رئيس التحرير: طلعت علوي

كوفيد - 19 يهدد 18 مليون وظيفة منزلية في أمريكا اللاتينية ويفاقم الفوارق الاجتماعية

السبت | 04/07/2020 - 10:32 صباحاً
كوفيد - 19 يهدد 18 مليون وظيفة منزلية في أمريكا اللاتينية ويفاقم الفوارق الاجتماعية


   
البرازيل تضم ستة ملايين عامل منزلي غالبيتهم من النساء
 

وجد كثير من العاملات المنزليات في أمريكا اللاتينية أنفسهن من دون عمل، وفي وضع صعب للغاية، بعد تخلي أصحاب العمل عنهن.
وتقول كارمن هرنانديس "59 عاما" لـ"الفرنسية"، "اعتذر مني مستخدمي واستغنوا عن خدماتي، لكني آمل أن أعود قريبا إلى العمل لديهم".
وتمارس كارمن هذه المهنة منذ أكثر من عقدين وهي ليست حالة معزولة، في منطقة يعاني سكانها فوارق اجتماعية صارخة، ويوفر فيها 18 مليون شخص - بينهم 93 في المائة من النساء - قوتهم اليومي من الأعمال المنزلية، بحسب مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي.


وفاقم وباء كوفيد - 19 أزمة هؤلاء العاملين الذين يعمل أكثرهم بموجب عقود شفهية فقط.
فقد أدت القيود الصحية الجديدة بينها خصوصا تدابير الحجر المنزلي إلى فقدان 70 في المائة من العاملين المنزليين عملهم كليا أو جزئيا، وفق المفوضية الأممية.
في البرازيل على سبيل المثال، ومن أصل 4.9 مليون ظيفة أدى الوباء إلى فقدانها بين شباط (فبراير) ونيسان (أبريل)، تعود 727 ألفا منها إلى عمال منزليين، ما يزيد تهميش هذه الفئة التي يتقاضى أفرادها أصلا رواتب متدنية.
ففي أمريكا اللاتينية، يتقاضى العمال المنزليون رواتب تقرب من نصف معدل دخل العاملين في قطاعات مهنية أخرى، رغم الجهود المبذولة في بعض الدول لتنظيم هذا النشاط، وفق مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي.
وقبل الأزمة، كانت كارمن المكسيكية تنظف خمسة منازل أسبوعيا في المعدل، وهي تأمل حاليا استئناف عملها بدوام كامل يوما ما، بعدما أرغمت على التوقف عن العمل منذ أيار (مايو).


غير أن وضع ضوابط تعيد الحالة إلى طبيعتها لا يزال بعيدا في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي أصاب أكثر من 2.28 مليون شخص في المنطقة وأودى بحياة نحو 105 آلاف.
وأضاء الوباء أيضا على التمييز الذي تتعرض له العاملات المنزليات في أمريكا اللاتينية اللواتي يمثلن 14.3 في المائة من إجمالي النساء الناشطات في سوق العمل في المنطقة.


وفي البرازيل التي تضم ستة ملايين عامل منزلي أغلبيتهم من النساء المتحدرات من الأحياء الفقيرة، اضطرت كثيرات إلى الاستمرار في العمل مع تكبد مخاطر الإصابة بالفيروس، خلال استخدام وسائل النقل المشترك.
وإحدى أولى الضحايا من بين 55 ألف وفاة في البرازيل كانت امرأة في سن 63 عاما تعمل في حي راق في ريو دي جانيرو، وقد انتقلت إليها العدوى من مشغلها بعد عودته من إجازة في إيطاليا.


وأثارت حالة أخرى صدمة لدى البرازيليين تمثلت في وفاة طفل في الخامسة من العمر هو ابن عاملة منزلية في مبنى راق في ريسيفي "شمال شرق" إثر سقوطه من شقة في الطابق التاسع كانت والدته تنظفها، وهو رافقها إلى العمل لأنها لم تجد من يعتني به في غيابها، وليساعدها على التنزه مع كلب مشغلها.
وفي الأرجنتين، تناقلت وسائل الإعلام على نطاق واسع خبرا عن رجل أعمال في مدينة تانديل أخفى موظفا لديه في صندوق السيارة للدخول إلى حي خاص، في انتهاك لتدابير الحجر.


وفي هذه الدولة، يفتقر نصف العاملات المنزليات البالغ عددهن 1.4 مليون شخص إلى أي تغطية في أنظمة الضمان الاجتماعي.
وفي البيرو، أصاب الفيروس نحو 60 عاملة في الأشهر الثلاثة الأولى من فترة الطوارئ الصحية. ويوضح فينيسيوس بينييرو المدير الإقليمي لمنظمة العمل الدولية أن "الأزمة فاقمت مكامن الضعف وانعدام المساواة القائم لدى العاملين المنزليين".
يثير هذا الوضع المأساوي للعاملات المنزليات رغم كل شيء مبادرات حماية لهؤلاء.
ففي المكسيك التي تعد 2.3 مليون عاملة منزلية، يدعم المخرج ألفونسو كوارون الحائز جوائز أوسكار حملة لتشجيع المستخدمين على الاستمرار في دفع رواتب العاملات المنزليات بعد وضعهن أطفالهن.


ويظهر كوارون حساسية خاصة تجاه هاتيك النسوة، ما تجلى خصوصا عبر فيلمه "روما" الذي حقق نجاحا كبيرا، وقد خصصه السينمائي لليبوريا رودريحيس العاملة التي ربته حين كان طفلا.
كذلك أطلقت مجموعة أطفال برازيليين عريضة "من أجل حياة أمهاتنا" للمطالبة بدفع أموال للعاملات المنزليات خلال مرحلة الحجر.
وباتت حكومتا البرازيل والأرجنتين تدفعان مساعدات طارئة لهاتيك العاملات، لكن في بعض الدول، يعوق الطابع غير الرسمي للوظيفة من إيصال المساعدات إلى مستحقيها.


لا تتقاضى إلينا ميندوسا "75 عاما" أي دخل خلال فترة الحجر ولا أي مساعدة حكومية، بعدما كانت تعمل لدى زوجين أمريكيين في مكسيكو، حتى إنها لم تلق أي تقدير من مستخدميها السابقين.
وتقول "لقد علمت من غاسلي سيارات أن مستخدمي عادا إلى نيويورك، وهما لم يعلماني بذلك، ربما بسبب العجلة".

التعليـــقات