رئيس التحرير: طلعت علوي

بريطانيا ضمن أكبر الخاسرين في الحرب التجارية .. صادراتها فقدت 2.4 مليار دولار خلال عام

السبت | 27/10/2018 - 10:46 صباحاً
بريطانيا ضمن أكبر الخاسرين في الحرب التجارية .. صادراتها فقدت 2.4 مليار دولار خلال عام

 

ذكر تقرير تحليلي حديث صدر بداية الشهر الجاري أن النزاع التجاري المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة بدأ يلحق أضرارا اقتصادية بدول الأطراف الثالثة.
ويخلص التحليل الذي أعده "مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال" (سنتر فور إيكونوميكس آند بيزنس ريزيرج)، وهو هيئة استشارية اقتصادية في لندن، إلى أن الإجراءات التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أضرت بالفعل بنحو 1.9 مليار جنيه استرليني (2.48 مليار دولار) من صادرات بريطانيا هذا العام.
ويعد التقرير واحدا من أوائل التقارير التي تسلط الضوء على التداعيات العالمية للمواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وأضاف التقرير الذي وزع في مقر منظمة التجارة العالمية في جنيف، وحصلت "الاقتصادية" على نسخة منه، "إن الصادرات البريطانية - مباشرة ومن خلال سلاسل القيمة العالمية - وثقة المستهلك، والأسواق المالية مُعرَّضة بشكل خاص لتلقي النتائج الوخيمة لتصاعد الحمائية في جميع أنحاء العالم".
وقال إدوارد تسي الرئيس التنفيذي ومؤسس "هيئة الاستشارات الإدارية، جاو فنج كونسالتانسي"، إن التقرير يوضح أن تأثير النزاع التجاري سيكون محسوسا في جميع أنحاء العالم.
وأضاف: "يجب أن يكون هذا متوقعا، ولا سيما أن سلاسل التوريد قد أصبحت معولمة جدا، والصين هي مركز التصنيع العالمي خاصة في مجالات مثل الإلكترونيات الاستهلاكية، وكل بلد يقع في هذه السلسلة سيتأثر، ليس فقط بريطانيا، لكن كوريا الجنوبية، واليابان، وماليزيا، وغيرها، بل سيتم جر العالم كله إلى هذا التأثير".
وأشار التقرير الذي أعده "مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال"، ويرأسه مؤسسه دوجلاس ماكويليامز، وهو كبير الاقتصاديين السابقين في اتحاد الصناعة البريطانية، أن الصادرات الانجليزية تضررت بشكل خاص من التعريفات المفروضة على الصين، لأن بريطانيا تعتبر جزءا لا يتجزأ من ثاني أكبر سلسلة للإمداد الاقتصادي في العالم.
وفي 24 أيلول (سبتمبر) الماضي، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، تعريفات جمركية على ما قيمته 200 مليار دولار من الواردات الصينية، وردت بكين على الفور بفرضها رسوما جمركية على منتجات أمريكية بقيمة 60 مليار دولار.
وكتبت جوزي دنت، عضو فريق الاقتصاد في "مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال"، أن التعريفات الجمركية على السلع الصينية وحدها أضرت بنحو نصف الـ 3 مليارات دولار من الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة التي تم الحصول عليها أصلا من بريطانيا.
إضافة إلى ذلك، فإن التعريفات الأمريكية المفروضة على صادرات الصلب والألمنيوم في الاتحاد الأوروبي في أيار (مايو) أثرت سلبا في 389 مليون جنيه استرليني من صادرات بريطانيا، ليصل مجموع التأثير الإجمالي إلى 1.9 مليار جنيه استرليني من السلع المصدرة.
وأضافت جوزي دنت، أنه بسبب طبيعة سلاسل التوريد العالمية، فإن التعريفات التي وضعتها الصين على السلع الأمريكية كان لها تأثير أكبر من تلك المفروضة مباشرة على الاتحاد الأوروبي الذي ما زالت بريطانيا عضوا فيه. غير أنها أوضحت "أن التأثير الأكبر في بريطانيا يأتي من خلال الحرب التجارية الأمريكية - الصينية المتصاعدة".
وتشير جوزي دنت، التي قامت بأبحاث واسعة النطاق على سلاسل القيمة العالمية، إلا أن الوضع لا يمكن إلا أن يتدهور إذا اتخذ الرئيس ترمب خطوة أخرى.
وتابعت: "في الجولة الأخيرة من النزاع، حذر ترمب أنه إذا ردت الصين، فإن جميع السلع المصدرة من بكين إلى واشنطن يمكن أن تواجه رسوما إضافية، وبما أن الصين لم ترد فعلا، فإن الكرة عادت إلى ملعب ترمب".
وطلبت "الاقتصادية" من البعثة التجارية الصينية في جنيف التعليق على التقرير، وبناء عليه قدمت البعثة خلاصة لتقرير أعده وانج هوياو رئيس ومؤسس مركز الصين والعولمة، وهو أكبر مؤسسة فكرية مستقلة مقرها بكين وتعد بمنزلة هيئة استشارية لمجلس الدولة الصيني، أشار إلى أن الأثر النهائي لهذه الإجراءات التجارية سيكون محسوسا عالميا.
وأضاف "بالتأكيد أن الرسوم التجارية الأمريكية لن تؤثر فقط في الصين، ولكن على العديد من البلدان الأوروبية وغيرها أيضا. ولا أعتقد أن الناس يفهمون تماما تعقيد هذا الموضوع. إذا أخذتَ شركة مثل سيمنز التي تصنع سيارات الدفع الرباعي في الولايات المتحدة، فإنها ستتأثر حتما بالتعريفات في كلا الاتجاهين، وهكذا، لن يتم ضرب صادراتها إلى الصين فحسب، ولكن أيضا المكونات الأساسية للسيارة التي مصدرها من الصين".
وفي تقريره، يقول وانج: "باعتبارنا أكبر اقتصادين في العالم، فإن الولايات المتحدة والصين تمثلان معا نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتتكفلان بالرخاء العالمي، وبالتالي، فإن الحرب التجارية بين البلدين ستؤدي حتما إلى نتيجة خاسرة، لا تضر بالدولتين فحسب، بل أيضا بالاقتصاد العالمي بشكل عام".
ورجحت دنت، أن تكون شركات صناعة السيارات في بريطانيا الأكثر تضررا من الحرب التجارية، وضربت مثلا، بشركة دايملر التي أعلنت أن التعريفات الجمركية على السيارات المُصدَّرة من الولايات المتحدة إلى الصين أسهمت في خفض أرباح الشركة من 2.5 مليار باوند استرليني (2,9 مليار دولار) في الربع الثاني من 2017 إلى 1.8 مليار جنيه استرليني في الفترة نفسها من هذا العام.
وتابعت: "الطبيعة العالمية لإنتاج السيارات غالبا ما تعني أن المكونات تعبر العديد من الحدود قبل تجميع السيارة النهائية. وإذا ما واجه كل مكون من هذه المكونات تعرفة جمركية في المعابر الحدودية، فالتكاليف ستتراكم على سلاسل الإمداد".
وأضافت دنت: "مثل هذا سيكون ضارا بشكل خاص لاقتصاد بريطانيا ولا سيما أن صناعة السيارات تشكل 12 في المائة من تصدير السلع في بريطانيا. سيشعر مصنعو السيارات في بريطانيا بتأثير الحرب التجارية بقوة، لأن انخفاض الربحية سيصيب الاقتصاد البريطاني".
وترى دنت، أن النزاع التجاري قد ضرب بالفعل نمو الصادرات البريطانية التي انخفضت من 14.2 في المائة في الربع الثاني من العام الماضي إلى 1.9 في المائة الآن. وأشارت إلى أنه أثر بالفعل في ثقة المستهلك أيضا – فقد انخفض مؤشر ثقة المستهلك في البلاد بشكل ملحوظ عندما أعلن ترمب عن تعريفاته على الصلب والألمنيوم، متوقعة أن يكون للنزاع تأثيرات ضارة في أسواق الأسهم والأوراق المالية عقب ظهور النتائج المالية للشركات.

 

©الاقتصادية

التعليـــقات