رئيس التحرير: طلعت علوي

ارتفاع حصص الاستثمار الأجنبي نتيجة للإصلاحات

الأحد | 05/08/2018 - 11:17 صباحاً
ارتفاع حصص الاستثمار الأجنبي نتيجة للإصلاحات

كلمة الاقتصادية
يعد رقم حصص المستثمرين الأجانب في سوق الأسهم السعودية من المؤشرات الاقتصادية المهمة، ليس كمقياس لجاذبية السوق السعودية فقط، بل لموضوعات متنوعة حتى الاقتصاد الكلي، فهو مؤشر على قدرة الاقتصاد على جذب الاستثمارات الأجنبية، وأخيرا أظهرت بيانات شركة السوق المالية السعودية "تداول"، أن حصة المستثمرين الأجانب في السوق المالية قد بلغت رقما قياسيا جديدا، حيث بلغت قيمة 102.4 مليار ريـال لأول مرة في تاريخها، وهي بذلك تعادل 5.1 في المائة، وقد جاءت هذه القفزة في قيمة الحصص بتنفيذ أعلى مشتريات صافية للمستثمرين الأجانب خلال العام الجاري بقيمة 10.9 مليار ريـال، وقد جاءت نتيجة لتنفيذ مشتريات أجنبية بـ37.8 مليار ريـال مقابل مبيعات بـ26.9 مليار ريـال خلال العام الحالي 2018.

هذا التحول في اتجاه نمو الاستثمارات الأجنبية في السوق المالية "كعدد وحصص" لم يكن وليدا للصدفة أو أنه لا يمكن تفسيره، بل كان متوقعا في ظل تنفيذ عدة مبادرات وإصلاحات قامت بها هيئة السوق المالية وجميع مؤسساتها الأخرى، كجزء من برنامجها في "رؤية المملكة 2030"، فقد كان الاستثمار الأجنبي في السوق المالية السعودية يواجه تحفظات شديدة، وذلك ضمن اتجاه واسع انتشر بعد انهيار السوق عام 2006، وكانت حركة الأموال الأجنبية تواجه صعوبات جمة من حيث التحويلات التي قد تستغرق عدة أيام، بينما صفقات السوق المالية تنفذ آنيا، وفقا لقاعدة T+0، حيث لا يوجد فارق في التوقيت بين تنفيذ الأوامر وبين تحويل الأموال وملكية الأسهم، وكان يمكن القول إن هذه ميزة في فترة سابقة، لكن هذه الميزة لم تمنح السوق مزيدا من الاستقرار ولم تجذب رؤوس أموال قوية بسبب المخاطر الرئيسة المرتبطة بها، كما أن عدم قدرة الأموال الأجنبية على تنفيذ التحويلات في اللحظة نفسها، شكل حاجزا كبيرا أمام تدفق الأموال إلى السوق، ولهذا تبنت السوق المالية ضمن مجموعة إصلاحات أخرى تعديل سياسة المقاصة في السوق بالتحول إلى T+2، بحيث يكون هناك يومان فارق في التوقيت بين تنفيذ الأوامر وبين تنفيذ التحويلات ونقل ملكية الأسهم، مع الحفاظ طبعا على ديناميكية السوق التي وفرها النظام السابق، وهو عملية تقنية معقدة جدا، لكن هذا النظام الجديد منح الأموال الأجنبية كثيرا من المرونة، حيث يمكن تحويل الأموال بشكل ميسر بعد تنفيذ الأوامر ودون تحمل أعباء وتكاليف إضافية، التي كانت تكلف المؤسسات الأجنبية بسبب نظام اتفاقيات المبادلة. التحول الثاني المهم الذي أجرته هيئة السوق المالية هو في تحويل لائحة حوكمة الشركات إلى قواعد إلزامية بعد أن كانت اختيارية، وهذا رفع من مستويات الثقة بالقوائم المالية التي تعدها الشركات السعودية، كما رفع من مستويات الشفافية وحسّن كثيرا من فرص المساءلة، وهذا له تأثير مهم جدا على الاستثمارات الأجنبية، فالمعروف أن كثيرا من المؤسسات الاستثمارية الأجنبية تقيم استثماراتها، وفقا لمفاهيم المخاطر، وهذه المخاطر يتم تقييمها في كل سوق أو شركة من خلال كثير من الوسائل، من بينها مؤشرات مؤسسات التصنيف الدولية، وأيضا وجود لوائح وقواعد ملزمة وشفافية كافية، فارتفاع عدد المستثمرين الأجانب المؤهلين في السوق السعودية إلى أكثر من 120 مؤسسة مالية عالمية، فيما تنظر في 180 طلبا آخر، له دلالة مهمة جدا حول قراءة المخاطر في السوق المالية السعودية، التي يبدو أنها انخفضت بشكل جوهري، ومنح هذه المؤسسات تبريرات قوية للمنافسة بقوة على دخول السوق. هذه الإنجازات التي حققتها السوق المالية السعودية بكل مؤسساتها، وغيرها كثير يصعب الإشارة إليه هنا، قد حسنت من موقعها العالمي بين الأسواق العالمية، ولهذا، فإن المؤسسات الدولية أصبحت تتسابق من أجل ترقية مؤشرات السوق المالية السعودية، فقد قامت بذلك كل من مؤسسة "فوتسي راسل" ومؤسسة "مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال MSCI" وأخيرا مؤسسة "ستاندرد آند بورز داو جونز لمؤشرات الأسواق S&P Dow Jones"، وقد قررت ترقية سوق الأسهم السعودية من سوق مستقلة إلى مؤشرها للأسواق الناشئة العام المقبل 2019.

©جريدة العرب الاقتصادية الدولية

التعليـــقات