رئيس التحرير: طلعت علوي

وقف «إطلاق نار» تجاري بين بكين وواشنطن يصعد بالأسواق العالمية

الثلاثاء | 04/12/2018 - 09:43 صباحاً
وقف «إطلاق نار» تجاري بين بكين وواشنطن يصعد بالأسواق العالمية

 

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، موافقة الصين على "خفض وإلغاء" رسومها الجمركية على السيارات الأمريكية، في تطور يشكل اختراقا في الحرب التجارية بين البلدين ووقف لإطلاق نار تجاري انعكس انتعاشا في الأسواق العالمية.
ووفقا لـ "الفرنسية"، فإن إعلان ترمب المفاجئ على "تويتر" جاء غداة توصّله ونظيره الصيني شي جينبينج أخيرا، خلال اجتماع عقد على هامش قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس، إلى اتفاق نص على عدم فرض البلدين مزيدا من الرسوم خلال فترة ثلاثة أشهر، يفترض أن يتفاوض خلالها الطرفان من أجل التوصل إلى اتفاق أكثر تفصيلا.
يأتي ذلك بعد أشهر من التوترات ومن فرض رسوم جمركية عقابية على سلع بقيمة مئات مليارات الدولارات أثارت مخاوف من حصول تصعيد سيضرّ بالاقتصاد العالمي.
وتصب الهدنة في الحرب التجارية بين البلدين في مصلحة الطرفين، مع نجاح ترمب في تجنيب الصادرات الزراعية الأمريكية مزيدا من الأضرار، وتمكّن شي من تفادي تصعيد للضغوط عبر زيادة رسوم من شأنها أن تفاقم تباطؤ الاقتصاد الصيني.
وعبر "تويتر" أعلن ترمب البارحة الأولى، التوصّل إلى اختراق آخر بقوله "إن الصين وافقت على خفض وإلغاء رسوم جمركية نسبتها 40 في المائة على السيارات المصدّرة إليها من الولايات المتّحدة".
ولم تؤكد وزارة الخارجية الصينية ما أعلنه الرئيس الأمريكي واكتفت بالقول "في الأول من كانون الأول (ديسمبر) توصّل الرئيس شي والرئيس ترمب إلى توافق حول المسائل التجارية".
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية جينج شوانج "إن الرئيسين اتفقا على عدم فرض رسوم جديدة وتوصلا إلى مجموعة من الترتيبات البناءة من أجل معالجة خلافات ومشكلات قائمة".
ولم يوضح ترمب في تغريدته أي رسوم ستخفض وأي رسوم ستلغى، أو متى يدخل الاتفاق حيز التنفيذ.
وذكر ويليام زاريت رئيس غرفة التجارة الأمريكية في الصين أنه إذا تأكد إعلان ترمب فإنه "سيكون بالتأكيد خطوة في الاتجاه الصحيح ومؤشرا على خطوات أخرى جيدة مقبلة".
وفي تموز (يوليو) قامت الصين بخفض رسوم استيراد السيارات من 25 إلى 15 في المائة ما شكل دفعا لمصنعي السيارات الأجانب الحريصين على زيادة نسبة المبيعات في أكبر سوق للسيارات في العالم.
لكن فيما تصاعدت الخلافات مع الولايات المتحدة هذا الصيف، ردت بكين بفرض رسوم إضافية على السيارات المستوردة من الولايات المتحدة قيمتها 25 في المائة ليرتفع إجمالي رسوم الاستيراد إلى 40 في المائة.
وتصنّع عدة شركات أمريكية سياراتها المخصصة للسوق الصينية في الصين، لكن زيادة الرسوم أضرت بمبيعاتها ولا سيما شركة "تيسلا" والطرازات الأمريكية من سيارات "بي إم دبليو" و"فورد".
وقال ستيفن أوكن كبير المستشارين في شركة "مكلارتي" ومقرها سنغافورة "إنه سيتعيّن على بكين أن تعالج الشكاوى الأمريكية حول إلزام الصين للشركات بنقل حقوق الملكية الفكرية، لكي تخفّض واشنطن رسومها".
وتندرج هذه المسألة في صلب تحقيق الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر بموجب البند 301 من القانون التجاري الأمريكي المتعلق بالملكية الفكرية.
وقال أوكن إن "أي تحرّك يزيد من انفتاح الأسواق أو يؤمن تكافؤا سيلقى بالتأكيد ترحيبا ويمكن أن يؤدي إلى استمرار المحادثات".
وتابع "لكن يجب افتراض أنه بالنسبة إلى الرسوم القائمة والمقترحة الهادفة إلى دفع الصين إلى معالجة الهواجس الأمريكية حول حقوق الملكية الفكرية، فإن وحده التحرك المرتبط مباشرة بذلك سيؤثر مستقبلا في الرسوم المفروضة بموجب البند 301".
والسبت الماضي، قال البيت الأبيض "إن الصين وافقت على شراء كمية كبيرة جدا من الصادرات النفطية والمنتجات الزراعية والصناعية وغيرها من الولايات المتحدة".
من جهّتها، أكدت الصين أن للاتفاق "أهمية كبرى".
وقال جينج "إن الاتفاق "يجنّب توسّع الخلافات الاقتصادية والتجارية ويفتح آفاق تعاون جديدة".
وانتعشت الأسواق الآسيوية والأوروبية اليوم الإثنين، وأغلقت بورصتا هونج كونج وشنغهاي على ارتفاع كبير كما ارتفعت قيمة اليوان بعد أشهر من التراجع على خلفية الحرب التجارية.
وبعد اللقاء الذي طال انتظاره بين ترمب وشي عاد المستثمرون إلى الشراء بعد فترة إحجام تخوّفا من النزاع التجاري.
لكن مراقبين حذّروا من أن قضايا كبرى لم تحل بعد، من بينها دخول الشركات الأمريكية للسوق الصينية وحماية الملكية الفكرية.
وقال كيري كريج مختص الأسواق العالمية في مركز جيه بي مورجن لإدارة الأصول "نرجّح أن تزداد الأمور سوءا قبل أن تعود لتتحسن، وأن يؤدي الشعور السلبي إلى مزيد من التقلّبات في الأسواق".
ورحّبت الصحف الرسمية الصينية بحذر بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في بوينس آيرس.
ووصفت صحيفة "جلوبال تايمز" القومية الاتفاق بـ "خطوة تاريخية إلى الأمام" تتيح "إمكانات هائلة للتجارة المنصفة".
وتابعت الصحيفة "نأمل في توصّل الفريقين "التفاوضيين" التجاريين إلى أكبر عدد ممكن من الاتفاقات في أسرع وقت ممكن لتسريع التعاون بين الصين والولايات المتحدة".
ونص الاتفاق على توقف ترمب عن التهديد برفع الرسوم إلى 25 في المائة على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار اعتبارا من الأول من كانون الثاني (يناير)، والإبقاء على النسبة الحالية البالغة 10 في المائة وإعطاء المفاوضين مهلة 90 يوما من أجل التوصّل إلى اتفاق نهائي.
ولم تشمل الهدنة رسوما جمركية بنسبة 25 في المائة كانت الولايات المتحدة قد فرضتها على سلع صينية بقيمة 50 مليار دولار.
وكانت الصين قد ردت على الإجراءات الأمريكية بفرض رسوم مماثلة على سلع أمريكية بقيمة 110 مليارات دولار.
وكتبت صحيفة "تشاينا دايلي" الحكومية "ليس هناك عصا سحرية تجعل الخلافات بين الولايات المتحدة والصين تختفي بين ليلة وضحاها".
وقالت الصحيفة الصينية "لكن نظرا إلى مدى تعقيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، فإن بقية دول العالم ستواصل حبس أنفاسها في انتظار معرفة ما إذا كانت مجموعة الخطط البناءة التي يتم العمل عليها ستنجح في إعادة العلاقات الثنائية إلى مسار التعاون بدلا من المواجهة".
وبحسب "رويترز"، لم تأت الدولتان على ذكر الرسوم الجمركية على السيارات في البيانات الرسمية عن اجتماع ترمب وشي.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أن الهدف النهائي هو إلغاء جميع الرسوم الجمركية.
وقال قنج في إيجاز صحافي يومي "التوافق الذي توصل إليه رئيسا البلدين هو وقف فرض الرسوم التجارية الجديدة، وفي الوقت ذاته أصدر الرئيسان توجيهات المسؤولين المعنيين بالاقتصاد في الجانبين بتكثيف المحادثات صوب إلغاء جميع الرسوم الجمركية التي تم فرضها".
وهناك اختلافات في رواية كل من الولايات المتحدة والصين بشأن ما تم الاتفاق عليه.
ويقول البيت الأبيض "إن الصين أبدت استعدادا للموافقة على الصفقة التي لم توافق عليها في السابق بأن تشتري "كوالكوم الأمريكية" شركة إن.إكس.بي لأشباه الموصلات الهولندية، إذا جرى عرضها مرة أخرى".
لكن "كوالكوم" قالت في بيان "إنها تدرس الأمر بعناية".
ولم يتطرق أكبر مسؤول دبلوماسي في الحكومة الصينية إلى مسألة "كوالكوم" في مؤتمر صحافي عقده في بوينس آيرس السبت الماضي.
وفي تموز (يوليو)، انسحبت "كوالكوم"، أكبر شركة لتصنيع رقائق الهواتف المحمولة في العالم، من صفقة بقيمة 44 مليار دولار لشراء إن.بي.إكس بعد أن فشلت في الحصول على موافقة الهيئات التنظيمية في الصين، لتصبح أكبر ضحية للنزاع التجاري بين بكين وواشنطن.
واستبعد مسؤول كبير في شركة سنوك الصينية العملاقة للطاقة أن تزيد الصين مشترياتها من الطاقة والمنتجات الصناعية من الولايات المتحدة بكمية كبيرة في 90 يوما ما لم تكن هناك توجيهات إلزامية من الحكومة تجبر الشركاء على ذلك.
وقال المسؤول لـ "رويترز"، "سياسة ترمب غير قابلة للتنبؤ بشكل كبير لذا فالشركات الصينية حذرة للغاية بشأن شراء سلع أولية أمريكية سواء المفروض عليها رسوم جمركية أم لا. ببساطة، المخاطر كبيرة جدا والشركات أصبحت أكثر عزوفا عن المخاطر حاليا".
وتوقع أن تزيد الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على الصين بعد الـ 90 يوما على الرغم من المساعي وحسن نية الصين.
وقالت وسائل الإعلام الرسمية الصينية، "إن الهدنة التي اتفقت عليها الصين والولايات المتحدة في حربهما التجارية في مطلع الأسبوع قد تساعدهما على حل خلافاتهما بشكل ودي"، لكن أضافت أن "تحسن العلاقات بشكل دائم يعتمد على مدى صدق الولايات المتحدة".
ووافقت الولايات المتحدة على عدم زيادة الرسوم الجمركية في أول كانون الثاني (يناير) في حين وافقت الصين على شراء منتجات زراعية من المزارعين الأمريكيين فورا.
واتفق الجانبان أيضا على بدء مباحثات بشأن كيفية حل قضايا تهم البلدين من بينها حماية الملكية الفكرية والحواجز التجارية غير الجمركية والسرقة الإلكترونية.

 

©الاقتصادية

التعليـــقات