رئيس التحرير: طلعت علوي

الضرائب على عمالقة الإنترنت في الاتحاد الأوروبي تواجه رياحا عكسية

الأربعاء | 05/12/2018 - 09:25 صباحاً
الضرائب على عمالقة الإنترنت في الاتحاد الأوروبي تواجه رياحا عكسية



تقدمت ألمانيا وفرنسا بمقترح جديد أمس، للضرائب على الشركات الرقمية في أنحاء الاتحاد الأوروبي، إلا أن محاولتهما التوصل إلى إجماع بشأن القضية الحساسة يواجه رياحا معاكسة.
وبحسب "الألمانية"، فإن الدول الأعضاء تسعى منذ شهور إلى التوصل إلى اتفاق بشأن الضريبة على عمالقة الإنترنت مثل "فيسبوك" و"جوجل"، في ظل اقتراب انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في أيار (مايو) من العام المقبل.


ووفقا للمقترح الفرنسي - الألماني، تدفع الشركات العاملة عبر الإنترنت ضريبة 3 في المائة كحد أدنى على دخلها من الإعلانات.
وتسعى باريس وبرلين إلى تأمين موافقة على الإجراء قبل آذار (مارس) المقبل، وأن يتم تنفيذها بدءا من كانون الثاني (يناير) من عام 2021 إذا لم يتم إقرار اتفاق دولي بهذا الشأن قبل هذا الموعد. إلا أن عديدا من الوزراء أعربوا عن اعتراضهم.


وقالت ناديا كالفينو وزيرة المالية الإسبانية "إن المقترح الفرنسي الألماني لا يرقى إلى مستوى الطموح الذي نتطلع إليه". وأبدى نظراؤها الإستوني والسلوفيني والإيطالي تحفظات مماثلة، بينما أعرب بيتري أوربو الوزير الفنلندي عن "مخاوف جدية".
وتشير تقديرات المفوضية الأوروبية إلى أن الشركات التقليدية تدفع في المتوسط نحو 23 في المائة ضرائب على الأرباح، مقارنة بـ 8 إلى 9 في المائة لشركات الإنترنت، وبعضها يدفع ضرائب قليلة أو لا يدفع ضرائب على الإطلاق.


وتخشى بعض الدول أن فرض ضريبة على الشركات الرقمية قد يضر بمكانة التكتل كمركز تجاري.
تجدر الإشارة إلى أن مقترحات الاتحاد الأوروبي بشأن الضرائب تتطلب إجماعا من الدول الـ 28.
إلى ذلك، أعلن وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في ساعة مبكرة من صباح أمس، بعد مشاورات أجروها على مدار البارحة الأولى، التوصل إلى توافق على عديد من المقترحات التي تهدف إلى دعم منطقة العملة الأوروبية الموحدة.
وكتب وزير المالية الألماني أولاف شولتس، على موقع تويتر، "الأمور التي تأخذ وقتا طويلا تكون تستحق هذا في النهاية. بعد 16 ساعة من المحادثات. توصلنا إلى نتيجة، وهي نتيجة جيدة".


ومن شأن حزمة الإصلاحات، التي تجري دراستها، مساعدة التكتل على منع حدوث أزمات مالية، إلى جانب التعامل معها إذا ما وقعت.
ويتعلق أحد المقترحات بدعم آلية الإنقاذ في منطقة اليورو "آلية الاستقرار الأوروبية"، التي تتيح إقراض تمويل للدول الأعضاء المحتاجة إلى تمويل.
كما تتيح التدخل في الاقتصادات المتعثرة في وقت مبكر عن ذي قبل، وكذلك إدارة البرامج بالتعاون مع المفوضية الأوروبية.
وسيتم دعم الآلية بشبكة أمان "باكستوب" لمنع انتقال الأزمات بين المصارف. إلا أن الوزراء لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن عديد من المقترحات.


يشار إلى أن ما تم الإعلان عنه أمس، يمهد الطريق لقادة الاتحاد الأوروبي لممارسة تأثيرهم خلال قمتهم الأخيرة للعام الجاري.
من جهته، قال المستشار النمساوي زباستيان كورتس أمس، "إن الحكومة النمساوية نجحت في توجيه البلاد خلال عامها الأول في السلطة، وذلك في الوقت الذي تحيط فيه المشكلات الكبيرة بدول أوروبية أخرى.
وأشار إلى الغموض بشأن مستقبل الحكومة الألمانية وموجة الاحتجاجات الأخيرة في فرنسا والدين العام في إيطاليا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.


وقال كورتس ونائبه اليميني المستشار هاينز كريستيان شتراخه في مؤتمر صحافي بمناسبة مرور عام على تولي الحكومة اليمينية السلطة في النمسا "إنهما يشعران بالفخر لكون البلاد لديها موازنة متوازنة لعام 2019، إضافة إلى خفض الضرائب بالنسبة إلى الأسر وأصحاب الدخل المنخفض".
كما أشادا بسياساتهما بشأن الهجرة في النمسا والاتحاد الأوروبي، الذي تتولى فيينا رئاسته الدورية حتى نهاية هذا العام.
وقال كورتس "لقد تمكنا من الحد من أعداد الوافدين بصورة كبيرة"، مشيرا إلى تحرك الاتحاد الأوروبي نحو تطبيق سياسات حدودية أكثر صرامة.


ويعتزم الائتلاف الحكومي المؤلف من حزب الشعب الذي ينتمى له كورتس وحزب الحرية الذي ينتمي له شتراخه أن يقوم خلال العام المقبل بخفض الضرائب بنسب أكبر والدفع لتحديث الاقتصاد وإيجاد نموذج مستدام لرعاية أعداد كبار السن المتزايدة الذين يحتاجون إلى رعاية طويلة المدى.
وعلى عكس العام الأول لمجلس الوزراء، فإن أجندة عام 2019 لم تشمل سياسات مناهضة للهجرة حتى الآن.
من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الإيطالي جيوسيبي كونتي أمس، "إن لديه في جعبته عرضا من أجل إنهاء خلاف بشأن الميزانية مع المفوضية الأوروبية وتجنب اتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراء عقابيا ضد بلاده".


وأصبحت إيطاليا مستهدفة من جانب الاتحاد الأوروبي بعد أن رفضت المفوضية الأوروبية مسودة ميزانية الدولة في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وهي خطوة تمهد الطريق أمام عملية عقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي - التي تعرف باسم إجراء العجز المفرط - ضد روما.
وتهدف خطة الإنفاق التي أعدتها روما إلى رفع عجز الميزانية إلى 2.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019.
وقال كونتي في مقابلة مع صحيفة "أفينيري" الإيطالية "هدفي هو تجنب إجراءات المخالفة ضد إيطاليا، التي قد تضر ببلدنا وتهدد بإلحاق الضرر بأوروبا".


وأضاف "أضع اللمسات الأخيرة على اقتراحي الذي سيتعين على الاتحاد الأوروبي أن يضعه في الحسبان"، متفاديا التساؤلات بشأن احتمالية خفض نسبة عجز الميزانية.
ونقلت صحيفتا "لا ريبوبليكا" و"لا ستامبا" أمس الأول، عن وزير الاقتصاد الإيطالي جيوفاني تريا قوله، "إن روما تتفاوض مع بروكسل حول هدف جديد لعجز الميزانية يبلغ 1.9 في المائة إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي".
وفي وقت متأخر من أمس الأول، أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي المتشدد ماتيو سالفيني أنه يمكن تعديل بعض عناصر مشروع الميزانية إذا لزم الأمر.


وفي مقابلة مع صحيفة "بوليتيكو" خلال زيارة لبروكسل، قال سالفيني زعيم حزب "الرابطة" اليميني المتشدد "آمل أن يكون لدى بروكسل الرغبة نفسها في الحوار".
ودافع سالفيني عن تصريحاته الاستفزازية السابقة الموجهة ضد بروكسل، موضحا أن المفوضية الأوروبية عاملت إيطاليا مثل "تاجر سجاد".
وإذا لم يتم التوصل إلى حل وسط، فإن إيطاليا تواجه خطر إجراء العجز المفرط، الذي يعني تشديد مراقبة الاتحاد الأوروبي لمالية البلاد وفرض غرامات في نهاية المطاف، في حال استمرار عدم الامتثال.
ودعم وزراء مالية منطقة اليورو النتيجة التي توصلت إليها المفوضية الأوروبية بأن إيطاليا مدانة بـ "عدم الامتثال الخطير بشكل خاص" لقواعد ميزانية منطقة اليورو.


وفي بيان مشترك صدر أمس، قال الوزراء "إنهم أيدوا تقييمات المفوضية الأوروبية بهذا الشأن وأوصوا إيطاليا باتخاذ التدابير اللازمة حتى تصبح متوافقة مع ميثاق الاستقرار والنمو".
وأضاف البيان "نؤيد أيضا الحوار الجاري بين المفوضية والسلطات الإيطالية".
وذكر مفوض شؤون الاقتصاد الأوروبي بيير موسكوفيتشى أمس، أن إيطاليا أصبحت أكثر تعاونا لكن ما زال يتعين عليها تقديم التزامات "موثوق بها" بشأن خفض نسبة عجز الموازنة من أجل تجنب التعرض لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

التعليـــقات