رئيس التحرير: طلعت علوي

إجراءات ماكرون الاقتصادية مخيبة للفرنسيين .. والمحتجون يتوعدون بـ "سبت خامس"

الأربعاء | 12/12/2018 - 10:01 صباحاً
إجراءات ماكرون الاقتصادية مخيبة للفرنسيين .. والمحتجون يتوعدون بـ "سبت خامس"

 

تسعى الحكومة لإقناع الفرنسيين بأن التدابير الاقتصادية التي أعلن عنها الرئيس إيمانويل ماكرون تستجيب لمطالب "السترات الصفراء"، في حين أعلن العديد من المحتجين عن خيبة أملهم وعزمهم على مواصلة حركتهم.
وبحسب "الفرنسية"، ألقى رئيس الوزراء إدوار فيليب كلمة أمام مجلس النواب فصل فيها الإجراءات التي كشف عنها الرئيس في كلمته التلفزيونية البارحة.
كما تترقب السلطات الفرنسية توجهات الرأي العام التي تعتبر أساسية لمسار الأزمة، في ظل تحركات احتجاجية تفتقر إلى أي تنظيم مركزي وتجمع العديد من الشرائح الاجتماعية والمطالب.
وبعد إنهاء ماكرون كلمته، أعلن العديد من المحتجين عزمهم على الاستمرار في قطع الطرقات وإقامة السواتر، ولا سيما عند المستديرات، ودعوا إلى "فصل خامس" من التعبئة السبت في جميع أنحاء فرنسا، ليكون خامس يوم سبت على التوالي يشهد تحركات على المستوى الوطني منذ انطلاق الحركة في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وتسعى الدولة لتفادي وقوع تجاوزات خطيرة جديدة كالتي شهدها يوما السبت السابقين، وحذر ماكرون بهذا الصدد بأن "أعمال العنف غير المقبولة، لن تحظى بأي تساهل".
وحملت هذه التجاوزات الشرطة على اتخاذ تدابير غير مسبوقة في فرنسا. وتم اعتقال 4523 شخصا منذ أول تظاهرة لـ"السترات الصفراء"، وضع 4099 منهم قيد التوقيف رهن التحقيق.
ورسم إدوار فيليب أمام الجمعية الوطنية معالم التدابير الاجتماعية الرئيسية التي عددها الرئيس: زيادة الحد الأدنى للأجور بـ100 يورو، وإعفاء المتقاعدين الذين تقل معاشاتهم التقاعدية عن ألفي يورو في الشهر من الضريبة المعروفة بـ"المساهمة الاجتماعية المعممة" (سي إس جي) التي تصب في تمويل الضمان الاجتماعي، وإعفاء ساعات العمل الإضافية من الضرائب.
غير أنه ما زال يتحتم توضيح عناصر عديدة: تحديد المعنيين فمن بكل من التدابير، وتاريخ بدء تطبيقها وسبل تمويلها.
واستقبل ماكرون أمس، ممثلي القطاع المصرفي، واليوم يلتقي ممثلو الشركات الكبرى ليطلب منهم "المساهمة في المجهود الإجمالي" من خلال تدابير ضريبية على الأرجح.
وقال وزير الدولة لدى وزارة الحسابات العامة أوليفييه دوسو البارحة الأولى، " الإجراءات التي كشف عنها الرئيس ستكلف ما بين 8 و10 مليارات، إننا بصدد تحديد الأمر، وبحث كيفية تمويلها".
وعلق خبير التواصل السياسي فيليب مورو شوفروليه أن "إعلانات عديدة تبدو مفبركة خصيصا لهدف موضوعي"، مضيفا أنه "بعد أربعة أسابيع من معركتهم، بات أصحاب السترات الصفراء راسخون في المشهد السياسي. وربما بشكل دائم. هذا التأخر في رد الفعل خطأ سياسي كبير".
وقدمت الكلمة البالغة مدتها 13 دقيقة التي سجلت مسبقا في قصر الإليزيه على أنها حاسمة للرئيس ولقدرته على إعادة إحياء ولايته بالتغلب على الأزمة السياسية الأخطر منذ وصوله إلى السلطة.
وقال ماكرون "إننا عند لحظة تاريخية لبلادنا"، معلنا "حالة الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية".
وأكد الرئيس الذي تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوياتها أنه يدرك أنه "حصل له أن جرح" البعض بكلامه، في وقت يتهمه العديد من المحتجين بـ"العجرفة" و"الازدراء" حيالهم.
وتعمد ماكرون في كلمته إعطاء ضمانات اجتماعية مع الحرص على عدم إثارة الهلع في أوساط العمال، في حين أفاد وزير الاقتصاد برونو لومير أن فرنسا ستخسر 0.1 نقطة من النمو الاقتصادي في الفصل الرابع من السنة بسبب الأزمة، وقد خفض البنك المركزي الفرنسي توقعاته للنمو في الربع الأخير من العام من 0.4 في المائة إلى 0.2 في المائة.
وهذه الاعتبارات هي التي حملت ماكرون على الإعلان عن تدابير لا تلقي بثقلها على الأكثر ثراء ولا على الشركات، على أن يمول طرحه الرئيسي وهو زيادة الحد الأدنى للأجور بـ100 يورو، بواسطة "المساهمة في العمل"، وهي من التقديمات الاجتماعية التي تؤمنها الدولة الفرنسية للعمال المتواضعي الأحوال.
كما أن الدولة ستتولى تكاليف إعفاء المعاشات التقاعدية دون ألفي يورو من ضريبة المساهمة في الضمان الاجتماعي وإعفاء ساعات العمل الإضافية من الضرائب. أما علاوة نهاية العام التي أعلن عنها ماكرون، فقد دعا الشركات إلى دفعها لموظفيها إنما بشكل طوعي.
وكان لكلمة ماكرون وقع متباين جدا بين المحتجين. ودعت جاكلين موروه، وهي من وجوه حركة "السترات الصفراء" متحدرة من منطقة بروتانيه، إلى "هدنة" مثنية على "تقدم وباب مفتوح" من جانب السلطة.
لكن المحتجين في عدة نقاط تجمع أعلنوا أنهم "غير راضين" عن موقف الرئيس، وقال بيار جايل لوفيدير في مونسو ليه مين في شرق البلاد إن "ماكرون لم يحسن فهم ما يجري".
وكانت ردود فعل النقابات الأولية شديدة الانتقاد للرئيس، ورأت الكونفدرالية العامة للعمل "سي جي تي" أن ماكرون "لم يفهم شيئا عن الغضب الذي يتم التعبير عنه".
واعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون البارحة الأولى، سلسلة إجراءات تهدف إلى تعزيز القدرة الشرائية في محاولة لامتصاص الأزمة التي نتجت من احتجاجات "السترات الصفراء"، مع إقراره بأنه أساء فهم الأزمة للوهلة الأولى.
وفي خطاب مرتقب، وعد ماكرون بسلسلة إجراءات تصب في خانة تعزيز القدرة الشرائية وتقضي برفع الحد الأدنى للأجور 100 يورو اعتبارا من 2019 من دون أن تتحمل الشركات أي تكلفة إضافية، وإلغاء الضرائب على ساعات العمل الإضافية من 2018 وإلغاء زيادة الضرائب على بدلات التقاعد لمن يتقاضون أقل من ألفي يورو شهريا.
ودعا أيضا من يستطيعون من أصحاب العمل إلى "رصد مكافأة لنهاية العام" ستعفى من الضرائب.
وإذ أكد تفهمه لـ "الغضب" و"المحنة"، أقر ماكرون بالمسؤولية بعد مطالبات عدة باستقالته في صفوف "السترات الصفراء" خلال تظاهرات عدة شهدتها فرنسا منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، واتخذت أحيانا منحى عنيفا وتسببت في شلل البلاد وسلطت الضوء على انقسام اجتماعي عميق بين الفئات الشعبية والحكومة.
وقال "أتحمل حصتي من المسؤولية"، مع إقراره بأنه "حاول أن يعطي انطباعا" أن غضب المتظاهرين هو "آخر همومه".
وإذ أعلن "حال الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية"، أكد أنه ترشح للانتخابات الرئاسية في 2017 انطلاقا من "تحسسه بهذه الأزمة".
وأضاف "لم أنس هذا الالتزام"، مشددا على أنه يريد بلادا "يمكن أن نعيش فيها من عملنا بكرامة".
كذلك، استبعد العودة عن قرار إلغاء الضريبة على الأكثر ثراء والذي اتخذه في مستهل عهده وشكل ظلما كبيرا في رأي "السترات الصفراء".
وهذه الأزمة هي الأخطر التي يواجهها ماكرون منذ انتخابه في 2017. وكان قد لزم الصمت منذ اندلاع التظاهرات العنيفة في الأول من كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وما تخللها من مشاهد عنف في قلب باريس.

 

©الاقتصادية

التعليـــقات