رئيس التحرير: طلعت علوي

مفارقات الجائحة .. نقمة على دول سياحية ونعمة لتقليص العجز التجاري في دول أخرى

الأحد | 18/10/2020 - 09:40 صباحاً
مفارقات الجائحة .. نقمة على دول سياحية ونعمة لتقليص العجز التجاري في دول أخرى



   
اليونان تعد أحدى البلدان التي تلقت ضربات كبيرة بشكل خاص بسبب الوباء.

بذلت تايلاند جهودا مذهلة للغاية للسيطرة على جائحة فيروس كورونا، على غرار كثير من دول شرق وجنوب شرق آسيا، إلا أن هذا لم يمنع معاناة البلاد من الانكماش الاقتصادي، الذي يبدو أنه أسوأ بكثير من ذلك، الذي يواجه جيرانها، أو الولايات المتحدة، حسب ما ذكرت وكالة "بلومبيرج" للأنباء.


ويرجع ذلك أساسا إلى أن اقتصاد تايلاند يعتمد بشكل كبير على السياح القادمين من الخارج، الذين منعتهم السلطات من دخول البلاد منذ بدايات الجائحة، وبدأت الآن فقط في السماح بعودتهم في ظل ظروف تقييدية للغاية.
ووفقا لـ"الألمانية"، في تحليل حديث لتأثير أزمة السياحة الناجمة عن كوفيد - 19 في أرصدة الحساب الجاري لـ 52 دولة، خلص صندوق النقد الدولي إلى أن تايلاند ستكون الأكثر تضررا.


ويقيس الحساب الجاري التجارة في السلع والخدمات بالإضافة إلى التحويلات النقدية، والدول ذات الأرقام الأكثر سلبية تصدر عادة كثيرا من خدمات السياحة أكثر مما تستورد، وقد خفضت جائحة كوفيد - 19 ذلك الفائض في التجارة ذات الصلة بالسياحة بشكل حاد.
ومن بين الدول الأخرى، التي تلقت ضربات كبيرة بشكل خاص اليونان، بنسبة ناقص 5.9 في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي، والبرتغال ناقص 4.45 في المائة، والمغرب ناقص 3.64 في المائة، وكوستاريكا ناقص 3.38 في المائة، وقد يكون التفكير في السياحة من حيث الموازين التجارية مربكا بعض الشيء في البداية.


وتصدر الدول، التي تجلب سائحين أكثر مما ترسله إلى الخارج، خدمات سياحية أكثر مما تستورد في الواقع، وبالتالي تحقق فائضا في السياحة. والدول التي ترسل أعدادا ضخمة من الأشخاص إلى الخارج بحثا عن أشعة الشمس ومناطق الجذب الأخرى وتستقبل أعدادا أقل من الزوار هي مستورد صاف للسياحة.


ومن خلال وقف السفر أو إبطائه، أدت الجائحة إلى خفض عجز تجارة السياحة لديها، وكما أوضح نوح سميث الخبير الاقتصادي الأمريكي في مقال رأي كان قد نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء، ردا على بعض المؤشرات، التي وصفها بـ"السخيفة"، التي قالها مستشار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التجاري، بيتر نافارو، فإن حقيقة أن العجز التجاري يظهر كأرقام سلبية في محاسبة الناتج المحلي الإجمالي، والفوائض على أنها إيجابية لا تعني بالضرورة أن تقليل الأول أو زيادة الأخير سيزيد النمو.


وفي حقيقة الأمر، يقلص الاستغناء عن إنفاق السائحين الأجانب بشكل حاد الناتج المحلي الإجمالي لتايلاند. وفي النرويج، فإن إنفاق سكانها المال في الداخل بدلا من إنفاقه في ماربيا أو فوكيت، ربما يعزز الناتج المحلي الإجمالي إلى حد ما، وإن كان ذلك في مواجهة كثير من العوامل الأخرى، مثل انخفاض أسعار النفط، التي دفعته إلى الانخفاض.


وفي أوروبا، حيث تقوم الدول الشمالية الأكثر ثراء بإرسال عدد كبير من السائحين عادة إلى الدول الجنوبية الأكثر فقرا، أكثر مما تستقبله، يعني هذا أن الجائحة قد فاقمت الاختلالات الاقتصادية بين الشمال والجنوب في القارة. ويبدو أن حزمة التحفيز البالغ قيمتها 750 مليار يورو (885 مليار دولار)، التي وافق عليها الاتحاد الأوروبي في حزيران (يونيو)، والتي تقدم أكبر فوائدها لإيطاليا وإسبانيا، وكأنها النوع الصحيح من الاستجابة، وإن لم تكن كبيرة ربما بما يكفي.


والولايات المتحدة ليست فقيرة، لكنها أيضا من بين الدول، التي تحصل من الزوار الأجانب على أموال أكثر مما ينفقه سكانها في الخارج، وهذا الفائض التجاري ليس ضخما، ومعظمه لا يأتي من السياح، ولكن من رجال الأعمال والطلاب الأجانب، الذين يدرسون في الكليات والجامعات هناك. والولايات المتحدة ليست تايلاند، لكنها تحقق فوائد اقتصادية واضحة من السفر عبر الحدود، ما يعني أن حدوث جائحة أو أي شيء آخر يثبط مثل هذا السفر، هو خبر سيئ.


ومن حظر اللقاءات الاجتماعية في لندن إلى منع التجول في فرنسا وإغلاق المدارس في بولندا، دخلت سلسلة جديدة من الإجراءات الصارمة حيز التنفيذ السبت في أوروبا على أمل وقف الموجة الثانية من وباء كوفيد - 19.
ففي لندن، يمنع بدءا من السبت اختلاط سكان أي مكان في الداخل مع أشخاص من الخارج، وقد سجلت أكثر من 15 ألف إصابة جديدة الجمعة في المملكة المتحدة، الدولة التي سجل فيها أكبر عدد من الوفيات في أوروبا، بلغ 43400.


وفي فرنسا، أمضى سكان 12 مدينة كبيرة بينها العاصمة باريس وضواحيها، آخر ليلة بحرية قبل أن يبدأ حظر تجول بين الساعة 21.00 و06.00 السبت، وفرض الإجراء، الذي سيبقى مطبقا أربعة أسابيع على الأقل، مع انتشار الفيروس مجددا في البلاد.
وسجلت أكثر من 25 ألف إصابة في فرنسا خلال 24 ساعة الجمعة، ونحو الساعة 22.00 الجمعة، كانت شرفات المقاهي والمطاعم مفتوحة في ساحة الجمهورية في وسط العاصمة، تغص بالشباب، الذين تعالت أصوات ضحكهم.


وقال الطالب كورتيس ماجديلون (19 عاما) ردا على أصدقائه الأربعة "سنستمتع قدر الإمكان بمطعم وقليل من المشي مع الأصدقاء في جادة الشانزليزيه"، وبعدما التقطوا لأنفسهم صورة سيلفي وهم يضعون الكمامات، واصلوا طريقهم في الليل.
وأشارت وكالة الصحة العامة الفرنسية إلى استمرار انتشار الوباء من الأصغر سنا إلى الأكبر سنا، عادة أن هذا التطور مقلق للغاية، وستدخل قيود جديدة حيز التنفيذ في وارسو والمدن الكبيرة الأخرى في بولندا، التي تعد مناطق حمراء.

التعليـــقات