رئيس التحرير: طلعت علوي

التخليص الجمركي للسلع المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية

الجمعة | 10/02/2012 - 08:15 صباحاً



حسن موسى- مدير شركة عبر البحار للتخليص الجمركي 


بعد أن مضى أربعون عاماً من سيطرة اسرائيل على الاقتصاد الفلسطيني بسبب سياسات الاحتلال والشروط التعجيزية للمستورد في تلك الأيام واستغلال هذا القطاع لأغراض دنيئة من قبل الاحتلال. بقي الاستيراد أمر مبهم لدى معظم الشركات الفلسطينية واقتصر على بعض الشركات الكبرى. إلى أن جاءت السلطة الفلسطينية وبجهود وزارة الاقتصاد والتجارة في حينه (وزارة الاقتصاد الوطني) أصبح إقبال شديد من قبل معظم الشركات والأشخاص على الاستيراد المباشر من كافة أرجاء العالم. في ذاك الوقت لم يكن هناك شركات تخليص فلسطينية معروفة لدى التاجر الفلسطيني فكان التوجه إلى شركات التخليص الإسرائيلية مباشرة. وحدث أن ضُلل الكثير من التجار حول الإجراءات المطلوبة لتخليص سلعهم وبدءوا يتعلمون من أخطائهم … وكان لهذا ثمن كبير للأخوة في وزارة الاقتصاد فضل كبير في حل جزء من هذه المشاكل ومحاولة إرشاد التاجر (المستورد) على ضرورة دراسة السلعة جمركياً قبل استيرادها وشحنها.


ارتبطت التجارة الخارجية الفلسطينية بالتخليص الجمركي كون أن التجارة الخارجية تمر عبر النقاط الحدودية البحرية، والجوية، والبرية. وتشكل نسبة التجارة الخارجية في فلسطين أكثر من 65% من الناتج المحلي الإجمالي ويعمل بالتجارة الخارجية ما يقارب 20% من الايدي العاملة الفلسطينية. هذا يعني أن دور التخليص الجمركي مهم جداً لإنجاز عمليات التجارة الخارجية.


وبطبيعة الحال ان الاقتصاد الفلسطيني مسيطر عليه من قبل اسرائيل منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في عام 1967 بشكل كلي حيث كانت إسرائيل تعمل على تجيير السوق الفلسطيني لخدمة اقتصادها من خلال القيود والمحددات العسكرية والمدنية التي كانت تفرض على الاقتصاد الفلسطيني. حيث أن حوالي 80% من التبادل التجاري الفلسطيني مع إسرائيل. ويعتبر السوق الفلسطيني رابع سوق للمنتجات الإسرائيلية حيث أن حصة السوق الفلسطيني 10% من الصادرات الإسرائيلية وهذا ما يسمى (التبعية الكاملة) فكان لابد لإسرائيل أن تقوم بوضع أدوات وإجراءات لإتمام السيطرة على التجارة الخارجية الفلسطينية ومن أهم هذه الأدوات التخليص الجمركي من خلال شركات التخليص الجمركي الإسرائيلية. وتعقيدات إجراءات التراخيص من الجهات ذات العلاقة في التجارة الخارجية وخصوصاً معهد المواصفات والبيئة والصحة وغيرها.


في نهاية التسعينات بدأت تظهر شركات تخليص فلسطينية وللأسف بدون دراسة أو تراخيص خاصة من الوزارات والجهات المعنية. والنتيجة أنه وفي معظم هذه الشركات كان هناك أيضاً استغلال وخسائر أكبر للتاجر الفلسطيني، والسبب عدم وجود ضوابط من قبل دائرة الجمارك الفلسطينية لهذا القطاع.
أما بالنسبة لواقع الاستيراد في هذه الأيام فقد أصبح التاجر أكثر دراية في الإجراءات المطلوبة لتخليص سلعهم من المعابر الإسرائيلية، ولكن ما زال هناك منفذ كبير للشركات الإسرائيلية لاستغلال التاجر وإرغامه أحياناً على دفع ضرائب إضافية دون وجه حق. (الفحص الأمني) (المواصفات والمقاييس) "تيكن" … عبارتان تترددان لدى جميع التجار وقد يجد هو نفسه من خلال هذين الاصطلاحين المبرر لدفع أية مبالغ قد تطلب منه للشركة الإسرائيلية (المخلص). وقد تكون في معظم الأحيان دون سبب يذكر.


هذا يقودنا إلى الاعتراف بعدم دراية المستورد أو وكيله بضرورة دراسة موضوع السلعة من كافة الجوانب حتى لو اضطره الأمر إلى الاتصال المباشر مع مؤسسة المواصفات والمقاييس الإسرائيلية … وإحضار الكتالوجات اللازمة من أجل الحصول على الموافقة المبدئية من المؤسسة لإدخال هذه السلعة. وأن تعذر عليه الأمر، فهناك طواقم عاملة ومستعدة للمساعدة في مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية. بالإضافة إلى بعض شركات التخليص، التي أصبح لديهم من الخبرة ما يكفي لتقديم النصح والإرشاد ولدى معظمهم مجاني.
ومن هنا سوف نتحدث عن تجارة التخليص الجمركي والشحن في فلسطين والمشاكل التي يعاني منها المستورد والمُصدر الفلسطيني.
ومن اجل إعطاء تصور عن المشاكل التي تواجه التجارة الخارجية والتي يتعلق معظمها بالمعوقات الإسرائيلية كما ذكرنا ومن اجل الحد من هذه المعوقات يجب على المُصدر أو المستورد الفلسطيني التأكد من الآتي:


أولاً- دراسة الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين م.ت.ف والدول الأخرى وخاصة الاتفاقيات مع أوروبا وأمريكا والدول العربية (اتفاقية التجارة الحرة) وخصوصاً في حالات التصدير إلى هذه الدول.
كما يجب دراسة الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين إسرائيل والدول الأخرى على أساس أن الذي يحكم التجارة مع إسرائيل هو بروتوكول باريس الاقتصادي والذي نص على شبه اتحاد جمركي مع إسرائيل. حيث يمكن الاستفادة من المعاملات التفضيلية من خلال هذه الاتفاقيات.
ثانياً- التأكد من متطلبات الاستيراد والتصدير من خلال المعابر الإسرائيلية والتي تشمل ما يلي:
1- التأكد من اصدار بطاقة التعامل بالتجارة الخارجية من وزارة الاقتصاد الوطني (ملف شخصي، أو شركة تجارية).
2- التأكد من جميع الوثائق المطلوبة للتخليص الجمركي والتي تشمل الآتي:
- بوليصة الشحن (BILL OF LADING) والتي تحرر من قبل الشركة الشاحنة ويجب أن تكون النسخة الأصلية مع المستورد وبدون هذه البوليصة لا يمكن لشركة الشحن تحرير البضاعة لشركة التخليص إلا إذا تم تحرير البضاعة من قبل الشركة الشاحنة بواسطة (TELEX RELEASE).
- شهادة المنشأ  (CERTIFICATE OR ORIGIN) سواء كانت (ER.1) أو شهادة منشأ أمريكية. إثبات اصل منشأ الشحنة للاستفادة من المعاملة التفضيلية (الإعفاء الجمركي).
- الفواتير التجارية (COMMERCIAL INVOICE): حيث يتم تحديد سعر البضاعة ووحدة القياس والوصف الدقيق للبضاعة.
- قائمة التعبئة (PACKING LIST): والتي تتضمن ما هو موجود ومحمل على الشحنة من اجل تسهيل عملية التخليص الجمركي عند وصول الشحنة (الفحص الأمني).
- وثائق وشهادات أخرى حسب طبيعة ونوع البضاعة.


ثالثاً- الاعتماد على الدراسة المسبقة قبل البدء بالاستيراد أو التصدير حيث يتم إعداد هذه الدراسة من قبل فنيين متخصصين بموضوع التجارة الخارجية مثل المخلصين الجمركيين او مستشارين جمركيين. حيث أن الإعداد الجيد لمثل هذه الدراسة يجنب المُصدر أو المستورد تكاليف غير متوقعة وغالباً ما تكون هذه التكاليف عالية جداً مثل تكاليف التخزين وتكاليف حجز الحاوية.
من هذا المنطلق أخي التاجر … أخي المستورد … لا تعمل أنت بيدك في إيجاد مبرر لأي كان على إرغامك لدفع أية مصاريف إضافية دون وجه حق. أو أن يعمد على تأخير بضائعكم لأيام وأسابيع. قم بالدراسة المسبقة واسأل ذوي الخبرة، قبل أن تعمد على شحن أية سلعة مهما تصورت أنها بسيطة.

التعليـــقات