أغلقت حكومة جونسون محال الأنشطة غير الضرورية خلال أغلب أيام الربع الثاني من العام الحالي.
عانت بريطانيا انهيارا قياسيا للناتج الاقتصادي في الربع الثاني من 2020 حين كانت إجراءات العزل العام لمكافحة فيروس كورونا سارية، بيد أن الانخفاض كان أقل قليلا من التقديرات الأولى.
ووفقا لـ"رويترز"، قال مكتب الإحصاءات الوطنية "إن الناتج المحلي الإجمالي انكمش 19.8 في المائة، في ثلاثة أشهر حتى حزيران (يونيو) وهو ما يقل على نحو طفيف عن تقديرات أولية بانخفاض فصلي نسبته 20.4 في المائة، لكنه لا يزال أكثر من التراجع في بقية الاقتصادات المتقدمة".
وهذا هو أكبر تراجع منذ أن بدأ مكتب الإحصاءات تسجيل البيانات في 1955، وتشير بيانات أخرى إلى أن بريطانيا تتجه صوب أكبر انخفاض سنوي منذ عشرينيات القرن الماضي.
وانكمش الاقتصاد البريطاني بالفعل 2.5 في المائة، بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس) مع بدء إجراءات العزل العام في نهاية آذار (مارس). وتعافى الناتج في الأشهر القليلة الماضية لكن التعافي يتبدد على ما يبدو مع زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا وتوقعات بقفزة في البطالة في ظل تقليص الحكومة دعم الوظائف.
وبلغ معدل ادخار الأسر 29.1 في المائة، مقارنة بـ9.6 في المائة، في الربع الأول حيث لم تكن قادرة على الإنفاق في عديد من المتاجر والمطاعم خلال فترة العزل العام، فيما ينقضي في الشهر المقبل برنامج الحكومة لدعم الوظائف الذي كان يدعم بعض مصادر الدخل.
وأظهرت بيانات اقتصادية نشرت أمس، أن البريطانيين ادخروا نحو ثلث دخولهم خلال فترة الإغلاق لاحتواء جائحة فيروس كوروونا المستجد التي شهدت إغلاق المتاجر وتسجيل أكبر انكماش للاقتصاد البريطاني.
وبحسب بيانات مكتب الإحصاء البريطاني شهد الربع الثاني من العام الحالي ادخار البريطانيين 29.1 في المائة من دخلهم وهي نسبة غير مسبوقة. وأشارت وكالة "بلومبيرج" للأنباء إلى أن بيانات مكتب الإحصاء أكدت أن بريطانيا سجلت أسوأ أداء اقتصادي بين الدول المتقدمة خلال الجائحة.
في الوقت نفسه فإن الدعم الحكومي لأجور العمال الذين تم منحهم إجازة بدون أجر من أعمالهم، قلص التراجع في دخول الأسرة البريطانية أثناء فترة الإغلاق، في حين كانت فرص الإنفاق أقل في ظل إجراءات الإغلاق والقيود على الحركة والانتقال.
وأغلقت حكومة جونسون محال الأنشطة غير الضرورية خلال أغلب أيام الربع الثاني من العام الحالي، كما أن قطاعات الترفيه والفندقة لم تفتح أبوابها إلا في تموز (يوليو) الماضي. وتراجع إنفاق المستهلكين في بريطانيا خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 24.2 في المائة ليسجل 80.5 مليار جنيه استرليني "103 مليارات دولار".
وجاء تراجع الإنفاق الاستهلاكي مدفوعا بانخفاض الإنفاق على المطاعم والفنادق والسفر الجوي والسيارات والترفيه والخدمات الثقافية، وفقا لـ"الألمانية".
ووصل عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في المملكة المتحدة إلى 448 ألفا و729 حالة، حتى الساعة السابعة والنصف صباح أمس، بتوقيت لندن، بحسب بيانات جمعتها جامعة جونز هوبكنز ووكالة "بلومبيرج" للأنباء.
وأشارت البيانات إلى أن عدد الوفيات في المملكة المتحدة جراء الإصابة بالفيروس، بلغ 42 ألفا و162 حالة، كما تعافى 2368 من المصابين حتى الآن، ومر نحو 34 أسبوعا منذ الإعلان عن تسجيل أول حالة إصابة بالفيروس في المملكة المتحدة.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني البريطاني الصادرة أمس، تراجع عائدات قطاع السياحة في بريطانيا خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 70 في المائة سنويا إلى 2.91 مليار جنيه استرليني "3.73 مليار دولار" وهي أقل إيرادات ربع سنوية للقطاع منذ الربع الأخير من 1994.
وأشارت "بلومبيرج" إلى أن إيرادات السياحة شكلت خلال الربع الثاني من العام 4.4 في المائة من صادرات الخدمات البريطانية مقابل 12 في المائة منها خلال الفترة نفسها من العام الحالي. كما شكلت السياحة 2.1 في المائة من إجمالي صادرات السلع والخدمات البريطانية خلال الربع الثاني من العام الحالي.
في الوقت نفسه وصل إنفاق البريطانيين على السفر إلى الخارج خلال الربع الثاني 1.52 مليار جنيه استرليني "1.96 مليار دولار" بانخفاض نسبته 89 في المائة سنويا. من ناحية أخرى ارتفعت قيمة الجنيه الاسترليني أمام الدولار خلال الربع الثاني بنسبة 0.3 في المائة مقارنة بالربع الأول وبنسبة 4.2 في المائة مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي.
وكانت قد أظهرت بيانات نشرها بنك إنجلترا أمس الأول، أن موافقات الرهن العقاري في المملكة المتحدة ارتفعت في آب (أغسطس) إلى أعلى مستوى لها منذ نحو 13 عاما، حيث سجلت سوق الإسكان تعافيا بعد تخفيف إجراءات الإغلاق وخفض رسوم الدمغة.
وبحسب "الألمانية"، ارتفعت طلبات الرهن العقاري التي تمت الموافقة عليها لشراء منازل بصورة حادة إلى 84700 في آب (أغسطس) مقابل 66300 في تموز (يوليو). وهذا هو أعلى رقم يتم تسجيله منذ تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2007، وأعلى من توقعات خبراء الاقتصاد بنحو 73 ألفا.
وأوضح بنك إنجلترا أن هذا لم يعوض إلا جزءا من الضعف الذي تم تسجيله في الفترة من آذار (مارس) إلى حزيران (يونيو). وتم إصدار 418 ألف موافقة في 2020، مقابل 524 ألف موافقة في الفترة نفسها من العام الماضي.
إلى ذلك، وعد بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني، ببرنامج "مهارات مدى الحياة" للبالغين ذوي المؤهلات التعليمية الأقل في المستوى، في الوقت الذي تستعد فيه بريطانيا لمواجهة ارتفاع معدلات البطالة في ظل التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا.
وحذر جونسون من احتمال فقدان مزيد من الوظائف، لكنه قال "إن الحكومة ستساعد العمال الفائضين عن الحاجة من أجل الحصول على المهارات التي يحتاجون إليها، من خلال "ضمان مهارة مدى الحياة".
ويواجه بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني مرحلة حافلة بالصعاب، وسط دعوات متصاعدة ومطالب بإلغاء اتفاق الخروج الذي أبرم مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدين أن ذلك الاتفاق يمنح بروكسل سلطات مؤثرة في لندن.