رئيس التحرير: طلعت علوي

فضائح الأطعمة الأوروبية تثير الجدل حول "الغذاء العادل"

السبت | 08/09/2018 - 09:54 صباحاً
فضائح الأطعمة الأوروبية تثير الجدل حول "الغذاء العادل"



هل ينبغي فرض المعايير السويسرية على واردات الطماط الإسبانية، وتربية الدجاج البولندي، ونوعية الغذاء الذي يتم تقديمه في أحواض الأسماك في فيتنام؟، هذه بضعة أسئلة تثيرها مبادرة شعبية مثيرة للجدل، من المقرر أن يصوت عليها السويسريون في 23 أيلول (سبتمبر) الجاري.


وتقدمت مجموعة من الأحزاب السياسية من بينها حزب الخضر بمبادرة شعبية أطلقوا عليها اسم "من أجل مواد غذائية صحية مُنتَجة في ظروف بيئية عادلة"، واختصارا "مبادرة الغذاء العادل"، وتستهدف أساسا تحسين نوعية الغذاء المقدم للسويسريين.
وللمبادرة خلفية انطلقت منها، وهي فضائح الأطعمة العديدة التي هزّت أوروبا في السنوات الأخيرة، والتي كان من بينها فضيحة اللازانيا بلحم الخيل، حيث اكتُشف في عام 2013 أن بعض المأكولات الجاهزة، والمتداولة في معظم الدول الأوروبية، تحتوي على لحوم الخيل بدلا من اللحم البقري المذكور ضمن المحتويات، وقد تم سحب هذه المنتجات من الأسواق في سويسرا وفي باقي الدول الأوروبية.
غير أن هناك من يتهم المبادرة بأنها تنطوي على نوع من الحمائية، وإذا ما تم إقرارها فإنها ستضع سويسرا في مواجهة مع أحكام وقوانين منظمة التجارة العالمية.


وحسب الدستور السويسري، فإنه يحق لأي مواطن التقدم بمبادرة شعبية يتم طرحها للتصويت العام لإقرار قانون جديد، أو تعديل قانون قائم، بشرط أن يجمع 100 ألف توقيع تؤيد مبادرته، ولا تأخذ المبادرة قوة القانون إلا إذا نالت موافقة أكثر من نصف المصوتين وأكثر من نصف عدد المقاطعات السويسرية الـ 26.
وتدعو المبادرة الحكومة السويسرية إلى تعزيز نوعية الإمدادات الغذائية بنوعيات جيدة عن طريق تشديد القوانين المتعلقة بإنتاج وبيع المواد الغذائية بمزيد من الضوابط، كأن تشترط أن يكون إنتاجها في ظروف عادلة تحترم البيئة والحيوان، وأن تتماشى المنتجات الغذائية المستوردة مع هذه المبادئ.


وتهدف المبادرة أيضا إلى الحد من أثر النقل الغذائي على البيئة، ومكافحة نفايات الأغذية، وتشجيع المنتجات المحلية والموسمية.
ويقول مؤيدو المبادرة إنها تستهدف زيادة تشجيع الزراعة المستدامة، وتحسين نوعيه المواد الغذائية المستوردة، وتُعزز ظروف العمل العادلة، وتُقلل من هدر الأغذية، وتعزز من التغذية الجيدة للماشية، وتحسن حماية الطبيعة.


أما معارضو المبادرة التي أطلقوا عليها اسم "إملاء الغذاء"، فلهم رأي آخر، إذ يؤكدون أنها ستحد من حرية المستهلكين في الاختيار، وسيتكبدون من خلال ضرائبهم زيادة في تكاليف مراقبة ضوابط الجودة، وإطلاق العنان لـ "الوحش البيروقراطي"، وستكون هناك زيادة في أسعار السلع الغذائية حتما لأنها ستتكون من منتجات بيئية، ما سيدفع السويسريين إلى الإسراع للتسوق من الدول المجاورة وتفاقم "سياحة التسوق" على نحو أشد، ولذلك عواقب كارثية لقطاع تجارة التجزئة.


ويعتقد المعارضون أيضا أنها لن تؤدي سوى إلى إضعاف القدرة التنافسية للمزارعين السويسريين بأن تجعل منتجاتهم أكثر تكلفة، كما أن منع استيراد مواد غذائية لا تتطابق مع المعايير السويسرية سيخفض العرض وستختفي كثير من المنتجات الغذائية من المحال التجارية، وستجعل المستهلك السويسري "تحت الوصاية" حيث نقول له "استهلك هذا الغذاء هو جيد لك، ولا تستهلك من ذلك لأنه غير جيد".
ووفقا لما ذكره المعارضون، فإن المبادرة الزراعية تتعارض مع العديد من الإتفاقات الدولية، لا سيما مع منظمة التجارة العالمية والاتحاد الجمركي الأوروبي لأنها ستؤدي إلى إغلاق السوق ما يضع سويسرا في مواجهة مع الدول الأعضاء منظمة التجارة.
ويؤكد هؤلاء أنه في حال ظهور نزاع تجاري دولي مع سويسرا، فإن البلاد ستجد صعوبة في الدفاع عن نفسها بسبب الشكوك المتزايدة باتباعها سياسة الحمائية.


وبالنسبة للحكومة الاتحادية والبرلمان، فإن المبادرة "زائده عن اللزوم" إذ إن سويسرا ملتزمة بالفعل بالمواد الغذائية المأمونة والمستدامة، ولديها القواعد الدستورية اللازمة لتعزيز إمدادات هذه المواد الغذائية، ويمكن أن تؤدي أيضا إلى صراعات مع الإتفاقات الدولية، وسيكون من الصعب السيطرة عليها.


ورفض مجلس النواب المبادرة بأغلبية 139 صوتا، مقابل 37 بـ (نعم) و17 (ممتنع)، في حين رفضها مجلس الشيوخ بأغلبية 34 مقابل 1 بـ (نعم) وامتناع 7، وأوصت كل من الحكومة ومجلسا النواب والشيوخ برفض المبادرة.

 

aleqt.com

التعليـــقات