رئيس التحرير: طلعت علوي

أسعار النفط وتحفيز صناعته

الأحد | 25/10/2020 - 09:31 صباحاً
أسعار النفط وتحفيز صناعته


م. عبدالرحمن النمري


بزوغ نجم النفط الصخري خلال الأعوام الأخيرة غير المعادلة النفطية، حيث أوجد لنفسه مكانا بين كبار المنتجين المؤثرين، وأصبح رافدا من روافد النفط لا يمكن تجاهله أو تهميشه. كون النفط الصخري أوجد لنفسه مكانا في هذه المعادلة، فسيجري عليه ما يجري على طرفي المعادلة الآخرين وأعني هنا "أوبك" والمنتجين المستقلين من خارجها.


الأسعار المتدنية التي وصل إليها النفط خلال العام الجاري بسبب جائحة كورونا وانعكاسها السلبي الحاد على اقتصادات العالم والحظر الكلي أو الجزئي الذي شمل جل دول العالم، إضافة إلى التخمة النفطية التي كانت تعانيها الأسواق منذ مدة، أدت إلى تحرك قوي وفاعل من المنتجين المؤثرين بقيادة السعودية لمنع انهيار الأسعار أو استمرار انهيارها إن صح القول. بل إن الولايات المتحدة تحركت بقيادة الرئيس ترمب للوصول إلى اتفاق تاريخي بين السعودية وروسيا لتعميق خفض الإنتاج بصورة استثنائية لوقف نزيف الأسعار. عند تسليط الضوء على المستقبل البعيد الذي سيقترن بنمو مطرد في عدد السكان والنمو الاقتصادي، ما يعني بالضرورة نمو الطلب على الطاقة بأنواعها المختلفة وبشكل رئيس في الاقتصادات الناشئة وأبرزها الدول الآسيوية الأسرع نموا، ومنها بلا شك النفط الذي سيبقى متربعا على عرش مصادر الطاقة العالمية وسيستمر النمو في الطلب عليه حتى عام 2040 بحسب وكالة الطاقة الدولية.


عند تسليط الضوء على المستقبل البعيد يجب الأخذ في الحسبان حقيقة انخفاض إنتاجية الحقول النفطية حيث لا توجد بئر للنفط لها مستقبل غير محدد بل لكل بئر عمر افتراضي ونهاية تحددها صحة البئر الفنية، وكلما مرت الأعوام انخفض إنتاج النفط سهل الاستخراج. كذلك لا يمكن تجاهل التحديات التي يواجهها مزيج الطاقة عموما، والنفط خصوصا الذي أرى أنه يتعرض لحملة إعلامية غير مهنية ومنصفة وضعته في قفص الاتهام بتهمة التغير المناخي وغضت الطرف عن الفحم مصدر التلوث الأكبر بين مصادر الطاقة، متجاهلة دور النفط الرئيس في مجالات كثيرة وتطبيقات مختلفة لا يسع حصرها وذكرها في هذا المقال. هذه المعطيات وضعت صناعة النفط أمام تحد كبير للتعامل مع موضوع التغير المناخي، وانخفاض الأسعار بسبب التخمة النفطية التي زادتها جائحة كورونا تخمة فوق تخمتها، وأيضا المحافظة على الاستثمارات النفطية التي تعزز الأمن الطاقي العالمي.


قد يعتقد البعض أن انخفاض أسعار النفط بصورة قوية تضر المنتجين فقط، وأن هذا الانخفاض يصب في مصلحة المستهلكين. قد يكون هذا الاعتقاد صحيحا على المدى القصير، لكن الحقيقة أن المنتجين والمستهلكين سيتأثرون سلبا على المديين المتوسط والبعيد من انخفاض أسعار النفط. عندما تنخفض أسعار النفط بصورة قوية وتستمر على هذا الانخفاض مدة طويلة، هذا سيؤدي إلى انخفاض أو خروج بعض الاستثمارات في هذا القطاع، خصوصا في قطاع التنقيب لاستكشاف حقول جديدة تعزز الإمدادات النفطية في المستقبل، أو لتطوير حقول قائمة برفع كفاءتها الإنتاجية. هذا يعني أنه في مرحلة ما ستقل الإمدادات قسريا وبوجود طلب عال على جميع منتجات الطاقة المختلفة، سترتفع الأسعار بصورة كبيرة تضر بالمستهلكين. السياسة البترولية السعودية كأهم منتج للنفط تعي وتدعم الوصول إلى أسعار مناسبة للمنتجين والمستهلكين، فهل يعي المستهلكون أهمية ذلك على المدى البعيد؟.

التعليـــقات