رئيس التحرير: طلعت علوي

بريطانيا تعتزم فرض رسوم جمركية على السلع الأوروبية

الأحد | 02/02/2020 - 09:53 صباحاً
بريطانيا تعتزم فرض رسوم جمركية على السلع الأوروبية

 

يستعد بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني لفرض جميع الرسوم الجمركية على السلع القادمة من دول الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا، وكذلك إجراء فحوص كاملة لها، بدءا من العام المقبل، وذلك في محاولة لزيادة الضغوط على الاتحاد خلال محادثات تجارية مقبلة.
وبحسب "رويترز"، نقلت صحيفة "ديلي تليجراف" عن مصدر بارز في الحكومة البريطانية قوله: "نعتزم الفحص الكامل لكل واردات الاتحاد الأوروبي.. تصاريح التصدير والتصاريح الأمنية والفحص الصحي للحيوانات وكل سلع البقالة، التي ستمر عبر نقاط التفتيش الحدودية.. هذا سيضاعف التحدي على المستوى العملي عند الحدود في يناير 2021".


وغادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي أول أمس بموجب اتفاق انتقالي مؤقت يبدأ فترة مدتها 11 شهرا يأمل خلالها جونسون في التفاوض حول اتفاق للتجارة الحرة مماثل لما أبرمته كندا والاتحاد الأوروبي.
ولدى سؤالها عن تقرير الصحيفة، أفادت متحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء أن التغيير قادم لا محالة، مضيفة "نحن نترك الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي والسوق الموحدة. وهذا يعني أن الشركات يجب أن تستعد للحياة خارج هذا السياق".
وذكر اتحاد غرف التجارة البريطانية (بي.سي.سي) أنه يتعين على الحكومة إعطاء الأولوية للتدفق الحر المستمر للبضائع عبر الموانئ بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
وبدأت بريطانيا أمس عهدا جديدا خارج الاتحاد الأوروبي بتحديات جديدة تتمثل في نسج علاقات جديدة مع التكتل، الذي يضم 27 دولة وتحديد مكانها الجديد في العالم.
وأمام البرلمان في لندن، تبادل بريطانيون التهنئة احتفالا باستعادة استقلالهم.


وفي شمال إنجلترا المشكك في جدوى الاتحاد، أطلقت الألعاب النارية، لكن في أدنبره، أضيئت الشموع حزنا على الانفصال مع حلم عودة اسكتلندا مستقلة يوما ما إلى الحضن الأوروبي.
وأمضى آخرون الدقائق الأخيرة في الاتحاد الأوروبي على متن عبارة بين مرفأي كاليه ودوفر ليلا في بحر المانش. وقد سادت أجواء من الحزن في واحدة من آخر رحلات العبارات، التي تقطع عادة 42 كيلو مترا بين البلدين.
وقال الإيطالي إليسيو بورتوني، الذي عاش في بريطانيا عشرة أعوام إن "ما يحدث اليوم مؤسف جدا"، واحتفل بعض البريطانيين في إسبانيا في عدد من الحانات. لكن كثيرين من المؤيدين لأوروبا كانوا يتمنون ألا يأتي هذا اليوم.


وبعد ثلاثة أعوام ونصف العام من التقلبات، أصبح "بريكست"، الذي أيده 52 في المائة من الناخبين البريطانيين في استفتاء 2016، واقعا، وبعد 47 عاما من العمل الأوروبي، خسر الاتحاد للمرة الأولى دولة عضوا ومعه 66 مليون نسمة.
ووعد رئيس الوزراء البريطاني في الأشهر الأخيرة بعصر ذهبي جديد لبلده، لكن ما زالت أمامه مهام كبيرة لجعل شعاره "بريطانيا عالمية"، الذي يفترض أن يرمز لبلد مستعد لمواجهة العولمة، حقيقة.


هل يلتفت جونسون إلى الولايات المتحدة، التي تمد له يدها؟ هل يصبح منافسا جديدا على أبواب الاتحاد الأوروبي؟ أم بالعكس، يتقرب بقوة من الأوروبيين الذين يبقون شركاء لا يمكن الالتفاف عليهم؟
يفترض أن يقدم رئيس بلدية لندن السابق غدا الإثنين رؤيته في خطاب، بينما سيعرض كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه أولويات المرحلة الجديدة للمفاوضات، التي تفتتح في لندن.


وفي خطاب بث قبل ساعة من "بريكست"، وعد رئيس الوزراء المحافظ البالغ من العمر 55 عاما وراهن على "بريكست" "بنجاح تتردد أصداؤه أيا تكن العقبات.. أهم شيء يجب أن نقوله مساء اليوم هو أن هذا ليس النهاية، بل البداية، لحظة الفجر ورفع الستار على فصل جديد"، ووعد "ببداية عصر جديد من التعاون الودي" مع الاتحاد الأوروبي.
ويشكل الحدث التاريخي فصلا جديدا يجب كتابته، لكنه ليس نهاية الانقسامات، التي مزقت بريطانيا، إذ إن مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي يشعرون بالمرارة، خصوصا في المناطق، التي صوت معظم ناخبيها مع البقاء في الاتحاد، في اسكتلندا وإيرلندا الشمالية.


وقال كوري (29 عاما)، الذي كان يحتفل مع أشد المؤيدين لـ"بريكست" أمام البرلمان البريطاني بدعوة من المشكك في جدوى الوحدة الأوروبية نايجل فاراج "إنني سعيد لأن هذا حدث فعلا"، وأضاف "إنه أمر محزن قليلا لأنه كان من الأفضل للاتحاد الأوروبي أن يولي مزيدا من الاهتمام للدول الأعضاء".
أما الصحف البريطانية فقد بدت منقسمة بشأن الحدث، وكتبت صحيفة "تايمز" السبت "نقطة البداية: المملكة المتحدة تغادر الاتحاد الأوروبي"، أما صحيفة "ديلي إكسبرس" الشعبية فقد عنونت "مملكة متحدة جديدة مجيدة".


من جهتها، قالت صحيفة "ديلي تلجراف" المؤيدة لـ"بريكست" والمقربة من جونسون إن هذه اللحظة تاريخية لكنها لن تؤدي إلى تغييرات كبيرة على الفور، فلإنجاز الانفصال بهدوء، ستواصل المملكة المتحدة تطبيق القواعد الأوروبية حتى 31 كانون الأول (ديسمبر) ودون أي تصريحات، اختفى علم بريطانيا من مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
ويفترض أن يتم تحديد مجالات التعاون في التجارة وصيد السمك والأمن وغيرها، بحلول نهاية العام الجاري. وفي الأسابيع المقبلة، ستبدأ مفاوضات تبدو شاقة ونتائجها غير مؤكدة.
وتأمل لندن في التوصل إلى نتيجة في زمن قياسي قبل نهاية العام وتستبعد تمديد المرحلة الانتقالية إلى ما بعد 2020. وتعد المفوضية الأوروبية هذه الفترة الزمنية غير كافية.
ووجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة إلى البريطانيين بعد خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي وأعلن اعتزامه زيارة لندن في حزيران (يونيو) المقبل.


وكتب ماكرون في خطاب نشره على موقع "فيسبوك"، بالإنجليزية، أن "الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي يمثل صفعة لجميع الأوروبيين.. أصدقائي البريطانيين الأعزاء، غادرتم الاتحاد الأوروبي لكنكم لم تغادروا أوروبا".
ونوه الرئيس الفرنسي في خطابه إلى الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديجول، بطل الحرب العالمية، الذي دعا من لندن في الـ18 من حزيران (يونيو) 1940 بعد الهزيمة العسكرية، التي منيت بها بلاده إلى استئناف الحرب من المستعمرات.


وقال ماكرون إنه سيمنح مدينة لندن وسام جوقة الشرف الفرنسي في حزيران (يونيو) المقبل.
وفيما يتعلق بالشراكة المقبلة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، حذر ماكرون من "التنافس الضار"، عادا أن الوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي مرهون بمدى الالتزام بقواعد التكتل، وفي السابق اتبعت فرنسا نهجا متشددا فيما يتعلق بملف الخروج البريطاني.


أعرب وزير المالية الألماني، أولاف شولتس، عن اعتقاده بأن بلاده صار لديها مسؤولية متنامية تجاه الاتحاد الأوروبي عقب خروج بريطانيا من الاتحاد.
وقال السياسي المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي في تصريحات لصحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونج" الألمانية: "تضامن الاتحاد الأوروبي صار على عاتقنا الآن. ضمان السيادة الأوروبية هو أهم مسعى قومي لألمانيا".


ولن يتغير كثير في الممارسة العملية خلال فترة انتقالية مدتها 11 شهرا، حيث يسعى الجانبان إلى التفاوض حول علاقة مستقبلية تشمل التعاون التجاري والأمني والسياسي.
وذكر شولتس أن خروج بريطانيا "المأساوي" من الاتحاد الأوروبي يقدم أيضا فرصة لبداية جديدة للتكتل الأوروبي، مشيرا إلى أن "بريكست" دفع التكتل إلى التكاتف.
وبدد شولتس مخاوف من أن تصبح بريطانيا الآن واحة للتهرب الضريبي، وقال: "بريطانيا أكبر من أن تغري شركات بتحصيل ضرائب منخفضة للغاية منها.. على العكس: بريطانيا شريكتنا في المساعي للحد من الإغراق الضريبي".

التعليـــقات