رئيس التحرير: طلعت علوي

كيف يمكن تطعيم كل الدول؟ «1من 2»

الإثنين | 24/05/2021 - 12:41 مساءاً
كيف يمكن تطعيم كل الدول؟ «1من 2»


ديفيد مالباس


لن تنتهي جائحة مرض فيروس كورونا كوفيد - 19، حقا قبل أن يتمكن الجميع من الحصول على اللقاحات، بما في ذلك الناس في أفقر الدول. يقدم تطعيم السكان في مختلف أنحاء العالم أفضل أمل لوقف انتشار العدوى، وإنقاذ الأرواح، وحماية سبل العيش. لا يستطيع الناس تحقيق كامل إمكاناتهم ما لم يتمكنوا من العودة إلى الدراسة، والعمل، والسفر، والتواصل الاجتماعي وهم يعلمون علم اليقين أنهم آمنون من كوفيد - 19.
وعلى هذا فإن توزيع اللقاحات على نطاق أوسع يعـد ضرورة ملحة. تسببت الجائحة في توسيع فجوات التفاوت بضرب الأكثر فقرا وضعفا بأكبر قدر من الشدة والقسوة. في الدول النامية، دفـع الأطفال والنساء والفقراء والعاملون في القطاع غير الرسمي ثمنا باهظا للغاية بعد أن سلبتهم جائحة كوفيد - 19 سبل معايشهم، وأغلقت الفصول المدرسية، ومنعت الإنفاق الاجتماعي العاجل.


من الواضح أن التأخير في بدء عمليات طرح اللقاحات في الدول النامية يعمل على تعميق التفاوت العالمي ويترك مئات الملايين من المسنين والمستضعفين عرضة للخطر. وما زلت أحث الدول التي تحتفظ بإمدادات كافية من اللقاحات لتطعيم مواطنيها الأكثر ضعفا على الإفراج عن الجرعات الإضافية في أقرب وقت ممكن لمصلحة الدول التي تدير برامج تسليم اللقاح.
تجاوزت بعض الدول بوضوح مرحلة تطعيم مواطنيها الأكثر عـرضة للخطر. لكن عديدا من الدول الأخرى لم تتلق أي جرعات حتى الآن، ناهيك عن تطعيم المستضعفين فعليا على نطاق واسع. الواقع أن عديدا من الدول الأكثر فقرا تتمتع بقدرات تطعيم محدودة، وسيستغرق تحصين نسبة كبيرة من الفئات الأكثر عـرضة للخطر بين سكانها عدة أشهر.


هذا النهج الذي يفتقر إلى أي منطق ـ استخدام إمدادات محدودة من اللقاحات لحماية السكان الأقل عـرضة للخطر في حفنة من الدول في حين تنتظر الاقتصادات المنخفضة والمتوسطة الدخل وصول الجرعات إلى أجل غير مسمى ـ غير مفهوم على الإطلاق. بسبب هذا النهج، سيخسر العالم مزيدا من الأرواح، وسيكون النمو الاقتصادي العالمي أكثر تفاوتا، حتى الدول حيث معدلات التطعيم مرتفعة ستكون أكثر عـرضة لخطر الإصابة بأشكال متحورة من فيروس كورونا المستجد مقارنة بحالها لو حظيت الدول النامية بقدرة أكبر على الوصول إلى اللقاحات. وكلما طالت المدة اللازمة لإنجاز تطعيم المستضعفين على نطاق واسع، تعاظم تهديد الفقر المدقع في 2021 و2022، وهذا كفيل بدوره بإحداث أزمات صحية واجتماعية في المستقبل.


إن إدارة حملة تطعيم واسعة النطاق مهمة ضخمة في أي دولة، لكن الجزء اللوجستي يشكل تحديا خاصا للدول ذات الموارد المحدودة والأنظمة الصحية الهشة. وتـعـد كارثة كوفيد - 19 الجارية في الهند وارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بشكل كبير في أمريكا اللاتينية تـذكـرة كئيبة بأن الجائحة لا تزال قاسية بالقدر ذاته الذي كانت عليه في أي وقت مضى بالنسبة إلى عديد من فقراء العالم.


يجب أن تستند جهود التلقيح العالمية الناجحة إلى ثلاث ركائز. أولا، يجب على الدول التي تحتفظ بإمدادات كافية من اللقاحات أن تعمل على الفور على الإفراج عن الجرعات لمصلحة الفئات المستضعفة في مختلف أنحاء العالم. وقد يعني هذا دراسة الخيارات وتوجيه اللقاحات إلى دول أخرى، أو التوضيح للشركات المصنعة للقاحات أنها يمكنها إرسال الإمدادات بسرعة دون أن تتعرض لمخاطر قانونية. أو قد تشتمل على الوفاء بتعهدات التمويل فعليا لمرفق الوصول العالمي إلى اللقاح COVAX الذي أنشأه المجتمع الدولي لتخصيص الجرعات بالقسط للدول الأكثر فقرا... يتبع.


"الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

التعليـــقات