رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الإسرائيلية 19-20 حزيران 2020

السبت | 20/06/2020 - 12:04 مساءاً
أضواء على الصحافة الإسرائيلية 19-20 حزيران 2020


في التقرير:
ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الموالين لإسرائيل ضد الضم: سيضر باستقرار المنطقة
توصية وزارة المخابرات: هذا هو أفضل وقت للسيادة
"نساء يصنعن السلام": "الضم يمنع السلام"
غانتس لنتنياهو: سأدعم مسار الضم مقابل تمرير ميزانية لعامين
غانتس: لن أدعم فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق ذات عدد كبير من السكان الفلسطينيين
وزير الخارجية الأردني اجتمع مع عباس في رام الله: "إذا اختارت إسرائيل الضم فستتحمل العواقب"
مقالات
في الضفة توجد وصفة للاشتعال حتى قبل دخول الضم إلى المعادلة
السلطة الفلسطينية لا يمكنها أن تبتلع الضم، ولكن حلها أيضًا ليس واردًا
تقديرات الشاباك: تطبيق السيادة لن يمر بدون عنف
"احتمال إغلاق الشباك أمام فرص تحقيق صفقة لتبادل الأسرى"

ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الموالين لإسرائيل ضد الضم: سيضر باستقرار المنطقة
"هآرتس"
أعلن ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين البارزين في الولايات المتحدة، يوم الجمعة، معارضتهم لضم الضفة الغربية. وبحسب الثلاثة، تشاك شومر، وبوب مننديز، وبن كاردين، فإن مثل هذه الخطوة ستضر بالأمن والاستقرار في المنطقة. وقد استقبل البيان المشترك وغير المعتاد الذي أصدره الثلاثة بمفاجأة في أروقة الكونغرس، لأن الثلاثة يعتب رون من الحلفاء الواضحين للوبي "أيباك" المؤيد لإسرائيل، ويكادون لا ينتقدون إسرائيل بشكل مباشر.
وأوضح أعضاء مجلس الشيوخ الثلاثة في بيانهم: "بصفتنا مؤيدين أقوياء ومخلصين للعلاقات الإسرائيلية الأمريكي، نحن ملتزمون بالتعبير عن معارضتنا لاقتراح ضم أجزاء من الضفة الغربية من جانب واحد". وأضافوا أنهم يعارضون الضم تماما كما عارضوا طوال سنوات الإجراءات الأحادية الجانب من قبل الفلسطينيين. وقال البيان "الدبلوماسية والمفاوضات هما السبيلان الوحيدان للتوصل إلى السلام في المنطقة، ولهذا السبب عارض الكونجرس على مر السنين فكرة الضم".
يشير انضمام هؤلاء المشرعين الموالين لإسرائيل إلى منتقدي الضم إلى إجماع واسع للغاية في الحزب الديمقراطي حول هذه القضية. حتى الآن، عارض أكثر من 60 في المائة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي الضم من جانب واحد، وفعل ذلك أيضا، أكثر من 120 عضوًا في مجلس النواب. ويقدر الكونجرس أنه في الأيام القادمة، سيكون عدد المشرعين الديمقراطيين الذين يعارضون الضم أكثر من 200، وهذا يعني أكثر من 90 في المائة من ممثلي الحزب.
ويشير تجند الديمقراطيين المعتدلين ضد الضم إلى فشل "ايباك"، اللوبي المؤيد لإسرائيل، الذي حاول إحباط الرسالة ضد الضم التي يروج لها أعضاء الكونغرس الديمقراطيون، وكان يأمل تقليص عدد الموقعين عليها قدر الإمكان. وأوضح مسؤول في اللوبي لـ "هآرتس" أن الرسالة تمثل مشكلة بالنسبة إلى "ايباك" لأنها تتعلق بخطوة مستقبلية غير محددة وقد تتلقى دعمًا من البيت الأبيض.
توصية وزارة المخابرات: هذا هو أفضل وقت للسيادة
"يسرائيل هيوم"
يشير تحليل أجرته وزارة المخابرات إلى أن الوقت الحالي هو الأنسب لتنفيذ مسار السيادة في يهودا والسامرة وغور الأردن. بالإضافة إلى ذلك، وفقا لباحثي الوزارة، لا يتوقع حدوث اشتعال أمني، والعلاقات مع الدول العربية ستعود بسرعة إلى سابق عهدها.
وتوضح "ورقة موقف" تم تقديمها إلى وزير المخابرات، إيلي كوهين، ووصلت نسخة منها إلى "يسرائيل هيوم"، فوائد عملية الضم. وقال البيان ان "الضم يغير شروط فتح مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين لصالح إسرائيل، ويوضح ثمن رفض الفلسطينيين الوصول إلى طاولة المفاوضات وبالتالي قد يحثهم على العودة إلى الطاولة لوقف المزيد من النبضات".
وبحسب المحللين في الوزارة، فإن الانتقادات الدولية ستتلاشى بعد فترة زمنية ليست طويلة. "بعد موجة من الاحتجاجات السياسية، وخاصة من قبل الحكومات، لن يؤدي الضم إلى تحريك الشارع العربي ضد الأنظمة. عدم تطور غليان في الشوارع سيوضح للقادة العرب عدم تعرضهم للضرر بسبب القضية الفلسطينية. وقد يوفر تغلغل هذا الفهم، على المدى المتوسط​​، منبرا لتحسين العلاقات مع إسرائيل، دون انتظار التسوية الإسرائيلية – الفلسطينية".
نتيجة لذلك، تعتقد وزارة المخابرات أن فرض السيادة قد يدفع الفلسطينيين في الواقع إلى الجلوس للتفاوض مع إسرائيل، وليس إلى إبعادهم. "بعد فترة من تأقلم النظام الدولي مع الضم، ستدفع هذه الخطوة الفلسطينيين وجهات في المنطقة والعالم إلى حلول وترتيبات لا تتمسك بحدود عام 1967 والجوانب الإقليمية بشكل رئيسي."
أما فيما يتعلق بمسالة التوقيت، فإن التوصية هي تنفيذ الضم الآن وعدم تأجيله، لأنه لا يمكن معرفة النتيجة التي ستسفر عنها الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر. ويقدر أيضا أنه "لن تقع اضطرابات واسعة في الأردن، خاصة إذا لم تحدث اضطرابات كهذه في يهودا والسامرة".
سبب آخر لتطبيق السيادة الآن هو "معارضة السلطة الفلسطينية لاستخدام العنف بسبب مصلحتها الوجودية".
"العالم مشغول بالكورونا"
من الأسباب الأخرى لتنفيذ هذه الخطوة في التوقيت الحالي هي "الوضع الدولي المتدني للسلطة الفلسطينية بسبب الخلاف مع الولايات المتحدة، وعدم وجود دافع لدى حماس للقتال، وعدم مبالاة الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية، والذي ينشغل معظمه في شؤون الحياة اليومية، كما أن العالم مشغول بالكورونا والجمهور العربي مشغول في القضايا المحلية".
"نساء يصنعن السلام": "الضم يمنع السلام"
"هآرتس"
شارك حوالي 200 متظاهر ومتظاهر في احتجاج نظمته حركة "نساء يصنعن السلام''، في تل أبيب يوم الخميس، ودعت خلاله الحكومة إلى وقف خطة الضم التي قد يتم تنفيذها في غضون أسبوعين.
واغلق المتظاهرون محور السلام في تل أبيب، ورددوا هتافات، من بينها: "الضم يمنع السلام". ثم توجه المتظاهرون إلى مبنى الحكومة القريب، حيث ألقيت عدة خطابات طالبت الحكومة بالعمل على تحقيق الاستقرار الإقليمي واتفاق سياسي.
غانتس لنتنياهو: سأدعم مسار الضم مقابل تمرير ميزانية لعامين
"معاريف"
قالت مصادر في كتلة أزرق أبيض لـ "معاريف" (الخميس)، انه يوجد خلاف كبير بين رئيسي الحزب، الوزيرين بيني غانتس وغابي أشكنازي، في موضوع تنفيذ خطة السلام للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وحسب هذه المصادر فانه بينما يصر أشكنازي على تمرير أهم ما ورد في الخطة بالكامل، حول غانتس مؤخرا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رسالة تقول "سأؤيد مخططك للسيادة، شريطة ان تقوم بتمرير ميزانية الدولة لسنتين والقوانين الأخرى التي تظهر في الاتفاق الائتلافي بيننا." وقد نفى مكتب غانتس هذا التقرير. 
في المقابل يدعون في الليكود بان في نيتهم تمرير قانون بسط السيادة الإسرائيلية على مناطق في يهودا والسامرة وفي غور الأردن حتى دون موافقة أزرق – أبيض. ونذكر بأنه وفقا للاتفاق الائتلافي، يحتفظ حزب غانتس بحرية التصويت على خطة الرئيس ترامب. ومع ذلك، يقولون في الليكود انه ستكون لهم أغلبية لبسط السيادة على مناطق يهودا والسامرة حتى بدون موافقة أزرق – أبيض. وعزز هذا الادعاء أمس وزير الاتصالات يوعاز هندل (كتلة ديرخ بيرتس). ففي مقابلة مع إذاعة الجيش قال هندل – لأول مرة، انه سيصوت "مع بسط السيادة، حتى لو تعارض ذلك مع رأي غانتس".
ومع أن الحكومة لم تتوصل بعد إلى توافق على مخطط السيادة، تنقل محافل في محيط ترامب رسالة تفيد بانه "سيتم فقط دفع صيغة تنفيذ خطة السلام التي تتفق عليها كل المحافل في حكومة الوحدة".
غانتس: لن أدعم فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق ذات عدد كبير من السكان الفلسطينيين
إلى ذلك تكتب "يديعوت احرونوت" أن غانتس صرح بأنه لن يدعم فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق ذات عدد كبير من السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، وشدّد على أن حزبه سيحرص على عرض هذه المسألة أمام جميع المستويات الأمنية المهنية حتى تبدي رأيها حيالها.
وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 (الخميس) أن أقوال غانتس هذه جاءت إثر تعرضه لهجوم من قبل عدد من نواب الليكود على خلفية هذه المسألة، وأدلى بها في إطار سلسلة اجتماعات عقدها في الأيام الأخيرة مع كبار المسؤولين الأمنيين، كما أعرب عن ثقته بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لن يعرّض اتفاق السلام مع الأردن والعلاقات الاستراتيجية لإسرائيل مع الولايات المتحدة للخطر من خلال خطوة غير مسؤولة.
وأكد غانتس الحاجة إلى العمل مقابل الجانب الفلسطيني والقيام بخطوات تحسّن حياة الفلسطينيين كجزء من عمليات فرض السيادة.
وزير الخارجية الأردني اجتمع مع عباس في رام الله: "إذا اختارت إسرائيل الضم فستتحمل العواقب"
"هآرتس"
هاجم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، يوم الخميس، بشدة، نية إسرائيل ضم مناطق في الضفة الغربية. وقال خلال اجتماع عقده مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله، إن موضوع الضم هو خطوة مدمرة، غير مسبوقة، ستقضي على حل الدولتين وكل مبادئ العملية السياسية". وأوضح في تصريح عقب اللقاء لعباس أن "الأردن سيقف إلى جانب الفلسطينيين بكل ما يملك من وسائل من اجل تحصيل حقوقهم".
وأضاف الصفدي أن الأردن سيستثمر كل جهوده لإحباط الضم و "إيجاد أفق حقيقي لاستئناف المفاوضات لتحقيق حل الدولتين". ووفقًا له: "إذا نفذت إسرائيل الضم، فستختار التصعيد والمواجهة بدلاً من السلام، وستتحمل العواقب – ليس فقط في كل ما يتعلق بالعلاقة كع الأردن، بل بكل الوسائل الإقليمية للتوصل إلى حل عادل وشامل".
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في ختام اللقاء مع نظيره الأردني إن هناك تنسيقًا كاملاً في المواقف بين السلطة الفلسطينية والأردن: منع الضم من جهة والعودة إلى طاولة المفاوضات بناءً على قرارات المجتمع الدولي، من جهة أخرى.
ووصل الصفدي إلى رام الله على متن طائرة مروحية ولم يكن أمر الزيارة معروفا مسبقا. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حسين الشيخ، إن الزيارة تهدف إلى تنسيق المواقف ضد الضم.
وقال مصدر سياسي فلسطيني لصحيفة هآرتس إن الصفدي جاء في زيارة عاجلة، في إطار المحادثات التي يجريها ملك الأردن عبد الله مع الدول العربية والولايات المتحدة والدول الأوروبية. وقال المصدر أن الصفدي يفترض أن يطلع الفلسطينيين حول المحادثات التي أجراها الملك في الأيام الأخيرة العرب مع حكام عرب، بمن فيهم ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد.
وأضاف المصدر أن رام الله تعتقد أن الضغط على إسرائيل وإدارة ترامب بشأن الضم بدأ في التأثير. وقال إن هذا انعكس في الجدل السياسي حول القضية في إسرائيل، وباهتمام أمريكي أكبر بالموقف الذي يقوده الأردن.
وكتب بن زايد على حسابه على تويتر: " أكدت لأخي الملك عبد الله الثاني خلال اتصال هاتفي. تضامن دولة الإمارات الكامل مع الأردن الشقيق، ورفضنا القاطع لخطوة الاحتلال الإسرائيلي لضم أراض فلسطينية بصورة غير قانونية. نتحرك سياسيا ضمن الإجماع العربي ضد هذه الخطوة غير المشروعة".
مقالات
في الضفة توجد وصفة للاشتعال حتى قبل دخول الضم إلى المعادلة
ألون بن دافيد/"معاريف"
بعد شهور من الهدوء على الحلبتين الفلسطينيتين، بدأت ترتفع درجة الحرارة هناك، في الأيام الأخيرة، ويمكن أن تصل إلى حد الغليان، دون أي علاقة بمسألة ما إذا كان سيصدر الإعلان عن الضم في يوليو المقبل، أم لا. صحيح أن الضم يهم الفلسطينيين حتى أقل مما يهم الإسرائيليين، لكن الانقطاع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل ووقف دفع الرواتب يشكلان وصفة للاشتعال. وسيكون رئيس السلطة محمود عباس مسروراً لو يحدث الانفجار في قطاع غزة وتبقى الضفة الغربية هادئة – لكن "حماس" تريد العكس تماماً. ويمكن أن تكون النتيجة انفجاراً على الساحتين.
لقد خرج الفلسطينيون في المناطق من "وباء" الكورونا من دون أضرار فادحة تقريباً وبشعور بالنجاح. وفاز اثنان بالمجد والتقدير: يحيى سنوار في غزة، الذي حصل لول مرة على ميدالية لقاء دوره في المسار المدني ويكاد يطير فرحا، ومحمد شتية، رئيس الوزراء الفلسطيني الذي فرض الإغلاق الصارم على الضفة، وبفضل ذلك ارتقى من شخصية باهتة إلى بطل قومي.  لكن الفرح الفلسطيني لم يدم طويلاً وعكّره إعلان عباس قطع العلاقات بإسرائيل.
لا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تنفصل عن إسرائيل مثلما لا يمكن لطفل عمره شهر واحد أن يعلن الانفصال عن أمه. فهي لا تملك أي قدرة على الوجود المستقل. وقد حاول جميع رؤساء الأجهزة الأمنية وكبار قادة حركة "فتح" شرح ذلك لعباس، لكنه بقي مصراً على رأيه: انفصال مطلق، غير مسبوق، يتم تنفيذه بحرص. هذا هو ميراث القائد الذي سيبلغ هذا العام 85 من العمر.
في الأسبوعين الأولين من الانفصال جرت محاولات للحوار الهادئ. وقام الجيش الإسرائيلي بتنفيذ اعتقالات بطريقة "العلامتين الزرقاوين": يبعث برسالة عبر تطبيق "واتس آب" إلى القائد الفلسطيني المعني، وعندما يرى بأنه قرأ الرسالة – يمكن الانطلاق. منذ ذلك الوقت تلقى قادة الأجهزة الفلسطينية أوامر بإغلاق هذا التطبيق في وجه قادة الجيش الإسرائيلي و"الشاباك". الآن، لم يعد هناك من يمكن تبليغه، ومع ذلك لا يزال الجيش ينفذ كل أسبوع 50 اعتقالا من دون احتكاك.
لقد أصدر عباس أوامر واضحة إلى جميع رجال الأجهزة الأمنية لديه، تقضي بالامتناع عن أي احتكاك بقوات الجيش الإسرائيلي، ويجري تنفيذ هذا التوجيه بحذافيره. عندما يلاحظون على حاجز فلسطيني طابورًا من السيارات العسكرية يدخل لتنفيذ اعتقالات في جنين، فإنهم يقومون بكل بساطة بفك الحاجز والاختفاء. هكذا أيضًا في المناطق B. وفي المقابل لم يتوقف الفلسطينيون عم العمل ضد البنى التحتية لحركتي "حماس" والجهاد الإسلامي في أراضيهم.
ولكن، في ظل انعدام التنسيق الأمني لا تستطيع السلطة الفلسطينية أن تحرك قواتها بين المدن من أجل معالجة أحداث مدنية، وهكذا قتل، هذا الشهر، ثلاثة فلسطينيين في شجار عائلي في حوارة، وقامت عائلة مريض توفي بهجوم غاضب على مستشفى بيت جالا وتدميره. الشعور بتفاقم الفوضى يتزايد. وفي المقابل، صدرت أوامر عليا بطرد سائق الدراجة النارية الذي دهس شرطيا من حرس الحدود في شارع النفق وتم إطلاق النار عليه وإصابته.
المشكلة الرئيسية هي وقف التنسيق المدني. لقد رفض عباس هذا الشهر تلقي أموال الضرائب من إسرائيل، بقيمة 800 مليون شيكل، والتي يدفع منها رواتب مستخدمي السلطة وعناصر الأجهزة الأمنية في الضفة وكذلك في غزة. ويعني وقف التنسيق المدني بقاء عشرات الآلاف من أرباب العائلات الفلسطينية من دون رواتب، بالإضافة إلى عدم تمكّن 150.000 فلسطيني يمتلكون تصاريح عمل داخل إسرائيل والمستوطنات من تجديد هذه التصاريح. ومن المتوقع أن يبدأ جميع هؤلاء قريباً بإبداء غضبهم ضد السلطة الفلسطينية في البداية، لكن سرعان ما سيتم توجيهه إلينا.
وفي ميناء أسدود هناك بضائع اشتراها الفلسطينيون بأموالهم، بما في ذلك حاويات تضم مئات الأطنان من اللحوم ولا أحد يهتم بتحريرها. ولا يصل البريد إلى سكان مناطق السلطة الفلسطينية، علما أنهم هم أيضًا تعلموا الاستمتاع بالشراء من شركتي "علّي إكسبرس" و"أمازون". صحيح أن هذا الغليان لم يتسبب بعد بزيادة الإرهاب الشعبي، لكن السبب الحقيقي لانخفاض حجم هذا الإرهاب عاد، حتى الآونة الأخيرة، إلى الوضع الاقتصادي الجيد نسبياً في يهودا والسامرة.
إن ما يقلق إسرائيل بشكل رئيسي هو ازدياد قوة التنظيم، الذي كدنا لا نسمع عنه منذ الانتفاضة الثانية، ولكنه أثبت في الشهور الأخيرة أنه أكثر قوة ناجعة على الأرض. انه يضم أكثر من 30.000 مسلح لا يخضعون لإمرة أحد ويرون أنفسهم كميليشيا شعبية للفلسطينيين. عندما انفجرت أزمة فيروس كورونا تم استدعاؤهم من جانب الأجهزة الأمنية للمساعدة في فرض إجراءات الإغلاق والعزل. وفي لحظة واحدة أثبتوا قدرة تنظيمية وسيطرة، وخرجوا لتنفيذ المهمة.
ولم يكتف رجال التنظيم بتطبيق الإغلاق، إذ سرعان ما بدأوا بتنفيذ عمليات تعقيم في المؤسسات، وفرض المراقبة على أسعار الواد الغذائية، وتنفيذ دوريات ونشر حواجز. لا يتلقى أفراد التنظيم أوامر من محمود العالول الذي يُعتبر عملياً رئيس "فتح"، بل يعملون تحت إمرة قادة محليين، وهم ما زالوا من المؤيدين لمروان البرغوثي ويصغون إلى توفيق الطيراوي، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات وأحد المعارضين البارزين لعباس الآن. ويمكن لأمر واحد يصدر عن قائد محلي أن يجعل التنظيم يغير الواقع الميداني، سواء من خلال تنفيذ عمليات إطلاق نار أو تشجيع التظاهر العنيف.
في هذه الأثناء يمتنع الجيش الإسرائيلي عن زيادة قواته في يهودا والسامرة كي لا يتسبب ذلك بزيادة تسخين الأجواء. لكن من شأن أي حادثة أن تشعل من جديد الإرهاب الشعبي أو إرهاب الأفراد.
***
يجب أن نضيف أن قائد "حماس" في غزة يحيى السنوار يراقب ما يحدث في الضفة من غزة، ويبحث عن طريقة لصب الزيت على النار. انه لا يزال يتعطر بالمديح الذي تلقاه على معالجته للكورونا، لكنه يرى القطاع، بسكانه المليونين، وهو يتدهور هذا الشهر إلى نسبة بطالة تزيد عن 50%. سنوار يمنع خروج العمال إلى إسرائيل (خفا من إصابتهم بالكورونا) كما توقفت معابر التجارة في غزة، التي تدار من قبل رجال السلطة.
ويحدث هذا كله بعد شهور تنفّس فيها سكان غزة الصعداء وتمتعوا فيها بهدوء نسبي في أيام الجمعة. بدلًا من إرسال الأولاد للتظاهر على السياج وعدم معرفة الحالة التي سيرجعون بها، يمكن إرسال الأولاد للاستمتاع على شاطئ البحر. الغزيون لا يشتاقون إلى أيام المظاهرات والبالونات الحارقة، لكن في حال شعور سنوار بتصاعد حدّة الغضب الاجتماعي ضده، سيسارع إلى توجيه هذا الغضب نحو إسرائيل.
الصاروخ الذي سيصيب ويثير رد فعل إسرائيلي أو استئناف إطلاق البالونات والحرق المتعمد يمكن أن يقودنا بسهولة إلى مسار تصادم في غزة، على الرغم من أن سنوار وحماس غير مهتمين بذلك. ويوصي الجيش الإسرائيلي، بكل لغة، بتزويد قطاع غزة بالحاجات الإنسانية الأساسية – مثل السماح بخروج العمال وإدخال أموال المساعدات من قطر، واشتراط أي مشاريع مهمة بحصول تقدّم في مسألة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين.
يظل الغائب الأكبر في هذه المعادلة مقابل الفلسطينيين هو ما الذي يحدث بين أذني شخص آخر. لا الجيش ولا الشركاء في الائتلاف يعرفون ما الذي ينوي نتنياهو إعلانه، ومن المشكوك فيه أنه اتخذ القرار. الأمر الواضح هو أنه حتى في حال إعلانه عن الضم الجزئي للكتل الاستيطانية التي تُعتبر محل إجماع إسرائيلي، من شأن ذلك أن يجرّ ردة فعل قاسية من طرف الأردن، الشريك الأقرب لإسرائيل في المنطقة. ومن غير الواضح كيف ستكون ردة الفعل في المناطق الفلسطينية. لكن في الجيش الإسرائيلي يستعدون لسيناريوهات تتراوح بين ردة فعل تتمثل في تصعيد الإرهاب والاحتكاكات، وحتى اندلاع مواجهة واسعة على الحلبتين الفلسطينيتين.
السلطة الفلسطينية لا يمكنها أن تبتلع الضم، ولكن حلها أيضًا ليس واردًا
تسفي برئيل/ "هآرتس"
​عليّ الجرباوي، وزير سابق في السلطة الفلسطينية ومحاضر في جامعة بير زيت، ينظر بتمعن إلى الشرك الذي وجدت السلطة الفلسطينية نفسها فيه إزاء خطط الضم. حسب رأيه، السلطة دخلت الآن في وضع لا تستطيع فيه ابتلاع القرار، ولكنها أيضا لا تستطيع لفظه. "الخطر الأساسي كان عندما واصلنا الاتصالات مع إسرائيلي بعد 1999، وهي السنة التي كان من شأن اتفاقات أوسلو أن تنتهي فيها وكان يجب أن تقوم الدولة الفلسطينية"، قال مؤخرا في مقابلة مع الموقع الفلسطيني "عرب 48". الجرباوي ينتقد عدم اشتراط السلطة الفلسطينية للاتصالات بجدول زمني حازم وتجميد كل البناء الاستيطاني في المناطق، إلى جانب معارضة تقسيم الضفة إلى مناطق A، B و־C. ولكن في حينه، حسب قوله، "كان هناك أمل، على الأقل، بقيام دولة فلسطينية وبحل الدولتين”. الآن عندما تمنع إسرائيلي هذين الاحتمالين فهو يعتقد أنه لم يبق أي خيار للسلطة. "لا يمكن حل السلطة ولا يمكن الانفصال عن الاتفاقات مع إسرائيل".
​حل السلطة الفلسطينية تحول في نظر الجرباوي والكثير من المتحدثين الفلسطينيين، إلى شعار فارغ، سيقضي تطبيقه على أكبر إنجاز للفلسطينيين ضمن اتفاقات أوسلو. فمن قيادة حركية قائمة على فصائل، قدمت السلطة لإسرائيل والعالم كيانًا معترفًا فيه ومتفق عليه – وعلى الرغم من الشرخ مع حماس أصبحت حكومة ذات صلاحيات ومثلت الفلسطينيين في أرجاء العالم، بما في ذلك في الأمم المتحدة. بالنسبة للفلسطينيين هي الجسم الأعلى المسؤول عن الإدارة اليومية لشؤونهم رغم إخفاقاتها الكثيرة.
​عندما يفكر محمود عباس بصوت عال بالاستقالة ووضع مفاتيح السلطة على طاولة إسرائيل، فهو يهدد بأن إسرائيل ستضطر إلى ادارة الضفة مباشرة ومعالجة مشكلات الصحة والتعليم وجودة البيئة ودفع رواتب نحو 150 ألف من موظفي السلطة في الضفة، إضافة إلى تحويل الأموال لقطاع غزة. وفي نفس الوقت يدرك بأن حل السلطة يعني إقالة عشرات آلاف الموظفين ومس شديد باقتصاد الضفة، وفي الأساس فقدان السلطة لصلاحية التمثيل، هذا في الوقت الذي تظهر فيه معظم الدول العربية، لا سيما الدول التي يمكنها التأثير على الخطوات السياسية، مثل السعودية والإمارات ومصر، عدم المبالاة بالضم وتكتفي بتحذيرات، مثل تحذير سفير دولة الإمارات في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، في مقال نشره في “يديعوت احرونوت” قبل أسبوع.
​ملك الأردن، عبد الله، الزعيم الأكثر قلقا من الضم، حذر إسرائيل والولايات المتحدة، لكن لا يبدو أن لديهما الوقت للإصغاء إليه. وكان هناك من أرادوا عرض تحذيراته وكأنها موجهة أيضا للسلطة: "صرخة الملك عبد الله هي غضب على إسرائيل وبينة ضد القيادة الفلسطينية التي لم تتخذ أي خطوة عملية لمواجهة الضم”، كتب المحلل السياسي فايز أبو شمالة في موقع "الرأي اليوم". "الفلسطينيون لا يواجهون الاختبار، بل يواجهون نكبة. وهذه لا يتوقع ان تكون نكبة فلسطينية فقط ونتائجها لن تقتصر على ارض فلسطين". وحسب قوله فان نتائج هذه الخطوة يمكن أن تضر بالأردن. ولكن بدلا من تحذيره كان يجب على الفلسطينيين الخروج بدعوة احتجاجية تقول "من أكل ثمار السلطة خلال عشرات السنين يجب عليه أن يُسمد الأرض الفلسطينية بالمكاسب والإنجازات".
​السلطة من ناحيتها تدير نضالًا مزدوجًا – ضد الضم وضد المكاسب السياسية التي تريد حماس اقتطاعها. في الرسالة التي أرسلها رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، إلى الأمين العام للجامعة العربية، احمد أبو الغيط، طلب عقد اجتماع عاجل للقمة العربية لمناقشة الضم – وتم الرد عليه باستخفاف وانتقاد من جانب السلطة ومن جانب فتح بدعوى أنه غير مخول بتقديم طلب كهذا. عباس من ناحيته اكتفى بمراسلات مع رؤساء الرباعية لشؤون الشرق الأوسط (باستثناء الولايات المتحدة)، طلب فيها ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف الضم. تصريحه الذي صدر في الشهر الماضي والذي قال فيه بأنه يوقف التنسيق الأمني ويرى نفسه في حل من الاتفاقات، قوبل بردود متشككة. وزير الشؤون المدنية في السلطة، حسين الشيخ، قال لصحيفة “نيويورك تايمز”: “نحن لا نريد الوصول إلى نقطة اللا عودة. ولكن الضم هو نقطة كهذه في العلاقات مع إسرائيل”. وفي نفس الوقت أوضح “إذا علمنا أن شخص ما يخطط لتنفيذ عملية في إسرائيل، فنحن سننقل إليها هذه المعلومة. وإذا نفذ هذا الشخص عملية في المناطق فسنقوم باعتقاله ومحاكمته لدينا”. ورغم أن الشيخ لم يقل بأن المعلومة ستنقل إلى إسرائيل مباشرة إلا أن أقواله أثارت انتقادا لاذعا، لأنها تبرهن أن التنسيق الأمني ما زال قائما، وأن السلطة لا تشجع الانتفاضة.
​خلاف في كل الساحات
​علامة الاستفهام حول احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة تشغل الجيش الاسرائيلي والاستخبارات الإسرائيلية. في الأسابيع الأخيرة نشرت تحذيرات حول ذلك وعن الاستعدادات العسكرية إلى جانب تكلفة المواجهة على حساب الجبهة الشمالية. وفي نفس الوقت نشرت تحفظات لشخصيات رفيعة في الجيش من أن الحكومة لا تكشف جميع خططها وتصعب عليهم الاستعدادات. "نحن لا نستطيع في هذه المرحلة العثور على استعدادات على الأرض تمهيدا لانتفاضة”، قال للصحيفة ضابط رفيع في الجيش يعمل في الساحة الفلسطينية. "السلطة تعمل الكثير في المجال السياسي، تطور العلاقات مع روسيا وفرنسا، مدعومة من قبل ألمانيا التي تعارض بشدة الضم. ولكن لا يوجد حتى الآن استعداد من جانبها تمهيدا لحل أو نضال عنيف ومنظم”.
​لكن المشكلة هي أن السلطة لا تسيطر على مبادرات حماس والجهاد الإسلامي و"مبادرين أفراد” يمكن أن يشعلوا مواجهات عنيفة تتطور إلى عصيان مدني. الصحافي الأردني، زيد فهيم العطاري، يعتقد أن احتمالية اندلاع انتفاضة ثالثة ضعيفة لأن الجمهور الفلسطيني منشغل بمسائل وجود فورية والحفاظ على إنجازاته، لا سيما في مجال الاقتصاد. إضافة إلى ذلك، لا توجد استراتيجية وطنية يمكنها أن تجند حولها جمهور كبير في الشارع وأيضا الخوف من الكورونا يمكن أن يمس بعمل جماهيري واسع.
​يوجد لحماس موقف رسمي مختلف: نائب هنية، صلاح العاروري، قال يوم الاثنين لقناة “الأقصى” التابعة لحماس بأن أعضاء الحركة “يؤيدون جهود السلطة، ولكنهم يعتمدون على حركة الجمهور التي ستتحول إلى ثورة شعبية ضد الاحتلال أكثر مما يعتمدون على السياسة والدبلوماسية”. ويبدو أن موقفه يظهر نية التنسيق مع السلطة و"تقسيم العمل" بين الجهود السياسية والتجند العسكري. ولكن ليس من الواضح أن هذا هو أيضًا موقف القيادة في غزة. مؤخرا الوضح هنية “نحن لا نرى تعاونا جديا مع اللقاءات التي جرت في السابق (بين حماس وفتح). لذلك، أي دعوة للقاء غير جدي ولا تتبنى استراتيجية وطنية، هي دعوة غير مجدية في الوقت الحالي”. أقواله هذه غير موجهة فقط لقيادة فتح، بل تشير أيضًا إلى خلافات داخل حماس.
​ويظهر حرج وعجز الفلسطينيين، أيضًا، في السلوك اليومي. السلطة تواجه احدى الأزمات الاقتصادية الأصعب في حياتها، بعد أن أعلن عباس عن رفض تسلم أموال الضرائب التي تعود للسلطة في إطار وقف التنسيق مع إسرائيل. وبسبب ذلك توقفت السلطة في الشهر الماضي عن دفع الرواتب والموظفين لا يعرفون متى سيتسلمون راتب شهر حزيران. وقد قال أول أمس المندوب الفلسطيني في الجامعة العربية، ذياب اللوح، بأن طلب السلطة من الجامعة للمصادقة على قرض شهري بمبلغ 100 مليون دولار لم تتم الاستجابة له حتى الآن. الطلب تم تقديمه بعد عدم وفاء الدول العربية التي تعهدت بمنح الفلسطينيين هذا المبلغ بتعهداتها وبعد قفز العجز في السلطة إلى 1.4 مليار دولار.
من يخاف من انتفاضة على خلفية الضم يجب عليه الخوف أكثر من انتفاضة مصدرها الصعوبات الاقتصادية، مثل النوع الذي اندفع في لبنان والعراق أو في غزة قبل فتح الصراف الآلي القطري أمامها. “السلطة تشبه دولة فرضت على نفسها عقوبات دون فحص التداعيات أو أنها بنت لنفسها خطة خروج وإنقاذ، والآن تجلس على الجدار وتنتظر شفقة العالم”، قال للصحيفة مراسل فلسطيني فضل عدم ذكر اسمه. “لأنهم لدينا يزورون في الليل من ينتقد السلطة”. ويبدو أن هذا وضع يبعث على اليأس الذي يستدعي انتفاضة أو عمل شعبي آخر ضد الضم. ولكن حسب أقوال المراسل فان “فلسطينيين كثيرين تعلموا التأقلم مع الوضع القائم. وهم حتى الآن غير جوعى”، وأضاف “أيضا إذا كان هناك من يريد القيام بنشاط كهذا فمن سيقوده؟ السلطة؟ قوات الأمن التابعة لها؟ انتفاضة كهذه كان يجب أن تندلع قبل سنين، ليس ضد إسرائيل، بل ضد الفاسدين لدينا. ولكن الضم يجبرنا الآن على إظهار التضامن مع السلطة. أولا وقبل كل شيء الوطنية وبعد ذلك تنظيف الإسطبلات".
تقديرات الشاباك: تطبيق السيادة لن يمر بدون عنف
بن كسفيت/ "معاريف"
موقف النظام الأمني ​​من الضم: أولاً، المصطلح. رؤساء الأذرع العسكرية لا يسمونه الضم ولا السيادة. يسمونه "تطبيق القانون". ثانيًا، لم يتم عرض الموقف حتى الآن على صانعي القرار بطريقة منظمة. في الأسبوع المقبل ستقام "لعبة حرب" حول اليوم التالي لـ "تطبيق القانون" بمشاركة الجيش الإسرائيلي والشاباك.
ويسود التقدير بأنه ستجري مناقشة منظمة، إما الأسبوع المقبل، أو الأسبوع الذي يليه. ولا يعرف الجيش الإسرائيلي والشاباك، حتى الآن، ما الذي يريده صانعو القرار والى أين سيتجهون، لكنهم يستعدون لكل الاحتمالات. أيا كان، يؤكد رئيس الشاباك، نداف ارجمان، ورئيس الأركان، أفيف كوخافي، أنهما سيقدمان ردًا لكل سيناريو وسيوفران غلافًا واقيًا لكل حالة.
ويقدر جهاز الأمن العام (الشاباك) أن تطبيق القانون لن يمر دون عنف. ويقدر أنه سيبدأ في الجنوب، ربما من قبل "المنظمات المارقة" والجهاد. والسؤال بالطبع هو ما إذا كانت حماس ستكون قادرة على الوقوف على الحياد. الجواب هو كما يبدو، لا. لكن السؤال المهم هو ما إذا كانت منطقة يهودا والسامرة ستشتعل في أعقاب غزة؟
بخصوص قوة الرد: الحد الأدنى المتوقع، رد محلي في غزة، والحد الأقصى انتفاضة ثالثة. لكن هذا لن يمر بهدوء. في قسم البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية تم صياغة موقف، لكن موقف الجيش الإسرائيلي يعبر عنه رئيس الأركان وهو لم يوقعه بعد. ويسود الافتراض أن وزير الأمن، بيني غانتس، يعرف رأي رئيس أركان الجيش. وفي الأسبوع المقبل، سيعرف ذلك، رئيس الوزراء أيضا.
يُعتقد أن موقف الجيش الإسرائيلي لا يختلف عن موقف جهاز الأمن العام، الذي يرى أن هناك فرصة معقولة لاندلاع العنف، ولكن من دون تحديد مستوى قوته. يعتمد الأمر على العديد من المتغيرات الأخرى: ما يحدث في الشارع الأردني سيكون له تأثير كبير على يهودا والسامرة. إلى أي مدى يعتبر الدعم الذي تلقاه العاهل الأردني، هذا الأسبوع، من تغريدة حاكم الإمارات محمد بن زيد (MBZ)، دعما جارفًا، أو إلى أي مدى ستتحول التحذيرات والتصريحات القاسية الصادرة من الخليج إلى أفعال بعد "تطبيق القانون" أو أنها ستبقى مجرد تصريحات إعلانية. على هذا كله يركز الآن جهاز المخابرات في الجيش الإسرائيلي والموساد.
وما دمنا قد قلنا الموساد، فمن المعتقد أن يوسي كوهين سيظهر موقفًا مستقلًا، كعادته، كما هو الحال بين التنظيمات الصديقة في كيان منفصل. ويعتقد أن كوهين أكثر تفاؤلاً من زملائه ومن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، العقيد تمير هيمان. القضايا الأخرى التي ستطرح: إلى أي حد سيمس التركيز على الساحة الفلسطينية الداخلية والجهد الذي سيحتاجه النظام الأمني لتجاوز الحدث، بالانتباه والتركيز والطاقة والوسائل التي تستثمرها إسرائيل في القطاعات الأخرى الأكثر أهمية، أي الساحة الشمالية والقضية الإيرانية. هذا أيضا اعتبار أمني.
خلاصة القول: سيسمع نتنياهو وغانتس تحذيرات. هذا لن يشبه الخروج في رحلة بعد الظهر، من سيتخذ القرار بالضم هنا، يجب أن يأخذ في الاعتبار أنه قد يتم استدعاؤه للإدلاء بشهادته في لجنة تحقيق، ومواجهة المخاطر التي أخذها على نفسه. من ناحية أخرى، تاريخنا مليء بالتحذيرات التي لم تتحقق، وبالمخاطر التي تم أخذها بشكل صحيح وناجح، إلى جانب الكوارث التي جاءت دون أي إشعار مسبق أو تحذير.
"احتمال إغلاق الشباك أمام فرص تحقيق صفقة لتبادل الأسرى"
يوآب ليمور/ "يسرائيل هيوم"
تحذر جهات مشاركة في المفاوضات مع حماس حول صفقة تبادل الأسرى من احتمال إغلاق "نافذة الفرص النادرة" القائمة الآن. وفي رأيهم، حماس مهتمة بالتوصل إلى اتفاق، والتأخير ينبع بشكل رئيسي من الجانب الإسرائيلي.
وتحتجز حماس جثتي جنديين من الجيش الإسرائيلي، هما هدار غولدين وأورون شاؤول، اللذان قُتلا في عملية الجرف الصامد قبل ست سنوات، بالإضافة إلى المدنيين أبرا منغيستو وهشام السيد، اللذان عبرا الحدود طواعية إلى قطاع غزة. وجرت في السنوات الأخيرة اتصالات متباطئة بين الجانبين، ولكن في الشهر الأخيرة، تم تسريع الاتصالات على خلفية أزمة كورونا. فقد خافت حماس من انهيار النظام الصحي في غزة وازدياد التدهور في الأوضاع الإنسانية، فسعت إلى إجراء صفقة لتبادل الأسرى في اتفاق أكبر.
ولكن، يتضح الآن أنه على الرغم من رغبة حماس، فإن الاتصالات بين الطرفين كانت كسولة. وقال المسؤولون إن المسؤولية عن ذلك تقع بشكل رئيسي على الجانب الإسرائيلي. ووفقًا لهم، هناك سببان رئيسيان: نقص الإصغاء من جانب القيادة السياسية العليا، التي من المفترض أن تقود عمليات صنع القرار في هذه القضية، ونقص السلطة في أيدي منسق شؤون أسرى الحرب والمفقودين، يارون بلوم.
وقال المسؤولون إنه بخلاف الشخصيات الأخرى التي تولت في السابق منصب منسق شؤون الأسرى والمفقودين، فإن تأثير بلوم على صناع القرار وعمليات صنع القرار محدود. وبحسبهم، فإن الشخص الذي يملأ الفراغ هو مسؤول كبير في جهاز الشاباك يُعرف باسم "معوز"، وتمت إعارته حاليًا لمجلس الأمن القومي، ويعتبر الشخص الأقرب إلى رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات.
يدير معوز قسم منطقة الشرق الأوسط والعلاقات الخاصة، بما في ذلك جميع العلاقات السرية مع الدول الإسلامية. ماضيه في الشاباك، ومعرفته الحميمة بالساحتين الفلسطينية والمصرية – بالإضافة إلى لغته العربية – جعلته عاملاً محوريًا في جهود الترتيبات الجارية مع حماس، وبالتالي إلى الاتصالات لدفع صفقة أسرى جديدة. وتعتقد بعض المصادر أن علاقات معوز وقربه من رئيس الوزراء هي الآن المفتاح لإبرام صفقة.
وأضاف المسؤولون في الوقت نفسه أن اهتمام صانعي القرار بالقضية "محدود وجزئي للغاية". فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن بيني غانتس يهتمان بشكل رئيسي بالكورونا، والأزمة الاقتصادية، ومسائل الضم، ومجموعة متنوعة من القضايا السياسية، ويكرسون القليل من الوقت لمسألة الأسرى والمفقودين.
وتقول المصادر: "مع الإصغاء المحدود جدًا من قبل كبار صانعي القرار، لا توجد فرصة كبيرة لدفع هذه القضية. تتطلب مثل هذه الصفقات المعقدة ممارسة يومية مكثفة للتوصل إلى اتفاق. وهذا أبعد ما يكون عن الواقع. والنتيجة، كما يقولون، هي أن "حماس تبدو أكثر جدية منا".
على الرغم من مشاركة أطراف دولية مختلفة في هذه الاتصالات (بما في ذلك الألمان والأمم المتحدة)، إلا أن مصر تظل الوسيط المركزي بسبب علاقاتها العميقة مع غزة وتأثيرها على قيادة حماس. وخلال أزمة كورونا، تقلصت اللقاءات بين الممثلين الإسرائيليين والمصريين إلى حد كبير، لكن المسؤولين يقولون "يمكن عمل شيء أكبر" حتى من خلال الوسائل القائمة في سبيل دفع الصفقة.
وهم يحذرون من أن "نافذة الفرص النادرة" – القائمة الآن في ضوء وباء كورونا والأزمة الحادة في قطاع غزة – قد تغلق، وإذا حدث ذلك، "لن نعرف متى سنحظى بفرصة مماثلة مرة أخرى في المستقبل المنظور".

التعليـــقات