رئيس التحرير: طلعت علوي

الحرب التجارية بين أمريكا والصين تتصاعد مع دخول الرسوم حيز التنفيذ

الثلاثاء | 25/09/2018 - 09:27 صباحاً
الحرب التجارية بين أمريكا والصين تتصاعد مع دخول الرسوم حيز التنفيذ

تصاعدت الحرب التجارية بين أمريكا والصين مع دخول رسوم جمركية أمريكية جديدة حيز التنفيذ أمس على بضائع صينية مستوردة، بينما ردت عليها الصين بإجراء مماثل يستهدف بضائع أمريكية، ما يزيد المخاطر على النمو العالمي.
ووفقا لـ"الفرنسية" خلافا لتحذيرات عديد من الخبراء الاقتصاديين والشركات، فرضت إدارة دونالد ترمب الرئيس الأمريكي اعتبارا من أمس رسوما جمركية مشددة بنسبة 10 في المائة على ما قيمته 200 مليار دولار من المنتجات الصينية.
وجاء الرد الصيني فورا بتطبيق آخر مجموعة من الرسوم الجمركية الصينية على السلع الأمريكية أمس، ما يزيد من تصعيد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
ومن المقرر أن تشهد الرسوم الجمركية الصينية فرض ضريبة تراوح نسبتها بين 5 و10 في المائة على 5200 نوع من السلع الأمريكية بقيمة 60 مليار دولار، وهو ما يأتي كرد فعل على الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الصينية.
وتعني الإجراءات الأمريكية الجديدة على ما قيمته 200 مليار دولار، أن الرئيس ترمب قام حاليا بفرض ضرائب على ما يقدر بنصف جميع السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من الصين.
وخصت بكين إدارة ترمب في تقرير أبيض جديد صدر أمس، قالت فيه إن واشنطن "تخلت عن المعايير الأساسية" للدبلوماسية.
وأضاف، "وقد أيدت بصفاقة الانفرادية والحمائية والهيمنة الاقتصادية وتوجيه اتهامات زائفة ضد الكثير من الدول والمناطق، ولا سيما الصين، لترهيب دول أخرى من خلال إجراءات اقتصادية مثل فرض رسوم جمركية، ومحاولة فرض مصالحها على الصين من خلال الضغط الشديد".
كما استخدمت بكين التقرير الأبيض لتصوير نفسها كقوة استقرار في الصراع التجاري مع واشنطن.
وفي الوقت نفسه، قالت الولايات المتحدة إن الصين منخرطة في سياسات وممارسات غير عادلة فيما يتعلق بالتكنولوجيا والملكية الفكرية الأمريكية.
ويطالب ترمب منذ أشهر الصين بوضع حد لممارسات تجارية يصفها بأنها غير نزيهة، وينتقد بصورة خاصة إرغام الشركات الأمريكية الراغبة في الدخول إلى السوق الصينية على تقاسم مهاراتها التقنية مع شركاء محليين، متهما الصين بـ"سرقة" الملكية الفكرية.
وقال مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي الأحد لشبكة "فوكس نيوز" إن "الحرب التجارية التي تخوضها الصين ضد الولايات المتحدة مستمرة منذ سنوات".
وتابع، "سنحقق نتيجة ترغم الصين على التصرف بالشكل الذي نتوقعه من قوة، قوة عالمية" بما يضمن "الشفافية ودولة القانون. لا يمكن سرقة الملكية الفكرية".
وتفرض واشنطن منذ آذار (مارس) رسوما جمركية مشددة على واردات الصلب والألمنيوم بنسبة 25 في المائة و10 في المائة على التوالي، مبررة هذا الإجراء بدواعي "الأمن القومي".
وعلق رئيس قسم الاقتصاد في وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن "الحرب التجارية باتت واقعا".
وما يزيد من تعقيدات الوضع أن الحوار يبدو مقطوعا بين الطرفين. وأوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن بكين ألغت زيارة مقررة لوفد من المفاوضين الصينيين في 27 و28 أيلول (سبتمبر) إلى واشنطن، كما أن مفاوضات سابقة جرت في أواخر آب (أغسطس) لم تسفر عن نتيجة.
ورأت "فيتش" الجمعة أن "سياسات الولايات المتحدة التجارية الحمائية بلغت نقطة باتت فيها تؤثر فعليا على آفاق نمو عالمي لا تزال قوية"، وقد خفضت الوكالة توقعاتها للنمو في الصين إلى 6.1 في المائة هذه السنة، بتراجع 0.2 نقطة مئوية عن توقعات حزيران (يونيو)، فيما باتت تتوقع نموا عالميا بنسبة 3.1 في المائة عام 2019 بتراجع 0.1 نقطة مئوية. ولفتت فيتش إلى أن النمو الاقتصادي في العالم "أقل توازنا وأقل تناغما".
وما يزيد من المخاطر على التوسع الاقتصادي دخول ترمب في نزاع تجاري مع كل الشركاء الرئيسين للولايات المتحدة.
وتوصل في الوقت الحاضر إلى هدنة هشة مع الاتحاد الأوروبي والمكسيك، لكن إدارته تجري مفاوضات صعبة مع كندا.
ويبدو الآن أن اليابان التي تسجل الولايات المتحدة تجاهها عجزا تجاريا بقيمة 56.6 مليار دولار، باتت هدفا لترمب.
وبعث عملاق التوزيع "وولمارت" رسالة أخيرا إلى إدارة ترمب حذر فيها بأنه في حال فرض رسوم جمركية جديدة على البضائع الصينية، فقد يعمد إلى زيادة أسعاره على مجموعة واسعة من المنتجات التي تراوح بين المواد الغذائية من أسماك وصلصة الصويا والطحين وغيرها، إلى لوازم العناية الشخصية والصحة مثل الشامبو والصابون وأدوية التنظيف.
وأشارت ساره ثورن التي كتبت الرسالة وهي تعمل للترويج لوولمارت إلى أن هذه الرسوم الجمركية ستزيد من نفقات الأسر على هذه المنتجات ذات الاستخدام اليومي. وأضافت، من جهة أخرى أن "أيا من هذه المواد غير مرتبط بالملكية الفكرية ولا بأي أسرار تجارية، ومن الصعب بالتالي أن نفهم كيف سيؤدي فرض رسوم على هذه المنتجات إلى حل هذه الإشكاليات المعقدة".
وتتزايد مخاوف أوساط الأعمال مع تهديد ترمب باستهداف منتجات صينية إضافية بقيمة 267 مليار دولار إن ردت بكين على الرسوم المفروضة على 200 مليار دولار من بضائعها.
وكانت كل من الدولتين قد فرضت بالفعل تعريفات على سلع للدول الأخرى بقيمة 50 مليار دولار في وقت سابق من العام الجاري.
وتراوحت المنتجات الصينية التي فرضت الولايات المتحدة عليها رسوما بين المكانس الكهربائية والأجهزة المتصلة بالإنترنت في حين أن السلع الأمريكية التي استهدفتها الصين تشمل الغاز الطبيعي المسال وأنواعا معينة من الطائرات.
وعلى الرغم من أن مسؤولا كبيرا بالبيت الأبيض قال الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة ستستمر في التواصل مع الصين من أجل التوصل لوسيلة إيجابية للمضي قدما للأمام، لم يبد أي من الجانبين استعدادا للتوصل لحل وسط.
وقال المسؤول الأمريكي الجمعة، إنه لم يتم تحديد موعد للجولة الثانية من المحادثات. وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الصين قررت عدم إرسال ليو خه نائب رئيس الوزراء الصيني إلى واشنطن هذا الأسبوع. وتتهم بكين واشنطن بعدم الصدق في المفاوضات التجارية.
ويحذر اقتصاديون من أن أي نزاع مطول سيعطل في نهاية الأمر النمو ليس فقط في الولايات المتحدة والصين وإنما عبر الاقتصاد العالمي الأوسع.
وأكدت الصين أمس أن أمريكا توجه "اتهامات كاذبة" بشأن التجارة بهدف "ترهيب" الدول الأخرى، بعيد فرض واشنطن رسوما جمركية مشددة جديدة على ما قيمته 200 مليار دولار من البضائع الصينية.
وقالت الحكومة في وثيقة تتناول التوتر الاقتصادي والتجاري الحالي مع واشنطن، إن الولايات المتحدة "وجهت سلسلة من الاتهامات الكاذبة واستخدمت زيادة الرسوم الجمركية وغيرها من تدابير الترهيب الاقتصادي لفرض مصالحها الخاصة على الصين من خلال ممارسة ضغوط قصوى".
وتلقي الوثيقة باللوم على سياسة دونالد ترمب "أمريكا أولا"، في نسف سنوات من الجهود المبذولة لإحراز تقدم في تسوية الخلافات من خلال منتديات ومبادلات ثنائية.
وجاء في الوثيقة "منذ تولي الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها في 2017 تحت شعار "أمريكا أولا"، تخلت الولايات المتحدة عن المعايير الأساسية للمبادلات الدولية مثل الاحترام المتبادل والتشاور بشكل متساو، وفرضت الأحادية والحمائية والهيمنة الاقتصادية".

©الاقتصادية

التعليـــقات