رئيس التحرير: طلعت علوي

عجز العالم عن وقف الحرب التجارية

الخميس | 16/08/2018 - 09:41 صباحاً
عجز العالم عن وقف الحرب التجارية

كلمة الاقتصادية

لم تتوقف كل الجهات الدولية عن التحذير من مغبة حدوث عواقب وخيمة من جراء التصعيد الحالي على صعيد التجارة. فالمشكلة بين طرفين في هذا المجال، ستنعكس لاحقا على الحراك التجاري العالمي، كما أنها ستفرز مزيدا من المشكلات الجانبية الأخرى، التي قد تؤدي بدورها إلى عداوات لا يتحملها العالم. لا شيء أفضل من التحاور والاتفاق، والإجراءات الأحادية التي تتبعها فورا إجراءات مضادة، لا تترك مجالا للتراجع، وإن وجد المجال، فإن الأضرار تكون قد وقعت بالفعل. هذا ما يشهده العالم اليوم من جراء "التقاذف" بين الولايات المتحدة من جهة، والصين والاتحاد الأوروبي وكندا من جهة أخرى. ويبدو واضحا أن الإدارة الأمريكية ستمضي قدما في سياساتها التجارية التي أعلنتها فور وصولها إلى الحكم.
منظمة التجارة العالمية كانت من أوائل المؤسسات المحذرة من فداحة الحرب التجارية بين البلدان الصناعية الكبرى، وهي الآن ترى أن الوضع خطير للغاية، بل إن رئيسها روبرتو أزيفيدو عد أن "الطلقات الأولى للحرب التجارية انطلقت بالفعل". ومن ضمن المشكلات التي ستنجم عن مثل هذه الحرب، أن النمو الاقتصادي العالمي سيتراجع في الوقت الذي ينبغي له أن يحافظ على مستواه الراهن، رغم أنه ليس مرتفعا أصلا، ناهيك عن الأضرار التي ستصيب البلدان الأشد فقرا؛ أي أن الجميع سيعاني حربا تجارية لا يتحملها العالم الآن، ولا سيما أنه لا يزال خارجا من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي قصمت ظهر الاقتصاد العالمي لعقد من الزمن. ومن هنا، ترى منظمة التجارة العالمية، أن مسؤولية حل الأزمات المتصاعدة حاليا تقع على المجتمع الدولي.
أما لماذا ذلك؟ فلأن الأضرار ستشمل كل الأطراف، وليس هناك من حل سوى التفاهم في حدود تحفظ مصالح الدول المتنازعة بصورة عادلة. غير أن الجانب الأمريكي يعد أن تحركه في فرض الرسوم على بضائع من الصين والاتحاد الأوروبي وكندا وغيرها، يأتي من جانب وطني خالص وعادل، بل يدخل أيضا ضمن الوعود التي قطعها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للناخبين بأنه سيمضي قدما في فرض الرسوم التجارية حماية للمصدرين الأمريكيين. ولكن الأمور لا تمضي هكذا بحسب منظمة التجارة العالمية التي تدفع دائما إلى الحلول المرنة، وتلك التي تستند إلى الحوار. وهي تستند في ذلك، إلى أن الأطراف المتضررة من الإجراءات الأمريكية، قامت فورا بالرد عليه بإجراءات مماثلة.
المهم الآن أن العالم دخل بالفعل في طريق التنازع التجاري إذا أردنا أن نلطف كلمة "حرب". ولا يبدو أن الأطراف المعنية عازمة على انتهاج طريق أخرى الآن. فحتى الحلفاء بدأوا المواجهات التجارية، ولا توجد في الأفق أي مؤشرات لتخفيف التنازع القائم حاليا. وفي الفترة المقبلة سيكون هناك مزيد من المواجهات، ما يعزز مخاوف الجهات الدولية التي تسعى إلى التخفيف من آثار ما يجري على الساحة العالمية. إنها مرحلة تجارية حساسة، لم تظهر علامات ذات قيمة تدل على اتفاق قد يحدث قريبا. والحق أن العالم يقف عاجزا أمام تداعيات هذه الأزمة، والسبب واضح للجميع، هو أن الأطراف ذات الصلة المباشرة لا ترغب في الحوار ولا التفاوض.
وفي النهاية، سيكون الاقتصاد العالمي أولى ضحايا هذه الحرب المتصاعدة، وسيصاب الفقراء حول العالم بمزيد من الأزمات الاقتصادية من جرائها.

©الاقتصادية




التعليـــقات