رئيس التحرير: طلعت علوي

الاقتصاد العالمي .. وتوتر الأسواق الناشئة

الأحد | 29/07/2018 - 11:40 صباحاً
الاقتصاد العالمي .. وتوتر الأسواق الناشئة

كلمة الاقتصادية

يسيطر على الساحة العالمية الخوف من الآثار المترتبة على التوترات التجارية والجيوسياسية، وهو خوف مبرر بكل المقاييس، لأسباب عديدة، في مقدمتها الحرص على ضرورة الحفاظ على النمو الاقتصادي العالمي، رغم أنه ليس مرتفعا كما تتمنى جهات اقتصادية دولية كبرى. فالحفاظ على النمو، بصرف النظر عن مستواه، يعد أداة قوية لمسيرة مقبولة للاقتصاد العالمي. كما أنه يساعد على إطفاء ما تبقى من تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية. ومن هنا، فإن التوترات الناتجة عن المواقف التجارية لبعض الدول الكبرى، تربك المشهد الاقتصادي العالم، وتؤسس لانطلاق حرب تجارية كبيرة. لماذا؟ لأن أطرافها يسيطرون في الواقع على الحجم الأكبر من الاقتصاد العالمي، علما أنه لا توجد مؤشرات حتى اليوم تدل على إمكانية تراجع حدة التوترات التجارية في المستقبل المنظور. من هنا، يمكن فهم تحفظات وتحذيرات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين. وللتذكير دائما، هذه المجموعة اتخذت في الواقع زمام المبادرة في أعقاب الأزمة العالمية قبل عشر سنوات. لكن اللافت الإيجابي هنا، هو تأكيدات من هذه المجموعة على أن الأسواق الناشئة قادرة على امتصاص الصدمات الخارجية، ما يعني أن الآثار السلبية التي قد تظهر جراء هذه الصدمات، ستكون أقل تكلفة وخطرا. غير أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فهذه الأسواق تواجه مشاكل واضحة تتعلق بعملية تقلبات الأسواق، ونزوح رؤوس الأموال. في الأشهر الماضية، سجلت الأموال النازحة مستويات عالية للغاية، حتى من البلدان الناشئة الأكثر استقرارا. أضف إلى ذلك، التعهدات بتجنب تخفيضات تنافسية في قيم العملات.

فهذه التعهدات قد تؤدي "بحسب المؤسسات الدولية" إلى آثار معاكسة للاستقرار المالي العالمي. غير أن المشاكل التي تلوح في الأفق الآن تتركز بصورة رئيسة على التوترات التجارية الراهنة، خصوصا بعدما فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية إضافية على واردات لها من الصين وكندا والمكسيك، إضافة إلى "حلفائها" الأوروبيين. صحيح أن الأسواق الناشئة قادرة على امتصاص الصدمات حتى الآن، لكن الصحيح أيضا أن بعضها إضافة إلى الدول الفقيرة ستتعرض لمخاطر جمة جراء استفحال الأزمة التجارية، وتحولها ربما إلى حرب كاملة. المهم الآن أن يتفق الجميع على حصر الخلافات التجارية الخاصة بالرسوم الإضافية في محيط ضيق، والأهم أن تكون هناك نيات حقيقية للحوار وإعادة النظر، خصوصا مع اتخاذ البلدان المستهدفة بالرسوم إجراءات انتقامية مماثلة. وفي المحصلة هنا، لا أحد محصنا من هذه الحرب، بما في ذلك الدول الكبرى الأكثر استقرارا. الأوضاع ليست مبشرة على الساحة الاقتصادية العالمية، وكل المؤشرات تدل على أنه لا يوجد أي مسار توافقي بخصوص النزاعات التجارية الحالية. وإذا كانت البلدان الناشئة محصنة الآن، فهي لن تكون كذلك غدا، كما أن مجموعة العشرين تعاني بصور مختلفة المواقف الأمريكية الصلبة بهذا الخصوص. لا غرابة هنا، إذا ما استعرضنا الموقف الأمريكي على ساحة مجموعة السبع الكبرى. أي أن هناك تصلبا تجاريا أمريكيا، يقابله انتقام تجاري من الجانب الآخر. ويبدو واضحا أن الوضع سيظل على ما هو عليه لفترة ليست منظورة، ما يبدد قدرة كثير من البلدان على الصمود أمام الصدمات المتوقعة وتلك المؤكدة.

©جريدة العرب الاقتصادية الدولية 

التعليـــقات