطار كولومبو.

في كولومبو

حسب البرنامج الذي تم اعداده مسبقاً، تقرر ان تكون الزيارة الاولى للوفد الى مقر هيئة تطوير الصادرات (Export Development Board ). في تمام الثانية عشرة من نفس اليوم، كان رئيس الهيئة وايضاً سفير سريلانكا في فلسطين، كانوا جميعاً باستقبال الوفد الفلسطيني والسفير الفلسطيني في كولومبو. بدأ الخبراء والمستشارون في الهئية بتقديم عرض واسع عن طبيعة الواقع الاقتصادي والتجاري في سريلانكا، واستعراض لاهم القوانين التي تنظم النشاطات التجارية والاستثمارية هناك. وبعد الكلمة التي القاها السفير الفلسطيني، بدأنا في الوفد الفلسطيني الحديث عن طبيعة النشاط التجاري الذي نقوم به، وكيف يمكن ان نستفيد من هذه الزيارة بما يخدم مصالح الطرفين. هناك كانت هيئة التصدير قد انهت التحضير لسلسلة من اللقاءات مع رجال اعمال من سريلانكا. في اليوم الاول وبعد الانتهاء من مراسم الاستقبال، بدأت اللقاءات بين رجال الاعمال من كلا الطرفين وتحت اشراف ومساعدة من قبل السفير الفلسطيني الشاب د. انور الاغا وسفير سريلانكا لدى فلسطين د. تي جايا سنجه (Dr. T. Jayasinghe).
ساهمت تلك اللقاءات بوضع الوفد الفلسطيني امام طبيعة المنتجين في سريلانكا ونوعية السلع الاسعار والتكلفة. اللقاءات بصورة عامة كانت ودية وعملية، وكما يقال "الخطوة الاولى لصفقات ناجحة تعتمد على لقاءات ناجحة".

في غرفة تجارة سريلانكا:

في اليوم الثاني من الزيارة التقى الوفد الفلسطيني رئيس واعضاء غرفة تجارة سريلانكا. استعرض رئيس الغرفة سلسلة من الخدمات التي تقدمها غرفة تجارة سريلانكا ودورها في تحسين البيئة التجارية في سريلانكا. واستقبل كادر الغرفة التجارية كافة المعلومات من الوفد الفلسطيني، من حيث اهتماماتهم كل حسب نشاطه التجاري. ادارة الغرفة قامت وبشكل مباشر بارسال المعلومات الكترونياً الى اعضاء الغرفة التجارية، من اجل توسيع رقعة الاتصالات بين الطرفين اثناء وبعد الزيارة ليبقى التواصل من خلال الاتصالات والبريد الالكتروني.
انطلق الوفد بعد ذلك برفقة فاروق مندوب سفارة فلسطين، الذي لم يفارق الوفد على مدار الساعة لتسهيل الجولات وتذليل اي عقبات، كما رافق الوفد الى جولة ميدانية الى الاسواق في العاصمة كولومبو.

اليوم الثالث تم تخصيصه بالكامل لزيارة المنطقة الصناعية في العاصمة كولومبو، حيث زار الوفد الفلسطيني عشرات المصانع هناك، والمزيد من المعلومات والمزيد من الاتصال المباشر بين رجال الاعمال من كلا الطرفين.

جاءت رحلة الوفد الفلسطيني لتسليط الضوء على الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة في سريلانكا وتشجيع التبادل التجاري بين الطرفين.

تضمن الوفد الفلسطيني مجموعة من رجال الاعمال يمثلون مختلف القطاعات التجارية ضم الوفد كلاً من باسم ابو الضبعات، جورج امسيح، ثابت الريماوي و صالح بواطنة، اضافة الى رئيس تحرير صحيفة السفير الاقتصادي طلعت علــــــــــوي.  
ابدى الوفد الفلسطيني اعجابه بالمستوى الذي وصلت اليه الصناعة في سريلانكا، وبمستوى الترتيبات اللوجستيه، والترحاب من قبل الجهات الرسمية والقطاع الخاص.

في سريلانكا، هكذا كانت الزيارة، وهكذا يكون التوجه الحقيقي نحو بناء علاقات تجارية بين دولتين. 3 ايام من الزيارات والاجتماعات المباشرة، نجحت حكومة سريلانكا في ترتيبها للوصول الى افضل النتائج لتعزيز التبادل التجاري بين الطرفين، حالياً وفي المستقبل. لقد كان من اهم ما اثار انتباه الوفد الفلسطيني، الحفاوة وحسن الضيافة والاحترام العالي من شعب وحكومة سريلانكا. بالرغم من بعض ما تمر به سريلانكا من تحديات سياسية وامنية بعد انتهاء الحرب في الشمال. اثناء تنقلنا داخل العاصمة كولومبو، وعند الوصول الى اي مقر حكومي او غيره، كان يكفي ان يقول السائق معي وفد فلسطيني (Palestine delegation)
هذه العبارة كانت تكفي للعبور الى اي نقطة بما فيها المطار.
في السوق استمتع الوفد الفلسطيني ايضاً بجولة عريضة من التسوق، حيث تمتاز الكثير من السلع بالاسعار المناسبة والجودة العالية.

بالمقارنة مع دول اخرى في اقليم جنوب اسيا، نرى ان جودة الحياة في سريلانكا عالية، نتيجة وجود ثقافات عريقة. ويمكن للمستثمر ان يتمتع بالملكية الكاملة في معظم المجالات الاقتصادية. الحكومة السريلانكية تتبع مسلك السياسة الاقتصادية الحرة. كما تتميز سريلانكا بوجود وفرة بالايدي العاملة الماهرة والرخيصة.
في سريلانكا، تشعر بانك بمكان ترحاب في كل مكان، وتشعر بالاحترام الذي تكنه حكومة وشعب سريلانكا للشعب الفلسطيني. واحترامهم لتاريخ ونضال الشعب الفلسطيني. من الواضح ايضاً ان راعي الدبلوماسية الفلسطينية في سريلانكا السفير الفلسطيني انور الاغا ،استطاع ان يبني قاعدة متينة بين البلدين، وهذا بكل تأكيد يزيد من فرص تعظيم المصالح السياسية والاقتصادية للطرفين.
تلك هي ايضاً فلسطين، مسؤوليتنا جمعياً لنكون خير سفراء للارض المقدسة.