رئيس التحرير: طلعت علوي

قطاعات اقتصادية منهارة في هونج كونج .. المصائب لا تأتي فرادى

الثلاثاء | 06/08/2019 - 11:48 صباحاً
قطاعات اقتصادية منهارة في هونج كونج .. المصائب لا تأتي فرادى

  هشام محمود من لندن

 

في هونج كونج تأبى المشكلات أن تأتي فرادى؛ فكأن المصاعب والإشكاليات الاقتصادية التي تعانيها المدينة جراء تبعات الحرب الاقتصادية الراهنة بين واشنطن وبكين، لم تكن كافية، فها هي تمنى بموجة عنيفة من الاحتجاجات الداخلية، زادت الوضع الاقتصادي سوءا على سوء، وفاقمت من مصاعبها الاقتصادية.
فالمؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن المحصلة النهائية للوضع الاقتصادي في العام الجاري ستكون سيئة، إذ تعرقل الاحتجاجات أداء الشركات المحلية، وتوجد مناخا مقلقا للمستثمرين يدفعهم إلى التريث في قراراتهم الاستثمارية الجديدة.


أحد المؤشرات الاقتصادية التي شهدت تدهورا ملحوظا في هونج كونج، كان مؤشر مديري المشتريات PMI الذي يقيس صحة الوضع الاقتصادي لقطاعي التصنيع والخدمات، إذ بلغ في شهر تموز (يوليو) الماضي 43.8 في المائة مقابل 47.9 في المائة في الشهر السابق.


وبينما يعد انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة عن 50 في المائة مؤشرا على الانكماش الاقتصادي، فإن الأرقام التي حققتها هونج كونج في هذا المؤشر تعد الأدنى منذ شهر آذار (مارس) 2009.
ويعد كثير من الاقتصاديين البيانات تشير إلى ضعف الثقة بالاقتصاد المحلي، وباتت تؤثر في السياحة ومبيعات التجزئة، ما يعقد الجهود الصينية الرامية إلى الخلاص من الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.


من جهته، قال لـ"الاقتصادية" الدكتور جيفري أدمز أستاذ الاقتصاد الآسيوي في جامعة أكسفورد، "يواجه الإقليم لحظة حاسمة بالنسبة إلى تطوره الاقتصادي، فهو مركز مالي وخدمي، وتداعيات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، والتباطؤ الاقتصادي في البر الرئيسي للصين، حيث نما الاقتصاد بأبطأ وتيرة له منذ ثلاثة عقود تقريبا في الربع الثاني، أدى إلى تباطؤ اقتصاد هونج كونج من 1.2 في المائة على أساس سنوي في الربع الرابع من العام الماضي إلى 0.6 في المائة في الربع الأول من عام 2019".

وأضاف "هذا المعدل يعد الأضعف خلال عقد أو أكثر، وأقل بكثير من معدل نمو 1.5 في المائة الذي توقعه بعض المحللين، والناس هناك يدركون الآن أنه كلما طال أمد الاحتجاجات، كان التأثير السلبي أقوى في الشركات الصغيرة والمتوسطة وهي الأكثر أهمية في اقتصاد هونج كونج".
يوم بعد آخر تتكشف في هونج كونج تفاصيل مشهد اقتصادي، يزداد مأساوية نتيجة مجموعة من العوامل، وتتعمق مأساويته نتيجة حركة احتجاجية قد تنتهي بمأساة أكبر قد يندم على نتائجها الجميع.


وانخفضت صادرات السلع بسبب انتكاسات في الإنتاج الصناعي والتجارة مع آسيا، كما انخفض الاستثمار، وتدهورت المعنويات الاقتصادية بشكل واضح في مواجهة المخاطر السلبية المتزايدة التي تواجه الاقتصاد الدولي، وعلى الرغم من زيادة الإنفاق الاستهلاكي الخاص، فإنه زاد بصورة متواضعة، وتراجع الإنفاق الاستثماري العام بشكل كبير لإحجام الجميع – الحكومة المحلية والقطاع الخاص - عن الاستثمار حتى تنقشع الضبابية الراهنة في المشهد العام.
يرجح لـ "الاقتصادية"، ستيفين لويز المختص الاستثماري، ألا يتجاوز معدل النمو الاقتصادي في هونج كونج هذا العام 1 في المائة وربما 0.8 في المائة مقابل توقعات سابقة بـ2.4 في المائة ومعدل نمو بلغ 3 في المائة العام الماضي.


ويقول "هناك قليل من الوضوح بشأن المفاوضات التجارية بين بكين وواشنطن، ولم يظهر النمو الاقتصادي الصيني علامة كبيرة على التحسن، ومع الأخذ في الحسبان أن اقتصاد هونج كونج يعتمد اعتمادا كبيرا على التجارة، ولا سيما شحن البضائع الصينية ندرك تماما حجم المشكلة الاقتصادية".
ويضيف "مع تدهور الاقتصاد الكلي حذرت 150 شركة من أنها تتوقع انخفاضا في أرباحها، ولهذا فإن تحذيرات كاري لام زعيمة هونج كونج بأن المدينة على حافة وضع خطير للغاية يجب أن تؤخذ بجدية".


وسط تلك التطورات السلبية فيما يتعلق بصحة الوضع الاقتصادي لهونج كونج، يبدو القطاع العقاري الأكثر تضررا مما يحدث، ويبدو مستقبل القطاع قاتما في الوقت الحالي.
القطاع العقاري يعد ضروريا لاستقرار الوضع المالي في هونج كونج. وغالبا ما ينظر المستثمرون إلى مؤشرات القطاع العقاري باعتبارها المؤشر الأوسع لصحة الاقتصاد والبورصة.
ويعلق فينس آرثر المختص العقاري الدولي قائلا "تاريخيا تعد سوق العقارات في هونج كونج شديدة الارتباط بالاقتصاد الأمريكي، وهناك مثل شائع بأنه عندما يعطس الاقتصاد الأمريكي تصاب الأسواق العقارية في هونج كونج بالزكام، ونظرا إلى الأوضاع الراهنة في المدينة، فإن سوق التأجير التجاري للمكاتب تشهد تباطؤا في الطلب في الصين عموما وهونج كونج على وجه الخصوص".


ويؤكد أن عقود الإيجار الجديدة لشركات البر الصيني انخفضت بنسبة 40 في المائة تقريبا خلال النصف الأول من هذا العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ومن المرجح أن ينخفض متوسط إيجارات المكاتب في هونج كونج بنسبة 1.3 في المائة هذا العام لأول مرة منذ ست سنوات.
بطبيعة الحال يعود هذا الوضع المتردي في القطاع العقاري إلى إحجام الشركات الصينية والشركات الدولية عن الاستثمار في هونج كونج الآن.
وإذ تظل هونج كونج أحد المراكز المالية الرئيسة في العالم، فإن قدرتها المالية الهائلة تمكنها من تحمل تلك الأوقات العصيبة لبعض الوقت، لكن المشكلة تكمن في مناخ تشاؤمي يهيمن الآن على قطاع الأعمال، مع خشية كثير من المستثمرين من أن المقبل من الأيام ربما يحمل مزيدا من الأخبار السيئة للمدينة.


وتنامت القناعة بأن المبيعات ستتراجع بصورة متزايدة هذا الشهر والأشهر المقبلة، في الوقت الذي يبدو فيه القطاع السياحي في وضع عسير بعد أن وجهت إليه ضربة مؤلمة بسبب إلغاء عديد من رحلات الطيران والحجوزات الفندقية، بحيث تشير بعض البيانات إلى أن معدلات الإشغال الفندقي تراجعت بنسبة 20 في المائة في شهر حزيران (يونيو) الماضي و40 في المائة في تموز (يوليو) الماضي وسط توقعات بمزيد من التراجع خلال هذا الشهر، خاصة مع إصدار عديد من الدول تحذيرات لرعاياها من مغبة السفر إلى هونج كونج.

 

aleqt.com

التعليـــقات