المؤتمرات الاقتصادية
مؤتمرات لدعم الاقتصاد الفلسطيني ام فرصة لالتقاط الصور التذكارية؟!
امين عام مجلس الوزراء د.ابو لبدة:" لم يقصد بهذا المؤتمر مطلقا تخفيف البطالة أو الفقر في فلسطين"
البرغوثي: "نحن معنيون بإيجاد أسواق ومتنفسات جديدة للسوق الفلسطيني، والا سيكون التطور لمنتجاتنا وشركاتنا ضعيف"
د. نصر الله: "لقد عقدت أمال كبيرة على المؤتمر، ولكن النتائج لم تكن على قدر هذه الآمال"
د. ابو بكر: " جميع التقارير المحلية والدولية في السنوات الاخيرة تشير الى أن المعيق الاساسي للتنمية الاقتصادية في فلسطين هو الاحتلال"
بين الحلم والواقع مسافة ضوئية يقف على اطرافها الاخيرة شيء ما يدعى "الفرج"، ذاك السراب الذي يطارده العطشى في صحراء الفقر، ولا يبقى امام 86 %، من الشعب الفلسطيني المصنفون كفقراء؛ الا انتظار العقار الجديد الذي يدعى "المؤتمرات الاقتصادية" والذي ينقسم الرأي العام الفلسطيني حوله ما بين مؤيد ومتفائل لدرجة الهذيان احيانا، وما بين معارض لدرجة التشكيك والاتهام، وتبقى القلة القليلة التي تؤيد او ترفض بحذر ومقابل شروط، فحسب استطلاع أجرته جريدة السفير الاقتصادي ضم عدد من المحليين الاقتصاديين ورجال الاعمال الفلسطينيين وعدد من المواطنين العاديين، رأى 20% ممن شملهم الاستطلاع ان انعقاد هذه المؤتمرات ينبع من كونه حاجة ماسة لعلاج مشاكل البلد الاقتصادية، فيما رأى 80% منهم ان هذه المؤتمرات هي مجرد انعقاد شكلي، وفيما يتعلق بتوصيات المؤتمر فان 20% قالوا بأن هذه التوصيات لا تنفذ، معليلين ذلك بأسباب عدة اهمها الاحتلال، وهناك 40% ممن قالوا انهم ليس لديهم المام او معرفة بتنفيذ التوصيات او عدم تنفيذها، فيما رأى 40% ان هذه التوصيات لا تنفذ.
اما عن العقبات التي تقف في وجه تحقيق النجاح للمؤتمرات الاقتصادية فقد رأى 50% ان هذه العقبات تتمثل في الاحتلال، بينما 10% قالوا انها تتمثل في قلة الموارد البشرية، فيما رأى 10 %ان العقبات تتمثل بعدم وجود الدعم من الجهات المؤهلة لذلك، والبقية قالوا بأن العقبات هي خليط مما ذكر، ولكل نسبته في التأثير سلبا على اداء ونتائج المؤتمرات..
وحول الاثار التي تترتب على عقد المؤتمرات الاقتصادية على ارض الواقع قال 80% انهم لا يلمسون أي نوع من التغير على ارض الواقع، والاسباب تدور في محور عدم وجود هيئة متابعة فنية، وكما ذكر د. علي برهم – رئيس ملتقى رجال الاعمال في نابلس- ان لجنة متابعة مؤتمر ملتقى الشمال لم تجتمع سوى مرة واحدة، ولم تعاود اجتماعها مرة اخرى.
واذا ما تتبعنا ما قيل في هذه المؤتمرات الاقتصادية من قبل اصحاب الاختصاص فان الاوصاف تتعدد، فمنهم من يعتبرها الرافعة بقوله: " إن هذا المؤتمر سيعزز من قوة وصمود الاقتصاد الفلسطيني وسيساعده على الانسلاخ والانفصال عن نظيره الإسرائيلي، مما سيعطيه دفعة قوية للأمام" ومنهم من اطلق العنان لاوصافه ليلقبها بال"تظاهرات الاقتصادية" و"تجمعات نخبوية لا تعبر عن الفقراء"، و"فرصة لالتقاط الصور التذكارية"، و "موضة العصر في التمويل"، وغيرها من الاوصاف التي تقلل من اهميتها ودورها في انعاش الاقتصاد الفلسطيني المنهك.
ومن هنا انطلقنا باحثين أي الطرفين هو الأحق، ايهما أصاب وايهما ابتعد كثيرا عن الصواب، وبناء على ذلك التقينا بعدة أشخاص من أصحاب التجربة ومن ذوي الاختصاص لنسلط الضوء على هذا الضيف او الدخيل الجديد على مجتمعنا وسوقنا الفلسطيني، المؤتمرات الاقتصادية.
صحية وتخدم اقتصادنا أم مجرد مناسبة للبروتوكولات والتصوير؟؟
اعتبر د.حسن ابو لبدة – امين عام مجلس الوزراء، ان المؤتمرات الاقتصادية لها وظيفة محددة ذات علاقة بتعريف المستثمرين العرب والأجانب بالفرص المتاحة في القطاعات المختلفة، سواء كانت في الداخل او الخارج، ووضع فلسطين على الخارطة الاستثمارية العربية والدولية، وذلك من خلال فتح شهية المستثمر الخارجي للاستثمار في فلسطين، ومنح الفرصة للمستثمر الفلسطيني في توسيع استثماراته، معللا ذلك بأن اقتصادنا الفلسطيني تحيط به تحديات هائلة لا تحيط بأي اقتصاد آخر، بالإضافة إلى أننا موجودون في منطقة تتنافس فيها الدول على الاستثمارات، والتحدي الأساسي أمامنا كيف يكون اقتصادنا جاذب للمستثمرين، وهذا لا يتأتى إلا إذا كانت البيئة الاستثمارية مواتية.
واتفق معه د.تيسير نصر الله- مدير عام التخطيط والتطوير في محافظة نابلس- الذي اعتبرها أداة لتسليط الضوء على واقع الاقتصاد الفلسطيني، والعمل على تطويره من خلال ما يتم اتخاذه من قرارات وتوصيات في هذه المؤتمرات. منوها إلى أن المهمة الرئيسية لتفعيل الواقع الاقتصادي تقع على عاتق الحكومة والقطاع الخاص، ويتم الاستفادة في ذلك من نتائج المؤتمرات وورش العمل والندوات التي يتم تنظيمها من جهات مختلفة بهدف معرفة الواقع الاقتصادي وما يعانيه من مشاكل، داعيا إلى عدم إعطائها أكبر من حجمها.
فيما اعتبر سفيان البرغوثي نائب المنسق العام لمؤتمر فلسطين للاستثمار-ملتقى الشمال- ومدير السوق المالي في رام الله، ان المؤتمرات الاقتصادية مهمة، بقوله: "هي ضرورة للتشبيك بين اقتصاد الداخل والخارج وفتح آفاق لإمكانيات التعاون، سواء للتسويق أو الحصول على مواد خام أو خلق شراكات بين رجال أعمال محليين ورجال أعمال من الخارج"، كذلك الحد من تبعية الاقتصاد الفلسطيني للإسرائيلي تعتبر احد مهمات المؤتمرات الاقتصادية.
مضيفا: "هناك وجهتي نظر في شارعنا، فمنهم من يرى أن المؤتمرات صحية وتخدم اقتصادنا، ووجهة النظر الأخرى أنها مجرد مناسبات للبروتوكولات والتصوير والدعاية، وأنا من أنصار الرأي الأول لأكثر من سبب كما أشرت، فنحن معنيون بإيجاد أسواق ومتنفسات جديدة للسوق الفلسطيني، والا سيكون التطور لمنتجاتنا وشركاتنا ضعيف، لأنه سيكون هناك تطور سريع لمنتجاتنا وبنفس الوقت ضعف في التسويق، الشركات والمصانع ستقول لماذا التطوير إذا التسويق ناجح، وبالتالي الدخول للأسواق الخارجية مقدمة لتطور صناعاتنا، وحتى نضمن ذلك يجب أن يتم العمل عليها بشكل كبير حتى لا تكون مناسبة لالتقاط الصور التاريخية، سواء فيما يتعلق بمواعيدها كي لا تتحول لطقس تقليدي، او من حيث تكرارها بشكل سريع، حيث يؤدي ذلك إلى الضرر في دورها وإمكانياتها، وعلى الإدارات أن تولى أقصى ما يمكن من جهد لجذب رجال أعمال ومستثمرين يريدون العمل والاستعداد للعمل وليس مجرد زيارة فقط".
وعود ومشاريع بالملايين..ما زالت حبرا على ورق؟؟
من توصيات المؤتمر "ابرز توصيات مؤتمر الاستثمار الفلسطيني-ملتقى الشمال-: الاتفاق على إنشاء مشاريع بقيمة 494 مليون دولار، أما المشاريع والمبادرات التي تم الإعلان عنها تتضمن 350 مليون دولار في قطاع العقارات والإسكان، و20 مليون قطاع التأمين، و12 مليون في الصناعات الغذائية، و65 مليون في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأكثر من 100 مليون دولار في قطاع الصناعة، و650 مليون من خلال إعلان صندوق الاستثمار الفلسطيني عن قرب البدء بالمشغل الثاني للشركة الوطنية للاتصالات، والمتوقع أن يبدأ العمل فيها بحلول نهاية هذا العام.
وعن توصيات في مؤتمر فلسطين للاستثمار – بيت لحم- 2008: على لسان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض: "كما هو معلوم فإن كل فرصة عمل تتطلب استثمار حوالي 40-50 ألف دولار، وبالتالي فإن مجموع المشاريع التي تم الإعلان عنها خلال أعمال هذا المؤتمر المقدر بنحو مليار و400 ألف دولار يتوقع أن ينجم عنه خلق حوالي 35 ألف فرصة عمل إضافية، هذه نتيجة عملية من نتائج أعمال هذا المؤتمر، هذا بالإضافة إلى ما يتوقع بكل تأكيد أن ينجم عن استحداث فرص عمل جديدة عندما يبدأ وضع الأسس، ثم تنفيذ المشاريع الأخرى التي كنا قد قدمناها وضمناها في وثائق هذا المؤتمر، والبالغ قيمتها حوالي ملياري دولار، هي بداية مهمة جدا من حيث توفير فرص العمل".
وحول توصيات مؤتمر الاستثمار الفلسطيني -ملتقى الشمال، قال نصر الله: "تمخض عن ملتقى الشمال طرح العديد من المشاريع مثل مشروع صندوق الإنعاش الاقتصادي برأس مال 50 مليون دولار، ومشروع إنشاء منطقة صناعية حرفية بمدينة نابلس بقيمة 25 مليون دولار، ومشروع توليد الطاقة الكهربائية في شمال الضفة برأس مال 300 مليون دولار، ومشروع إنشاء صوامع الحبوب برأس مال 18 مليون دولار، ومشروع إنشاء مصنع الحديد برأس مال 100 مليون دولار، ومشروع معالجة النفايات الصلبة في محافظة نابلس بقيمة مليون ومئتي ألف دولار".
والنتائج اين هي؟
وحول نتائج المؤتمرات الاقتصادية التي عقدت خلال العام 2008، قال الخبير الاقتصادي د.نافذ ابو بكر ان هذه المؤتمرات لا تتعدى كونها تظاهرات اقتصادية ليس الا، وذلك قد يكون اما للظروف او التوقيتات المختلفة، واما المستفيد من هذه المؤتمرات فهم فئة محددة من المجتمع، وهم الاقتصاديين ورجال الاعمال الكبار، فيما علق أبو لبدة بقوله: "هذه قراءة خاطئة لهذه المؤتمرات، وهذه مؤتمرات لم يكن فيها وعود، هي كانت فرص قامت السلطة الوطنية بتمويل عقدها من اجل إيجاد منبر ومسرح للمستثمر الفلسطيني ليطرح ما لديه، ومسرح للمستثمر الخارجي ليتوافق ويتلاقى مع المستثمر الفلسطيني، وربما يعقدوا صفقات لتنفيذ مشاريع مشتركة ولذلك لم يقصد بهذا المؤتمر مطلقا تخفيف البطالة أو الفقر في فلسطين".
وحول المشاريع التي كانت ضمن توصيات مؤتمر ملتقى الشمال، قال نصر الله على هامش التحقيق: "هذه المشاريع التي تم الإعلان عنها في المؤتمر لم تر النور خلال الفترة الماضية، رغم أننا عقدنا عدة اجتماعات مع اللجنة التحضيرية لتقييم المؤتمر ونتائجه، وتوصلنا إلى عدة أمور لمعالجة بعض الثغرات التي واكبت مسيرة المؤتمر، ولكن تبقى اللجنة التحضيرية هي صاحبة المسؤولية المباشرة عن متابعة تنفيذ تلك المشاريع، وقد عملنا على تشكيل لجنة متابعة من محافظات الشمال الست، بالإضافة إلى هيئة تشجيع الاستثمار واللجنة التحضيرية، وعقدنا عدة اجتماعات بهدف متابعة توصيات المؤتمر ووضعها موضع التنفيذ، وما زالت الجهود متواصلة"، واعتبر نصر الله ان الوقت مبكر لإصدار حكم نهائي في نتائج المؤتمر، رغم أن المواطن الفلسطيني قد نسي أصلا انه كان هناك مؤتمر استثماري سواء لعموم فلسطين أم لمنطقة الشمال، فهو لم يلمس أي نتيجة على ارض الواقع، وكما قال جعفر هديب - مدير عام هيئة تشجيع الاستثمار- أن مثل هذه المؤتمرات لم تحقق النتائج المتوقعة، مشيرا إلى تجربة مؤتمر فلسطين للاستثمار الذي عقد في مدينة بيت لحم، والذي ما زالت توصياته حبرا على ورق.
فيما رأت رانية قطينة- مديرة البرامج في شبكة المنظمات الاهلية - أن هذه المؤتمرات لم تحرك ساكنا بقولها: "الأرقام تتحدث عن نفسها، حيث أن نسبة الفقر والبطالة في ازدياد، والمساعدات التي تأتي من الخارج لا تستثمر في إطار خطة متفق عليها لوضع الأسس لبناء اقتصاد مستقل، وإنما تذهب في إطار ما يسمى بالاقتصاد الاستهلاكي".
وبشر البرغوثي بنتائج وآثار ايجابية بقوله: "خلال العام والعام التالي سيكون هناك نتائج وآثار ايجابية، أما قرار استثمار من الخارج فلحد الآن لا يوجد قرار، "لان المستثمر العربي لما يصحا من النوم ما بكون هدفه الاستثمار في فلسطين"، وأضاف: "بنك فلسطين حصل على كل المشاريع الاستثمارية التي قدمت للمؤتمر بهدف اختيار المشاريع التي يمكن تمويلها، وبهذا ستتحول التوصيات إلى نتائج، فقد قدم للمؤتمر 45 مشروع، وهي بحاجة للتمويل، وإذا اهتمت جهات التمويل سيتحقق نجاح"، كما قال: " بدأت لقاءات عمل من الداخل والخارج، وبعضها لا يتم الإفصاح عنها، والنتائج ايجابية بشكل عام، فأكثر من مشروع تم الحديث عنه، وبالتالي تكون المفاوضات والحوار، ومع الفترة سيظهر نتائج".
هل كان هناك تطبيع في المؤتمرات؟!
وكان قد تم توجيه اتهامات من قبل بعض مؤسسات المجتمع المدني لمؤتمر بيت لحم بأنه كان مؤتمراً تطبيعياً، بسبب مشاركة بعض رجال الأعمال الإسرائيليين فيه، وبهذا الخصوص قال نصر الله: "اعتقد أن هناك مبالغة في هكذا اتهامات، لأنها طالت بعض الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر، إن هذه الاتهامات كانت تهدف الإساءة لمنظمي المؤتمر، والحكم على نتائجه قبل أن تصدر، مما يستوجب توخي الدقة والحذر قبل توجيهها، فالإساءة تطال الجميع، والضرر يعم الجميع".
وبهذا الخصوص قال أبو لبدة: "هذا رأي يتسم بالسذاجة، لان هذه المؤتمرات لم تكن فلسطينية إسرائيلية وإنما فلسطينية عربية دولية، فأين التطبيع، مؤتمر نابلس لم يحضره أي إسرائيلي، مؤتمر بيت لحم حضره اقل من 28 مشارك إسرائيلي".
وأضاف: "عن أي تطبيع نحن نتحدث، نحن موجودون تحت احتلال إسرائيلي نأكل ونشرب من بضاعة إسرائيلية، وتغزوا المنتجات الإسرائيلية أسواقنا، لذلك لسنا بحاجة إلى مؤتمرات في فلسطين ليتم التطبيع مع إسرائيل. والتطبيع يتم في كل المنابر الأخرى، وآخر منبر يتم الحديث عنه بالتطبيع هو فلسطين، لان المؤتمرات التي عقدت جميعها تمت لأغراض تعزيز العمق العربي الفلسطيني".
فيما علق البرغوثي قائلا: "لما يزور الواحد أخوه السجين ما بكون تطبيع، لم يكن هناك أعداد إسرائيلية، لما العرب زاروا هون لم يختم على جوازات سفرهم، هم دخلوا ورجعوا بدون تعامل مع الإسرائيليين، وهذا كان شرطنا، وهو عدم ختم جوازاتهم، ولم يدخلوا أي مكتب إسرائيلي، ولم يكن هناك مقابلة أو غيره، ولم يكن هناك رجال أعمال إسرائيليون، فإسرائيل لا تسعى للاستثمار، وبالمناسبة هم عليهم مسؤولية تجاه الشعب الذي يحتلونه، حيث يجب عليهم دفع فاتورة احتلالهم".
فيما قالت قطينة انه لا يوجد حدود فاصلة بين ما هو تطبيع وما هو غير ذلك، حيث أن القطاع الخاص الفلسطيني لا مجال أمامه سوى التعامل مع الاقتصاد الإسرائيلي في ظل ظروف سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على جميع مناحي الحياة، وهذا يشمل المسار الاقتصادي، والمشكلة بالأساس هي استمرار الاحتلال وهذا بالتأكيد يتطلب إرادة سياسية فلسطينية، عربية ودولية.
التكاليف ليست سرية... والعجز المتوقع قد يصل إلى 620 ألف دولار
وحول تكاليف عقد مؤتمر الاستثمار الفلسطيني – ملتقى الشمال- قال نصر الله: "تكاليف عقد المؤتمر ليست سرية، ولقد أعلنت اللجنة التحضيرية في تقريرها النهائي حجم التدفق النقدي للمؤتمر، الإيرادات والعجز، حيث قدّرت اللجنة مجموع النقد المتوقع استلامه من الجهات المتبرعة ما قيمته 471 ألف دولار، بينما قدرّت النفقات والمصاريف بمليون واثنين وتسعين ألف دولار، أي أن العجز المتوقع قد يصل إلى ستمائة وعشرين ألف دولار. أما حول الجهة الممولة للمؤتمر فقد كان هناك رعاة ومساهمون، من شركات وطنية، وبنوك، إضافة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية التي يقع على عاتقها توفير القسم التكميلي لميزانية المؤتمر والذي يزيد عن ال 50%".
فيما قال أبو لبدة: "مؤتمر بيت لحم اشمل، والمفروض أن يتم التحدث عن التكلفة الإجمالية لعقد كل المؤتمرات، مؤتمر بيت لحم الأول واللقاء التشاوري مع المستثمرين البريطانيين ومؤتمر واشنطن ونابلس ولندن، هذه خمس لقاءات إجمالي تكلفتها 4 مليون ونصف دولار خلال 2008، أكثر من 2.7 مليون دولار تبرعات من القطاع الخاص الفلسطيني الذي نشكره من أعماقنا والذي يعتقد انه قام بدوره بشكل تام إدراكا منه لأهميتها لدعم الاقتصاد الفلسطيني، والبقية من خزينة السلطة".
وقال البرغوثي أن تكاليف عقد المؤتمرات يعتمد على حجم وطبيعة هذه المؤتمرات، "تكاليف تشغيلها على حسابنا، وإذا بدنا نجيب رجال أعمال وبدنا نتكلف بكل اشي سيكون تكاليف عالية بملايين الدولارات، إذا إحنا اشتغلنا على الحد الأدنى من التكاليف، فجزء من التكلفة علينا وهي قدرتنا، والطيران والفنادق عليهم، وهذا يعطي المؤتمر جدية، وإذا قلنا للمستثمر مجرد تعال وأنا بدفع عنك بعتبروه فسحة. والجانب الثاني؛ مشاركة القطاع الخاص والعام، صعب تحميل موازنة السلطة كل التكلفة، وصعب تحميل التكلفة كاملة للقطاع الخاص، ورشة عمل 10 آلاف أو 100 ألف مش تكلفة لحدا بدو يستثمر بالمليارات، بس إذا العائد صفر والصرف مليون فهذا خطأ، إشارة لوجود مشكلة في التخطيط والتحضير الجيد وإحضار ناس جديين، وهذا يبرر التكلفة، فهذا يعتمد على ماذا نريد من المؤتمر، تحقيق تنمية أم التقاط صور تاريخية وتذكارية".
المؤتمر لا ينتهي بآخر صورة تم التقاطها...
كل منهم اطلق حكمه على المؤتمرات الاقتصادية التي عقدت، فمنهم من اعرب عن رضاه وفخره بها، ومنهم من قلل من اهميتها وشكك في جدواها، ومن وجهة نظر أبو لبدة فان مؤتمر الاستثمار الفلسطيني حقق نتائج اكثر مما هو متوقع، وقال: "أنا راض عن النتائج إذا نظر إليها بناء على سياقها التاريخي، ولكن لن أكون راض عن النتائج إذا لم تتبع بجهد حثيث للاستمرار بدعوة المستثمرين والتعريف بالفرص واستثمار البحث عن مشاريع وتسليط الأضواء عليها، والمؤتمرات القادمة لتتويج المباحثات بين المستثمرين في المشاريع، وقد تم إحالة الملف لهيئة تشجيع الاستثمار، وسيعقد مؤتمر في شهر تموز، وأنا اعلم ان الهيئة تعمل على عقد المؤتمر الفلسطيني الثاني في بيت لحم ربما في الجزء الأخير من هذا العام".
وأضاف: "كان هناك فرصة لحوالي 500 مستثمر فلسطيني للتعرف على آلية عقد المؤتمرات الجديدة وطرح الأفكار والفرص، وقد كان هناك فرص لهؤلاء للتعرف على 500 مستثمر حضروا من الخارج، وفرصة لحوالي 630 مستثمر عربي للتعرف على فلسطين، لذلك المؤتمر حقق أكثر من نتائجه".
بالنسبة إلي لم تكن رحلة كأي رحلة، فقد التقيت بأناس لم يأتوا لفلسطين، والزيارة عادة تترك ذكريات والذكريات قد تتحول لمشاريع، وهناك لدينا قائمة بأكثر من 2500 مستثمر حضروا للبلد، وهناك تواصل بين معظمهم وبين الفلسطينيين هون والمشاريع والشراكات تتمخض عن علاقات إنسانية، ولم يكن متوقعا أن يأتي أناس من الخارج حاملين شوالات من المصاري، الناس بتحب تستكشف ثم تقوم بالدراسات وتعرضها على مجالس إدارتها ثم يأخذ القرار وببلشو، ما بين الفكرة وتنفيذها على الأرض تستغرق سنوات، ولا يوجد لدي أي شعور بالإخفاق".
اما نصر الله فكان له حكم مختلف، حيث قال: "خرج المؤتمر بالعديد من التوصيات على مستويات مختلفة، منها ما يتعلق بالمناخ الاستثماري وكيفية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص واستكمال رزمة القوانين والتشريعات اللازمة لرفع جاذبية مناخ الاستثمار في فلسطين، وتم طرح العديد من المشاريع الهامة للمنطقة في نهاية المؤتمر، ولكن لم يكن هذا وحده هو الذي يريده رجال الاقتصاد والمواطنون من المؤتمر، فقد كانوا يرون في انعقاد المؤتمر بداية مرحلة جديدة لاستنهاض واقعهم الاقتصادي المدمر بفعل سياسة الاحتلال وهجرة رأس المال إلى الخارج، أو إلى محافظات الوسط، لقد عقدت أمال كبيرة على المؤتمر، ولكن النتائج لم تكن على قدر هذه الآمال".
فيما قالت قطينة: "آمل أن يكون هناك دروس مستفادة من المؤتمرات التي عقدت، وان لا يبقى عقد هذه المؤتمرات حكرا على قطاع محدد، إنما مشاركة كافة أطراف المجتمع الفلسطيني للارتقاء بخطة وطنية تعكس تطلعات الشعب الفلسطيني وتدعم برامجه في التحرر ودحر الاحتلال من جهة. ومن جهة أخرى توفر الكرامة والأمان والدعم للمواطن الفلسطيني"
وقال البرغوثي: "عملت في مؤتمر نابلس وكنت نائب المنسق العام، واعتقد أن الثلاث مراحل مهمات في أي مؤتمر، التخطيط والتنفيذ والمتابعة للنتائج، أي حلقة تفقد أو تضعف تؤدي إلى ضعف المؤتمر، التخطيط هو الأساس الذي سيبنى عليه كل شيء، ودراسة الزمان والمكان والمشاركين، وترتيبات الدخول والخروج وتحضيرات لجان الإشراف والاختصاص، وتهيئة كل ما يمكن لإنجاح المؤتمر، وإذا كانت المقدمة سليمة ومتماسكة نضمن أن يكون الشغل تمام، هناك حكمة أنا مقتنع بها، البدايات الخاطئة غالبا تقود لنهاية خاطئة، والبداية السليمة تقود لنهاية سليمة".
وأضاف: "إن المؤتمر لا ينتهي بآخر صورة تم التقاطها، فهو بحاجة لمتابعة التوصيات والنتائج، ويجب أن يكون جزء من التوصيات قابل للتطبيق، والا سيتحول إلى مؤتمر إعلامي وفرصة لالتقاط الصور".
ما المطلوب وممن؟؟
كما طالب البرغوثي الجهات ذات الاختصاص داخل السلطة والقطاع الخاص، أن يعملوا على تحويل الزيارة المؤقتة للمستثمرين إلى إقامة دائمة داخل الاقتصاد الفلسطيني، وهذا يتطلب رزمة من الحوافز والإجراءات والتسهيلات التي من شأنها ضمان إقامتهم.
وقال أيضا: "والمطلوب وحدة داخل هيئة تشجيع الاستثمار كوحدة متابعة متخصصة يكون مسؤوليتها متابعة متخصصة ومسؤولة للتوصيات، فلا يمكن أن تكون مؤتمراتنا بدون أب. وإذا وجدت هذه الوحدة تكون مهمتها رسمية ومكلفة بالمتابعة، في مؤتمر نابلس تم تطوير لجنة لمتابعة المؤتمر، وهي لجنة الاستثمار لمنطقة الشمال، وقد أقامت اجتماعات ولقاءات للترويج للنتائج التي تمخضت عن المؤتمر".
اما قطينة فقالت: "نرى كشبكة منظمات أهلية أن تفعيل الاقتصاد لا يتطلب عقد المؤتمرات، بل يحتاج برامج وخطط، عملية وآليات تنفبذ واضحة لفك اعتماد الاقتصاد الفلسطيني على الاقتصاد الإسرائيلي. فاقتصادنا مشوه ويحتاج منا العمل على الحد من تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي، خاصة أن قضية الاقتصاد الفلسطيني هي قضية شعب تحت احتلال وقضية تحرر اقتصادي يتطلب تحرر سياسي من الاحتلال".
وقد رأى ابو بكر ان هذه المؤتمرات لن تحقق الاهداف المرجوة منها بسبب العقبات المتمثلة بالاحتلال وغياب الافق السياسي لحل القضية الفلسطينية، وغياب الاستقرار