رئيس التحرير: طلعت علوي

المرأة الفلسطينية وقرار مجلس الوزراء

الثلاثاء | 15/10/2019 - 02:45 مساءاً
المرأة الفلسطينية وقرار مجلس الوزراء

 

الكاتب: د.سناء طوطح


"المفتاح ليس العمل من أجل النجاح، ولكن عليك العمل من أجل التميّز، والنجاح سوف يأتي وحده" أوبرا وينفري.


تسعون عاماً، قبل تسعين عاماً بتاريخ 26-10-1929 تم انعقاد المؤتمر النسائي الفلسطيني وكان أول مؤتمر نسائي عربي فلسطيني، بحضور أكثر من 300 سيدة فلسطينية، وأصدر قرارات عبرت بصدق عما كان شعب فلسطين يتطلع إليه ويطلبه آنذاك. وكانت الأجواء السياسية الوطنية التي سادت فلسطين منذ بداية الاحتلال البريطاني قد جعلت النشاط النسائي ذا طبيعة سياسية عامة، فلم يعد مقتصراً على الجوانب الاجتماعية. ولذا آزرت النساء الفلسطينيات الرجال في العمل الوطني النضالي، وشاركن في المظاهرات وتقديم المساعدات. وقد شهد عام 1929 بداية مشاركة المرأة الفلسطينية الفعلية المنظمة في العمل السياسي إثر تصاعد أحداث ثورة البراق وانتشارها في جميع أنحاء فلسطين، وقد وقع على النساء عبء كبير بعد أن هدمت البيوت وتشردت الأسر وزج بالكثيرين في السجون.


بعد انتهاء هذا المؤتمر خرجت النساء في مظاهرة احتجاج طافت شوارع القدس في ثمانين سيارة ومرت بدور قناصل الدول الأجنبية، وحينما مررن من دار المندوب السامي البريطاني لورد تشانسيلور حملت إليه خمس سيدات مذكرة بمطالب المؤتمر ومنها: إلغاء وعد بلفور الذي هو أساس الكوارث وسبب إراقة الدماء، وتوقيف الهجرة اليهودية وإلغاء قانون العقوبات المشتركة ومعاملة السجناء العرب معاملة تماثل معاملة مسجوني اليهود والإنفاق على العرب بمقدار ما ينفق على اليهود. وقد ألقت إحدى السيدات كلمة قالت فيها" هذا عمل تقوم به السيدات العربيات لأول مرة في تاريخ فلسطين وهن الآن يضحين بكل شئ ليساعدن رجالهن في إنقاذ الوطن من مصائبه وتخليصه من آلامه".


ما ذكرته سابقاً هو تاريخ وهو انجاز لعام 1929 قامت به سيدات فلسطين الشامخات، أما الآن نذكر إنجاز المرأة الفلسطينية الحالية، وهو ما قدّمته وزيرة شؤون المرأة الدكتورة آمال حمد، حينما تقدمت بمذكرة توضيحية لمجلس الوزراء تطالب فيها اعتماد هذا التاريخ كإنجاز كبير حينها وهو عبارة عن مسيرة عريقة يجب أن تؤّرخ، وبالفعل تميّز الدكتورة حمد أدّى إلى نجاح جميع النساء الفلسطينيات في القدرة على التأثير في صنع القرار وصولا للمرأة لمراكز صنع القرار، والنجاح ليس فقط لنا اليوم، إنما كل الشكر لكل من سعى إلى اعتبار ذلك التاريخ يوماً وطنياً للمرأة الفلسطينية، حيث إعتمد مجلس الوزراء في جلسته رقم(13)برئاسة رئيس الوزراء محمد اشتية، المنعقدة بتاريخ 17-17-2019 يوم 26-10 من كل عام يوماً وطنياً للمرأة الفلسطينية، نساء فلسطين عام 1929 لم تنساكِ فلسطين، فأنتن الوطن الأول للنضال السياسي والاجتماعي، وذلك من خلال سعي وزارة شؤون المرأة لأن يؤّرخ هذا التاريخ ويرّسخ في ذاكرة الجميع في فلسطين، تقديراً لمشاركة المرأة في النضال الوطني الفلسطيني، وإحياء بطولات ومثابرات المرأة الفلسطينية منذ ما يقارب المئة عام.


تقدير النساء اللواتي ناضلن وكافحن من أجل فلسطين هو إنجاز كبير ومفرح، لا بد من التأكيد على أنّ النساء الفلسطينيات لسن كنساء العالم، بل يتميّزن عن كل نساء العالم بمثابرتهن ونضالهن وقدرتهن وإنجازهن، وتحملهن كثيرأ من ويلات الانتداب البريطاني سابقاً والاحتلال الصهيوني لاحقاً حتى هذه اللحظة، ومع ذلك فهن شامخات صامدات، سنحتفل في ذلك التاريخ تكريماً لهؤلاء النساء ، فخر فلسطين وقدوتنا، سنحتفل بالرغم من آلمنا وعدم تحقيق كافة مطالب النساء الفلسطينيات، سنحتفل رغم تحفظاتنا الكثيرة حول الكثير من المسائل الداخلية في بلدنا الحبيب-مثل عدم تمكّن المرأة الفلسطينية فتح حساب بنكي لأطفالها، باستثناء بنك فلسطين والبنك الوطني-، سنحتفل رغم استنكارنا لوجود الاسيرات الفلسطينيات في المعتقلات الصهيونية، فنحن سنحتفل بالمناضلات الحاليات، سنحتفل رغم حزن أمهاتنا أمهات الشهداء والأسرى والجرحى ، فأنتن أصل الكفاح والقوة، فالبطلة هي من أنجبت هذا البطل الشهيد وهذا البطل الأسير وهذا البطل الجريح .


التركيز هو أساس النجاح في السياسة، التجارة، العمل وفي كافة العلاقات الانسانية، ولذلك سيكون أمراً رائعاً أن نبلغ قمة النجاح، لكن الأروع من ذلك هو أن نتكاتف ونتظافر جميعاّ لنصل سوية إلى قمة النجاح، فالذي يريد النجاح يحترم غيره من المتفوقين ويتعلم منهم ويقدّر جهودهم، ومن هنا نتقدم بكل الشكر للدكتورة حمد على سعيها الدؤوب للنهوض بالمرأة الفلسطينية، آملين منها الاستمرار على هذا النهج بهدف تحقيق المساواة والعدالة لوصول المرأة الحقيقية، المثابرة المناضلة إلى مواقع صنع القرار.

التعليـــقات