تشكل الطاقة في فلسطين عبئا كبيرا على الحكومة والمواطن، وتبلغ حصة الكهرباء من دخل الفرد 12-17%، وهي نسبة تفوق النسبة المقررة في الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان وسوريا التي تبلغ ما يقارب 2%.
وتنفق الحكومة الحكومة على قطاع الطاقة كل عام نحو 600 مليون شيقل سنويا، وتعتمد فلسطين في مجال الطاقة الكهربائية على إسرائيل بحوالي 88%، وعند استثناء الطاقة المنتجة من الوقود الذي نستورده من إسرائيل فالاعتماد يصل لحوالي 97%، اما قيمة المبالغ المدفوعة سنويا لاسرائيل فتقدر بـ 650 مليون دولار، حسبما أوضح المهندس علي حمودة- مدير شركة كهرباء القدس فرع القدس ورام الله لبوابة اقتصاد فلسطين.
وفي تصريح سابق لأيمن إسماعيل المدير العام للمركز الفلسطيني لأبحاث الطاقة أشار الى فقد نحو 26% من الطاقة أثناء نقلها؛ نظرًا لضعف البنية التحتية والسرقة”.
تلك الأرقام دفعت الحكومة الفلسطينية للبحث عن بديل لايقاف استنزاف جيوب المواطنين والحكومة في مجال الطاقة، وبالتالي دفعت الحكومة للاتجاه نحو تشجيع البحث عن مصادر بديلة للطاقة، قد تحرر الفلسطينيين ولو جزئيا من التبعية للجانب الاسرائيلي.
ويعمل في فلسطين 35 شركة في مجال الطاقة المتجددة، وتعمل الحكومة على تشجيع الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، فقد ضمنت هذا القرار في مشروع الموازنة للعام 2018، والتي أشكدت فيه عزمها دعم مشاريع الطاقة المتجددة بصندوق خاص يدعم انشاء مشاريع طاقة على المدراس والمؤسسات الحكومية والعيادات والمستشفيات في فلسطين، وهذا الصندوق لم تتضح ملامحه بعد.
دعم تنفيذ استرتيجية الطاقة المتجددة
وفي عام 2015 صدر قانون الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وهذا القانون حدد الاولويات والاجراءات التي تشجع القطاع الخاص والقطاعات الاخرى الحكومية والان جي اوز والقطاعات الاخرى للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة لتحقيق الاهداف الاستراتيجية التي تم وضعها في استراتيجية الطاقة المتجددة، التي صدرت عام 2012 كما أوضح ظافر ملحم القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية.
وأشار ملحم الى أن الاهداف تمثل أهمها في ان يكون 10% من الاستهلاك المحلي للطاقة من مصادر طاقة متجددة، وكان من المفروض ان يكون 130 ميجا واط منتجة من مصادر طاقة متجددة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة من التنوع الحيوي بالاضافة الى وضع آليات للحد من استخدام الاجهزة غير الموفرة طاقة الكهربائية تحت بند كفاءة الطاقة،وهذه شكلت ملامح الاسترايتجية لقطاع الطاقة المتجددة في فلسطين.
وتابع "بعد 2015 عملنا على تشجيع اصدار الرخص لمشاريع الطاقة الشمسية، وحاليا لدينا 24 رخصة لمحطات كبيرة، لدينا 13 رخصة مؤقته، منهم 3 تم توقيع اتفاقية تجارية معهم بقدرات تقريبا 5 ميغا واط، بفلسطين حاليا 25 ميغاواط من الطاقة المتجددة، وهناك مشاريع استراتيجية مع صندوق الاستثمار الفلسطيني، وهناك مشروع 30 ميغاواط ممول من الحكومة الصينية وهو مشروع بناء محطة طاقة بقدرة 30 ميغا واط، اي أن هذه الثلاثين ميغاواط تكفي حوالي 30% من استهلاك مدينة الخليل كمثال تقريبي، لكنها ستزود قرى ومناطق متفرقة".
القوانين والتشريعات
وصدر قانون الكهرباء العام عام 2009، اضافة الى صدور قانون الطاقة وكفاءة الطاقة المتجددة عام 2015، وهذه القوانين ساعدت في إقدام القطاع الخاص على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، حسب ملحم الذي أكد عمل وزارته على اساس التنمية المستدامة للطاقة بشكل عام في فلسطين، وتهدف بشكل اساسي ان تتوافق جميع الاجندات الخاصة بالطاقة مع الاجندة الوطنية الفلسطينية التي صدرت عن مجلس الوزراء العام الماضي والتي تغطي الفترة من عام 2017- 2020، حيث تمثل رؤية وطنية لقطاع الطاقة طويلة المدى وتأخذ بعين الاعتبار التطورات السياسية والاقتصادية في فلسطين، وهي تتماشى مع التغيرات السكنية وزيادة الطلب على قطاع الكهرباء.
وقال فادي بكيرات -رئيس مجلس ادارة المؤسسة الدولية الفلسطينية للطاقة والبيئة في فلسطين- أن رؤية قطاع الطاقة بشكل عام تقوم على بناء نظام وطني متكامل قادر على تأمين الطاقة من مصادر متعددة، (الطاقة المتجددة)، لكافة احتياجات الاستهلاك المحلي وتحقيق التنمية المستدامة، واستغلال كافة مصادر الطاقة النظيفة المتوفرة، وتحقيق متطلبات الجودة والنمو الاقتصادي.
وقال "نتحدث عن حجم المطلوب، سياسة تنويع مصادر الطاقة من خلال القدرة الانتاجية الوطنية التقليدية واستخدام الطاقة التجددة على ان تشكل بحلول عام 2020 ما نسبته 10% من مجمل الطاقة الكهربائية المنتجة محليا كحد أدنى، وتبادل الطاقة مع الدول المجاورة بحيث لا يتعدى نسبة الاعتماد على مصدر واحد أكثر من 50% في الوضع المثالي، واستيراد الاحتياجات الاخرى في حالة الطوارئ."
موضحا أن الخطة تتضمن أيضا ربط مصادر الطاقة على الشبكة العامة، فمعظم الشبكة العامة حاليا هي طاقة عادية، لكن مطلوب ان تتحول معظمها لطاقة متجددة.
وتابع "هدفنا ايضا طاقة مؤمنة للمستهلك بكميات كافية، بمواصفات فنية وبيئية تحقق المعايير البيئية، هذا الهدف الاستراتيجي تطبيقه يكون بتطوير منظومة النقل والتوزيع."
مقارنة بالجوار
وأشار ملحم الى أسبقية الفلسطينيين في استخدام الطاقة المتجددة مقارنة بدول الجوار، حيث كان الفلسطينيون سبّاقين باستخدام الطاقة المتجددة لتسخين المياه، يقول ملحم "حسب الاحصائيات فنحن منذ الثمانينات حوالي 70% من المنازل ييوجد لديها سخانات شمسية، بينما في دول الجوار هناك دول فيها صفر بالاستخدام كلبنان، ومصر، والاردن لا تتعدى 15% ، اي اننا في مصافي الدول كقبرص واسرائيل عندهم تقريبا الاستخدام 90% للحمامات الشمسية، لكن توجهنا حاليا ان نجعل من الطاقة الشمسية عدة مشاريع تكون متقدمة في المنطقة كلها."
من جهته أبدى د. حسن ابو لبدة -رئيس اتحاد صناعات الطاقة المتجددة- تفاؤله بتوجهات الحكومة مؤخرا بدعم قطاع الطاقة المتجددة في فلسطين، وقال أن اليوم الوضع افضل بكثير مما كان عليه قبل سنتين الى ثلاث سنوات، فهناك اهتمام أفضل بقطاع الطاقة المتجددة، واقبال أكثر من المستثمر الكبير والصغير والمتوسط.
وأضاف، رغم أنه ما زال هناك عقبات تحول دون الانتشار الواسع للقطاع، لكن اليوم هناك ادراك قبل حول اهمية هذا القطاع اقتصاديا وسياسيا وبيئيا، وصار من الطبيعي ان يكون هناك مشاريع كبيرة يتم الاستثمار فيها من القطاع الخاص، وصار هناك تشجيع من قبل الحكومة للاستثمار في هذا القطاع لاستغلال اسطح المدارس الحكومية لتوفير حد ادنى من كمية الطاقة التي تحتاجها المدارس.
مشيرا في الوقت ذاته للتقدم الذي أحرزته بعض الدول في مجال انتاج الطاقة من مصادر طبيعية، حيث قطعت بعض الدول شوطا كبيرا حتى انها مولت مشاريع لا توفر فقط طاقة كافية لحاجة المدارس التي تعتليها خلايا الطاقة المتجددة، انما توفر كمية طاقة كافية يتم شراءها من شركة التوزيع او المجلس البلدي او القروي وتعود هذه المبالغ لصندوق النثريات في المدرسة، وهذا شيء جيد.
©بوابة اقتصاد فلسطين