رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الإسرائيلية 24-25 كانون الثاني 2020

الأحد | 26/01/2020 - 11:24 صباحاً
أضواء على الصحافة الإسرائيلية 24-25 كانون الثاني 2020


في التقرير:
• ترامب: قد يعارض الفلسطينيون خطة السلام في البداية، لكنها جيدة بالنسبة لهم
• دعوة نتنياهو وغانتس إلى واشنطن لمناقشة "صفقة القرن" قبل إعلانها على الملأ
• غانتس متردد في قبول دعوة ترامب
• "أفضل خطة عرضت على إسرائيل"
• السلطة الفلسطينية تعارض الخطة وتحذر
• أوروبا لا تنوي طرح مبادرة بديلة: "سنترك خطة ترامب تفشل من تلقاء نفسها"
• عباس يستقبل بوتين ومكرون
• إحراق مسجد في القدس وكتابة شعارات معادية للفلسطينيين على جدرانه
مقالات
• الهدف الحقيقي لـ "صفقة القرن" هو السلام بين نتنياهو وغانتس
• ترامب يغير اتجاه التاريخ
• في عمّان يفترضون أن صفقة القرن هي مناورة انتخابية، لكنهم يخشون ردود الشارع
• صفقة لا تقود إلى أي مكان

ترامب: قد يعارض الفلسطينيون خطة السلام في البداية، لكنها جيدة بالنسبة لهم
"هآرتس"
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الخميس، أنّه يعتزم كشف خطّته للسلام في الشرق الأوسط قبل الزيارة التي سيُجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى واشنطن، يوم الثلاثاء. وقال ترامب "أنا واثق من أنّهم قد يردّون في بادئ الأمر بصورة سلبية لكنّها (الخطّة) في الحقيقة إيجابية للغاية بالنسبة لهم".
ولم يذكر المسؤولون الأمريكيون أنهم دعوا مندوبين فلسطينيين أيضًا لمناقشة القضية، لكن ترامب قال إن الإدارة "تحدثت بإيجاز" مع الفلسطينيين وسوف تتحدث معهم مرة أخرى لاحقًا. وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس: "نحذر إسرائيل والولايات المتحدة من تجاوز الخطوط الحمراء".
ووفقًا للمصادر الإسرائيلية، ستضمن الخطة سيادة إسرائيل في جميع المستوطنات القائمة وضم غور الأردن كحدود شرقية لإسرائيل. وأضافوا أن المناطق المعرّفة حاليًا على أنها فلسطينية من المرجح أن تظل تحت سيطرتها – وسيتم تعريفها كدولة منزوعة السلاح. وقالت المصادر إن الرفض الفلسطيني الفوري لترامب من شأنه أن يشرع تدابير الضم من جانب واحد. ونشر الرئيس ترامب ليلة الخميس تغريدة على تويتر، كتب فيها أن "التقارير حول تفاصيل خطة السلام والجدول الزمني لها هي مجرد تكهنات".
دعوة نتنياهو وغانتس إلى واشنطن لمناقشة "صفقة القرن" قبل إعلانها على الملأ
"معاريف"
من المتوقع أن يعلن البيت الأبيض عن خطة إدارة ترامب للسلام قريبًا. وتم دعوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس حزب "ازرق – أبيض" بيني غانتس، إلى واشنطن يوم الثلاثاء المقبل لاطلاعهما على تفاصيل الخطة. وقال نائب الرئيس مايك بينس بعد لقائه رئيس الوزراء نتنياهو في القدس، أن الرئيس ترامب طلب منه دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض لمناقشة تفاصيل الخطة. وقال بينس: "طلب مني ترامب توجيه دعوة إلى نتنياهو للمجيء إلى البيت الأبيض الأسبوع المقبل للحديث عن الشؤون الإقليمية وإمكانية السلام في المنطقة. كما أنني سلمت دعوة مماثلة لغانتس وقد قبلها".
ورحب نتنياهو بالدعوة وقال: "لقد تسلمت الدعوة بكل سرور. أتطلع إلى العمل مع الرئيس ترامب بشأن هذه المسألة. اقترحت دعوة غانتس إلى هذا الحدث لأنه من المهم ألا نفقد هذه الفرصة التاريخية." ومن المحتمل أن تتضمن الخطة نقل خط الحدود بصورة كبيرة، وتطبيق السيادة في غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية، إلى جانب قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح.
وأشار وزير الأمن نفتالي بينت في منشور له على موقع Twitter إلى النشر القريب لخطة السلام، وحذر من أن حزبه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية وتسليم الأراضي. وكتب ان "الرئيس ترامب، كوشنير والسفير فريدمان هم أصدقاء حقيقيون لإسرائيل. قد تواجه دولة إسرائيل فرصة تاريخي، إلى جانب مخاطر كبيرة. سيكون حزب يمينا متيقظًا. وسأكون واضحًا: حزب يمينا لن يسمح بتسليم أرض للعرب أو إقامة دولة فلسطينية. بعد نشر تفاصيل الخطة سنتطرق إليها". وكتب رئيس حزب إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان: " إسرائيل بيتنا يقترح تطبيق السيادة ورفع الحصانة."
وعقب الوزير بتسلئيل سموطريتش على النشر المرتقب للخطة، وكتب: "بقدر ما نعرف عن خطة القرن، لربما تنطوي على فرص، ولكن أيضًا على كثير من المخاطر. نحن هنا لزيادة الفرص وتحييد المخاطر. من أهم الأسباب التي دفعتني إلى العمل الجماهيري هو الحفاظ على أرض إسرائيل وتطويرها ومنع تقسيمها بكل ما املك من قوة. هذا ما سيقودنا الآن أيضًا".
وكتبت عضو الكنيست اييلت شكيد: "بقدر ما نعرفه عن الخطة، هناك فرص ولكن هناك أيضًا الكثير من المخاطر. لن نسمح بإقامة دولة فلسطينية وجعل القدس وكفار سابا غلافًا للضفة الغربية".
في المقابل، قالت حركة "السلام الآن": "كل مخطط لا يشمل إقامة دولة فلسطينية على أساس خطوط 67 وإخلاء المستوطنات المعزولة، هو بمثابة وهم سينتهي في مزبلة التاريخ".
غانتس متردد في قبول دعوة ترامب
"هآرتس"
من جهته لا يزال رئيس حزب "ازرق – أبيض" بيني غانتس، مترددا في قبول دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لزيارة البيت الأبيض يوم الثلاثاء قبل نشر خطة السلام التي وضعتها الإدارة. ويوم الخميس، قال نائب الرئيس مايك بينس، إن غانتس ونتنياهو قبلا الدعوة، التي قال إنها جاءت باقتراح من نتنياهو. لكن حزب "ازرق – أبيض" لم يؤكد رسمياً أن غانتس وافق على حضور الاجتماع، واعتبروا تصريح بينس بمثابة إذلال علني. وسيتوجه نتنياهو إلى واشنطن يوم الأحد ويرجع يوم الأربعاء.
ومن المتوقع أن يعلن غانتس موقفه مساء اليوم السبت، فيما علم أنه تم إلغاء مشاركة جميع نواب حزبه في برامج "سبت الثقافة". وقال مصدر في الحزب، إن الإدارة سارعت لمساعدة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكي تتيح له بتأجيل مداولات الكنيست في طلبه بالحصانة. ومن المقرر أن يناقش الكنيست بكامل هيئته مسالة تشكيل لجنة الكنيست لمناقشة هذه القضية، يوم الثلاثاء.
وأوضحوا في "أزرق – ابيض" أنه لا توجد نية لتغيير الجدول الزمني للمناقشات حول طلب نتنياهو بالحصانة بسبب التطورات السياسية. وقالوا: "عندما أعلن يولي إدلشتاين أن الجلسة ستعقد يوم الثلاثاء، قدرنا أنه فعل ذلك مع علم مسبق بأنه سيتم دعوة نتنياهو وغانتس إلى واشنطن في ذلك اليوم. لقد سارع البيت الأبيض بكل بساطة إلى مساعدة نتنياهو. في الوقت الحالي، لا نعتزم تأجيل مناقشة الكنيست الأسبوع المقبل."
وقال عمير بيرتس، رئيس قائمة العمل – غيشر – ميرتس: "موقفنا واضح: نحن بحاجة إلى خطة من شأنها أن تحرك عملية سياسية حقيقية تستند إلى مبدأ الدولتين لشعبين بدلاً من الضم أحادي الجانب. للولايات المتحدة دور مهم تلعبه في تحريك خطوة سياسية إقليمية تقوم على حل الدولتين للشعبين من أجل التوصل إلى تسوية شاملة وحدود دائمة، ولكن هذا سيتحدد في الحوار بين القدس ورام الله. يجب أن يعتمد إطار هذه الخطة على الترتيبات الأمنية، وإخلاء المستوطنات المعزولة، والحفاظ على الكتل الاستيطانية، وبناء محور مع الدول العربية المعتدلة ضد المحور الإيراني المتطرف".
وقال رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة رداً على المنشورات: "حل النزاع معروفاً منذ سنوات، لكن الحكومات الإسرائيلية تفضل عوفرا ويتسهار على إنهاء الاحتلال ومستقبل السلام لأولادنا. صفقة القرن الحقيقية هي رئيس وزراء متهم بالفساد ورئيس يخضع للمحاكمة بهدف عزله، يحاولان إنقاذ أحدهما للآخر بمساعدة خطوة سياسية خطيرة سترسخ السيطرة العسكرية على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة لأجيال قادمة."
"أفضل خطة عرضت على إسرائيل"
"يديعوت احرونوت"
انتهت مسيرة الزعماء الذين وصلوا إلى إسرائيل والأحداث والخطابات المثيرة في المنتدى الدولي للهولوكوست مساء الخميس، بحدث دراماتيكي: دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب "أزرق – أبيض"، بيني غانتس، إلى البيت الأبيض بهدف اطلاعهما على الخطة السياسية المعروف باسم "صفقة القرن".
وقد سلم الدعوة لنتنياهو نائب الرئيس مايك بينس، الذي جاء إلى إسرائيل للمشاركة في الأحداث في ياد فاشيم. ورد نتنياهو: "لم يكن لنا أبدا صديق أفضل من الرئيس ترامب. يتم التعبير عن هذه الصداقة بجلوسنا في مقر السفارة الأمريكية بالقدس وبقيام الرئيس ترامب بالاعتراف بها عاصمة إسرائيل وبالسيادة الإسرائيلية على الجولان". وتابع "الآن، بهذه الدعوة، أعتقد أن الرئيس يسعى إلى منح إسرائيل السلام والأمن اللذين تستحقهما".
وخلال اجتماعهما، يوم الخميس، في مبنى السفارة الأمريكية في القدس، قال بينس ونتنياهو إنه بناءً على طلب رئيس الوزراء، تم دعوة غانتس أيضًا إلى واشنطن. وخلال اجتماعه بغانتس في ياد فاشيم، سلم بينس الدعوة لغانتس، أيضًا، لزيارة واشنطن.
المسؤولون والدبلوماسيون الأمريكيون الذين يعرفون بنود الخطة، يصفونها بأنها "درامية" و "أفضل ما تم عرضه على إسرائيل، حتى الآن". ووفقا لتلك المصادر، فإنها خطة ودية ستمنح الحكومة الإسرائيلية، في الواقع، الضوء الأخضر لضم غور الأردن والمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.
في أعقاب هذه التطورات، من المتوقع أن يعقد قادة مجلس المستوطنات "ييشاع"، اجتماعًا لمناقشة موقفهم من صفقة القرن. وقال مسؤول كبير في المستوطنات: "وفقًا لمسؤولين أمريكيين، نفهم أن الصفقة تتضمن تطبيق السيادة على المستوطنات في يهودا والسامرة، لكن نتنياهو يمنع ذلك ويركز حاليًا على الغور فقط. هذا أمر عبثي".
وقال رئيس مجلس بنيامين، يسرائيل غانتس: "نتوقع من رئيس الوزراء أن يطرح أمام الحكومة على الفور قرارًا بشأن تطبيق السيادة في جميع أنحاء المستوطنات. يجب ألا يُسمح للعرب، تحت أي ظرف من الظروف، بإنشاء دولة هنا، لا جزئية ولا منزوعة السلاح. المستوطنات ومحبي أرض إسرائيل سيحاربون ذلك بكل قوة".
في المقابل، قال ديفيد الحياني، رئيس مجلس ييشاع ورئيس مجلس غور الأردن الإقليمي: "هذه الدعوة هي دليل على أن رئيس الوزراء يبذل كل ما في وسعه لتعزيز تطبيق السيادة. هذا هو الوقت المناسب لوضع السيوف السياسية جانبا، والانضمام إلى المهمة الصهيونية الوطنية".
السلطة الفلسطينية تعارض الخطة وتحذر
في السلطة الفلسطينية، كما هو متوقع، تم استقبال الخطة بروح مختلفة تمامًا. وجاء في بيان رسمي صادر عن مكتب أبو مازن: إن السلطة الفلسطينية تؤكد مرة أُخرى رفضها القاطع للقرارات الأميركية التي جرى إعلانها بشأن القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل، إلى جانب جملة القرارات الأميركية المخالفة للقانون الدولي. وأشار المتحدث باسم أبو مازن، نبيل أبو ردينة، إلى أن السلطة تجدد تأكيد موقفها الثابت الداعي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وحذّر أبو ردينة من أنه إذا ما تم إعلان هذه الصفقة بهذه الصيغ المرفوضة، فستعلن القيادة الفلسطينية سلسلة إجراءات تحافظ فيها على حقوق الفلسطينيين الشرعية، وستطالب إسرائيل بتحمّل مسؤولياتها كاملة كسلطة احتلال.
في رام الله، يربطون الرغبة في إعلان خطة السلام باعتبارات سياسية إسرائيلية ويحذرون من انتهاء صبر الشارع الفلسطيني. وقال مسؤول كبير في محيط أبو مازن، لصحيفة يديعوت أحرونوت: "من الواضح لنا أن عرض هذه الخطة يهدف إلى مساعدة نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية. نحن نعرف كيف نميز المصالح القائمة."
وحذر المسؤول من أن نشر الخطة يمكن أن يقوض الاستقرار الأمني الحالي في الضفة الغربية، وقال: "ليس هناك شك في أن نشر الخطة سيؤثر على الشارع الفلسطيني. هذا يمكن أن يخلق التوتر ويؤدي إلى التصعيد".
حتى الآن، لم يتلق أبو مازن دعوة إلى البيت الأبيض، لكن البيت الأبيض يفكر في عقد اجتماع بينه وبين ترامب على الرغم من القطيعة القائمة بينهما. إذا رفض عباس ذلك، فستحصل إسرائيل على ضوء أخضر للضم.
وبالتزامن مع عرض الخطة على نتنياهو وغانتس، سيتم نقل رسالة إلى الفلسطينيين مفادها أن الولايات المتحدة ستكون على استعداد للاعتراف بدولة فلسطينية على الأرض التي ستتبقى بعد الضم الإسرائيلي، إذا اعترف الفلسطينيون بالقدس كعاصمة إسرائيلية وبإسرائيل كدولة يهودية ونزع سلاح حماس – وهي شروط لا توجد أي فرصة بأن يقبلها الفلسطينيون.
ويستعد الجيش الإسرائيلي لاحتمال اندلاع المناطق، وربما استئناف الإرهاب إذا تبين للفلسطينيين أن الخطة جدية. في هذه المرحلة، لم يتم تعزيز القوات في كلا القطاعين، الضفة وغزة، لكن هناك حالة تأهب مرتفعة.
توقيت دعوة نتنياهو وغانتس لواشنطن، يوم الثلاثاء المقبل، ليس صدفة. فعرض الخطة سيساعد كل من نتنياهو وترامب. الرئيس الأمريكي يسعى من جهته إلى حرف الأنظار عن المحاكمة ضده في مجلس الشيوخ بهدف عزله، والغمز للإنجيليين الذين يكنون التقدير والهيبة لنتنياهو ودولة إسرائيل. وأما نتنياهو فيفضل التحدث عن خطة السلام أكثر من الحديث عن مناقشة حصانته في الكنيست.
أوروبا لا تنوي طرح مبادرة بديلة: "سنترك خطة ترامب تفشل من تلقاء نفسها"
"معاريف"
ردود فعل باردة في أوروبا على خطة السلام الأمريكية، التي يتوقع أن تعرض في واشنطن، الأسبوع المقبل. ومع ذلك، فإن الأوروبيين لا يريدون إطلاق خطة سلام مضادة في هذه المرحلة – ويفضلون انتظار فشل خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تلقاء نفسها.
في الأيام الأخيرة، أجرى إيمانويل بون، المستشار السياسي للرئيس الفرنسي إيمانويل مكرون، اتصالات مع مستشار ترامب، جارد كوشنر، واطلع على الخطة التي يجري إعدادها، لكنه لا يعتقد أنها ستنجح. كما أن مكرون لا يتوقع نجاحها، لأنه، حسب قوله، "لن تنجح أي خطة سلام طالما أن كلا الطرفين لا يريدان بناء السلام معًا".
وقد سمع مكرون من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يوم الأربعاء عن معارضته لأي خطة أمريكية، وقال إن كل حل يجب أن يستند إلى قيام دولتين – على أساس حدود عام 1967 مع تعديلات متفق عليها – وهو أمر غير مضمون في الخطة الأمريكية. وطلب عباس من مكرون أن تعترف فرنسا وأوروبا بالدولة الفلسطينية – لكنه لم تتلق رداً إيجابياً.
عباس يستقبل بوتين ومكرون
وتضيف "هآرتس" أن عباس أكد خلال اللقاء أهمية الدور الفرنسي والأوروبي لإنقاذ عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. وأعرب عن شكره للرئيس الفرنسي على مواقف بلاده الداعمة لإحلال السلام وفق حل الدولتين وقرارات الشرعية والقانون الدولي، ومواقفها الداعمة لفلسطين في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية. كما أكد عباس أهمية الدور الفرنسي والأوروبي لإنقاذ العملية السياسية من المأزق الذي وصلت إليه جرّاء التعنت الإسرائيلي، وخصوصاً بعد مواقف الإدارة الأميركية المنحازة لمصلحة إسرائيل، وهو ما أفقدها دورها كوسيط وحيد للعملية السياسية.
كما اجتمع عباس، يوم الخميس، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قصر الرئاسة في مدينة بيت لحم وبحث معه في إعلان إسرائيل نيتها ضم أراض فلسطينية و"صفقة القرن" التي يمكن أن يعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأضاف بيان صدر عن ديوان الرئاسة في السلطة أن عباس أعرب عن شكره لبوتين على دعمه الشعب الفلسطيني سياسياً واقتصادياً وثقافياً ومالياً وأمنياً.
وقال الرئيس الروسي إن للعلاقات الروسية – الفلسطينية جذوراً تاريخية وعميقة، وأكد استعداد روسيا لتعزيز العلاقات بين الجانبين فيما يتعلق بالاقتصاد والمجال الإنساني وقضايا التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية.
وجاء اجتماع عباس مع بوتين وماكرون في إطار زيارة قادة العالم إلى إسرائيل للمشاركة في المنتدى الدولي للمحرقة الذي عُقد في القدس في مناسبة ذكرى مرور 75 عاماً على تحرير معسكر أوشفيتس النازي في بولندا.
إحراق مسجد في القدس وكتابة شعارات معادية للفلسطينيين على جدرانه
"هآرتس"
تم إحراق مسجد في القدس ليلة الجمعة، وكتابة شعارات باللغة العبرية على جدرانه. وحمل أحد الشعارات التي كتبت على جدران المسجد في قرية شرفات في جنوب المدينة، اسم البؤرة الاستيطانية "كومي أوري" المتاخمة ليتسهار، في جاء في شعار آخر يدمرون لليهود؟ ندمر للأعداء". ولم يتم القبض على مشبوهين بأعمال التخريب.
وأدان رئيس بلدية القدس موشيه ليون الحريق، قائلاً: "جريمة الكراهية هذه غير مقبولة ولا يمكن تحملها. أنا متأكد من أن الشرطة ستبذل كل ما في وسعها للقبض على مثيري الشغب ومعاقبتهم. مدينة القدس هي مدينة لجميع سكانها، من جميع القطاعات، وهذه الحالات خطيرة وتؤثر بشكل مباشر على نسيج الحياة في المدينة".
وقال منتدى "بطاقة ضوء" الذي يحارب جرائم الكراهية: "يجب وباشمئزاز إدانة إحراق المسجد في حي بيت صفافا من قبل الإرهابيين اليهود. أولئك الذين أشعلوا النيران في المساجد في القدس وفي أماكن أخرى يسعون لإشعال حرب دينية فظيعة ودموية. يجب على دولة إسرائيل حماية السكان الفلسطينيين في مناطق مسؤوليتها. كما تحمي اليهود".
يذكر أنه في عام 2011، تم إحراق مسجد النبي عكاشة في وسط القدس، ومنذ ذلك الحين، وقعت العديد من جرائم الكراهية ضد المسيحيين والمسلمين في المدينة. من بين أمور أخرى، جرت عدة محاولات متعمدة لإحراق كنائس وأديرة داخل القدس وحولها، وتدنيس المقابر وتمزيق إطارات السيارات ورش الشعارات على جدران المؤسسات الدينية المسيحية. وفي معظم الحالات، لم تقبض الشرطة على الجناة ولم تتم مقاضاة أحد.
مقالات
الهدف الحقيقي لـ "صفقة القرن" هو السلام بين نتنياهو وغانتس
نوعا لنداو/"هآرتس"
بعد سنوات من التصريحات والتخطيطات، التي صاحبها قدر كبير من التوقعات، من المتوقع أخيراً الكشف عن الجزء السياسي الكامل من خطة إدارة ترامب للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، المعروفة أيضاً بـ "صفقة القرن". الطاقم المسؤول برئاسة صهر رئيس الولايات المتحدة جارد كوشنير، سئم من انتظار نتائج الانتخابات التي لا تنتهي في إسرائيل. الموفد الأمريكي الجديد إلى المنطقة، آفي بيركوفيتش، مساعد كوشنير السابق الذي استبدل جيسون غرينبلات، رأى كيف تفقد مهمته قيمتها بين لحظة وأخرى. وكلما قصرت فترة ولاية المسؤولين في القدس وواشنطن، كلما فقد العاملون في هذه المهمة صبرهم، خشية أن يتم دفن المسودة التي كتبوها حتى من دون نعي.
لذلك، عندما أعطى غانتس، هذا الأسبوع، الضوء الأخضر رسمياً للتدخل في المعركة الانتخابية الثالثة، بعد أن أدرك أن الخطة من الممكن أن تُنشر معه أو بدونه، بدأ العد العكسي العلني لحفل إطلاقها في البيت الأبيض. غانتس المفخخ لم يتمكن بعد من تقدير حجم المواد الناسفة التي تحيط به، ويا للعجب، ها هو الموعد المقرر لإطلاق الصفقة، هو ليس سوى اليوم الذي من المتوقع أن تجري فيه أيضاً مناقشة حصانة بنيامين نتنياهو. وهذا كله في وقت يغوص فيه المضيف نفسه في التحقيقات حتى رقبته. هكذا تحولت صفقة السلام الموعودة بين إسرائيل والفلسطينيين، ظاهرًا، إلى صفقة السلام بين نتنياهو وغانتس، أو لمزيد من الدقة، صفقة القرن لنتنياهو. لقد دُعيا معاً لمناقشتها، كأنهما هما اللذان يجب أن يتوصلا إلى تفاهمات.
ليس من المفترض أن يفاجئ هذا التوجه مَن تابع عن قرب الكشف عن الجزء الأول، الاقتصادي، من الخطة، في المؤتمر الاحتفالي الذي عُقد في يونيو في العاصمة البحرينية المنامة. منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً لكل الذين حضروا المؤتمر أن الفلسطينيين ليسوا طرفاً. صحيح انهم هم يظهرون في الصور التوضيحية في الكتيب الأنيق، وفي أفلام الهوليوود، لكن هذا الحدث لم يكن أبداً من أجلهم. العدد القليل من الفلسطينيين الذين تمكنوا من تسفيرهم إلى هناك لم يمثلوا أحداً حقًا، وأحد هذه القلة الذي أبدى أي اهتمام بالمحتوى، تم التلويح به بازدراء من قبل كوشنر بعد لحظة من إكمال خطابه حول الشرق الأوسط الجديد والمزدهر. لقد أبدى اهتماماً أكبر بالممولين العرب الذين تجمعوا في الغرفة، وكرس ابتسامته لهم.
في مناسبات كثيرة، أثبت الأميركيون مرة بعد أُخرى أن صفقة السلام لا تهدف إلى تحقيق سلام إسرائيلي – فلسطيني. في كل موضوع سعوا "لإزالته عن طاولة المفاوضات" – من نقل السفارة إلى القدس، مروراً بتقليص الميزانيات المخصصة للسلطة، وصولاً إلى الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان – كانت سلامة نتنياهو هي التي تم الحفاظ عليها. الربط بين "طاقم السلام" من مؤيدي المستوطنين، وبينهم السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان الذي يتصرف كسفير لإسرائيل في واشنطن، وبين قاعدة المؤيدين الإنجيليين للرئيس ترامب ونائبه مايك بينس، لم يترك منذ البداية مجالاً كبيرًا للخيال.
إلى جانب الوعود المتكررة من جانب أطراف إسرائيلية منذ سبتمبر، بأن الخطة ستضمن سيادة إسرائيلية على كل المستوطنات القائمة، وضم غور الأردن وترسيخه كحدود شرقية لإسرائيل، تؤكد هذه الأطراف أن رفضاً فلسطينياً فورياً لترامب سيؤدي إلى شرعنة هذه الخطوات أيضاً من طرف واحد. لذا يُطرح السؤال عما إذا لم يكن من الأصح تسمية هذه الخطة بـ "خطة الضم". من جهة أُخرى، تحذر هذه الأطراف من وجود وجه آخر للعملة: كل المدنيين الفلسطينيين سيبقون أيضاً تحت سيطرة السلطة التي ستُعتبر دولة منزوعة السلاح.
مع ذلك، من المهم أن نتذكر أن كل ذلك هي تسريبات تمثل في الأساس المصلحة في تسويق هذه الخطة للجمهور الإسرائيلي، اليميني في أغلبيته. ما الذي تتضمنه الوثيقة فعلا سنعرفه بالتحديد فقط مع الكشف الكامل عنها قريباً. المشهد سيكون من دون شك غريباً جداً: اثنان يطمعان بعرش إسرائيل يناقشان معاً في البيت الأبيض خطة سلام من دون شريك فلسطيني، بدعم من اليمين وبمعارضة اليسار. ربما على الأقل سيسفر ذلك عن تشكيل حكومة.
ترامب يغير اتجاه التاريخ
أمنون لورد/ "يسرائيل هيوم"
حتى الآن كان هذا استسلاماً من القيادة السياسية للقيادة القضائية – الإعلامية. وقد سمّوا هذا "الرسمية". وكأنه لم يعد هناك مصالح قومية، ولا توجد هناك دولة لإدارتها، وأن كل جوهر دولة إسرائيل هو سلوك وفق القواعد. والآن قد يكون هذا استسلاماً للمرجعية العليا التي يشكلها الرئيس الأمريكي. دعوة رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس "أزرق – أبيض"، بيني غانتس، إلى البيت الأبيض هي، قبل كل شيء، تذكير للسياسيين في إسرائيل بأن هناك بضع مشكلات سياسية وفرصاً سياسية ينبغي، بل وربما من المجدي، معالجتها في الأشهر القريبة القادمة. كلما م الكشف أكثر عن تفاصيل صفقة القرن، كلما أصبح واضحًا أن: افيغدور ليبرمان الذي كان يعرف ما هو المطروح على جدول الأعمال، هو المسؤول عن عرقلة أفضل خطة سياسية عرضت على إسرائيل منذ 1967. هذا هو المعنى الوحيد لتركه لكتلة اليمين، وانفلاته على الحاخام من "ساتمار".
قبل أسبوعين فقط، تحدث رئيس الوزراء في منتدى “كهيلت” عن الفرص الكبرى وعن فتح إمكانيات للتخلص من خطط سياسية قديمة. وكما لو أن الأمر تم حسب دعوة، انتظر ترامب حتى انتهاء الخطاب الأخير في منتدى الكارثة، وعرض الفرصة. خطة القرن الخاصة به. وحسب تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في منتدى “كهيلت”، فقد كرر موضوع حق إسرائيل القانوني على المستوطنات في يهودا والسامرة. ويسود التقدير بأن هذا الأمر سيجد تعبيره في “خطة ترامب”. لن يكون تخميناً جامحًا، القول ان الخطة ستمتنع عن ترسيم الحدود، ولكن لن يكون هناك ذكر لحدود 1967 كأساس لكل تسوية دائمة. ويؤكد مصدر مطلع على مضامين صفقة القرن بأن هذه الاصطلاحات شطبت، وبالمقابل أدخلت الحدود القابلة للدفاع، بمفهوم رابين لغور الأردن، وبالمعنى الأوسع فإنها ستكون "في الداخل".
يُذكّر هذا الحدث السياسي الدراماتيكي الساحة السياسة والدبلوماسية في إسرائيل، بأن الاستسلام لوجهات النظر القانونية هو موضوع خطير؛ فالمواضيع الوجودية أولى. يوم الثلاثاء هو اليوم الأكبر لموضوع نعم للحصانة أم لا للحصانة. حكومة إسرائيل والإدارة الأمريكية عالقتان في إجراءات قانونية. لقد تحدث نتنياهو قبل أسبوعين عن نافذة فرص من شأنها أن تغلق أيضاً. وسواء كان نتنياهو رئيس الوزراء القادم أم كان غانتس، فسيكون من الأفضل لكل حكومة إسرائيلية أن تبدأ الرحلة السياسية التالية مع إدارة ترامب، ومرغوب فيه أيضاً أن تواصل معها بعد الانتخابات في تشرين الثاني في الولايات المتحدة. إن التلميح لغانتس لا لبس فيه: توجد هنا قصة دولة إسرائيل قبل المصالح الشخصية والحزبية. عشية اليوم الكبير لرئيس الكنيست إدلشتاين ولـ آفي نيسنكورن، يتبين أن أحدهما على الأقل تصرف بشكل متسرع، يتضارب والمصالح القومية التاريخية لإسرائيل.
من ناحية حملة الانتخابات، تمنح خطوة ترامب دعمًا قويًا لنتنياهو، ولكنها تعزز بيني غانتس في داخل حزبه أيضاً. عندما يكون جدول الأعمال السياسي على الطاولة، سيتعين على بوغي يعلون أن يقرر إذا كانت مصلحة الدولة تسبق الفيتو الذي يفرضه على نتنياهو.
في عمّان يفترضون أن صفقة القرن هي مناورة انتخابية، لكنهم يخشون ردود الشارع
جاكي خوجي/ معاريف
كان هذا أسبوعًا بدأ في الأردن وتواصل فيه، وفي سيناريو متطرف قد يوصلنا إلى أزمة دبلوماسية حادة مع المملكة الهاشمية. بدايته في مظاهرات عاصفة في عمان ضد اتفاق الغاز مع إسرائيل. "خيانة"، صرخت اليافطات. وقد صد القصر الملكي الاحتجاج بعدم اكتراث مدروس. لم يرد، ولكنه تعقب عن كثب. وعندها جاء مشروع القانون لضم غور الأردن إلى أراضي إسرائيل. وهذا أيضاً يتابعونه في عمان بعيون مفتوحة.
سيتفاجأ الإسرائيليون لسماع الرسائل التي صاغها المتظاهرون ضد اتفاق الغاز، وفي أساسها أنه استخرج من باطن بحر الأرض المحتلة، وفي أعقابها سيكون كل بيت أردني خاضعاً لوباء التطبيع مع إسرائيل.
عمان مصممة على تنفيذ اتفاق الغاز، ولا يوجد أي مؤشر أن في نيتها الاستجابة لمطالب المتظاهرين. ما لا يمكن قوله عن مبادرة حكومة إسرائيل لضم الغور، فالضم يزرع القلق في قلب الأردنيين، بقدر أقل بسبب معناه السياسي، وبقدر أكبر بسبب التوتر الذي بوسعه أن يخلقه في داخل الأردن. وزير الطاقة يوفال شتاينتس قال أول أمس في إذاعة "الجيش" إنه إذا تضررت علاقات الأردن وإسرائيل في أعقاب القرار، فستعرف إسرائيل كيف ترممها.
غير أن هذه العلاقات ليست في ذروتها؛ فثمة مشكلة ثقة حادة تسود بين مكتب نتنياهو والقصر الملكي. والافتراض هو أن القصر بحاجة إلى التعاون مع إسرائيل، ولهذا فهو سيتصرف دوماً كالولد المؤدب. كما أن ثمة توقعاً خفياً آخر من جانب القدس، وهو أن تفهم عمان بأن خطة الضم هي غمزة ومناورة انتخابات، وألا ينفعلوا أكثر مما ينبغي. دعونا، يطلب شتاينتس ضمنيًا، نمارس اللعبة، وكل ما تبقى سيكون على ما يرام. عذرًا، يستجدي الأردنيون، الجمهور متحمس وخطير، وقدرتنا على الصمود أمامه تضعف. كفوا عن البكاء ترد القدس، وتهز كتفها.
هكذا تعيش عمان العلاقات
الأردنيون محقون في نقطة واحدة على الأقل، فالشارع الأردني ينظر إلى مناورات الانتخابات والرسائل المناهضة للأردن الصادرة من إسرائيل، بجدية كبيرة، ويستغلها في معركته ضد الملك. هذه المعركة التي يتملكها الحقد تجاه جلالته، تكون أحيانًا عمياء وهازئة. وفقًا لتجربة الأردنيين، فإن غمزة شتاينتس تعدّ نكتة على حسابهم.
الصمت الأردني الآن حول مبادرة قانون ضم الغور يدفعهم للنظر إلى الأمام، فالملك ورجاله يرون الصورة كلها، وليس فقط ذاك الجزء الخاص باحتجاج الشارع ضد إسرائيل. قريباً قد يعرض ترامب خطة السلام ("صفقة القرن"). الأردنيون لا يعرفون تفاصيلها، ولكنهم يعرفون أنها قد تعرضهم لضغوط شديدة؛ البيت الأبيض، من جهة، والجمهور، من جهة أخرى. كل طرف سيشد باتجاهه. والملك استعد جيداً لهذه اللحظة، وفي السنة الماضية، هيأ الجمهور للإدراك بأن قوة صموده أمام البيت الأبيض محدودة. في عمان، يفترضون أن خطة السلام الأمريكية صيغت بالتنسيق مع نتنياهو، وأن فيها مكونات لا يمكن أن تمر بالنسبة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة والشتات. وفي مقدمتها فكرة عدم إخلاء الكتل الاستيطانية، وعدم العودة إلى خطوط عام 1967. هذه العناصر وحدها ستثير توقعات من القصر بمعارضة الخطة بشدة.
تستهدف الخطة الأمريكية مساعدة نتنياهو في الانتخابات، وقد رفضتها السلطة رفضاً باتًا بعد تسرب أهم تفاصيلها، لأن فرص السلام التي تحملها في طياتها هزيلة. ولكن إلى أن يعترف الجميع بذلك، وفي خضم حماسة الانتخابات، يتوقع حدوث مشادة حولها بين اللاعبين المختلفين. إسرائيل ستقبل أسس الخطة، وتعلن عن الفلسطينيين كرافضين. أما الأردن ومصر فسيطلبان الخروج من هذا بسلام. أحد السيناريوهات هو أن يمارس ترامب على عمان ضغطاً شديداً لتأييد اقتراحه، بل وربما يكون هذا ضغطاً يصاحبه التهديد. أو أن يجلد أبو مازن إلى أن يقول "أريدها"، بشكل يتطلب من القصر الأردني الانخراط إلى جانب الرئيس والصدام مع البيت الأبيض. وقد يستخدم معارضو الملك الكثر هذه التطورات كوسيلة للمناكفة ضده.
ثمة شيء ما ساذج في الفهم الإسرائيلي بشأننا، قال لي هذا الأسبوع مسؤول أردني رفيع يفهم بعض الشيء ما يجري عندنا. كان ينوي استخدام كلمة أكثر فظاظة، ولكنه لطف صيغته لأغراض الكياسة. طالما يمكن إهانة الملك والتعاطي معه كأمر مسلم به، ستواصلون عمل ذلك ولن تشعروا بالتعالي الذي يهب من طرفكم.
ما معنى إهانته، سألت. فأجاب الرجل: تجاهل طلباته ألا تسخنوا الأجواء في كل ما يتعلق بالمسألة الفلسطينية وشرقي القدس، إذا لم تكن حاجة حقيقية لذلك من جانبكم. وأن تتسببوا له بحالة ضغط عبثاً، فقط لكي تستعرض حكومة إسرائيل العضلات. وأن تحركوا ضده من يكرهونه. ضم الغور لا يهمكم، قال، وإلا، أين كنتم من قبل؟
وواصل الأردني إياه القول، إن إسرائيل تفرض علينا المصاعب منذ سنوات في كل ما يتعلق بالقدس. تمارس القوة وتلعب بالنار لأغراض سياسية داخلية، حتى حيثما لا توجد حاجة لذلك. ضم الغور هو بمثابة صب المزيد من الزيت على النار، ما هكذا يتصرف الأصدقاء.
اقتصاد الأردن ورقة مركزية في هذه اللعبة. لو لم يكن مقوضًا إلى هذا الحد، لكان بوسع القصر أن يستعرض قوته في كل الجبهات. ولكنه يجد صعوبة في عمل ذلك، وضعفه يستدعي الضغوط عليه. البطالة تستشري، ومعدل المهاجرين في ذروته. ثمة نقص في الكهرباء والمياه وفي أفق لمستقبل الشباب. والقصر مطالب بحل هذا كله، ولكن نجاحه قليل. عندما تمارس إسرائيل قوة شديدة ضد الفلسطينيين، يتوقع منه أن يتدخل على الفور لإنقاذ فلسطين. ولكن يدي الملك عاجز عن الإنقاذ. بل إنه يجد صعوبة أحيانًا في إنقاذ نفسه من النقد الشديد، والمعارضين له يستغلون ذلك ضده. انهم يمارسون ضغطًا شديدًا عليه في الموضوع الفلسطيني، فقط لكي يكشفوا ضعفه بشكل أكبر.
حارس الحدود
تكمن قوة الأردن في علاقاته مع إسرائيل في كونه يحمي أطول حدود لنا. في اليوم الذي يتخلى فيه عن التزامه بذلك، ستواجه إسرائيل خطرًا أمنيًا حادًا. وحتى ذلك الحين، ليس في يدي عمان أوراق ضغط على الإسرائيليين أو قنوات لجباية أثمان منها. في وسعه نشر بيانات الشجب، ورفع احتجاج رسمي للسفير الإسرائيلي في عمان، وفي حالات حادة، إعادة سفيره إلى بلاده.
مرة في كل بضع سنوات تقع في يدي الملك فرصة للاحتجاج بشكل أكثر صخبًا من المعتاد. من بين ذلك، قضية الباقورة والغمر، فالجيبان تم استعادتهما من إسرائيل بسبب العلاقات المتعكرة التي وصفتها آنفاً. ولكن بالنسبة للملك، فإن الربح صغير. إنه لا يحتاج إلى هذه الأراضي. ومن الشعارات التي جرفها، ربح نقاط قليلة بشكل نسبي. فقدان الجيبان لم يهز القدس. وثمة سر مكشوف، وهو أن إعادتهما إلى الأردن استقبل بعدم اكتراث من قبل القيادة السياسية في إسرائيل.
بالنسبة إلى إسحق تشوفا، فإن الأردن هو زبون متواضع، والدخل منه لا يشكل حصة الأسد في صفقاته. ولكن الأردنيين يحتاجون جدًا إلى المقابل الذي سيضخه إليهم. ليس فقط لإضاءة منازل السكان، بل أيضاً كي يتفرغوا لمعالجة المشكلة الخطيرة بقدر لا يقل عن الكهرباء، ألا وهي المياه. الخزانات الجوفية في المملكة لا تتجدد مثل خزاناتنا الجوفية، وهي آخذة في الجفاف. لا توجد منشآت تحلية، وبالمقابل يزداد عدد السكان. أحد الاقتراحات الذي يجري التفكير فيه في الاتصالات بين الإسرائيليين والأردنيين هو شراء الماء من إسرائيل، التي تنتجها منشأة التحلية في الخضيرة. هذه اتصالات أولية، بمثابة اقتراح لم يصعد بعد إلى المستويات العملية. تخيلوا أي وجع رأس ينتظر الملك في اليوم الذي سيوقع فيه الاتفاق، إذا ما حدث ذلك. خيانة، ستصرخ اليافطات التي سيرفعها متظاهرون عطاش، مياه من الأرض المحتلة.
صفقة لا تقود إلى أي مكان
ناحوم برنياع/ "يديعوت احرونوت"
​ينبغي ان نفهم ما الذي تتضمنه "صفقة القرن" وما الذي لا تتضمنه. سأبدأ بما تتضمنه: هذه صفقة بين رون دريمر، السفير في واشنطن، وجارد كوشنير، صهر ترامب والمسؤول عن ملف الشرق الأوسط في البيت الأبيض. وقد حيكت الصفقة وفقا للمصالح الفورية للطرفين. وسأواصل بما لا تتضمنه: لا يوجد فيها طرف ثالث. لا يوجد شريك: لا الفلسطينيين؛ ولا الدول العربية السنية؛ ولا العالم الإسلامي برمته.
​في القدس تحدثوا أمس (الخميس) بشكل كبير عن التاريخ. وبالتالي، لا ضرر، من التذكير بانه سبق وان حدثت أمور كهذه: روسيا، بروسيا والنمسا – المجر قامت في أواخر القرن الثامن عشر بتقسيم بولندا دون ان يسألوا البولنديين. كانت تلك هي صفقة القرن خاصتهم.
​سواء كان خيرًا أم شرًا، فإن البيان عن الصفقة، في توقيته، وحتى في عواقبه السياسية، هو إنجاز عظيم لنتنياهو. ستقول الأيام اذا كان هذا هو طوق نجاته أم أغنية البجعة.
​لماذا تعد هذه الخطوة هامة بهذا القدر؟ أولا، لأنها تمنح ضوء أمريكي اخضر لخطوات ضم في الضفة الغربية. يفترض بإدارة ترامب ان تؤيد ليس فقط ضم غور الأردن، بل وأيضًا ضم الكتل الاستيطانية والطرق المؤدية الهيا من داخل الخط الأخضر. ما لن يفعله الأمريكيون سيفعله ضغط وتوقعات المستوطنين. لن تبقى أي مستوطنة ولا أي مستوطن، في الخارج.
​ثانيا، ستدفن نهائيا التعهد بإقامة دولة ثانية بين نهر الأردن والبحر. ليس مهما ما سيقال في الخطة عن الدولة الفلسطينية: لا يتمكن أي سياسي فلسطيني من إقناع أبناء شعبه بأن يتعايشون مع ما تقترحه عليهم الخطة. ولا يمكن لأي زعيم عربي، بما في ذلك محمد بن سلمان السعودي، وبالتأكيد ليس عبد الله الأردني والسيسي المصري ان يؤيد الخطة علنا. السؤال الذي ينبغي أن يشغل بالنا هو ماذا سيحصل على الأرض نتيجة لنشر الخطة: كيف ستعمل أجهزة السلطة الفلسطينية التي تتعاون اليوم مع إسرائيل؛ هل ستصمد السلطة؛ كيف سيرد الشارع الفلسطيني؛ كيف سيرد الناس في ميدان التحرير وفي مخيمات اللاجئين في الأردن. هل ستصمد اتفاقات السلام مع مصر والأردن.
​ثالثا، ستغير الخطة جوهريا النهج الذي كان مقبولًا على كل حكومات إسرائيل، من اليمين ومن اليسار. كل مبادرات السلام الإسرائيلية ولدت ونشأت من خلف ظهر الولايات المتحدة. هكذا كانت خطوة مناحيم بيغن التي أدت إلى اتفاق السلام مع مصر؛ هكذا هي خطوة بيرس ورابين التي أدت إلى اتفاق أوسلو؛ وهكذا هي خطوة رابين التي أدت إلى اتفاق السلام مع الأردن. لقد تم إشراك الإدارة الأمريكية في الخطوة بعد ان تحطم الجليد فقط، وكان مطلوبا ممارسة المزيد من الضغط، وأحيانا مزيدا من الحوافز المالية، للوصول إلى الاحتفال في ساحة البيت الأبيض. هذا ليس صدفة: الأمريكيون هم أفضل وأهم أصدقاءنا، ولكنهم لا يفهمون دقائق الأمور في الشرق الأوسط. لا كلينتون، ولا بوش، ولا أوباما ولا ترامب. ما يعرفونه في الشرق الأوسط هو كيف يتورطون فقط: انظر أفغانستان، انظر العراق، انظر السعودية، اليمن، سوريا.
​لقد كان مارتن إنديك مبعوث الرئيس أوباما لمسيرة السلام في عامي 2013 – 2014. قبل ذلك خدم مرتين كسفير للولايات المتحدة في إسرائيل. قبل أسبوعين نشر مقالا شاملا، نادرا في صراحته، في صحيفة “وول ستريت جورنال”، اقترح فيه على إدارة ترامب سحب يديها من عملية السلام. وقال: "نحن غير قادرين على دفع سياسة ثابتة في الشرق الأوسط. ثمة سبب وجيه لذلك، سبب يصعب على الكثيرين في المؤسسة السياسية الأمريكية قبوله، وأنا منهم: الشرق الأوسط لم يعد يشكل مصلحة حيوية لأمريكا. والتحدي هو تبني الاستنتاجات الناتجة عن ذلك”.
​انه يهاجم ترامب، الذي سببت خطواته المتضاربة في العراق، وفي سوريا وفي السعودية الضرر فقط، ولكنه يهاجم أيضا الرئيس الذي عمل تحت إمرته، براك أوباما. فهو مثل ترامب، تحدث أيضًا عن إنهاء التدخل الأمريكي ولكنه فعل العكس، تعهد ولم يلتزم بتعهداته.
​في الماضي، كان للولايات المتحدة هدفان واضحان: ضمان ضخ النفط من الخليج بأسعار معقولة وضمان وجود إسرائيل. لكن الاقتصاد الأمريكي لم يعد متعلقا بالوقود المستورد. وبالنسبة لإسرائيل، لم يعد وجودها موضع شك. يمكنها أن تدافع عن نفسها. التهديدات الإيرانية لإسرائيل مقلقة، ولكن إسرائيل، مع سلاح ذري خاص بها، يمكنها أن تبيد إيران، وليس العكس.
​“يصعب عليّ أن اعترف بذلك، ولكن حل الدولتين ليس مصلحة أمريكية حيوية. هذه مصلحة إسرائيلية حيوية إذا كانت إسرائيل تريد ان تواصل كونها يهودية وديمقراطية، ولكنها ليست مصلحة أمريكية. حان الوقت لوقف المهزلة في عرض خطط سلام أمريكية يرفضها أحد الطرفين أو كلاهما”.
​إذا كان من الواضح مسبقا أن خطة ترامب لا يمكنها أن تؤدي إلى اتفاق فلماذا طبخها ترامب ونتنياهو، ورجالهما؟ الجواب ينقلنا من المسار الدبلوماسي إلى المسار السياسي. يسعى ترامب إلى صرف الانتباه عن محاكمة العزل التي تدار ضده في مجلس الشيوخ. خطة السلام هي أخبار إيجابية. وبخلاف الخطط السابقة ليس في خطته شيء يثير معارضة لدى الإنجيليين، الذين يحتاج إلى دعمهم. وهي لا تنطوي على التزام عسكري بل ولا تكلف مالا – المال الذي سيعرض فيها، إذا ما عرض، سيرفض الفلسطينيون قبوله. الأوروبيون سيلوون بأنوفهم، ولكن ليس للأوروبيين أسنان: في أقصى الأحوال سيزعجون إسرائيل قليلا. وهذه مشكلة الإسرائيليين، وليست مشكلة ترامب.
من الواضح أكثر لماذا يريد نتنياهو الصفقة. الأحداث في واشنطن ستصرف الانتباه عن المداولات في الكنيست على رفع حصانته. وبسرور عظيم سيضم إليه غانتس: في واشنطن نتنياهو هو باتمان وغانتس هو في اقصى الأحوال روبين. هذا الاحتفال سيكون لترامب ونتنياهو. إذا سار غانتس في أعقابهما فسيُحرج ويخسر الأصوات؛ وإذا سار ضدهما سيُحرج ويخسر الأصوات. اتجاه أزرق أبيض نحو اليمين سيبدو كانجرار، مثل الاعتراف بالهزيمة. غانتس كان سيجيد العمل لو قال: آسف، عملي في هذه اللحظة هو هنا، في الكنيست. سأسافر إلى واشنطن عندما انتخب رئيسا للوزراء. وهو يكرر ذات الخطأ الذي ارتكبه حين سافر إلى مؤتمر ايباك.
​صفقة ترامب تشبه صفقات أخرى يعقدها نتنياهو في الطريق إلى الحصانة، في الطريق إلى الانتخابات. هي جيدة لنتنياهو. لكن ليس مؤكدا أنها جيدة لإسرائيل.

التعليـــقات