رئيس التحرير: طلعت علوي

افتحوا لنا مجالا لنقول: شكرا لحسن استقبالكم ساعة ونصف بباب الممثلية الالمانية في رام الله

الجمعة | 03/06/2005 - 10:00 مساءاً

ساعة ونصف بباب الممثلية الالمانية في رام الله


كان بودي في نهاية زيارتي ان اقول لكم: "شكرا على حسن الضيافة"، الا انني الساعة والنصف التي وقفت بها بباب سفارتكم وبيدي رقم 31، وتحت عين الشمس ودون ان اجد مقعدا اجلس عليه، جعلني اتراجع واستبدل تلك الكلمات باصداء نبرات الغضب والضيق التي تمتم بها وجداني، والتي خرجت من افواه المراجعين فاخترقت جوارحي قبل اذني، ومعظمهم من كبار السن والنساء... يقفون خلف قضبان بابكم، وتمتد يد رجل الامن لتقدم لهم رقما من الارقام المتسلسة، تذكرني تلك الالية باللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يصطفوا امام جمعيات اغاثة الانسان ليحصلوا على طعامهم. 


لم اجد مقعدا لأجلس عليه طوال تلك المدة، وفي حرقة الشمس، والاسوأ انني شعرت بألم وذل لاجل تلك المرأة الكبيرة في السن التي اتكأت على الحائط بانتظار دورها، بينما اتكأت على الزيتونة الفلسطينية التي كانت اشد عطفا من بني الانسان حولها، الشعور بالاهانة لم يفارق جبيني وخاصة حين تقع عيناي على من يجلسون على الرصيف من كبار السن وهم من مؤسسات محترمة، وليسوا متسولين.
اننا لسنا في مخيم لاجئين، اننا بباب الممثلية الالمانية، التي تمثل دولة تعد من الدول الكبرى في العالم، والتي تنادي كغيرها بتطبيق حقوق الانسان وحفظ كرامته، فهلا احترمتم كرامتنا وانتم هنا في بلدنا وعلى ارضنا قبل ان نتوجه لبلدكم ولأرضكم!!!، لا اعتقد ان ميزانيتكم لا تتسع لغرفة او حتى مقاعد مسقوفة يجلس بها المراجعين.


"الرقم 31، جاء دورك، الهوية من فضلك، واقفلي الجهاز الخليوي، وافتحي حقيبتك، ضعي العطور في الدرج هنا، ثم مري من خلال هذا الباب للتفتيش"، لست احتج على أي من ذلك، فمن حقكم الحفاظ على أمنكم بالطريقة التي ترونها مناسبة، لن أسألكم لماذا اضع العطر في الدرج، ولماذا اقفل جهازي الخلوي، ولماذا ولماذا؟ تلك اجراءاتكم الامنية، وأنا وغيري من هؤلاء المراجعين نحترمها، لكن ماذا يعني ان اعتقد ان الفرج جاء، ثم انتظر واقفة بباب شباك مكتبكم في الداخل وبعد اجتياز البوابات الخارجية لاحصل على تأشيرة السفر، وما ان يذهب مراجع حتى اسرع لاجلس مكانه فألتقط انفاسي، ثم اعاود النهوض ليجلس ذلك المسن مكاني، وأنا انتظر حتى يأتي دوري وأنال شرف الوقوف بشباكم، لأحصل على التأشيرة التي سأزور بها بلدكم؟!!!


اغتيال ساعات عمرنا بالانتظار على الحواجز بات أمرا روتينيا، فاسرائيل عدونا ولم نتمكن نحن ولا المجتمع الدولي برمته ان يزيل تلك الحواجز لنتحرك على ارضنا وبين مدننا وقرانا كأي انسان يعيش في بلده، ويتنقل للدراسة او العمل وحتى السياحة، ذلك واقع لم يقو العالم على تغييره، لكن ان تغتال ساعات عمرنا ونحن نقف بباب مكتبكم وفي تلك الظروف الغير لائقة بالانسان الذي تنادون لحفظ واحترام انسانيته وحقوقه هو امر مرفوض، وأظن انه يمكنكم ان تغيروه، لا اعتقد انكم مررتم بهذه الظروف حين زيارتكم لمؤسساتنا الفلسطينية في الداخل، او سفارتنا في الخارج. الفلسطينيون يحترمون انفسهم ويحترمون ضيوفهم، هذه هي ثقافتنا التي لا بد وانكم لاحظتموها اثناء وجودكم بيننا. ولا اعتقد ان موظف قسم الفيزا الذي يستقبل الجمهور، هو الشخصية المناسبة لذلك، فلم يقدم ذلك الموظف الا المزيد من سوء المعاملة للجمهور، وهو وان كان موظف (فلسطيني) الا انه وبمكان عمله يمثل دولة عريقة، لكنه يسيء لتلك الدولة كما يسئ لابناء فلسطين الصابرين.
لست اطلق قذائف اتهام أو تشويه عن الممثلية الالمانية في رام الله، بل اقول كغيري من ابناء شعبي، اهلا وسهلا بكم، ان لم تتسع ارضنا لكم فستحملكم اعيننا، فهلا بادلتمونا المعاملة بالمثل، وأوجدتم حلا لمعاناتنا بباب سفارتكم؟!!!

 

حسناء الرنتيسي. 

التعليـــقات