في الوقت الذي تفرض فيه وزارة الزراعة في قطاع غزة غرامات مالية على الأبقار المخالفة لمواصفاتها ومعاييرها؛ يقول التجار إن الوزارة تذبح هذه الأبقار وتوزعها على بعض المؤسسات ولصالح أشخاص منتفعين بعد الادعاء بتلفها وغير صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
وقامت وزارة الزراعة بناء على هذه الادعاءات بإعدام نحو 11 بقرة منذ الخميس الماضي بسبب عدم دفع غرامات مالية تتراوح ما بين 500 و 1000 شيقل عن كل بقرة.
وقال التاجر وليد عابدين في اتصال هاتفي مع "الحدث" إن تهديدا وصله من وكيل وزارة الزراعة في غزة عن طريق قريب للوكيل مفاده "لا تفتح فمك.. فضحتنا.. وإذا ما بطلت حكي على التلفونات بالموضوع سترى.."، مضيفا، أن ما جعل التجار يصمتون عن الأمر طوال الفترة الماضية هو الخوف من التهديدات.
وأشار عابدين، أن وزارة الزراعة طلبت منه نحو 100 ألف شيقل حتى يتسنى له الحصول على بقره المستورد من الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث إنه لم يتمكن من دفع سوى 20 ألف شيقل منها دون أي وصول أو سندات حتى يتم إعدام بقرة له في ثاني يوم من الدفع.
ووفقا لعابدين، فإن الوزارة أعدمت 11 بقرة الخميس الماضي بعد إعدام 14 بقرة أخرى سابقا، واليوم يوجد هناك نحو 270 بقرة محتجزة في محجر حطين بخانيونس.
وأكد عابدين، أن وجود الأبقار لأيام عديدة في محجر حطين، يعرضها فعلا لتصبح تالفة وفاسدة، نتيجة عدم تغذيتها بما يناسبها وعدم حلبها في الوقت المناسب مما قد يؤثر على جودتها.
وبحسب تجار لـ "الحدث" فإن "إعدام" الأبقار جاء بزعم من قبل وزارة الزراعة بأن الأبقار فاسدة ويتم توزيعها على الناس أو بيعها في الوقت ذاته.
وفي ذات السياق، أكد التاجر إبراهيم وليد لـ "الحدث"، أن الوزارة كانت قد أبغت التجار عن طريق وسيط بأنها ستجتمع معهم بالأمس في الساعة 12 ظهرا، حيث رفض التجار هذا الاجتماع وأي حوار آخر مع الوزارة دون الإفراج عن البقر المحتجز لديها، خاصة بعد إغلاق وكيل الوزارة الهاتف وعدم رده على اتصالات التجار والوسطاء.
وأكد وليد، أن بقرة نفقت أمس الأحد بسبب احتجازها في حطين بخانيونس لعدة أيام دون غذاء ومنع أصحابها من حلبها الأمر الذي يضر بالبقر المحتجز.
وأشار وليد لـ "الحدث" أن الزراعة لم تأخذ أي عينة من البقر الذي تم إعدامه وكل ما حدث هو أن لجنة من ثلاث أطباء كانت تقرر وتبت في أمر البقر من خلال النظر فقط، مضيفا أن الوزارة أخذت بعض العينات من بقر أخرى غير تلك التي أعدمت ودفّعت التجار 50 شيقلا ثمنا لكل عينة دم أخذتها دون أي سندات أو وصول قبض أو حتى إصدار نتائج لهذه العينات.
وبحسب وليد، فإن الوزارة طالبتهم في بداية الأمر بدفع 1000 شيقل ضريبة على كل رأس بقر، وتم تخفيضها إلى 500 شيقل، بعد ان كانوا يدفعون ضريبة 100 شيقل فقط على كل رأس، علما أن وزارة الزراعة رفضت شهادة السلامة والخلو من أي مرض والمصدقة من "إسرائيل" كونها جهة استيراد البقر.
"إذا دفعنا المخالفة بيروح المرض منها؟ أنا بدي أعرف شو مرضها وإذا مريضة أو تالفة أنا بدي أعدمها بنفسي" أضاف وليد. وقال: طالبنا بتشكيل لجنة مستقلة مختصة للوقوف على هذا الأمر وفحص البقر بالتعاون بين وزارتي الصحة والزراعة إلا أن الزراعة رفضت اقتراحنا. وأشار، إلى أن اللجنة الطبية من قبل الوزارة أرسلت تقاريرها المبنية على رؤية العين المجردة إلى وكيل وزارة الزراعة دون إعلامنا بالنتائج أو إطلاعنا عليها، وبهذا فإنه لا يوجد أي تقرير يفيد بتلف هذه الأبقار، خاصة وأن أحد التقارير بحسب الوكيل كان يفيد بأن إحدى البقرات لديها عيب في أرجلها وهو ما اتضح خلافه جليا عند مطاردته لها لوقت طويل حتى يتمكن من ذبحها.
وبالمقابل، قال وكيل وزارة الزراعة في قطاع غزة د. إبراهيم القدرة في لقاء خاص مع "الحدث"، إن التشكيك في الوزارة وموظفيها أمر مرفوض، واصفا الأبقار التي تأتي من "إسرائيل" بالنفايات، ومعبرا عن رفض وزارته لأن يصبح قطاع غزة مكب نفايات للاحتلال.
وبما يتعلق بإعدام البقر، أشار القدرة، إلى أن وزارته كانت قد استدعت التجار وأطلعتهم على الشروط الصحية الجديدة لاستيراد البقر وجميعهم وقعوا على تعهد بالالتزام، و"حتى بدأنا بالتطبيق والتدرج في التطبيق بدأت المشكلات تظهر مع التجار"، حيث أن كل من يخالف التعليمات يخالف بدفع غرامة مالية عن كل رأس بقيمة 500 شيقل وفي حال تكررت المخالفة تتضاعف إلى الألف، ولكن المخالفات استمرت وتكررت وكان على وزارة الزراعة أن تقر عقوبات رادعة حتى لا يتحول القطاع إلى مكب نفايات للاحتلال.
وبحسب تصنيفات الوزارة كما أوضح القدرة، فإن البقر المطابق للشروط يتم الإفراج عنه فورا دون أي مخالفات، أما من يتجاوز العمر المسموح به ومخالف للشروط فيتم التهاون معه بدفع غرامة مالية تصل إلى 500 شيقل، وغير المطابق للمواصفات فيتم دفع غرامة مالية إضافة إلى إعدام البقر.
وأكد القدرة أن خطوات وزارة الزراعة هذه محمية بالكامل من الناحية القانونية، وأن ما يجري من محاولات هي من أجل ثني الوزارة عن الاستمرار في خطواتها لحماية المستهلك الفلسطيني.
وأشار إلى أنه لا يمكن تشكيل لجنة محايدة لكل رأس بقر، خاصة وأن هناك نحو 1200 رأس بقر يدخل قطاع غزة شهريا معظمها مخالف، والبقرة المخالفة لا يختلف عليها اثنان ومن يشكك في وزارة الزراعة فليقدم الدليل.
وبحسب القدرة، فإن قطاع غزة ضمّ أول محجر طبي فلسطيني وهو محجر حطين في خانيونس، مضيفا أنه ليس مثاليا لكنه أنشئ وفقا للإمكانيات وفيه الحد الأدنى من البيطرة.
وفي لقاء خاص مع "الحدث" أقر نائب مدير عام الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة بغزة د. حسن عزام، بإعدام وزارته لـ 14 بقرة بعضها عجفاء وبعضها الآخر لا يصلح للتسويق بناءً على الفحوصات الظاهرية فقط دون اللجوء إلى الفحوصات المخبرية ودون وجود أي ورق يثبت أي شيء يتعلق بصحة الأبقار.
وكانت وزارة الزراعة في غزة قد أظهرت صورا غير أصلية (مصورة) تظهر إقرار أربعة تجار بالالتزام بشروط وزارة الزراعة من بينهم التاجر وليد عابدين الذي أجرت "الحدث" مقابلة معه، وهو الأمر الذي نفاه التجار جملة وتفصيلا بقولهم إنهم لم يوقعوا على أي ورقة بهذا الخصوص.
وحول إعدام الأبقار، أوضح د. عزام في لقاء خاص مع "الحدث" أن 10 أبقار من اللواتي تم إعدامهن استلمتهم وحدة الكلاب في مكافحة المخدرات، و3 أبقار تم إرسالها إلى حديقة حيوانات رفح، و 4 تم توزيعها على الجمعيات.
وهنا قد تُخلق إشكالية لدى البعض، بأن الأبقار المعدمة هي أبقار غير صالحة للاستخدام الآدمي، ولكن 4 منها تم توزيعها على الجمعيات!. لكن تبرير الوزارة جاهز بحسب ما أوضح د. عزام لـ "الحدث"، بأن الأبقار الأربعة لا تصلح للتسويق ولكنها تصلح للاستخدام.
©الحدث