رئيس التحرير: طلعت علوي

غرفة دبي تحدد تحديات تمويل الشركات الناشئة وتقترح حلولاً متنوعة لتذليلها

الإثنين | 18/03/2019 - 10:01 صباحاً
غرفة دبي تحدد تحديات تمويل الشركات الناشئة وتقترح حلولاً متنوعة لتذليلها


سلط تقرير حديث لغرفة تجارة وصناعة دبي الضوء على تحديات التمويل للشركات الناشئة في دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتباره أحد أهم التحديات التي تعيق مسيرة نمو الشركات الناشئة في الدولة، وذلك ضمن سلسلة التقارير المتخصصة التي تصدرها الغرفة بالتعاون مع "رولاند بيرغر" لدعم وتعزيز ريادة الأعمال في الدولة، حيث يأتي إصدار هذا التقرير في أعقاب إصدار تقرير أول في العام الماضي حول صعوبة فتح حسابات مصرفية للشركات الناشئة.

ولفت التقرير إلى أن دولة الإمارات تسير بخطى ثابتة في رحلتها نحو تحقيق الريادة في مجال الابتكار على مستوى العالم، وتسعى جاهدة لتطوير منظومة الابتكار وريادة الأعمال، حيث تلعب الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الكبرى دوراً رئيسياً في تحفيز استخدام التكنولوجيا الحديثة ودعم التنويع الاقتصادي بوجهٍ عام وتوفير فرص العمل.

أسباب تحديات تمويل المشاريع الناشئة
وحدد التقرير عاملان أساسيان يساهمان ببروز تحديات تقلل حصول الشركات الناشئة على التمويل وهما التعامل مع منظومة التمويل المحلية غير الواضحة، وارتفاع نسبة التحديات والمعوقات التي تؤهل للحصول على التمويل عن طريق بيع الحصص في الشركات الناشئة، والتي تشمل كذلك قلة الرغبة في الإقدام على المخاطرة من جانب المقرضين من جهة أخرى.

وتناول التقرير الذي حمل عنوان "مساعدة الشركات الناشئة في الحصول على التمويل"، العقبات التي تواجه رواد الأعمال للحصول على التمويل وأبرزها عدم معرفة الرواد لطريقة البحث في منظومة التمويل والتعامل معها محلياً، الأمر الذي يعده البعض أمراً شاقاً لاسيما الرواد الجدد، وذلك رغم وجود عدد من الجهات الداعمة، وحاضنات ومسرعات الأعمال، وشبكة المستثمرين الداعمين وشركات رأس المال المخاطر، ومنصات التمويل الجماعي وغيرها، إلى جانب قلة المواقع الإلكترونية والمنتديات التي تحرص على تحديث معلوماتها بشكل دوري حول كيفية الحصول على التمويل، وقلة الرغبة في الإقدام على المخاطرة من جهة المُقرضين.

أما العقبة الثانية التي أشار إليها التقرير فتمثلت بالتحديات التي تواجه الرواد للحصول على التمويل حتى بعد معرفتهم للطريقة والمصدر، وذلك يعود لسببين، أولهما وجود معايير مقيدة للغاية للاستثمار في الأسهم، نظراً لإحجام المنظومة الاستثمارية عن دعم الشركات التي لم تبدأ بتحقيق الأرباح بعد حتى لو كانت تملك الحد الأدنى من المقومات للبقاء وخلق سوق جديدة، بالإضافة إلى انجذاب المستثمرين في المنطقة لعدد محدود من نماذج العمل وأنواع التكنولوجيا والقطاعات، وانتظار المستثمرين لأحد كبار المستثمرين للمبادرة بالاستثمار قبل اتخاذ قرارهم بالمضي في خطط الاستثمار. أما السبب الثاني فيعود إلى تعذر الحصول على التمويل بالدين، وهو ما يزيد الوضع تأزماً، فتعجز الشركات الناشئة عن الحصول على قروض مصرفية دون أن يكون قد مر على إنشائها 3 سنوات.

تطور منظومة الاستثمار والابتكار في الشركات الناشئة
وبيّن التقرير أن منظومة الاستثمار في دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى الرغم من نجاحها في استقطاب مجموعات متنوعة من المستثمرين، إلا أنها ما زالت تفتقر للاستثمار المستدام والصحيح في الشركات الناشئة، ذلك لأن الاستثمار في الشركات الناشئة مازال أمراً جديداَ نسبياً، في حين يفضل المستثمرون الاتجاه نحو فئات استثمارية أكثر جاذبية كالعقارات والبضائع.

ولايزال هذا الوضع العام يواجه عدداً من التحديات، أبرزها قلة توفر بيانات موثوقة عن السوق وهو ما يزيد الأمر تعقيداً وتكلفة، في حين أن توسع القطاعات استلزم بالضرورة مزيداً من التخصصات والتي بدورها تستلزم مزيداً من الخبرة المتعمقة، بالإضافة إلى قلة الصناديق الاستثمارية التي تستثمر بشكل عشوائي في الشركات الناشئة في المراحل المبكرة جداً، وقلة العدد المُختار منها سنوياً.

وأشار التقرير إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد من الوجهات المفضلة لدى رواد الأعمال في المنطقة، وأن عدد الشركات الناشئة في تزايد مستمر، في حين تتوفر عوامل النجاح الأساسية لبناء منظومة أعمال مزدهرة، مبيناً في ذات الوقت أن الانتقال بمنظومة الأعمال إلى المرحلة التالية يتطلب بناء منظومة انتقائية واسعة في مختلف القطاعات وقطاع التكنولوجيا على وجه التحديد.

ودعا التقرير إلى إقامة تعاون وثيق بين الجامعات والهيئات الحكومية وصناديق الاستثمار، علماً بأن الاتجاه للاستثمار نحو المجالات المتخصصة والمتعمقة ما يزال قليلاً نظراً لتطلبه المعرفة الفنية والدراية العميقة بالقطاع أو التكنولوجيا.

ولفت التقرير إلى أهمية مضاعفة عوامل نجاح منظومة الأعمال من خلال الاستثمار في حاضنات الأعمال التي رغم عدم تقديمها للتمويل بشكل مباشر، إلا انها توفر مساحات مكتبية  بتكلفة قليلة أو تدريباً وتوجيهاً ودعماً في بناء شبكة علاقات. وأوضح التقرير أن دولة الإمارات تضم عدداً من أبرز أماكن الابتكار وحاضنات الأعمال ومساحات العمل المشترك، إلا أن هذه الأماكن تفتقر إلى السعة والمنظومة الكاملة الكافية لاستيعاب عدد رواد الأعمال المتزايد، حيث أن معظم هذه المساحات متوفرة لكن بتكلفة عالية مما يتطلب من الشركات الناشئة العمل لفترة لا بأس بها معتمدةً على تمويلها الذاتي. كما يوفر عدد قليل للغاية من تلك الأماكن مساحات مجانية أو تمويلاً في المراحل المبكرة من عمر الشركة الناشئة.

ولفت التقرير إلى ارتفاع نسبة المخاطرة في الشركات الناشئة يشكل عائقاً أمام تقديم المصارف قروضاً لها، حيث لا تمتلك أغلب البنوك في الدولة المعرفة الفنية المتخصصة اللازمة لإجراء التقصي بشأن الأعمال في المراحل المبكرة، ولذلك دعا التقرير لأن تلعب الجهات الحكومية دوراً رئيسياً في تقليل المخاطر التي تتحملها البنوك في تمويل المشاريع الناشئة عبر إجراءات تجعل التمويل بالدين متاحاً للشركات الناشئة.

حلول مقترحة للتحديات
ودعا التقرير إلى اتخاذ عدد من الإجراءات التي يمكن اتباعها لمواجهة عقبة الحصول على التمويل للشركات الناشئة العاملة في الدولة، وأبرزها إصدار دليل مساعدة للشركات الناشئة للتعامل مع منظومة التمويل، بحيث يوفر كماً هائلاً من المعلومات لرواد الأعمال حول طرق الحصول على التمويل، حيث يعرض الدليل خارطة لمنظومة التمويل تظهر جميع الأطراف المعنية مع عرض لتفاصيل معلومات الاتصال الخاصة بكل جهة، كما يقدم الدليل لمحة عن طريقة صياغة خطة عمل مقنعة وتقديمها بشكل يزيد من فرص حصولهم على التمويل. كما يمكن أن يكون هذا الدليل شاملًا بحيث يغطي جميع الأسئلة الهامة التي تراود رواد الأعمال في جميع المراحل التي ستمر بها الشركة الناشئة من لحظة تأسيسها إلى مرحلة النمو وتوسيع أعمالها.

وتشمل الحلول التي اقترحتها غرفة دبي في التقرير الاستمرار في بناء وترسيخ منظومة ابتكار شاملة وإعادة النظر في المبادرات الحالية، ويتعين البحث في إمكانية تعزيز عوامل نجاح المنظومة الشاملة، مثل حاضنات الأعمال والمسرعات أو إنشاء شبكة حيوية من المستثمرين الداعمين لتمويل المشاريع الناشئة.

وضمت مجموعة المقترحات التي وضعتها الغرفة في تقريرها مساعدة المستثمرين في الأسهم على الاستثمار في الشركات الناشئة، ودراسة الخيارات التي تسهل حصول الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة على القروض بحيث تُعيد البنوك النظر في موقفها وعمل دراسة جدوى منح القروض بصورة انتقائية كجزء من برامج البنوك للمسؤولية المجتمعية للشركات أو استثمار البنوك في الأوراق المالية القابلة للتحويل والسندات، وهو ما يحقق التوازن بين المخاطر والمكاسب.

وشمل التقرير استطلاعات ومقابلات مع الشركات الناشئة، أو عن طريق إجراء مقابلات مع أطراف معنية أخرى مختارة في منظومة الشركات الناشئة كالمستثمرين الداعمين وشركات رأس المال المخاطر، وحاضنات الأعمال ومسرِّعات الأعمال والبنوك ومجموعة محددة من الجهات الحكومية المعنية، وذلك للوقوف على أبرز التحديات والعقبات، والتعرف على الحلول والمقترحات.

 

بيان صحفي

التعليـــقات