رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الإسرائيلية 27-28 نوفمبر 2020

السبت | 28/11/2020 - 09:43 صباحاً
أضواء على الصحافة الإسرائيلية 27-28 نوفمبر 2020


في التقرير:
الإفراج عن الأسير الفلسطيني ماهر الأخرس الذي أضرب عن الطعام طوال 103 أيام
ليبرمان في الكنيست: حماس تطور صواريخ كروز وقنابل عنقودية وطائرات مسيرة بمحركات نفاثة
تقرير: ولي العهد السعودي ينسحب من الاتفاق مع إسرائيل بسبب نتائج الانتخابات الأمريكية
عملية "صوان إسرائيل": 2000 مهاجر أثيوبي في طريقهم إلى إسرائيل
مقالات
مواطَنة كاملة
الأموال، دعم الأسرى، وإعادة المطلوبين للعدالة: هكذا يعود التنسيق الأمني
القائمة المرتبكة
"غفعات هماتوس" تربط النقاط على طريق التحطم
تسريب الزيارة إلى السعودية ليس خطيرًا، لكن الثرثرة الإسرائيلية تسبب الضرر في أماكن أخرى
--
الإفراج عن الأسير الفلسطيني ماهر الأخرس الذي أضرب عن الطعام طوال 103 أيام
"هآرتس"
أفرجت إسرائيل، أمس الخميس، عن الأسير الفلسطيني ماهر الأخرس (49 عاماً)، من مستشفى كابلان. وكان الأخرس قد أوقف الإضراب عن الطعام، في بداية الشهر، بادعاء ان إسرائيل وعدته بعدم تمديد اعتقاله الإداري. لكن إسرائيل لم تصادق رسميا على أنها لن تمدد اعتقاله. وكان الخرس قد اضرب عن الطعام احتجاجاً على اعتقاله الإداري، لمدة 103 أيام.
وقد اعتقل الأخرس، وهو من قرية سيلة الظهر بالقرب من نابلس، في تموز الماضي، بادعاء نشاطه في حركة الجهاد الإسلامي. لكنه أنكر ما نسب إليه في التحقيقات وبدأ في الإضراب عن الطعام. وفي 7 أغسطس، صدر بحقه أمر اعتقال إداري لمدة أربعة أشهر. وجاء في امر الاعتقال أنه وفقا لمعلومات استخبارات سرية، فإن الأخرس "ناشط بارز في الجهاد الإسلامي ومنخرط في أنشطة تنظيمية تهدد أمن المنطقة ويحرض على التطرف". وفي الشهر الماضي، جمدت المحكمة العليا اعتقاله بسبب حالته الصحية، ومنذ ذلك الحين قدم المعتقل التماسين إلى المحكمة العليا مطالبا بالإفراج عنه بعد استكمال علاجه بالمستشفى – لكن المحكمة رفضت كلاهما.
وفي الشهر الماضي، قررت المحكمة العليا تعليق الاعتقال الإداري للأخرس، وحكم القضاة بأنه في حالة الإفراج عنه من المستشفى، سيتم النظر في استمرار احتجازه. وقال الأخرس، الشهر الماضي "أشعر بألم مبرح وفقدت الوعي لمدة ثلاث ساعات تقريبًا. أشعر بضعف شديد وألم في الجسد كله".
ليبرمان في الكنيست: حماس تطور صواريخ كروز وقنابل عنقودية وطائرات مسيرة بمحركات نفاثة
"هآرتس"
قال وزير الأمن الأسبق، افيغدور ليبرمان (إسرائيل بيتنا)، في سياق كلمة ألقاها في الكنيست، يوم الأربعاء، أن "حماس تطور صواريخ كروز وقنابل عنقودية وطائرات بدون طيار مسيّرة بمحرك نفاث." وتظهر أقواله في المحضر الرسمي للجلسة على موقع الكنيست، ويمكن أيضاً العثور على توثيق مصور للجلسة.
وقال ليبرمان للوزير في وزارة الأمن، ميخائيل بيتون "أزرق أبيض": "هل تعلم ماذا يعني هذا بالنسبة إلى السكان إذا حدثت مواجهة؟ هل تعرف الثمن الذي سندفعه؟ لماذا يخفي رئيس الحكومة ذلك؟ لو كنت مكانك لقمت باستدعاء كل رؤساء مستوطنات غلاف غزة للقاء وزير الأمن كي يشرح لهم ما الذي ينوي فعله أمام صواريخ الكروز والقنابل العنقودية."
وأضاف ليبرمان: "كيف ينوي التعامل مع هذا؟ انهم يعرفون كيف يمكن التهرب من مواجهة الحقائق وكذلك يمكن تفعيل الرقابة وتسريب كل الأمور التي يحتاجها في ألاعيبه الداخلية. هذا عدم مسؤولية ولا يمكن تحمله. وأعود وأكرر: سيادة الوزير، في قطاع غزة يتم الآن إنتاج صاروخين على الأقل يومياً، بعضها يصل حتى الخضيرة."
تقرير: ولي العهد السعودي ينسحب من الاتفاق مع إسرائيل بسبب نتائج الانتخابات الأمريكية
"هآرتس"
أفادت صحيفة وول ستريت جورنال، (الجمعة)، نقلا عن مصادر رسمية في السعودية والولايات المتحدة، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي التقى برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد يوسي كوهين في وقت سابق من هذا الأسبوع، تراجع عن قرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل بسبب نتيجة الانتخابات الأمريكية.
وأوضح مستشارون سعوديون أن ولي العهد، المصمم على إقامة علاقات مع حكومة الرئيس المنتخب جو بايدن، تحفظ من التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل الآن، في وقت يمكنه استخدام ذلك لاحقًا كوسيلة للتقارب مع الزعيم الأمريكي الجديد. وبحسب المستشارين، فإن توقيع مثل هذه الصفقة برعاية بايدن، الذي سبق أن عبر عن موقف صارم من قضية حقوق الإنسان في السعودية، يمكن أن يساعد في الربط بين الإدارة الأمريكية والرياض. وأضاف مسؤول أمريكي أن "السعودية تحاول إيجاد أفضل السبل لإصلاح صورتها في واشنطن وإقامة علاقات جيدة مع بايدن والكونجرس الأمريكي".
ومع ذلك، قال المسؤولون الأمريكيون إن فرص التوصل إلى اتفاق بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل قبل مغادرة ترامب للبيت الأبيض، في يناير، ضئيلة – لكنها ليست مستحيلة تمامًا. ومع ذلك، وفقًا لمستشارين رسميين في السعودية، فإن الحكومة مهتمة الآن بتجنب المناقشات حول الاقتراب من إسرائيل، وهي قضية حساسة تثير الجدل والغضب في العالم العربي.
ووفقًا لمسؤولين سعوديين، أيضًا، واجه بن سلمان اعتبارات إضافية في قراره التراجع عن الاتفاق. فهناك اختلاف في الرأي بين ولي العهد ووالده الملك سلمان، البالغ من العمر 84 عامًا، بشأن القضية الفلسطينية. وقبل حوالي شهرين، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أنه بينما يدعم ولي العهد التوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل ويريد التعاون التجاري معها، فإن والده يؤيد المقاطعة العربية لها وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. ولهذا السبب، نشر في ذلك الوقت، أن ولي العهد خشي من أن والده سيعرقل اتفاقًا مع إسرائيل لا يسرع إقامة دولة فلسطينية. وقال مستشارو العاهل السعودي إنه كان على علم بمحادثات نجله مع إسرائيل، لكن حالته الصحية السيئة منعته من الفهم الكامل لجوهر المناقشات.
يذكر أنه تم النشر، في وقت سابق من هذا الأسبوع، وفقًا لمصادر إسرائيلية، أن نتنياهو وكوهين اجتمعا مع بن سلمان ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مدينة نيوم السعودية. ولم يرد مكتب رئيس الوزراء على القضية، كما رفضت الولايات المتحدة التعليق، ونفت السعودية عقد الاجتماع.
ورغم تأكيد مسؤولين سعوديين كبار حقيقة عقد الاجتماع، فقد نفى وزير الخارجية فيصل بن فرحان ذلك صراحة. وقال بن فرحان في تغريدة على تويتر "لاحظت ان بعض وسائل الإعلام تناقلت خبر مفاده ان سمو ولي العهد التقى بمسؤولين إسرائيليين ضمنهم رئيس الوزراء خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة إلى المملكة. الخبر عار عن الصحة تماما ولم يحدث اللقاء المزعوم. الشخصيات الوحيدة التي شاركت في اللقاء كانت أمريكية وسعودية"
وكان بن فرحان قد صرح، الأسبوع الماضي، أن المملكة العربية السعودية تدعم منذ فترة طويلة التطبيع مع دولة إسرائيل. لكنه قال إنه يجب أولا حل القضية الفلسطينية. وقال وزير الخارجية إن "الأولوية القصوى هي التوصل إلى اتفاق سلام كامل ودائم يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية بشكل محترم". وادعى بن فرحان أنه واثق من أن "الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس المنتخب جو بايدن، ستحضر معها سياسات من شأنها أن تساعد في استقرار المنطقة"، وقال إنه يتوقع تعاونًا مثمرًا مع الرئيس الجديد.
عملية "صوان إسرائيل": 2000 مهاجر أثيوبي في طريقهم إلى إسرائيل
"يسرائيل هيوم"
تتوجه وزيرة الهجرة والاستيعاب، بنينا تمنو شطا، إلى إثيوبيا، مساء السبت، 28 نوفمبر، مع وفد من الوكالة اليهودية، وتعود إلى إسرائيل، الخميس المقبل، على متن رحلة خاصة للوكالة اليهودية مع حوالي 500 مهاجر جديد من إثيوبيا.
يأتي ذلك ضمن عملية "صُوان إسرائيل"، التي ستكون نقطة البداية لهجرة 2000 يهودي من إثيوبيا إلى إسرائيل، في الأسابيع المقبلة. وسيتمكن المهاجرون من تحقيق حلمهم في الهجرة إلى إسرائيل ولم شملهم مع أقاربهم فيها.
وقال رئيس الوكالة اليهودية يتسحاق هرتسوغ: "هذه لحظة مؤثرة. على دولة إسرائيل أن تعمل على إحضار بقية المنتظرين (اليهود) وإنهاء القصة المؤلمة التي استمرت أجيالاً".
مقالات
مواطَنة كاملة
افتتاحية "هآرتس"
بالتزامن مع قرار ضم القدس الشرقية سنة 1967، اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً مشينًا: ضم الرض بشكل كامل، لكن من دون السكان الذين يعيشون عليها. وهكذا نشأ وضع الأبرتهايد الذي جعل 40% من سكان عاصمة دولة إسرائيل ليسوا مواطنين في الدولة. في حينه، كانت حجة متخذي هذا القرار هي أن الفلسطينيين أنفسهم لا يريدون جنسية إسرائيلية كاملة، وفي حال أرادوها فإنه يمكنهم الحصول عليها. لكن عندما يئس الفلسطينيون من العملية السياسية وأرادوا المواطنة، امتنعت إسرائيل عن منحها لهم. ووضعت سلطة السكان عراقيل كثيرة ومتنوعة أمام الذين تقدموا بطلبات الحصول على مواطنة إسرائيلية، وقامت عملياً بسد الطريق أمام منح المواطنة لأعداد غفيرة من الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس.
لقد تجاهلت سلطة السكان، من بين أمور أُخرى، وعلى مدار سنوات طويلة، بنداً في قانون المواطنة يتيح لكل ساكن في إسرائيل، يبلغ من العمر 18 إلى 21 عاماً وليست لديه مواطَنة أُخرى، أن يصبح مواطناً، في إجراء سريع، من دون إجراء اختبار في اللغة العبرية، ومن دون إعلان الولاء، أو انتظار رأي وزير الداخلية. وهذا الأسبوع، وفي إثر ضغوط من طرف المحكمة، نشرت وزارة الداخلية أخيراً الإجراء الذي يتيح إمكان الحصول على المواطَنة وفقاً لهذا البند. ويعني هذا أن نحو 20.000 فلسطيني في القدس يمكنهم الحصول على مواطَنة في إجراء سريع. ويمكن لـ 7000 فلسطيني إضافيين أن يفعلوا ذلك كل سنة.
منح المواطنة لسكان القدس الشرقية هو تحدّ بالنسبة لكل مَن يؤمن بحل الدولتين، لأنه في حال تحوُّل نسبة كبيرة من سكان المدينة الشرقية إلى مواطنين لن يكون بالإمكان بعد ذلك تقسيم المدينة أو الدولة بين الشعبين، وسيتحول هؤلاء، على الرغم من أنوفهم، إلى وكلاء لعملية الضم الزاحف. لكن بعد 54 عاما من الاحتلال، يجوز الاستئناف على التوقع من الفلسطينيين المولودين في ظل الاحتلال والمقيمين في إسرائيل، انتظار الحصول على حقوقهم حتى يأتي الحل المنشود. إن الشبان الفلسطينيين غير ملزَمين بدفع ثمن انتظار تحقُّق حل الدولتين. انهم يستحقون المساواة والحقوق الكاملة هنا، والآن.
في كل مرة يحصل فيها فلسطيني على مواطَنة، بكل ما يرتبط بها من حقوق سياسية وشخصية، يتقلص قليلاً الظلم الذي يعيشون جميعاً تحت وطأته. لذا يتعين على سلطة السكان أن تعمل من دون أي عراقيل لمنح مواطَنة إسرائيلية كاملة لكل فلسطيني من سكان القدس الشرقية يطلب الحصول عليها.
الأموال، دعم الأسرى، وإعادة المطلوبين للعدالة: هكذا يعود التنسيق الأمني
عاموس هرئيل/"هآرتس"
هذا الأسبوع حدث تقدم في الاتصالات تمهيدًا لعودة التنسيق الأمني والمدني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. بتوجيهات من وزير الأمن بيني غانتس، عقد، خلال أسبوع، لقاءان بين منسق الأنشطة في المناطق اللواء كميل أبو ركن، وقائد المنطقة الوسطى تمير يدعي، وبين رئيس الأجهزة الأمنية الفلسطينية. ومن المفترض أن تجري في الأسبوع المقبل لقاءات في شتى أنحاء الضفة الغربية بين قادة الوحدات من الجانبين. وقد طالب الجانب الإسرائيلي، وعلى ما يبدو حصل على تنسيق كامل من دون تحفظات من الجانب الفلسطيني.
في يوم الأحد المقبل من المتوقع أن يجتمع المجلس الوزاري الأمني المصغر للمصادقة على استئناف تحويل الأموال التي رفض الفلسطينيون الحصول عليها منذ انقطاع العلاقات في بداية السنة، خلال الأزمة التي نشأت بعد رفضهم "صفقة القرن" التي طرحتها إدارة ترامب.
كان من المفترض أن يصل المبلغ المتراكم للسلطة إلى 3 مليارات شيكل، لكن في النهاية سيُقتطع منه بضع مئات من الملايين بسبب المساعدة المالية التي يحولها الفلسطينيون إلى الأسرى الأمنيين المعتقلين في إسرائيل. مع ذلك، وافقت السلطة، كبادرة حسن نية إزاء إدارة الرئيس المنتخَب بايدن، على تغيير أسلوب الدعم المحوّل إلى الأسرى، والتوقف عن قياسه بخطورة الجرم الذي ارتكبه الأسير.
هذه الخطوة من المفترض أن تهدئ المواجهة مع إسرائيل بشأن أموال الأسرى. يشتكي الفلسطينيون من مشكلات لها علاقة بالحكم والاستقرار في الضفة، ويعربون عن تخوفهم من أن يتم تفريغ الإحباط الذي يشعر به الجيل الشاب جرّاء الوضع، بأعمال عنف ضد السلطة وضد إسرائيل.
في الخلفية هناك تفاقم وباء الكورونا في الضفة الغربية وفي غزة. في الضفة يوجد أكثر من 8500 مصاب مؤكد بالفيروس (تقريباً مثل العدد في إسرائيل) وفي القطاع نحو 7000. معدل المصابين الجدد اليومي في المنطقتين معاً يتجاوز الألف. وتقترب نسبة مسبب العدوى من 1.4 في الضفة وغزة مقارنة بـ1.07 في إسرائيل.
تنقل إسرائيل فحوصات كورونا ومواد أُخرى إلى الضفة، وتحاول تسريع نقل مساعدة طبية أيضاً إلى القطاع. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أعرب هذا الأسبوع عن قلقه من تسلل المرض من الضفة إلى العرب في إسرائيل، وأعطى أوامره بتشديد المراقبة على الحواجز، بعد منع دخول العرب في إسرائيل إلى مناطق السلطة.
في الأيام الأخيرة جرى نقاش حول مسألة العمال. هناك نحو 90 ألف عامل فلسطيني يذهبون للعمل يومياً في إسرائيل ضمن حدود الخط الأخضر، ويعتمد قطاع البناء والزراعة عليهم بصورة كبيرة. مجلس الأمن القومي أوصى بفرض إغلاق كامل، أو بدلاً من ذلك العودة إلى الترتيب الذي انتُهج في بداية الوباء – إعطاء أذونات دخول إلى إسرائيل لمدة 3 أسابيع، بشرط إجراء فحوصات الكورونا، ومنع العمال من التنقل بين إسرائيل والضفة خلال فترة عملهم. في الجيش الإسرائيلي، وفي مكتب منسق الأنشطة، يتحفظون من ذلك، خوفاً من عدم تطبيق الترتيب كما جرى في مارس الماضي.
الذين سينتقلون من الضفة إلى إسرائيل في الأيام المقبلة من دون الحاجة إلى فحوصات الكورونا هم قرابة 20 مطلوباً بتهم جنائية من العرب في إسرائيل الذين اعتُقلوا في أراضي السلطة في فترة وقف التنسيق بين الطرفين، وسيعودون إلى إسرائيل في إطار استئناف التنسيق.
القائمة المرتبكة
كارولاينا لاندسمان/ "هآرتس"
"أنا أريد (منصور) عباس وكل القائمة الإسلامية في الحزب"، قال رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة في الأمس (الخميس) لإذاعة الجيش الإسرائيلي. "نتنياهو نجح في تقسيم الجميع، الآن وصل دور القائمة المشتركة." عودة مُحق: بنيامين نتنياهو بطل في فرّق تسُد. يبدو أن هناك أشياء قليلة تعطيه متعة أكبر من دق إسفين بين الأفراد، والجماعات، والمنظمات، والأحزاب، وحتى بين الشعوب والدول.
لكن يمكن القول على قدر من المساواة، إن نتنياهو يتمتع بموهبة توحيد الجميع – ضده. مَن غيره كان يمكن أن يتسبب في توحيد ثلاثة رؤساء أركان، ومجموعة يئير لبيد، وأفيغدور ليبرمان، و"الروس"، والأعضاء من ميرتس، وكل ألوان الطيف السياسي العربي؟ من هو معسكر "فقط ليس بيبي" إن لم يكن القائمة المشتركة التي تضم خصومه؟
من الصعب التفكير في غُرزة في المجتمع لم يغرز نتنياهو أظافره الحادة فيها. لكن في الوقت عينه يجب علينا أن نعترف بأنه ليس هو من اخترع الخلافات في الرأي، لا في معسكر "فقط ليس بيبي"، الذي تمتع بتفكيكه، ولا في القائمة المشتركة التي يحوم حولها في هذه الأيام مثل الذئب الذي يبحث عن فريسة.
يتخوف عودة من تفكك القائمة المشتركة، ومن خسارة القوة السياسية الكبيرة (15 عضو كنيست) التي راكمها ممثلو الجمهور العربي عندما توحدوا على الرغم من الخلافات الأيديولوجية بينهم. لكن هذه الخلافات في الرأي كانت قبل نتنياهو وستبقى من بعده. وينطبق هذا أيضاً على "اليسار": الارتباك العميق بين أعضائه هو الذي سمح لنتنياهو بتفكيكه إلى أجزاء.
يجب عدم الاستخفاف بالارتباك في اليسار، أو الاعتقاد أن في الإمكان إخفاء هذا الارتباك وراء مرشح كبير وشبه صديق. إنه ارتباك حقيقي يشغل حكومات في أنحاء العالم. لكن في إسرائيل له علاقة بالمسألة اليهودية – العربية. لقد تفكك البديل لنتنياهو بسبب عدم قدرة جزء من الذين كوّنوه على تأليف حكومة تعتمد على أصوات العرب. من السهل توجيه السهام إلى أورلي أبكسيس، ويوعاز هندل، وتسفي هاوزر الذين رفعوا لواء المعارضة، لكن للنزاهة يجب الاعتراف بأن هذه المعارضة لها وجود في حزب "أزرق أبيض"، وفي حزب "يوجد مستقبل"، وفي حزب "العمل"، وبالتأكيد في حزب "إسرائيل بيتنا". أيضاً النقاشات التي تجري في "ميرتس" في هذه الأيام حول كيفية المضي قدماً في مسألة التعاون اليهودي – العربي.
كصورة عاكسة، فإن الجدل العربي الداخلي في إسرائيل يجري في نهاية الأمر حول التعاون مع اليهود. صحيح أن القائمة المشتركة أوصت بغانتس رئيساً للحكومة، لكن الآن يقول عباس منصور، عمليًا، إنه في قضايا الدين والدولة مثلاً هناك شيء مشترك بينه وبين اليمين أكثر مما بينه وبين اليسار. إذا كان يريد هامشاً من المناورة السياسية في مسألة المثليين – هل كونه عربياً يفرض عليه أن يكون في معسكر اليسار الليبرالي على الرغم من كونه متديناً ومحافظاً؟
من جهة، يمكن القول إنه فقط في عالم تبنّى قيماً ليبرالية، يمكنه، بوصفه أقلية، أن يراكم قوة سياسية تسمح له بأن يتخبط بين معسكرين، ولذلك، فإنه يقطع الغصن الذي يجلس عليه. ومن جهة أُخرى، فإن التجسيد النهائي لقوته السياسية مرتبط بحريته في اختيار أي معسكر يريد الانتماء إليه، وتمثيل قيم ناخبيه. هذه مسألة مهمة، ليس فقط للأقلية العربية، بل لكل مجموعة حظيت بقوة سياسية: هل اليهود، والنساء، والمثليين لديهم القدرة على أن يكونوا غير ليبراليين؟ هل هذا هو فعلاً الانتصار الحقيقي لليبرالية؟ حتى الحصول على جواب على المسألة، اقترح مشاهدة المقابلة مع منصور عباس، يوم الثلاثاء على القناة 20 مع أريئيل سيغل. يبدو أن هذه بداية لصداقة رائعة.
"غفعات هماتوس" تربط النقاط على طريق التحطم
شاؤول أريئيلي/ "هآرتس"
نشر العطاء لبناء 1257 وحدة سكنية في حي "جفعات هماتوس" الواقعة جنوب القدس، أكمل عملية كانت قد بدأت في العام 2007، عندما بدأت بلدية القدس في تنفيذ خطة لإخلاء موقع الكرفانات الذي أقيم هناك للمهاجرين الجدد في التسعينيات، وبناء حي يضم 2610 وحدات سكنية. الحقيقة التاريخية هي أن بناء الحي سيكمل خطة عمرها 53 سنة لحكومة إسرائيل، والتي هي أيضاً ليست سوى تطوير لخطة عمرها 107 سنوات للحركة الصهيونية، لضمان السيطرة على القدس وضمان أمنها من خلال السيطرة على سلسلة الجبال في المناطق المحيطة بالمدينة.
لقد حلم قادة الحركة الصهيونية في بداية القرن العشرين بهجرة ملايين اليهود إلى البلاد، لكنهم استطاعوا تبني سياسة فعلية للاستيطان. السيطرة الديمغرافية والجغرافية الكاملة على المدن اليهودية وفي السامرة جعلت قادة الحركة الصهيونية يكتفون بتعزيز مدينة القدس التي حظيت بأغلبية يهودية منذ العام 1870 وخلق كتل دفاعية حولها. في العام 1914 نشر مناحيم أوسشكين منشوراً بعنوان "من أجل تنظيم القدس"، دعا إلى إحاطة المدينة ببلدات عبرية. وفي أعقابه أنشئت الكتلة الشمالية -عطروت ونفيه يعقوب في 1919، وفي 1927 بدأت المحاولة الأولى لبناء الكتلة الجنوبية "غوش عصيون"، عند إنشاء مستوطنة "مغدال عيدر". وهدفت هذه الكتل إلى كسر التواصل الفلسطيني من الخليل وحتى نابلس. هذه الكتل (عطروت وغوش عصيون) سقطت في حرب الاستقلال، ثم اكتفت إسرائيل في اتفاقات الهدنة التي تم التوقيع عليها عام 1949 بالسيطرة على غربي القدس، الذي تم تحديده كعاصمة لها، وكان محاطاً بالأراضي الأردنية من ثلاث جهات.
احتلال الضفة الغربية في العام 1967 أعاد إحياء هذه الخطة. وأطلق رئيس الحكومة ليفي أشكول، هو ورئيس البلدية، في حينه، تيدي كوليك، خطة بناء يهودية في شرقي القدس. في المرحلة الأولى، أي في الأعوام 1967 – 1972، تم ربط جيب جبل المشارف مع غربي القدس بتواصل جغرافي شمل ستة أحياء جديدة. وفي المرحلة الثانية أرادوا إحاطة القدس العربية بدائرة يهودية حضرية وفصلها عن رام الله وبيت لحم. من أجل ذلك، تم بناء الأحياء الشمالية "راموت ألون" و"نڨيه يعقوب" و"بسغات زئيف"، ومؤخراً "رمات شلومو"، وفي الجنوب بني حي "غيلو".
بعد أقل من عقد، أراد كل من رئيس الحكومة إسحق رابين، ووزير الأمن شمعون بيرس، إقامة مناطق فاصلة حول القدس من جديد، وكتبا: "الحكومة تبنت سياسة أمنية معينة، أين يمكن التوطين… في منطقة القدس وفي منطقة غوش عصيون". (رابين، "مذكرات الخدمة")؛ و"تحصين القدس وجبالها… عن طريق إقامة مدن ضواح ومستوطنات: "معاليه أدوميم" و"عوفرا" و"غيلو" و"بيت إيل" و"جفعون" (بيرس، "الآن غداً"). وأعيد إقامة "غوش عصيون" من جديد، وتم توسيعه بـ 35 ضعفاً على أراض تقع داخل منطقة نفوذه، من أجل فصل الخليل عن بيت لحم والقدس بواسطة عدد من المستوطنات – من "بيتار عيليت" وحتى الخط الأخضر، مروراً بـ "إفرات" التي تطل على شارع 60 الرئيسي، وحتى "تقوع" التي تقع في صحراء يهودا. ثم تم فصل رام الله عن القدس بواسطة عدد من المستوطنات، من "بيت حورون" غرب الخط الفاصل ومروراً بـ "جفعات زئيف" وحتى "كوخاف يعقوب" و"بساغوت" و"عوفرا" و"بيت إيل" شرق الخط الفاصل.
موافقة الفلسطينيين على قرارات الأمم المتحدة 181 و242 و338 في عام 1988 والاعتراف بدولة إسرائيل في 1993 دفعت بيرس ورابين إلى التوقيع على اتفاقات أوسلو التي تعهد فيها، مثل الفلسطينيين، بالامتناع حتى الاتفاق الدائم عن القيام بخطوات أحادية الجانب، التي يمكن أن تغير مكانة الضفة وقطاع غزة. لقد اختار بنيامين نتنياهو، الذي تم انتخابه رئيساً للحكومة في 1996م، تجاهل التطورات السياسية وتعهدات إسرائيل.
في العام 1997، في ولاية نتنياهو الأولى، قرر بناء حي "هار حوماه" (على جبل أبو غنيم)، الذي امتنع رابين عن إقامته. هذا الحي أضاف لبنة أخرى في السعي لخلق فاصل عمراني يهودي بين بيت لحم والقدس. وبعد 23 سنة يريد نتنياهو استكمال الخلية الأخيرة في هذا الإسفين عن طريق إغلاق الحيز المفتوح الذي يقع بين "كيبوتس رمات راحيل" و"هار حوماه" في الشرق، وحي "غيلو" في الغرب، بواسطة إقامة حي في "جفعات هماتوس".
هذه العملية تتساوق جيداً مع موقف إسرائيل الذي تم طرحه في كامب ديفيد وفي طابا وأنابوليس بالنسبة لتقسيم القدس، والذي شمل منطقة "جفعات هماتوس" داخل حدود إسرائيل – رغم أن إيهود باراك وإيهود أولمرت وأريئيل شارون امتنعوا عن إقامة هذا الحي. الفلسطينيون الذين وافقوا على أن يتم ضم جميع الأحياء اليهودية خلف الخط الأخضر لإسرائيل، عارضوا ضم "هار حوماه" بذريعة أن هذا الأمر يشكل خرقاً للالتزامات التي تم الاتفاق عليها، وأن هذا سيفصل بيت لحم عن شرقي القدس. إضافة إلى ذلك، صمم الفلسطينيون على نقل قرية بيت صفافا الفلسطينية التي تقع في جنوب القدس إلى سيادتهم، حسب المبدأ الديمغرافي لتقسيم الأحياء في شرقي القدس، الذي اقترحه الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في كانون الأول 2000 وقبله الطرفان. أساس الانتقاد الدولي الذي يسمع الآن حول بناء "جفعات هماتوس" يستند إلى الادعاء الفلسطيني، ويعتبر إقامة الحي خطوة تخرق اتفاقات أوسلو وتمس إمكانية تطبيق حل الدولتين.
ولكن أفعال حكومة نتنياهو في فضاء القدس لا تقتصر على بناء حي "جفعات هماتوس". فهي تستمر في خطط لبناء مجمع سياحي ضخم على طول طريق الخليل، وبناء حي "مبسيرت أدوميم" (E1) التي تقع قرب "معاليه أدوميم" والتي تقطع شرقي القدس عن الشرق، وبناء حي "هار عيتام" في "أفرات" (E2) الذي يفصل بيت لحم عن منطقة الجنوب.
في الواقع، عند استكمال هذه الخطوات سيكون هناك ثلاثة خيارات أمام القادة في إسرائيل والقادة الفلسطينيين الذين سيكونون معنيين باستئناف المفاوضات. الخيار الأول، غير المعقول في المستقبل المنظور، هو أن إسرائيل في ظروف معينة ستتنازل عن هذه الأحياء لصالح الفلسطينيين. وتعني هذه الخطوة أن المليارات ستذهب هباء، وسيكون على عشرات آلاف الإسرائيليين نقل مكان سكنهم إلى داخل إسرائيل. الخيار الثاني، الأكثر معقولية، هو أن الفلسطينيين، ومن أجل مقابل كبير في مجالات أخرى، سيوافقون على موقف إسرائيل وسيتنازلون عن هذه الأحياء وعن بيت صفافا، وسيضطرون إلى بناء شبكة طرق باهظة الثمن ومعقدة تربط بين بيت لحم والقدس، شرق جبل أبو غنيم. أما الخيار الثالث، الأكثر معقولية حسب رأيي، فهو أن هذه الخطوة ستضاف إلى خطوات أخرى تقوم بها إسرائيل في السنوات الأخيرة من أجل إلغاء الفصل المادي الذي ما زال قائماً بين الأحياء اليهودية والأحياء العربية، ويجبر إسرائيل على قبول البديل الفلسطيني، مدينة واحدة مع بلديتين. تجربة التاريخ تعلم بأن تنفيذ هذا الخيار سيتحول إلى بذرة لأعمال الشغب القادمة بين الطرفين بسبب الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية المطلوبة في نموذج كهذا لإدارة المدينة.
نتنياهو، مثل حمار المسيح، وكمن هو مستعد من أجل بقائه الشخصي لدفع أي ثمن (أي أن يدفع المجتمع في إسرائيل أي ثمن)، يجسد الهذيان المسياني القومي المتطرف لحركة "غوش ايمونيم" على مر أجيالها. هذيان الذين لا يميزون الحدود بين الممكن والمسياني، أو بين الأخلاقي والجشع والقمع، وبين القانوني وغير القانوني. انهم يدفعون إسرائيل إلى تجاوز هذه الحدود لتحقيق الوهم المسياني مثلما وصفه حنان بورات (في مقدمة كتاب حاجي هوبرمان بعنوان "ضد كل الاحتمالات"): "تجميع الشتات، نهضة الدولة وأمنها، ليسا سوى مداميك أولى. أمامنا الكثير من الأهداف المهمة التي هي جزء لا يتجزأ من الصهيونية، وعلى رأسها إقامة "مملكة الكهنة والأمم المقدسة، وإقامة مملكة بيت داود وبناء الهيكل – كنقطة انطلاق لإصلاح عالم في مملكة الشيطان".
تسريب الزيارة إلى السعودية ليس خطيرًا، لكن الثرثرة الإسرائيلية تسبب الضرر في أماكن أخرى
بقلم: جاكي خوجي / معاريف
فوجئنا صباح الاثنين إذ اكتشفنا أن رئيس الوزراء ورئيس الموساد قضيا الليلة في كوخ ولي العهد السعودي. حقيقة خروج التسريب من القدس أو من تل أبيب، أو من كلتيهما، ولد انتقاداً في إسرائيل. فعلى مدى عشرات السنين، تم تعليمنا أن هذه المعلومات حساسة، وأن مشاكل كبيرة قد تأتي إذا ما رأت النور. وها هي يتم تسريبها في وضح النهار بتشجيع من ذوي الشأن. لقد ضج وزير الأمن بيني غانتس وقال إن تسريب الزيارة هو خطوة عديمة المسؤولية، وعلى مواطني إسرائيل أن يشعروا بالقلق. "أنا لا أتصرف هكذا"، قال غانتس، "ويمكنكم أن تخمنوا كم من الأمور فعلتها في أيام حياتي، بما في ذلك بتكليف من نتنياهو".
لقد نفت السعودية ما نشر، ولكنه لم يكن نفياً عادياً، لا بالمستوى ولا بالمضمون. فقد أرسل وزير خارجيتها ليقول لا أساس للنبأ من الصحة. فهل قال الحقيقة؟ مشكوك جداً. ولكن الحقائق أقل أهمية في نقاشنا. أهم من ذلك هو النية. وفي هذه الحالة، فقد أراد السعوديون أن ينظفوا أنفسهم من هذا اللقاء، حتى ولو بثمن مصداقية الإسرائيليين.
ثمة سنين كان يمكن فيها لمثل هذا التسريب أن يتسبب بضرر للاحتياجات الأمنية الإسرائيلية. غضب عربي مكظوم، جلبة كبرى بتشجيع من الفلسطينيين، وكان أصدقاؤنا السريون سيتراجعون خجلاً، ولكن منذئذ حرروا الحزام؛ لأن الموضوع الفلسطيني يضغط عليهم أقل بكثير من حاجتهم للاقتراب من واشنطن والقدس، ولأن الشارع العربي تعلم كيف يحتوي. تعرف هذه الأنظمة مع من تتعامل، وتعرف الحاجة الإسرائيلية للعلاقات العامة. كما أن المسربين الإسرائيليين يعرفون نظراءهم في هذه الأنظمة، ويعرفون ما الذي سيعرض العلاقات معهم للخطر أو يثير غضبهم عليهم. لهذا السبب، فإن هذه التسريبات في الغالب جزئية جداً، تشبه الثرثرة وتبقى في الظل.
لا للتطبيع
قبل ثلاثة أشهر ونصف نشرت أنباء عن أن رئيس الموساد يوسي كوهن يبحث مع القطريين في تجديد اتفاقات الدولارات إلى غزة. وهذه ظاهرة جديدة بحد ذاتها: يجري تسريب خطوات رئيس الموساد للجمهور بمواظبة جديرة بالتقدير. وقد منح ذاك التسريب كوهن النقاط في الرأي العام، ولكنه لم يسبب ضرراً.
ماذا حصل في الحالة السعودية؟ إن نتنياهو وكوهن ورفاقهما قضيا الليلة مع ولي العهد السعودي وضيفه الخاص مايك بومبيو، وأرادا أن يرويا القصة للرفاق. غضب السعوديون أو ضغطوا، وقرروا نفي القصة ومصداقية أصحابها. وثمة إمكانية ثانية، وهي أنه كان بالون اختبار. بالتنسيق مع ولي العهد ورجاله، تقرر أمام العالم كله كشف أن رئيس وزراء إسرائيل حل ضيفاً على أرض المملكة لأول مرة. والهدف هو فحص كيف ينزل الأمر على آذان معارضي إسرائيل والسعودية أو لتمهيد القلوب لقبول الخطوة.
ومهما كانت، أحياناً يعدّ كشف شيء ما للجمهور الإسرائيلي مسموحاً، طالما يتم الأمر بتوازن ودون المس بثقة الأصدقاء. بعد كل شيء، فإن تسريب الزيارة في السعودية كشف القليل جداً، وإن كان منح النقاط في الرأي العام لرئيس الوزراء ورئيس الموساد. فالاتصالات السرية مع السعوديين مغروسة منذ قبل أكثر من عشرين سنة، وكل ذي عقل يفترض بأنها كانت تتضمن تبادلاً للزيارات أيضاً.
إذا كانت ثمة معلومة متماسكة في هذه القصة فقد جاءت من السعودية، حيث قالت محافل في الرياض لـ "وول ستريت جورنال" بعد النشر بأنه لم يتم الاتفاق في اللقاء الثلاثي على أي شيء جدي بين القيادة السعودية ورئيس وزراء إسرائيل ووزير الخارجية الأمريكي. وبالترجمة إلى اللغة العملية، فإن معنى هذا أننا نحن، السعوديين، لم نوافق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ينبغي لهذه الحقيقة أن تبقي الإسرائيليين خائبي الأمل.
ومع ذلك، متى يمكن لمثل هذا العمل أن يسبب الضرر؟ عندما يعرض النظام الصديق للخطر أو يحرجه أمام طرف ثالث؟ يحصل هذا مرات كثيرة في الفترة الأخيرة. فالمسؤولون الإسرائيليون يكثرون من القول أو التلميح بأن لإسرائيل والإمارات عدواً مشتركاً، الإيرانيين، وعليه فخير أنهم تحالفوا ضده. مثل هذا التعبير، الذي يقال بالمناسبة ودون التفكير الزائد بمعناه، يغضب الإماراتيين ويرفع مستوى خوفهم من طهران. فكروا كيف يلوح هذا من هناك. فالإسرائيليون بعيدون في بلادهم الآمنة والمحمية، ويمجدون الحلف العسكري الذي عقدوه مع أبو ظبي كي يقاتلوا جارتها القريبة.
إن الوجود الإيراني في إمارات الخليج ملموس، بخلاف ما هو هنا. رجال أعمال إيرانيون يعملون في الإمارات، ومال كثير يملكونه في بنوكها، وقد ترى حدود إيران بالعين المجردة من شواطئ الإمارات، ولهم نزاع معها على ثلاث جزر موضع خلاف، وهناك توتر دائم. والإماراتيون ليسوا معتادين على الثرثرة والتحليل أو على إشراك الجمهور بتفكيرهم في حصانتهم الأمنية. أما إسرائيل فالعكس تماماً. فالخطاب الذي يجري هنا عن عدو مشترك، بقيادة شخصيات في القيادة الإسرائيلية، غريب عليهم ويضيف خوفاً من هجمات إيرانية. على أي حال، فإن اتفاق السلام هذا ليس سهلاً عليهم، ولم يستقبله كل إماراتي بحماسة.
خط طيران مباشر
أحد أولئك الذين تحفظوا على التقرب من القدس هو أمير دبي محمد بن راشد. وعلى الرغم من ذلك، سجلت أمس محطة أخرى في إقامة العلاقات بيننا وبين مدينته اللامعة. فشركة الطيران "فلاي دبي" التي يملكها الأمير أجرت الرحلة الجوية المنتظمة الأولى من مطار بن غوريون مباشرة إلى دبي. وقبل دقيقة من الساعة الواحدة ظهراً، أقلعت الطائرة وهي تقل زواراً إسرائيليين. وبعد نحو ثلاث ساعات هبطت في مطار دبي الدولي.
هذا لا يعني أن الأمير أصبح صديقاً لإسرائيل؛ فقد فكر وتوصل إلى استنتاج محتم. ليس بوسعه رفض التطبيع مع إسرائيل دون إغضاب ولي العهد، وفي حالة أزمة اقتصادية حادة مست بفرع الفنادق وفروع التجارة في دبي، فمن الأفضل مع الإسرائيليين مما هو بدونهم.

التعليـــقات